إيران تُنشئ حسينيات جديدة شمالي مدينة دير الزور وتوسع عمليات التشيع

باشرت الميليشيات الشيعية، بدعم من المركز الثقافي الإيراني بمدينة دير الزور، بناء حسينيات جديدة وإجراء عمليات توسيع لبعض الحسينيات في قرية "حطلة" شمالي دير الزور.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن الميليشيات المرتبطة بإيران، بدأت بتوسعة حسينية "الملالي" في قرية حطلة ذات الأغلبية الشيعية، من أجل إقامة دروس دينية، وتكثيف النشاط الديني، وممارسة الطقوس الخاصة بالطائفة الشيعية في البلدة.
وبحسب المصادر فإن بلدة حطلة تضم عدداً من الحسينيات الشيعية، التي أنشأتها وتدير معظمها ميليشيا تابعة لـ "الحرس الثوري" الإيراني، مشيرةً إلى أن الإيرانيين بدأوا بتكثيف بناء الحسينيات في البلدة بعد سيطرتهم على المنطقة، وانحسار تواجد تنظيم الدولة، نهاية عام 2017.
وكشفت المصادر عن وجود أربع حسينيات في بلدة حطلة يديرها الحرس الثوري الإيراني، ومنها حسينية "الإمام الباقر" التي تشرف عليها عائلة الحبش المُقربة من الميليشيات الشيعة، والحرس الثوري، وأضافت أن الحسينية المذكورة تقع بالقرب من سوق الخضار في منطقة "حطلة فوقاني".
كما توجد في البلدة حسينية "أبو الفضل العباس"، التي تشرف عليها عائلة ياسين المعيوف، المقربة من الحرس الثوري، مشيرةً إلى أنها تقع أيضاً في منطقة "حطلة فوقاني".
وشددت المصادر على أن ميليشيا الحرس الثوري، أنشأت حسينية باسم "الإمام الحسين"، مبينةً أن الحسينية المذكورة يُشرف عليها المدعو "عمر السلامة"،  فضلاً عن حسينية أخرى باسم "قاسم سليماني" و يشرف عليها أشد المقربين من الحرس الثوري المدعو "أمين الرجا"، مشيرةً إلى أن هذه الحسينية مخصصة للشخصيات الهامة فقط ولا يسمح  لأي شخص بالدخول إليها، وذلك لكونها مخصصة لقيادات الحرس الثوري، والوفود الإيرانية التي تزور المنطقة.
بلدة حطلة قاعدة التشيع في دير الزور
سارعت إيران منذ اللحظات الأولى لدخولها دير الزور، إلى السيطرة على المدن والقرى الواقعة على طول الحدود السورية العراقية، وذلك لجعل المنطقة برمتها قاعدة مستقبلية للتمركز الإيراني في المنطقة، معتمدةً بذلك على وجود قرى شيعية في المنطقة، عززت من مكانة تلك الميليشيات اجتماعياً، وساهمت في تسارع عمليات التشييع التي شهدتها المنطقة.
واستغلت إيران وجود سكان شيعة في منطقتي "حطلة ومراط" شرق نهر الفرات، لتعزيز نفوذها وإيجاد موطئ قدم شيعي لها في شرق سوريا، على غرار الفوعة وكفريا في إدلب ونبل والزهراء في حلب.
واستندت إيران في نشر فكر التشيع وعمليات التوطين في دير الزور على حطلة ومراط ذات الأغلبية الشيعية وهو ما أسهم بتحويلهما لقاعدة انطلاق للفكر الإيراني الذي يستهدف تشييع القرى والبلدات المجاورة.
وتخضع  حطلة ومراط للسيطرة الإيرانية المطلقة إضافةً لوجود جماعات عسكرية محلية بقيادة شخصيات دينية شيعية لها ارتباطات مباشرة بإيران، وتسعى سياسة التغيير الديمغرافي الإيرانية إلى إعادة توطين أفراد من الطائفة الشيعية في هذه المناطق ومنع السكان السنة من العودة إلى ديارهم.
وتستغل إيران العداوة القائمة بين أهالي حطلة ومراط وأهالي القرى الأخرى في المنطقة في تعزيز نفوذها، ويرجع جزء كبير من هذا العداء، إلى هجوم جرى في منتصف عام 2013 قُتل على إثره العشرات من الشيعة على أيدي فصائل المعارضة السورية انتقاماً لهجوم قام به رجال من حطلة ومراط على سيارة تقل أعضاء من الجيش السوري الحر نجم عنه العديد من الضحايا ما دفع فصائل المعارضة وجبهة النصرة إلى مهاجمة حطلة ومراط.
وبدأت المعركة في قرية حطلة بعد أن قتل عناصر الميليشيات أربعة من عناصر حاجز لواء القادسية التابع للجيش الحر، بعد أن أوقفوا سيارة خضار محملة بالأسلحة والذخيرة مصدرها النظام السوري، كانت متوجهة لعناصر الميليشيات في القرية، لتنطلق بعد ذلك المعركة التي بدأها الجيش الحر في المنطقة.
استمرت المعركة عدة ساعات انتهت بمقتل عدد كبير من عناصر الميليشيات بينهم نساء، وانتهت بالسيطرة على قرية حطلة، وهروب السكان الشيعة منها تجاه مناطق سيطرة النظام السوري، ليُشكلوا لاحقاً ميليشيات مسلحة هناك.
تاريخ النفوذ الإيراني بحطلة
وتتمتع إيران بنفوذ واسع في منطقة حطلة المطلة على الضفة الشرقية لنهر الفرات، منذ أيام حافظ الأسد وكانت بداية مرحلة جعلها نقطة ارتكاز لتشييع المنطقة الشرقية عموماً، على يد المعمم الشيعي الأول بدير الزور ياسين المعيوف الذي افتتح فيها فرعاً لجمعية "الإمام المرتضى" التي تعود ملكيتها لجميل الأسد.
ومنذ ذلك الوقت تطورت علاقة المعيوف مع طهران وزادت العلاقة كثيراً بعد إيفاده من قبل الجمعية إلى إيران، للدراسة وأخذ العلوم الدينية الشيعية هناك، ولم يتأثر "المعيوف" كثيراً بعد قرار إغلاق الجمعية التي كانت تعنى بتشييع السوريين من قبل حافظ الأسد عام 1985.
وعمل المعيوف منذ منتصف الثمانينات على استقطاب الأهالي البسطاء عبر إغرائهم بالمال، حيث كان يقدم لمن يعتنق المذهب الشيعي راتباً شهرياً يقدر بـ 5000 ليرة سورية آنذاك، بدعم مالي من إيران ومن شخصيات شيعية في دول خليجية.
واستعان المعيوف في نشر التشيع داخل المنطقة على المعمم الشيعي "حسين الرجا" الذي يعد من أبرز الشخصيات الداعية إلى التشيع ليس في دير الزور فحسب، بل في سوريا عموماً ولاسيما بعد انطلاق الثورة السورية،
واستطاع المعيوف والرجا استقطاب الكثير من الأهالي وذلك عن طريق إقامة الولائم ودفع الأموال للأهالي من المال المُقدم من إيران ، ثم ما لبثوا أن بدأوا بدعوة الأشخاص الذين يحصلون على المساعدات إلى اعتناق المذهب الشيعي.
وتوسع عمل المعممين ليشمل ما بعد حطلة، وامتد ليظهر في عدة قرى كقرية مراط التي تعد امتداداً لحطلة شرق دير الزور، والصعوة وزغير جزيرة والكبر في الريف الغربي شرق الفرات.
ترميم القبور في دير الزور
وعملت الميليشيات المرتبطة بإيران، في شهر كانون الأول الفائت، على ترميم عدد من القبور في مدينة دير الزور، لتحويلها إلى مزارات دينية شيعية، بحجة أن أصحابها كانوا جنوداً في جيش علي قبل آلاف السنوات، حيث يُشكل " الإمام علي" رمزية خاصية لدى الطائفة الشيعية.
وأعادت ميليشيا الحرس الثوري الإيراني، تأهيل قبور قديمة في أطراف مدينة دير الزور، ووضعت عليها الرايات ذات الدلالة الشيعية، وبحسب المصادر فإن الميليشيات الشيعية روجت بين الأهالي رواية مفادها أن القبور تعود لجنود في جيش الإمام علي وذلك لدفع الناس لزيارتها، وإكساب شهرة للمواقع الجديدة عبر كسب التعاطف الديني.
كما عمدت الميليشيات إلى وضع رايات خضراء كبيرة فوق القبور المؤهلة حديثاً، ودعت الأهالي لزيارتها والتبرك بها، وتُشير المصادر إلى أن القبور المُكتشفة حديثاً شهدت زيارات مكثفة من عناصر وقياديين في الميليشيات الإيرانية، في مسعى من الأخيرة للترويج لها كأضرحة جديدة، وحث الأهالي على زيارته.
وبحسب تقرير سابق لـ"وكالة المجس" فإن القبور المُكتشفة على أطراف مدينة دير الزور، معروفة في السابق لدى الأهالي، مبيناً أنها كانت تعود لبعض المتصوفة القديمين في المدينة، وأن أتباع المنهج الصوفي كانوا يزورونها في السابق، ويدعون أنها لعلماء من أصحاب الكرامات والحظوة عند الله.
إنشاء الأضرحة سياسة إيرانية ممنهجة في شرق سوريا
ويهدف الحرس الثوري الإيراني من خلال إنشاء مزارات وأضرحة وهمية في مناطق شرق سوريا، إلى كسب التعاطف الديني في المنطقة، ومنح الميليشيات التابعة له المبرر اللازم للانتشار فيها دفاعاً عن هذه المزارات.
وبعد هزيمة تنظيم الدولة عام 2017، سعى الحرس الثوري الإيراني لتوسيع نفوذه وترسيخه في محافظة دير الزور الواقعة شرق سوريا على الحدود مع العراق، عبر الترويج لعقيدة ولاية الفقيه التي تدعو للولاء للمرجع الأعلى الإيراني، ومحاولة صبغ المنطقة بطابع شيعي دخيل على الطبيعة المذهبية لأهالي تلك المناطق.
تنفيذ هذا المخطط بدأ بإشراف الحرس الثوري، وبمساعدة الميليشيات التابعة له، وتطور بعد ذلك عبر إنشاء فرق كشافة تُشرف عليها بشكل مباشر المراكز الثقافية الإيرانية، والوقف الشيعي في دير الزور.
واستكمالاُ للمخطط صادر الوقف الشيعي عقارات عدة في مدينتي دير الزور والميادين وفي بلدة البوكمال الحدودية وذلك بعد إطلاق يده في ملف التشيع، وشملت المصادرات عقارات أخرى في قرى القورية وحطلة والصعوة وجديدة عكيدات وأبو خشب وزغير جزيرة والكسرة.
مزارات يديرها الوقف الشيعي شرق سوريا
وبحسب مصادر "المجس" فإن أبرز المزارات الدينية التي يديرها الوقف الشيعي في دير الزور، مسجد عمار بن ياسر في حي العمال والحسينية في حي هرابش، وفي مدينة الميادين يُدير الوقف الشيعي جامع الحسن والحسين في حي الجورة وجامع عبد الرحمن بن عوف في حي الجمعيات وجامع التمو في حي التمو.
وأضافت أن الوقف الشيعي في مدينة البوكمال يُدير مسجد الكراج المعروف باسم دوار الطيارة وجامع عبدالله بن عباس.
فيما افتتح الحرس الثوري الإيراني منذ عام 2017، عدداً من الحسينيات في بلدة حطلة، وسيطر على قبة الإمام علي في بلدة السويعية ومزار عين علي في بادية القورية، فيما عمل الوقف الشيعي على مصادر الأراضي التي تقع بالقرب من مزار عين علي، بهدف بناء استراحات وفندق لاستقبال الحجاج، عوضاً عن الخيم المكيفة التي كانت تنصب سابقا لخدمتهم.
وبالتزامن مع عمليات التغيير الديمغرافي التي تنتهجها إيران، تعمل إيران بصورة نشطة للقيام بحملات دينية مستمرة في مناطق غرب نهر الفرات في دير الزور، من أجل محاولة تحويل سكان تلك المناطق إلى المذهب الشيعي وضم أبنائها إلى ميليشياتها المنتشرة في أنحاء المحافظة.
وتسعى الحملات الدعوية الإيرانية إلى استغلال الوضع الاقتصادي المتردي للمدنيين لجذبهم للتشيع من خلال تقديم بطاقات شهرية لكل أسرة تتحول إلى المذهب الشيعي وتقديم مساعدات غذائية عينية دورية.
وتحاول الميليشيات الإيرانية أيضاً استخدام سياسة الترهيب لإجبار المدنيين على الانضمام إلى صفوفها إذا كانوا يرغبون في ضمان بقائهم وتجنب الاعتقال، كما تمارس هذه الميليشيات التمييز ضد المدنيين من غير الشيعة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في دير الزور.
مزارات وهمية اختلقتها إيران في سوريا
في مطلع عام 2018 وبعد تمدد المليشيات الإيرانية على حساب تنظيم الدولة في دير الزور، شرعت إيران ببناء مزار على نبع ماء في البادية قرب مدينة "القورية" بريف دير الزور الشرقي، ضمن حملة بناء المزارات التي تنفذها هيئات شيعية إيرنية بحجة إعادة بناء ما دمره تنظيم الدولة.
وبعد الانتهاء من البناء سلمت إيران عدداً من المتشيعين، من أبناء قرية حطلة إدارة هذا المزار الذي أُطلقت عليه اسم "النبع المقدس"، ليكون نقطة ارتكاز لها في هذه المنطقة التي تشكل بوابة العراق على سوريا.
وخلال الأعوام السابقة انتشرت عدة مقاطع مصورة تُظهر عناصراً من المليشيات المدعومة إيرانياَ، وهم يتبركون بالطين والماء في مزار "عين علي"، في ترويج واضح للمزار الجديد في المنطقة.
وبحسب مصادر متطابقة في القورية، فإن نبع "عين علي" هي عبارة عن نبع ماء صغيرة حديثة العهد قام أحد أصحاب الأغنام بحفرها واستعمالها كي تشرب المواشي منها، ومن ثم ادعت الميليشيات الإيرانية أنها نبع تاريخية تعود لزمن الإمام علي.
وفي حلب، حولت الميليشيات الإيرانية مسجد "مقام النقطة" في حي المشهد، إلى مركز إيراني لإدارة عمليات التشيع في جزء من أحياء حلب الشرقية، والريف الجنوبي، وتُشير المصادر إلى أن إيران أوكلت إلى مليشيا "لواء زينبيون" مهام حراسة هذا المسجد، مبينةً أن عدداً من المعممين قاموا بإجراء حلقات تدريس وتدريب للأطفال داخله، وشملت التدريبات تعليم الفنون القتالية لكشافة المهدي، وحلقات تدريس عقائدي.