ترهيب وابتزاز للأهالي: هل عاد تنظيم الدولة إلى شرق سوريا

تنامى نشاط الخلايا التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية مؤخراً في شرق سوريا، على الرغم من مقتل زعيمه " أبو إبراهيم الهاشمي القرشي" مطلع الشهر الجاري على يد القوات الأميركية، واستسلام عناصره في سجن الصناعة بعد غزوة اعتبرت فاشلة إذا ما قورنت بالنتائج.
النشاط المتزايد للتنظيم يحمل في طياته رسالة واضحة مفاداها، أن التنظيم باقٍ ولن يتأثر بمقتل زعيمه أو فشل غزوة هنا ومعركة هناك، حيث كشفت عدة مصادر في شمال شرق سوريا، عن تحركات علنية للتنظيم هناك، على الرغم من الإجراءات القسدية الصارمة بحق المنتسبين إليه أو المتعاطفين معه.
تهديدات موجهة للمدنيين شمال شرق سوريا
وبحسب مصادر وكالة "المجس" في شمال شرق سوريا، فإن المدنيين في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بريف دير الزور، تلقوا خلال الأيام القليلة الماضية رسائل تهديد من تنظيم الدولة، طالبهم خلالها بعدم التعاون مع قسد ودفع إتاوات للتنظيم.
وقالت المصادر إن رسائل الوعيد والتهديد، استهدفت بشكل خاص عدداً من الأشخاص المعروفين بصلاتهم الوثيقة مع قوات سوريا الديمقراطية، في تلميح واضح من التنظيم بأنه موجود في المنطقة، وعلى علم بالمتعاونين مع قسد، وسط تخوف الأهالي، من تجدد هجمات التنظيم على مناطقهم، وفرضه في وقتٍ سابق إتاوات مالية على عدد من الشركات والأشخاص في مؤشر على تنامي قوته واستجلابه لمصادر دعم جديدة.
وأضافت المصادر أن التنظيم قام قُبيل إرسال رسائل الترهيب والوعيد بعمليات اغتيال وتصفية طالت عدداً من الوجهاء والقادة المحليين، بالإضافة لعناصر من الشرطة وأعضاء البلدية، وذلك بهدف ترهيب المجتمع المحلي من عواقب عدم التعاون معه وإظهار نفسه بمظهر المتمكن القادر أمامهم.
ولفتت المصادر أن التنظيم بات يجني ملايين الدولارات بشكل دوري، وذلك بعد فرضه في وقتٍ سابق إتاوات على المستثمرين في حقول النفط في شمال شرقي سوريا، وهو ما ساعده في إعادة تنظيم صفوفه، وضم عدد كبير من المقاتلين والأهالي إلى صفوفه مستغلاً الأزمة المالية التي تعصف بالأهالي في شمال شرقي سوريا.
وأشارت إلى أن التنظيم يقوم باعتراض معظم شاحنات الوقود في مناطق شمال شرقي سوريا الغنية بالنفط، ويتقاضى من أصحابها الإتاوات، وذلك لدعم المجموعات المنتشرة في بوادي حمص وحماه والرقة ودير الزور، موضحة " يُضاف عليها المبالغ الثابتة التي تُدفع من قبل المستثمرين، والتي شكلت عامل دفع مادي كبير للتنظيم لإعادة نشاطه بغية تحصيل مبالغ أكبر من المال تُعينه في إعادة تشكيل نفسه".
ونوهت إلى أن عناصر التنظيم اتبعوا تكتيكات جديدة في تحصيل الأموال، تتمثل بإبلاغ أصحاب الفعاليات الاقتصادية بوجوب دفع مبالغ شهرية قد تصل إلى ما نسبته بين 10 و20 في المائة من الأرباح، وذلك مقابل الحماية وعدم التعرض للمنشآت، مؤكدةً أنه في حال رفض دفع المبالغ للتنظيم، فإن الأخير يقوم بحرق المصنع أو اغتيال صاحب العمل التجاري.
وبحسب المصادر فإن التنظيم كثف من نشاطه في الآونة الأخيرة لعدة أسباب أبرزها، تزايد الدخل المالي الذي مكنه من تنسيب أفراد جدد إلى صفوفه مستغلاً الوضع الاقتصادي السيء، فضلاً عن فقدان الثقة بين الأهالي وقوات سوريا الديمقراطية عُقب الانتهاكات التي مارستها الأخيرة بحق الأهالي بعد معارك سجن الصناعة، بالإضافة إلى الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها مناطق سيطرة قسد احتجاجاً على الوضع المعيشي والانتهاكات.
الإتاوات على مستثمري حقول النفط
وصعد تنظيم الدولة في الآونة الأخيرة، من وتيرة عملياته ضد مستثمري الآبار النفطية في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" شرقي سوريا، وذلك بُغية تحصيل عائدات مالية لدعم عمليات التنظيم، مهدداً بقتل الممتنعين وإحراق الآبار النفطية.
وأشار تقرير سابق لـ"وكالة المجس" أن عناصر التنظيم في المنطقة، فرضوا إتاوات مالية جديدة على مستثمري الآبار نفطية في دير الزور، مبيناً أن التنظيم أرسل تهديدات بالقتل وحرق البئر، لكل من يمتنع عن الدفع.
وفي ترهيب واضح للأهالي، نشر تنظيم الدولة مطلع كانون الثاني الفائت، تسجيلاً مصوراً لبئر نفطية قام عناصره بإحراقها، وتوعد خلال التسجيل بالمزيد من الهجمات على آبار النفط، وأعداء التنظيم، مبيناً أن البئر المُستهدفة تُدعى "بئر الدعاس" وهي توجد في منطقة الحريجي بريف دير الزور الشرقي، وتسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.
ولفت التقرير إلى أن الإتاوات المفروضة من قبل تنظيم الدولة ليست بالجديدة، موضحاً أن التنظيم اعتاد على فرض الإتاوات على آبار النفط المنتشرة في مناطق بعيدة خاضعة لسيطرة قسد، ولا تتمتع بحراسة كافية كمناطق العزبة وبادية دير الزور الشرقية ومنطقة هجين، موضحاً أن التنظيم يفرض ما مقداره ربع إنتاج الحقول، وذلك بعد مفاوضات يجريها عناصر نشطون من التنظيم مع المستثمرين في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية
وبين التقرير أن التنظيم يتبع سياسة القتل والترهيب ضد المستثمرين، ما يدفعهم للامتثال لتهديدات التنظيم، وسط غياب الحراسة الكافية للآبار من قبل قوات سوريا الديمقراطية، وتنفيذ خلايا التنظيم بين الفينة والأخرى عمليات قتل تستهدف المناوئين له، والمُمتعين عن الرضوخ لتعليمات التنظيم، لافتاً أن التنظيم يُقدم تعهدات للمستثمرين المتعاونين معه، بعدم مهاجمة الصهاريج النفطية التابعة لهم، والتي يذهب معظمها إلى مناطق سيطرة النظام السوري ومصافي التكرير التابعة لقوات سوريا الديمقراطية.
هجمات سابقة
وفي منتصف كانون الأول الفائت، اقتحم عناصر من التنظيم محطة الصبيحان النفطية في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، وهددوا بقتل عمال المحطة إذا لم يدفع المستثمرون "غرامة إنتاج النفط"، بحسب تقرير لموقع "المونيتور".
وقبلها بأسبوع استهدف التنظيم بعبوة ناسفة حافلة تقل عمالاً في من محطة خريطة النفطية، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص وإصابة آخرين.
وفي 29 تشرين الأول الفائت، اقتحم عناصر من تنظيم الدولة محطة أبو حبيبة النفطية بريف دير الزور الشمالي بعد مطالبة مستثمري النفط بدفع حصة لهم من الاستثمار النفطي في الحقل.
وفي تموز الفائت هاجم عناصر من تنظيم الدولة مجموعة من صهاريج تحمل نفطاً خاماً قادمة من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية إلى مناطق سيطرة النظام السوري في ريف الرقة، ونشرت وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم حينها بياناُ جاء فيه أن خلايا التنظيم استهدفوا بالأسلحة الرشاشة صهريج نفط تابعاً لميليشيا القاطرجي على طريق المناخر شرقي بلدة الكرامة بريف الرقة.
وتشهد مناطق ريف دير الزور الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ومناطق البادية السورية، الممتدة بين محافظتي دير الزور وحمص وحماه والتي تُسيطر عليها قوات النظام السوري منذ منتصفَ 2017، نشاطاً متصاعداً لخلايا تنظيم الدولة، الذي بات يتحرك مؤخراً بحرية كبيرة مهاجماً حقول النفط والغاز المنتشرة في المنطقة.