الإدارة الذاتية تفرض مناهجها على مدارس مدينة منبج

أقرت الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، اعتماد المناهج الخاصة بها في مدارس مدينة منبج بريف محافظة حلب الشرقي، فيما قوبل هذا القرار بالرفض من أهالي المدينة والأساتذة.
وقالت لجنة التربية والتعليم في منبج وريفها، في بيانٍ لها، إن القرار الصادر من قبلها يندرج في إطار، كسر نمطية التدريس المتمثلة في الحفظ والاستذكار، وأشارت "كوثر دكو" العاملة في الرئاسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم إلى أن تفعيل منهاج الإدارة الذاتية يكسر نمطية التدريس المتمثلة في الحفظ والاستذكار، مضيفةً أن تدريس المناهج خطوة جديدة في توحيد مناهج الإدارة الذاتية، وقالت إن هذه الخطوة ستوحد النظام التعليمي والعمل الإداري التربوي على مستوى شمال وشرق سوريا.
فيما لم يحدد القرار الوقت الذي سيتم اعتماد مناهج "الإدارة الذاتية" فيه ضمن مدارس المدينة وريفها، ورجحت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" أن اعتماده سيكون في بداية العام الدراسي المقبل 2022-2023، حتى يتسنى إلغاء مناهج وزارة التربية التابعة للنظام السوري، التي لا تزال معتمدة إلى الوقت الحالي في مدارس المنطقة، التي تعاني في الأصل من إهمال وسوء في الخدمات، ومنها عدم جاهزية البنى التحتية لهذه المدارس وافتقارها للصيانة والترميم، مع وجود مشاكل في التدفئة والإنارة خلال فصل الشتاء.
وأضافت المصادر أن القرار قوبل بالرفض من أهالي المدينة، كونه ينسف بالدرجة الأولى المناهج الموجودة، بغض النظر عن مردوديتها، بالإضافة لوجود شكاوى من المناهج الصادرة عن الإدارة الذاتية في المناطق التي فرضت فيها سواء في الحسكة أو القامشلي.
وقال أحد المدرسين لدى حديثه للوكالة إن خطوة وضع مناهج جديدة بحاجة لدراسات طويلة قد تدوم لعدة سنوات، وبحاجة لمختصين في مجال التربية، وأنه يجب أن يكون هناك مدرسون مختصون يدربون المعلمين على إعطاء هذه المناهج للطلاب وهذه الخطوات لم يتم إجراء أي منها، بمناهج الإدارة الذاتية، وإنما فقط تم استبدال مناهج النظام بمناهج تساويها بالسوء.
ووضحت المصادر أنه بالنسبة للمناهج المعتمدة سابقاً في منبج فهي مناهج تابعة للنظام السوري، وتتبع عشرات المدارس في المدينة وريفها لمديرية التربية في حلب التابعة للنظام السوري، فيما تخضع بقية المدارس لإدارة قسد، مضيفةً أن الإدارة الذاتية عمدت إلى تغييب اللغة العربية في التدريس منذ وقت طويل بمنبج، وفرضت تدريس مادة البيولوجيا، كما تحاول تمرير مناهجها وإفساد الطلاب.
وأشارت في الوقت ذاته إلى أن عدد المدارس في منطقة منبج يقدر بنحو 190 مدرسة، وسيطرت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" عليها بعد معارك مع تنظيم الدولة عام 2016.
وقبل أشهر شهدت مدينة منبج بريف حلب الشرقي والتي سيطرت عليها ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية عام 2016 بعد معارك طاحنة مع تنظيم داعش، حملة احتجاجات ضد الانتهاكات والممارسات القمعية التي ترتكبها قوات سوريا الديمقراطية ضد المدنيين المقيمين في المدينة.
وأطلقت ميليشيا قسد حينها الرصاص على محتجين في مدينة منبج خلال تظاهرة نددت بعمليات التجنيد الإجباري، وامتدت على إثر ذلك التظاهرات إلى عدة أحياء داخل المدينة وفي القرى التابعة لها لتشمل أحياء "المسرب وطريق الجزيرة و دوار اللمبة وحي الحزاونة" إضافة لقرى"الحية و أبو قلقل وجب حمزة وتشرين" في ريف المدينة، في حين جابهت قسد المتظاهرين بالرصاص وتمكنت من تفريقهم، وخلفت قتلى وعدة جرحى من المدنيين.
فيما فرضت قوات قسد حظراً للتجوال في المدينة ومنعت الخضار والمحروقات من دخول المدينة وأجبرت المحال التجارية على الإغلاق عقب تصاعد أعمال العنف والاحتجاجات، فيما سارع أهالي قرى أبو قلقل وتلعرش وشويحة خزناوي وكافة القرى المحيطة بسد تشرين إلى قطع الطرقات المؤدية للمدينة تضامناً مع الحراك الشعبي.
وأصدرت عدد من العشائر العربية بيانات استنكار حملت فيها قسد مسؤولية ما يجري في مدينة منبج ومتوعدةً قسد بالهزيمة لتنتهي الأحداث في منيج باجتماع ضم قادة قسد مع وجهاء العشائر العربية، ألغت قسد خلاله التجنيد الإجباري ووعدت بتحسين الخدمات داخل المدينة ومحاسبة الفاسدين.
الإدارة تحرم مجهولي النسب من التعليم
وفي أيلول الفائت أصدرت الإدارة الذاتية شمالي شرق سوريا، حزمة من القرارات أسفرت عن حرمان مئات الأطفال النازحين في محافظة الرقة الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية من الالتحاق في المدارس التابعة لها لكونهم من مجهولي النسب أو لعجز ذويهم عن تأمين شهادة ميلاد من دائرة النفوس التابعة للنظام تؤكد نسبهم.
وكشفت وكالة "المجس" في تقريرٍ لها عن وجود مئات الأطفال في محافظة الرقة، ممن حرموا هذا العام من الالتحاق بمدارس المحافظة للمرحلة الابتدائية، بسبب عدم وجود أي وثائق رسمية تؤكد نسب الطالب كدفتر عائلة أو بيان عائلي.
وأضاف التقرير أن الإدارة الذاتية في محافظة الرقة طالبت الأهالي بإحضار بيان عائلي إضافة لإثبات شخصي من مكتب النفوس التابع لها في الرقة، والذي يستوجب وجود شهود وكفيل من أهالي الرقة، في حال عدم قدرة الأهالي على إحضار الإثباتات الرسمية الصادرة عن حكومة النظام، مشيراً إلى أن إجراءات تسجيل الطلاب في المدارس التابعة للإدارة الذاتية تتطلب عدة أوراق كالبطاقة الشخصية للوالد أو الوالدة ودفتر عائلة مصدره السجل المدني لدى النظام.
أنه يتوجب على من لا يملك هذه الإثباتات إحضار بيان عائلي وبطاقة وافد من النفوس التابعة للإدارة الذاتية في الرقة، من خلال إحضار شهود وكفيل من أهالي الرقة أو من شيخ العشيرة إضافة لدراسة أمنية لدى الأمن العام، مضيفةً أنه بسبب هذه الإجراءات وصعوبة استخراج ثبوتيات تم رفض تسجيل مئات الأطفال في مدارس الإدارة الذاتية
وفي شهر آذار الفائت أغلقت قسد عدداً من معاهد التدريس الابتدائي في مدينة الرقة لإجبار التلاميذ على التوجه إلى المدارس التي تشرف عليها الإدارة الذاتية والخضوع لمناهجها، كما شنت في الشهر ذاته حملة دهم واعتقال طالت 7 معلمين في بلدة معبدة، شرقي الحسكة، بتهمة تدريس مناهج النظام.
وليست المرة الأولى التي تعتقل فيها الإدارة الذاتية عدداً من المعلمين حيث سبق واعتقلت معلمين في قرى الدرباسية وعامودا والشدادي، وأفرجت عنهم بعد توقيعهم على تعهد يلزمهم بعدم تدريس مناهج النظام.
وفي 21 كانون الثاني الفائت، اعتقلت قسد عدداً من المعلمين والمعلمات في مدينة الشدادي جنوبي الحسكة بتهمة عدم التزامهم بالمناهج الدراسية التي فرضتها الإدارة الذاتية في مناطق سيطرتها.
وكانت قوى الأمن العام التابعة للإدارة الذاتية في الحسكة حذرت المعلمين والمراكز التعليمية في وقتٍ سابق من الترويج لمناهج حكومة النظام أو تدريسها تحت طائلة المسؤولية القانونية.
وعملت قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية التابعة لها منذ سيطرتها على محافظتي الرقة ودير الزور، على فرض مناهج خاصة بالإدارة الذاتية، ونتيجة الرفض الشعبي والضغط الأمريكي توصلت قسد إلى اتفاق مع الأهالي على تدريس مناهج خصصتها منظمة يونيسيف وباللغة العربية ومعترف بها دولياً.