مرضى شمال شرق سوريا: رحلة بحث عن العلاج في مناطق النظام والمعارضة

تشهد مناطق شمال وشرقي سوريا، الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، حالة يُرثى لها من حيث سوء الخدمات الطبية والصحية والفساد المستشري داخل أروقة المنظومة الطبية، ما دفع بالكثيرين من المرضى في مناطق الإدارة الذاتية للتوجه إلى مناطق سيطرة المعارضة والنظام السوري للحصول على علاج.
رحلة البحث التي أطلقها العديد من المرضى لتلقي العلاج خارج مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، شملت بالدرجة الأولى المصابين بفيروس كورونا، والراغبين بإجراء عمليات جراحية قد تشكل خطورةً على حياتهم، وذلك لضعف الخدمات المُقدمة وفساد المنظومة الطبية، بحسب مصادر محلية.
الأوضاع الصحية في مناطق شمال شرق سوريا، خاصة في دير الزور ومحافظة الرقة، سجلت مؤخراً تدهوراً كبيراً، وذلك بعد وفاة قرابة 60 مصاباً بفيروس كورونا خلال شهر ونصف، فضلاً عن تفشي مرض اللشمانيا في بلدة الباغوز التي سجلت خلال شهر قرابة 450 إصابة.
وتُشير المصادر إلى أن عجز قسد والإدارة الذاتية التابعة لها عن تقديم العلاج للناس في مناطق سيطرتهما، دفع الأهالي إلى التوجه لمناطق سيطرة الجيش الوطني في شمال غربي سوريا، أو مناطق النظام السوري، مبينةً أن الإدارة الذاتية سمحت بانتقال المرضى من مناطق سيطرتها، دون أي تعقيدات،  لعلمها المسبق بعدم قدرة المؤسسات الطبية التابعة لها، على تقديم العلاج لهم.
وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" تحدثت، أواخر أيلول الماضي، عن نقص الخدمات الطبية في شمال غربي سوريا، وقالت إن الوضع خطير، وكورونا ينتشر بسرعة، والمرافق الصحية على وشك الانهيار".
وأوضحت المنظمة عمق الحاجة إلى الأوكسجين، ومجموعات اختبار "كورونا"، والإمدادات الطبية، للحفاظ على عمل المشافي، مشيرةً إلى أن 75 بالمئة من حالات الإصابة بالفيروس التي أدخلت إلى مراكزها هي حالات حادة.
إتاوات تفاقم من معاناة المرضى
أبو حسين من مدينة الرقة، يروي في حديث لـ"وكالة المجس" المعاناة التي تُلازم المرضى في تنقلهم من مناطق شمال شرقي، إلى مناطق المعارضة والنظام، مشيراً إلى أن الإتاوات التي تفرضها عليهم حواجز النظام، وأخرى يفرضها  الجيش الوطني، زادت من معاناة المرضى ورفعت من كلفة ومشقة السفر عليهم.
وأضاف أن قيمة الإتاوات تختلف في كل فترة، وفقاً للظروف المعيشية وأسعار الصرف، مبيناً أن حواجز تابعة للفرقة الرابعة فرضت مؤخراً على كل مسافر لمناطق سيطرة النظام، مبلغاً قدره 100 دولار أمريكي، كرسم للعبور، مستغلين حاجة الأهالي المُلحة للخروج بحثاً عن العلاج.
فيما يؤكد أحمد أحد سكان مدينة الطبقة، أنه اضطر للانتقال إلى العاصمة دمشق، وعانى خلال رحلته من مشاكل كثيرة، وأجبر على دفع مبالغ مالية للحواجز التي مر بها، فضلاً عن الطريق الذي استغرق قرابة عشر ساعات، مبيناً أن المشافي سيئة للغاية في الطبقة، وكذلك في الرقة، وخاصة في علاج مصابي الفشل الكلوي الذين يضطر الكثير منهم للذهاب إلى مدينة حلب، كونها الأقرب، لتلقي العلاج.
وأشار إلى أنه يجد صعوبة كبيرة في البقاء عدة ساعات على الطرقات، في رحلة الوصول إلى دمشق، مشيراً أنه قام بدفع كل ما لديه من مال، لقاء الإتاوات ومصاريف العلاج ، مشيراً إلى أن هذا الحال، هو حال معظم المرضى المضطرين للذهاب خارج مناطقهم لتلقي العلاج.
فيما تقول مصادر "المجس" إن الحالات الطبية الصعبة تتوجه إلى مناطق سيطرة النظام في مدينة حلب لتلقي العلاج، بعد الحصول على موافقة أمنية للعبور من معبر "التايهة"، بينما يسلك المطلوبون للنظام طرق التهريب إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني في جرابلس، أو إعزاز بريف حلب الشمالي".
حصار فاقم من المعاناة الإنسانية
تشهد مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، فقداناً لبعض المواد الغذائية في الأسواق، وسط ارتفاع كبير في أسعارها، في ظل إغلاق معبر سيمالكا على الحدود السورية العراقية أمام حركة التنقل والتجارة.
وكشف تقرير سابق لـ"وكالة المجس" أن الأسواق في شمال شرقي سوريا، شهدت ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار بعض المواد الأساسية، وذلك بسبب استعاضة الأهالي بالمنتجات التركية مرتفعة الأسعار نسبياً، إذا ما قورنت بمثيلاتها من المنتجات السورية والإيرانية التي كانت تصل إلى المنطقة عبر معابر النظام السوري.
وأضاف أن إغلاق معبر سيمالكا مع إقليم كردستان أثر بشكل كبير على أسعار المواد الغذائية بشكل عام، والخضار والفواكه بشكل خاص، مبيناً أن أسعار الخضروات والفواكه قفزت إلى مايعادل الضعف خلال الأيام الفائتة وذلك نتيجة إغلاق معبر سيمالكا ومعابر النظام السوري.
وكانت قوات النظام السوري أغلقت معبر الطبقة في ريف الرقة الغربي، الذي يربط بين مناطق سيطرة النظام والشمال الشرقي من سوريا الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وسط حديث عن خلافات بين ميليشيات النظام السوري حول الإتاوات.
فيما أغلق إقليم كردستان العراق قبل أيام معبر سيمالكا الحدودي، الذي يربط مناطق سيطرة الإدارة مع الإقليم، وذلك بعد قيام عناصر من ميليشيا "الشبيبة الثورية"، التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي" الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، باقتحام بوابة المعبر، والاعتداء على الموظفين في الجانب العراقي.