تحرير الشام ترفض الإفراج عن قياديين سابقين في حراس الدين

أصدرت جهات أطلقت على نفسها "ثلة من مجاهدي جزيرة العرب في بلاد الشام"، بياناً إعلامياً، أوضحوا من خلاله اعتقال هيئة تحرير الشام لعدد من الجهاديين العرب المنضوين سابقاً ضمن صفوف تنظيم حراس الدين.
واتهم البيان الصادر عن مهاجرين من الخليج العربي، هيئة تحرير الشام بملاحقة المنتسبين السابقين لتنظيم حراس الدين، وعلى رأسهم الشيخ "أبو عبد الرحمن المكي وخلاد الجوفي"، واللذان لم يشاركا في القتال،  الذي اندلع سابقاً بين هيئة تحرير الشام وتنظيم حراس الدين وانتهى بذوبان الأخير وإنهاء نشاطه العسكري في مناطق سيطرة الهيئة.
وأضاف البيان أنه بعد اعتقالهما على يد هيئة تحرير الشام، بدأ الكثير من "الأفاضل بعرض وساطات وشفاعات لحل القضية وإغلاق الملف، وكان ممن بادر وسعى في ذلك "كبراؤنا ومقدم ومقدمونا من مجاهدي جزيرة العرب في بلاد الشام".
وأشار البيان إلى إن "الشيخ عبد الرحمن المكي"، هو من أفضل الدعاة، وكشف عن تعرض"خلاد الجوفي"، لبتر إحدى قدميه، ورغم ذلك يعامل بالحبس الانفرادي، الطويل مروراً بسوء التغذية وسوء الرعاية الصحية، ومنع ذويه من زيارته.
ولفت إلى أنهم عرضوا مقترح تشكيل لجنة قضائية تتألف من أحد قضاة الهيئة وأحد قضاة جيش الفتح وهو عبد الله المحيسني، وترشيح قاض ثالث، لكن قوبل المقترح بالرفض أيضاً وعدم الاستجابة.
واختتم البيان بالإشارة إلى أنه، بعد مرور أشهر من الأخذ والرد والمماطلة والترحيل وغير ذلك من الأساليب ومنها رفع "طلب شفاعة"، مقدم لقائد "هيئة تحرير الشام"، "أبو محمد الجولاني"، وتوقيع أكثر من 150 رجلاً من مجاهدي بلاد الحرمين عليه، كان الرد على الطلب بأن القضاة رفضوا إطلاق سراح الرجلين، مجدداً دعوته بالإفراج عن المعتقلين، مشيرين إلى العديد من الطرق المتوفرة لـ"حلحلة" الملف ومنها تشكيل لجنة قضائية مشتركة، أو القبول بمبدأ التحكيم، أو مبدأ الكفالة، أو الصلح، أو إخراجهما مع فرض حدود معينة للتحرك.
من جهتها ردت هيئة تحرير الشام، اليوم الأربعاء، على البيان الصادر عن الجهاديين، بالقول إن الجهة التي أصدرت البيان هي جهة غير رسمية وغير معروفة بالنسبة للهيئة.
ونقلت مصادر مطلعة لـ"وكالة المجس" عن قيادي في هيئة تحرير الشام، فضل عدم ذكر اسمه، أن البيان المذكور طالب بالإفراج عن أحد المتورطين بقضايا أمنية خطيرة تشكل خطراً على عدة جهات، دون التصريح بشكل مباشر عن طبيعة تلك المخاطر أو الأسباب التي أدّت إلى اعتقال الأسماء الواردة في بيان المجاهدين.
وفي تشرين الأول العام الفائت، اعتقلت تحرير الشام القيادي في حراس الدين، أبو عبد الرحمن المكي، وذلك بعد مداهمة مكانه من قبل مجموعة أمنية تابعة لها غرب إدلب، والمكي هو سعودي الجنسية وقد جاء اعتقاله بعد اعتقال عنصرين آخرين من التنظيم ذاته، وهما "سهيل أبو بصير، وخلاد الجوفي".
وكانت هيئة تحرير الشام قد اعتقلت في شباط الفائت، قيادياً بارزاً في تنظيم "حراس الدين" وصحافياً ومقاتلين وقيادات أجانب، إثر عمليات دهم لمنازلهم في مدينتي جسر الشغور وسلقين شمالي غربي محافظة إدلب شمال غربي سوريا، بالإضافة إلى إقامة حواجز مؤقتة من قبل عناصر الهيئة، والتي اعتقلت من خلالها بعض المقاتلين.
وأفادت مصادر مقربة من الهيئة حينها أن تحرير الشام تمكنت من اعتقال القيادي البارز في تنظيم حراس الدين أبو عبد الله السوري، وهو الإداري العام في التنظيم، على حاجز موقت لأمنية الهيئة بالقرب من دوار الساعة وسط مدينة سلقين شمال إدلب، المتاخمة للحدود السورية التركية، واقتادته إلى جهة مجهولة.
وكشفت المصادر أن مجموعتين أمنيتين تتبعان لهيئة تحرير الشام، داهمتا عدة منازل لمقاتلين أجانب، مقربين من تنظيم "حراس الدين" في مدينة جسر الشغور غرب إدلب، ومدينة سلقين شمال المحافظة، واعتقلت خلالها كلا من الصحافي الفرنسي المعروف باسم موسى الحسان، والقياديين أبو يوسف الفرنسي، وسيف الله الذي يحمل الجنسية الفرنسية وهو من أصول مغربية، بالإضافة إلى مرافقه الشخصي، ومقاتلين اثنين يحملان الجنسية التركية مستقلين عن التنظيم، واقتادتهم جميعا إلى سجونها في مدينة إدلب.
وكانت "تحرير الشام" قد اعتقلت في 11 شباط الفائت، الفائت أبو عبد الرحمن الأردني، الشرعي العام في تنظيم حراس الدين، وذلك بعد خروجه من مسجد وتوقيفه على حاجز مؤقت أثناء قيادته لسيارته ضمن أحد الأحياء السكنية وسط مدينة جسر الشغور غربي محافظة إدلب، تلاها بثلاثة أيام اعتقال القيادي في التنظيم أبو هريرة المصري داخل مدينة معرة مصرين شمال إدلب، وهو نجل الشرعي العام السابق في "حراس الدين" أبو ذر المصري، والذي قُتل يوم 15 تشرين الأول من العام الماضي، بضربة جوية نفذتها طائرة مُسيرة للتحالف الدولي على طريق بلدة عرب سعيد غرب محافظة إدلب.
ومنتصف العام الماضي، بدأت "هيئة تحرير الشام" حربها على فصائل ناشطة في إدلب أنهت على إثرها غرفة عمليات فاثبتوا، التي تضم تنسيقية الجهاد ولواء المقاتلين الأنصار وجماعة أنصار الدين وجماعة أنصار الإسلام وتنظيم حراس الدين، المبايع لتنظيم القاعدة، وكل هذه الفصائل كانت منضوية في غرفة عمليات "وحرض المؤمنين".
وشنت الهيئة حينها هجمات على مقار لبعض تلك التنظيمات في مقدمتها "حراس الدين"، واعتقلت عدداً من قياداته بعد معارك في مركز مدينة إدلب ومحيطها.
تنظيم حراس الدين
تأسس في أواخر شباط عام 2018. وكان وقتها فصيلا جهادياً ضمن "هيئة تحرير الشام"، لكن بعد أن أعلنت "هيئة تحرير الشام" فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة في حزيران 2016، أعلن الفصيل انفصاله عنها بسبب ولاء الأخير لـ " القاعدة" وزعيمها أيمن الظواهري.
ثم انضم إلى "حراس الدين" كل من جيش البادية وجيش الساحل وسرية كابل وسرايا الساحل وجيش الملاحم وجند الشريعة، ليتحول بذلك الفصيل إلى تنظيم لا يُستهان به في محافظة إدلب والمناطق المحيطة بحماه واللاذقية، قبل أن تستطيع الهيئة من خلال معارك هدفت لاستئصاله من تقليل أعداد منتسبيه وإضعاف قدراته العسكرية.
تضييق على المهاجرين شمالي سوريا
تركز هيئة تحرير الشام في الوقت الحالي، على اتباع سياسة التضييق ضد العناصر الجهادية في شمالي سوريا، والتي تحمل جنسيات أجنبية، وتُشكل قلقاً لهيئة تحرير الشام، بسبب صلاتهم الوثيقة بعناصر تنظيم القاعدة داخل سوريا "حراس الدين"، وخارجها بحكم العمل الجهادي المشترك وارتباط جُل التنظيمات الإسلامية، بتنظيم القاعدة الذي يُمثل الجهاد العالمي.
ووفقاً لمصادر "المجس" فإن هيئة تحرير الشام تخشى من تشكُل ردة فعل جهادية ضد الحملات الأمنية والعسكرية التي تشنُها بين الحين والآخر ضد العناصر الجهادية المتبقية في ريفي اللاذقية، قد تتطور إلى عمل مسلح يستهدف تواجدها، وذلك بدعم من خصوم الهيئة السلفيين الذين يرون في الهيئة "مشروع ردة"، وصحوات جديدة بلبوس إسلامي، فضلاً عن تجييشهم المستمر ضد الهيئة في الأوساط المدنية والعسكرية مستغلين الوضع الاقتصادي الصعب لمناطق شمال غرب سوريا، والحملات العسكرية التي لاقت استنكاراً من الفصائل ذات التوجه السلفي.
وتضيف المصادر أن الهيئة تعمل في الوقت الحالي على ممارسة التضييق الأمني والمعيشي على الجهاديين المتبقين في مناطق إدلب وجبل التركمان، وذلك لدفعهم للخروج طوعياً من مناطق سيطرتها، ما يجنبها خسائر الصدام معهم، ويدفع عنها الإحراج الذي باتت عملياتها العسكرية تشكله أمام جنودها أصحاب التوجه المتشدد من السوريين، والذين يكنون قدراً كبيراً من التعاطف مع الجهاديين باعتبارهم جاءوا لـ"نصرة السوريين".
وتعتبر الحملات العسكرية الأخيرة التي طالت كلاً من جند الله وجنود الشام، بمثابة بدء للخطة الـ"جولانية" الجديدة الرامية إلى تفريغ جبهات القتال من الجهاديين الذين يشكلون ذريعة للنظام والروس، في استمرارهم بالتصعيد العسكري ضد شمال غرب سوريا، ويشكلون بالدرجة الأولى خطراً داهماً على إعلان السيطرة الفعلية والتامة للهيئة على مناطق شمال سوريا، ويدحضون روايتها التي تدعي بأنها الحاكم المعتدل لشمالي سوريا.
وتنقسم الجماعات السلفية المتواجدة حالياً في سوريا إلى قسمين، الأول يحتوي عناصر من الجنسية السورية ويحمل أفكاراً سلفية شبيهة بتلك التي تحملها هيئة تحرير الشام، وإن كان بوتيرة أكبر أو أقل، وقسم آخر لازال يحمل الصبغة الجهادية العالمية وينتمي عناصره لجنسيات أجنبية مختلفة الانتماء والتوجه.

 

 

ذات صلة