لبنان: دعوات لإحالة عناصر "أمن الدولة" الذين تسببوا بوفاة لاجئ سوري إلى القضاء المدني

أصدرت منظمات حقوقية دولية، بياناً طالبت فيه السلطات القضائية اللبنانية بإحالة التحقيق مع عناصر وضباط "أمن الدولة" المدعى عليهم بتعذيب لاجئ سوري، والتسبب بوفاته من القضاء العسكري إلى القضاء الجزائي المدني.
وقالت منظمات "هيومن رايتس ووتش، المفكرة القانونية، العفو الدولية، منّا لحقوق الإنسان"، إن اختصاص المحاكم الجزائية العادية بشكاوى التعذيب هو ضمانة أساسية لحقوق الانتصاف العادل لضحايا الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي، مثل التعذيب أو انتهاكات حقوق الإنسان.
وأضاف البيان المشترك الصادر عن المنظمات المذكورة، أن هيكلية القضاء العسكري في لبنان، الغير عادل بطبيعته، والإجراءات القانونية المتبعة أمامه، تعني أن عناصر وضباط القوى الأمنية لن يُحاكموا أمام محكمة مختصة، ومستقلة، ونزيهة.
وشدد البيان على أنه يتوجب على السلطات اللبنانية التحقيق بجدية بالشكاوى المتعلقة بجرائم التعذيب واحترام اختصاص القضاء العدلي فيها، مؤكدةً أنها راسلت السلطات اللبنانية، بما فيها "أمن الدولة" والمدعي العام التمييزي، لطلب توضيحات حول اختصاصها في قضايا الإرهاب وسلطتها فيما يتعلق بالتوقيف، وملابسات توقيف اللاجئ السوري واحتجازه، والإجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانية للتحقيق أو توقيف أو معاقبة أي من العناصر المتورطين في احتجاز "عبد السعود" أو استجوابه أو تعذيبه، دون أي رد.
وطالبت المدعي العام التمييزي ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية وقاضية التحقيق العسكري بنقل ملف التحقيق في وفاد اللاجئ السوري إلى القضاء العدلي المختص، وتحديداً قاضي التحقيق في الجنوب، مشيرةً أن ذلك يهدف لضمان الامتثال للقانون اللبناني، وحق ذويه في سبيل انتصاف فعال.
كما دعت المنظمات الحقوقية الدولية الحكومة اللبنانية إلى تخصيص الأموال اللازمة لتمكين الأعضاء الخمسة لـ "اللجنة الوطنية للوقاية من التعذيب"، الذين تم تعيينهم في تموز من العام 2019، من القيام بمهامهم.
إيقاف المتورطين
وقبل أيام أعلن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية اللبنانية القاضي "فادي عقيقي" توقيف ضابط وأربعة عناصر في جهاز أمن الدولة على ذمة التحقيق بعد وفاة شاب سوري تحت التعذيب في مقر الجهاز.
وقال عقيقي إن اللاجئ السوري "عبد السعود "فارق الحياة بعد ثلاث ساعات على توقيفه، مبيناً أنه تعرض لتعذيب مبرح وصدمات أدت إلى توقف قلبه ووفاته، مشيراً إلى أنه فارق الحياة قبل وصوله إلى المستشفى.
وأضاف أنه أخضع مكتب أمن الدولة لتحقيقات أولية بإشرافه، مشيراً إلى أن المشتبه فيهم بالتعذيب أرادوا انتزاع اعترافات من المتوفي بأنه يترأس خلية أمنية تابعة لتنظيم الدولة" وأردف " إلا أنه أصر على نفي هذه الاتهامات".
وأشار إلى أن الموقوفين الآخرين من رفاق المتوفى تعرضوا أيضاً للتعذيب من أجل انتزاع اعترافات بأنهم ينتمون إلى داعش"، مشيراً إلى أنّ آثار التعذيب بادية على أجسادهم، ولا يزال اثنان منهم قيد التوقيف.
مقتل لاجئ سوري
وكانت وسائل إعلام لبنانية قد أعلنت، الجمعة، مقتل لاجئ سوري تحت التعذيب، أثناء التحقيق معه في مديرية أمن الدولة في لبنان، ونشر صحفيون لبنانيون صوراً لجثة ليها آثار تعذيب حادة، قالوا إنها تعود للاجئ سوري، وإنه قضى على يد ضابط وعناصر من أمن الدولة اللبناني.
وقال المحامي اللبناني "طارق شندب" بعد نشره صوراً للموقوف السوري تظهر فيها أثار الضرب والجلد على جسده، إن ما جرى فضيحة أمنية، وطالب بتوقيف كل المشاركين في جريمة الفبركة و القتل تحت التعذيب، وأردف "داعش هي الشماعة"، كما طالب السلطة القضائية في لبنان بفتح تحقيق جدي وحقيقي ومحايد للكشف عن معالم جريمة قتل الموقوف السوري.
وقالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية إن ضابطاً وعناصر في جهاز أمن الدولة، عذبوا موقوفاً سورياً أثناء التحقيق معه وضربوه حتى الموت، مضيفةً أن المتورطين حاولوا إخفاء الجريمة بدعوى أن الموقوف "بشار عبد السعود" توفي جراء إصابته بذبحة قلبية بعد تناوله حبة كبتاغون، أو بسبب تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات.
وبحسب الصحيفة فإن صراخ الموقوف أثناء تعذيبه وجلده بواسطة "نبريش" كان يُسمع في أرجاء "سراي تبنين" حيث كان يجري التحقيق معه، لافتةً أنه بعد الجريمة، حاول المتورطون التستر عليها بتسريب معلومات عن إنجاز أمني حققه جهاز أمن الدولة بتوقيفه أفراد خلية لتنظيم الدولة شاركوا في جرائم قتل في سوريا.
وتُشير إحصاءات الحكومة اللبنانية إلى وجود 1.5 مليون لاجئ سوري على أراضيها، بينما يبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين رسمياً لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نحو 900 ألف، بينهم نحو 600 ألف يعيشون في مخيمات عشوائية يُقدر عددها بـ28000.