محور أمريكي خليجي أوروبي جديد للحد من النفوذ الإيراني

تتلاقى الجهود الدولية المنخرطة في الملف السوري خصوصاً، والعربي عموماً، على ضرورة الحد من النفوذ الإيراني المستشري، الذي بات يسيطر على مراكز القرار في عدد من العواصم العربية، وأبرزها دمشق وصنعاء وبيروت وبغداد، مما أثار قلق حلفاء الأمريكيين العرب في الخليج العربي، فضلاً عن قلق إسرائيلي متبوع بعمليات عسكرية مستمرة تستهدف مواقع الإيرانيين في سوريا.
وبالتوازي مع الإجراءات الإسرائيلية المتبعة في سوريا، والتي تهدف لإضعاف النفوذ الإيراني في سوريا تمهيداً لانسحاب كامل من الأراضي السورية، كشف نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى "دانييل بنايم" عن قيام محور أميركي خليجي أوروبي جديد، لمعالجة المخاوف العالمية من برنامج إيران النووي ونشاطها الإقليمي.
وأكد بنايم، في تصريحات لقناة الحرة الأمريكية أن هذا الترتيب سيتم نقاشه خلال الجولة التي يقوم بها الوفد الأميركي برئاسة روبرت مالي الموجود في المنطقة والذي سينضم إليه بنفسه بعد أيام.
وأشار إلى أن الهدف من هذا المحور يكمن في إرسال إشارة إلى العالم أن حلفاء أميركا الأساسيين في أوروبا وأصدقاءنا القريبين في الشرق الأوسط يقفون معاً، مضيفاً "إننا كلنا نقف سوياً في إرسال رسالة واضحة إلى إيران وأي واحد يدعم إيران في ذلك عبر القول: عليكم معالجة القضايا النووية، ولا يمكنكم أن تفرقوا بيننا، وعليكم العمل معنا سوياً لمعالجة كل هذه القضايا النووية والإقليمية كذلك'".
وبين المسؤول الأميركي أن الحلف الجديد يعتبر بمثابة رسالة من واشنطن لدول الخليج والمنطقة مفادها "أننا في المنطقة لنبقى، ولدينا شراكات قوية وثابتة بنيت عبر عقود من الزمن ونحن حريصون على مواصلتها لعقود مقبلة".
ورأى بنايم أن تلك الشراكات تجلت بوضوح خلال الأزمة التي شهدتها أفغانستان، وقال إن "الدول في منطقة الخليج هي التي وقفت وساعدت الولايات المتحدة في التعامل مع هذه المشكلة. وكانت جزءاً أساسياً من نظامنا العملياتي في العالم".
وأضاف "كانت لدينا أزمة في منطقة واحدة في جنوب آسيا وقامت قطر والإمارات والكويت وعدد آخر من الدول بالإعلان عن استعدادها لاستخدام أراضيها والأماكن الذين تشاركوا فيها مع قواتنا العسكرية لجلب الأفغان الذين تم إخلاؤهم".
وأكد بنايم أن الجيش الأميركي "منقطع النظير، وليس هناك أي جيش آخر يمكنه أن ينافسنا، ويمكننا أن نكون في أي مكان وفي أي وقت نريد أن نكون فيه"، مشدداً على أن "الدور الأميركي في المنطقة غير محدد بقواتها، والولايات المتحدة تعتمد الدبلوماسية لتخفيف التوترات وحل الخلافات".
وبخصوص سوريا قال بنايم: "أعتقد أن الدول ستتصرف بشكل مختلف حيال قضايا مختلفة وأوضحنا وجهة نظرنا حيال التطبيع مع سوريا بحيث أننا قلقون إزاء الإشارة التي ترسلها ونحن لا ننوي التطبيع مع سوريا. ولكن سترى دولاً مختلفة تأخذ مقاربات مختلفة حيال قضايا عدة. وتفسير النجاح هنا لا يكمن في أن تتصرف قطر وجيرانها بنفس الطريقة حيال كل القضايا".
وفي 22 تشرين الأول الفائت كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت والرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفقا في لقائهما في سوتشي، على مواصلة السياسة الحالية والتي تمنح الجيش الإسرائيلي الحق بالعمل بحرية في سوريا، وأوضحت أن موسكو طلبت تحذيراً إضافياً لها قبل أي غارات إسرائيلية على الأراضي السورية.
 وأكد وزير الإسكان الإسرائيلي "زئيف إلكين" الذي رافق بينت وعمل مترجماً له في المقابلة مع بوتين، أن بينت أوضح للرئيس الروسي تصوره حول آليات التصدي للتواجد الإيراني في سوريا، واصفاً لقاء "بوتين- بينت" في سوتشي بالدافئ جداً، موضحاً أنه شمل نقاشاً عميقاً طال قضايا استراتيجية وقضايا أمنية وسياسية حساسة، كما بحثا سبل مواجهة الإرهاب الراديكالي، على حد قوله.
وأفاد أنه "كانت هناك محادثات واسعة للغاية بشأن الوضع في سوريا، بهدف حماية آلية التنسيق والتأكيد على استمرار العمل على تجنب الصراع هناك".
وفي أيلول الفائت كشف مسؤول عسكري كبير في "هيئة الأركان الإسرائيلية" أن تل أبيب وضعت خططاً لحملة عسكرية واسعة ضد إيران، مضيفاً أنها لن تكتفي بتدمير المنشآت النووية وإنما ستعمد لتوجيه ضربات في العمق الإيراني لشل الحركة والاقتصاد، إضافة لضربها في سوريا.
ونقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن رئيس الشعبة الاستراتيجية والدائرة الثالثة العميد "طال كالمان"، حول إمكانية توجيه ضربة لإيران قوله إن الخيار العسكري على طاولة الطبقة السياسية، وأضاف وضعنا مجموعة من الخطط وليس خطة واحدة فقط للحملة العسكرية الكبيرة، تشمل مهاجمة المنشآت النووية إضافة لحملة عسكرية واسعة في الأراضي الإيرانية وفي سوريا، وتابع المعركة ضد إيران هي معركة مع عدة ساحات أخرى في نفس الوقت، وستكون حملة عسكرية واسعة تمتد خارج الأراضي الإيرانية، بما فيها مشروع "الدقة الصاروخية" التي راكمها الحرس الثوري في سوريا.
وأكد كالمان أن الحملة العسكرية لن تكون حرباً برية لاحتلال طهران وإنما توجيه ضربات موجعة الهدف منها تدمير قدراتها العسكرية ومراكز نفوذها في المنطقة وإجبارها على دفع ثمن اقتصادي باهظ لسلوكها العدواني تجاه إسرائيل".
وعن التواجد الإيراني في سوريا، أكد أن سوريا ستكون إحدى الساحات المستهدفة بالحملة العسكرية المقترحة لأن الحرس الثوري الإيراني نقل إليها صواريخ إيرانية دقيقة وموجهة نحو إسرائيل، مضيفاً أن الصواريخ الإيرانية في سوريا ليست مجرد صواريخ باليستية، وإنما صواريخ كروز وطائرات من دون طيار، تنتجها الصناعة العسكرية الإيرانية بكميات كبيرة، يصل عددها إلى الآلاف.
وبحسب مصادر إقليمية تسعى إسرائيل منذ أشهر، لتشكيل تحالف مع دول عربية لعدة أهداف أهمها إرسال رسالة إلى إيران بأن إسرائيل قادرة على تحشيد جيرانها العرب ضدها، فضلاً عن رغبتها بتشكيل تحالف إقليمي جديد في المنطقة، وتكون هي زعيمته في مواجهة تركيا وإيران، وتكون الدول العربية مجرد تابع لها، لا سيما بعد غياب الدورين المصري والسعودي المؤثر في المنطقة.

ذات صلة