النظام يُضيق الحصار على مناطق الإدارة الذاتية في مدينة حلب

اتهمت مصادر من الإدارة الذاتية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، النظام السوري بتضييق الحصار على حي الشيخ مقصود، وحي الأشرفية ذي الغالبية الكردية في مدينة حلب شمال سوريا.
وأضافت المصادر أن النظام السوري، يُعيق منذ عامين دخول المحروقات والمواد الأساسية إلى الحيين، ويفرض الضرائب على دخولها، وسط اتهامات للنظام باستغلال الحيين في تحقيق مآرب سياسية في مناطق شمال شرق سوريا.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن أهالي حي الأشرفية والشيخ مقصود، يُعانون من أوضاع اقتصادية صعبة في ظل حصار النظام السوري، للأحياء الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، ومنعه المواد الأساسية من الدخول، على الرغم من دفع إتاوات لحواجز النظام المحيطة بالمنطقة.
وأضافت المصادر أن حي الشيخ مقصود في حلب، يعاني من نقص كبير في مادة الطحين والخبز، فضلاً عن فقدان كافة أنواع المحروقات، وبالأخص مادة المازوت المُستخدمة للتدفئة، إضافةً إلى قطع النظام الكهرباء عن الحي لساعات طويلة تصل إلى 20 ساعة في اليوم.
واتهمت المصادر قيادات تابعة لوحدات حماية الشعب التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، بالتواطؤ مع حواجز النظام السوري، لتنسيق إدخال بعض المواد الأساسية عبر تجار متنفذين ومقربين منها، ما ساهم باحتكار تلك الفئة للمواد الأساسية وتحكمها بأسعار البيع داخل الأحياء، ما زاد من حدة الحصار المفروض عليها.
من جانبها نقلت وكالة أنباء "هاوار" الكردية عن الرئيسة المشتركة للمجلس العام للشيخ مقصود والأشرفية التابع للإدارة الذاتية، "فالنتينا عبدو" أن النظام يواصل إعاقة دخول المازوت إلى المنطقة، مما أعاق توزيعه على كامل سكان الحي، مضيفةً أن النظام يفرض 3 ملايين ليرة سورية ضريبة على كل صهريج يدخل المنطقة.
الإتاوات المفروضة من قبل النظام السوري، تدفع بالرغم من وجود اتفاق بين قسد والنظام، يقضي بالسماح بدخول المحروقات إلى المنطقة مقابل توريد المحروقات من مناطق قسد إلى مناطق النظام، إلا أن النظام لا يلتزم بالاتفاق، ويضغط بشكل مستمر على قسد عن طريق التضييق والحصار على السكان في الشيخ مقصود، بحسب المصادر.
وأشارت إلى أن النظام يُحاصر الشيخ مقصود بشكل خانق منذ شهر آب العام الفائت، مبينةً أن عدد العوائل القاطنة في المنطقة المحاصرة يبلغ قرابة 35 ألف عائلة، وأنها تُعاقب بشكل جماعي على خلفية الصراع بين النظام وقسد في شمال شرق سوريا.
حصار أسدي واحتكار قسدي
جان الكردي أحد سكان حي الشيخ مقصود، أكد في حديث لـ"المجس" أن حصار النظام للحي، يتزامن مع وجود فساد ومحسوبيات واحتكار للمازوت من قبل العائلات المقربة من قسد وقياديي الإدارة الذاتية، مرجعاً أسباب الحصار إلى سياسات "قسد"، مشيراً إلى أن عائلات تابعة لقسد تحتكر كميات كبيرة من المازوت لبيعها لاحقاً في السوق السوداء.
وأضاف جان أن سعر برميل المازوت الذي تبيعه قسد بقرابة 70 ألف ليرة سورية بشكل نظامي، قد يصل سعره في السوق السوداء إلى مليون ليرة سورية، مما يتسبب بغلاء أسعار كافة المواد الغذائية الأخرى، والتي تتعلق معظمها بالمحروقات من حيث أجور النقل، وآلات التصنيع.
وأشار جان إلى أن الكميات التي توزعها قسد على الأهالي غير كافية، مبيناً حصول العائلة الواحدة على 100 ليتر في السنة، وهي كمية بالكاد تكفي لمدة أسبوع واحد في فصل الشتاء.
وأضاف أن عائلات المقربين من قسد، والمنتسبين إليها، تحصل على كميات أكثر بكثير من تلك المخصصة للعوائل المدنية، مؤكداً أن قسد تسعى لعسكرة شبان الأحياء، عبر تقنين الخدمات على المدنيين في الأحياء المحاصرة، وتوسيعها على عوائل العسكريين، معتبراً ذلك نوعاً جديداً من أنواع التجنيد الإجباري تحت بند "استغلال الحصار".
وبين أنه كلما حدثت توترات بين النظام وقسد فإننا " أهالي الحي" ندفع الثمن، من خلال تنفيذ اعتقالات للشبان، أو مصادرة بضائع غذائية وفرض رسوم لمرور سيارات الخضار والفواكه التي تأتي من سوق الهال.
وتسيطر قسد على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية والسكن الشبابي على طريق “الكاستيلو”، منذ عام 2013، وتنصب حواجز عند مداخلها، وتمنع قوات النظام وميليشياته من الدخول إليها.
تعثر المفاوضات يتسبب بالحصار
ليست المرة الأولى التي تفرض فيها قوات النظام حصاراً على الأحياء التابعة للإدارة الذاتية في حلب، والذي يقابله حصار آخر من قبل الإدارة الذاتية على المربعات الأمنية ومناطق تواجد النظام السوري في الحسكة، إلا أن التوتر الحالي يختلف عما سبقه من توترات، حيث شهدت المفاوضات بين مسد والنظام السوري، انهياراً سريعاً في الآونة الأخيرة، ما أسفر عن توترات أمنية بين الطرفين، ودفع موسكو لإطلاق تصريحات حملت طابع التهديد للإدارة الذاتية.
الاستياء الروسي من تعثر المفاوضات مع النظام السوري، ترجمته تصريحات لوزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف"، قبل أيام، قال فيها إنه يتعين على الأكراد أنفسهم، لا سيما ذراعهم السياسية المتمثلة بحزب الاتحاد الديمقراطي ومجلس سورية الديمقراطية "مسد"، أن يقرروا نهجهم.
وأضاف لافروف أن أكراد سوريا، وجهوا في وقتٍ سابق مطالب إلى روسيا، لمساعدتهم في إطلاق حوار مع حكومة النظام في دمشق، إبان إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب نيته سحب القوات الأمريكية من سوريا بالكامل، مشيراً إلى أن اهتمامهم بهذا الحوار اختفى بعد أيام قليلة، عندما صرح البنتاغون بأن القوات الأمريكية باقية في سوريا.
وشدد لافروف أنه يتوجب على الإدارة الذاتية إدراك حقيقة أن الأمريكيين في نهاية المطاف سينسحبون، مضيفاً أنهم يواجهون هناك حالياً مشاكل أكثر من الفوائد، مبدياً قناعته بضرورة أن يتخذ الأكراد موقفاً مبدئياً، مشيراً إلى استعداد موسكو لمساعدة أكراد سوريا في ذلك، خصوصاً أن مسؤولين أكراداً يزورون موسكو من حين إلى آخر، في إشارة للزيارة الأخيرة للرئيسة المشتركة لمجلس سورية الديمقراطية إلهام أحمد إلى موسكو أواخر تشرين الثاني الفائت.
وكانت الرئيسة التنفيذية المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية "مسد"، إلهام أحمد، أعلنت في الثامن عشر من كانون الأول الجاري، فشل موسكو في لعب دور الضامن في الحوار مع النظام السوري.
وقالت أحمد خلال الاجتماع السنوي لتقييم نتائج مؤتمر أبناء الجزيرة والفرات، الذي أقامه مجلس سوريا الديمقراطية في مدينة الرقة، بحضور سياسيين ومثقفين وناشطين مدنيين ومسؤولين في الإدارة الذاتية، إنه "لم يتم تحقيق أي خطوات تجاه الحوار مع دمشق خلال الفترة الماضية"، مشيرةً إلى أن الروس حاولوا لعب دور الضامن للحوار مع النظام وأنه تعذر عليهم ذلك، مؤكدةً أن المحاولات الروسية في لعب دور الضامن لا تزال موجودة حتى الآن.
وأشارت أحمد إلى أن الحوار مع النظام السوري والدعوات لهذا الحوار لا تعني شرعنة النظام وحكومته، متهمةً الأخير بـ"التعنت"، ومعربةً عن اعتقادها بأن النظام ينظر إلى نفسه بمنظور القوة، وأنه خرج من الصراع منتصراً.
وشددت على أن التصريحات الأميركية بخصوص إعادة التطبيع العربي مع النظام السوري كانت واضحة، من خلال التأكيد على أن النظام السوري لا يزال فاقداً للشرعية، وعلى هذا الأساس أوقفت الولايات المتحدة هذا التطبيع.
من جانبه، وصف الرئيس المشترك لمسد "رياض درار" تصريحات لافروف بأنها مكررة، وأن موسكو دائماً ما تلجأ لقضية تلقي الإدارة الذاتية الدعم الأمريكي للشروع في محاولات انفصالية، مشيراً في تصريحات لوسائل إعلامية، إلى وجود موافقة أمريكية على تولي روسيا إجراء الحوار بين مسد والنظام، مضيفاً أنه لن تكون هناك نتائج لأي حوار دون موافقة أميركية، وادعاءات لافروف بدعم أميركي لمحاولات الانفصال غير صحيحة.
وشدد درار على الاستمرار بقبول التفاوض على أسس تغيير نهج النظام، والبدء بالاعتراف بحقوق الشعب السوري والمكونات، وإجراء تغيير دستوري حقيقي، ينزع من الرئيس صلاحياته الديكتاتورية، وأن يكون هناك تغيير في السلطة نحو التوجه الديمقراطي الحقيقي، وقطع تغول الدولة على المجتمع والتحكم به عبر الوسائل العسكرية والأمنية.
واتهم درار النظام بأنه يريد إخضاع الجميع لشروطه بقوة داعميه، الروسي سياسياً والإيراني عسكرياً، مشدداً أن "هذا الأمر غير مقبول بالنسبة لنا، إلا أننا منفتحون على التفاوض، أي التفاوض الحقيقي الذي يحقق نتائج حقيقية دون تعنت".