معارك كسر عظم بين ميليشيات تابعة لروسيا وأخرى مرتبطة بإيران

قُتل وجرح عناصر وقيادات تابعة لميليشيا الدفاع الوطني المدعومة من روسيا، وآخرين من المليشيات المدعومة من إيران، إثر اشتباكات عنيفة اندلعت، أمس الثلاثاء، بين الطرفين في مدينة العشارة القريبة من مدينة الميادين، شرقي محافظة دير الزور.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن مدينة العشارة شهدت، أمس الثلاثاء، معارك دامية استُخدم فيها الرشاشات الثقيلة، إثر خلافٍ بين ميليشيا الدفاع الوطني ولواء أبو الفضل العباس عند أحد المعابر المائية بين شرق الفرات وغربه.
وأضافت المصادر أن الخلاف بدأ بعد توجه أحد عناصر مليشيا الدفاع الوطني إلى المعبر المائي الذي تسيطر عليه مليشيا أبو الفضل العباس التابعة للحرس الثوري الإيراني، والذي يفصل بين مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية " قسد" ومناطق سيطرة قوات النظام، حيث منعت ميليشيا أبو الفضل العباس العنصر من الاقتراب وطردته من المكان.
وأشارت المصادر إلى أن قيادة ميليشيا أبو الفضل أصدرت أوامر بمنع عناصر مليشيا الدفاع الوطني المدعومة روسياً من الاقتراب من المعبر، لترد الأخيرة بالهجوم على إحدى المستشفيات التابعة للحرس الثوري الإيراني في مدينة العشارة وتطرد قيادي إيراني منها.
ولفتت المصادر أن الخلاف تطور وأدى لاستنفار بين الطرفين تلاه اشتباكات عنيفة داخل المدينة ، استخدم فيها السلاح المتوسط رشاشات من عيار 23 و12.7، مبينةً أن قيادات الميليشيات أصدرت أوامر صارمة لعناصرها بوجوب اعتقال أي عنصر تابع للطرف الآخر.
وكشفت المصادر عن وصول تعزيزات ضخمة استقدمتها ميليشيا أبو الفضل العباس، بالتزامن مع تعزيزات أخرى وصلت لميليشيا الدفاع الوطني داخل المدينة، لتقوم بعدها مجموعات تابعة للدفاع الوطني بمحاصرة مقرات تابعة للحرس الثوري الإيراني واستهداف سيارة من نوع بيك أب كانت تقل مجموعة من القادة الإيرانيين.
فيما كشف مصدر عسكري رفض الكشف عن اسمه، إصابة المدعو "الحاج مصطفى الإيراني"بطلق ناري في قدمه، وفرار القياديين الذين كانوا معه في السيارة، ويعتبر الحاج من أبرز قيادات الرس الثوري الإيراني في محافظة دير الزور والمسؤول العسكري عن العديد من المجموعات المنتشرة داخل المدينة.
وأكدت المصادر إصابة ثمانية عناصر من الحرس الثوري ، ومقتل ثلاثة عناصر أفغان، وأسر أربعة عناصر من ميليشيا "زينبيون" من قبل الدفاع الوطني، فضلاً عن مصادرة ثلاث سيارات من نوع بيك آب ومجموعة من الأسلحة.
وقالت المصادر إن محاولات اللجنة الأمنية والأمن العسكري في المدينة، لحل الخلاف بين الطرفين، باءت بالفشل نتيجة إصرار قائد الدفاع الوطني في المدينة "فراس العراقية" على قتال الإيرانيين، مؤكدةً أنه أصدر أوامر صارمة لجميع عناصره بقتل العناصر والقادة الإيرانيين في المدينة وتطهيرها منهم.
وأوضحت المصادر أن ميليشيا الدفاع الوطني أمرت بإخلاء سوق مدينة العشارة من الأهالي وإغلاق جميع المحال، مع التزام المدنيين بعدم الخروج من المنازل، بسبب الاشتباكات المستمرة والتي يبدو أن الدفاع الوطني كان ينتظرها منذ زمن، وفقاً لعدة مؤشرات تدل على عزم الدفاع الوطني إنهاء الوجود الإيراني بالمدينة.
وفي مطلع الأسبوع الفائت  دارت اشتباكات عنيفة بين قوات من الأمن العسكري التابع للنظام، ومليشيا أبو الفضل العباس، إثر خلاف نشب بين الطرفين بشأن عائدات من معبر تهريب يفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام وقوات "قسد"، بالقرب من مقصف السلطان على ضفاف الفرات، بمدينة القورية شرقي دير الزور.
ويسيطر "حزب الله" ومليشيات "حيدريون" و"فاطميون" و"زينبيون" على مدينة الميادين والبوكمال، قرب العشارة، وكلتا المدينتين تقعان على الضفة الجنوبية من نهر الفرات الذي يقطع محافظة دير الزور إلى نصفين، وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية على جزئه الشمالي ويقابلها سيطرة المليشيات الإيرانية وقوات النظام على الجزء الجنوبي.
وتنبع أهمية محافظة دير الزور للجانب الإيراني من كونها المحطة الأهم في الممر البري الممتد من طهران مروراً بالعراق وسوريا، وانتهاءً بشواطئ البحر المتوسط في لبنان.
وتنشط إيران في شرق سوريا عسكرياً ودعوياً مستغلةً الأوضاع المعيشية الصعبة، حيث تُنشئ مدارس لتعليم الأطفال اللغة الفارسية، لا سيما في مدينتي البوكمال والميادين التي باتت اليوم القاعدة الأكبر للوجود الإيراني في شرقي سوريا.
ومن جانبٍ آخر تشهد مناطق دير الزور شرقي سوريا منذ مطلع عام 2020، وصول تعزيزات عسكرية تابعة لمليشيات النظام المدعومة من روسيا وتضم تلك التعزيزات قوات من لواء القدس والحرس الجمهوري، والفيلق الخامس الذي يتبع للروس بشكل كامل وتعتمد عليه الشرطة العسكرية الروسية بتعزيز انتشارها في المنطقة التي تسيطر فيها المليشيات الإيرانية بشكل شبه كامل.
وبحسب المصادر ترمي روسيا من استقدام الفيلق الخامس لمدن وبلدات دير الزور، إلى إضعاف النفوذ والسطوة الإيرانية هناك فضلاً عن تعزيز انتشار الفيلق في مناطق بادية دير الزور انطلاقاً من بادية البشري مروراً بالتبني ووصولا إلى ريف دير الزور الشرقي.
وتسعى روسيا من خلال عمليات الانتشار إلى التمدد نحو مناطق غنية بالثروات الباطنية وبالتحديد مكامن الفوسفات، وبالتالي قطع الطريق على الشركات الإيرانية التي تحاول أن تجد لها موطىء قدم في المنطقة مستفيدة من التواجد العسكري الكثيف للقوات والمليشيات الإيرانية.
وعملت القوات الروسية خلال الأشهر الفائتة على إبعاد الميليشيات التابعة لإيران من معبر القائم في البوكمال، وتموضعت بدلاً منهم، بعد وصول معلومات تفيد بوجود عمل عسكري أمريكي محتمل انطلاقاً من القاعدة الأمريكية في منطقة التنف لطرد ميليشيات إيران المسيطرة على نقطة الحدود الاستراتيجية بين سوريا والعراق.
ويعمل الروس في غرب الفرات على بناء توافقات جديدة مع إيران يستطيعون من خلالها تحجيم الدور الإيراني تماماً كما فعلوا مع تركيا بعد أن قلصوا مساحات نفوذها في سورية بدرجة كبيرة، وفي هذا الإطار ثمة حديث عن محاولة روسية لإقناع إيران بتخفيض حجم وجودها في دمشق، وإشراكها في اتفاق تسعى إليه موسكو مع النظام وإسرائيل.
ويدل التحرك الروسي في مناطق غرب الفرات على أنه مسعى روسي للحد من النفوذ الإيراني، وهذه قضية تتوافق مع رغبات دول إقليمية ودولية، وتأتي في سياق محاولات روسيا إيصال رسائل إلى الاعبين الخارجيين بأن الأمور في سورية تتجه صوب الاستقرار، وبذلك تنزع روسيا ذريعة سيطرة إيران على المجال السوري التي تقف عقبة أمام استعادة العلاقات مع النظام السوري من قبل كثير من الدول والحكومات.