احتجاجات تُرغم تحرير الشام على إعادة مبالغ مقتطعة من مساعدات الأهالي بريف إدلب

قدمت جمعية إغاثية تركية، قبل أيام مساعدات إنسانية على سكان قرية معارة النعسان والنازحين المقيمين فيها، وذلك عبر توزيع قسائم مالية عليهم، فيما فرضت هيئة تحرير الشام على المستفيدين التخلي عن نصف المبلغ المقدم لهم.
وقالت مصادر محلية لـ"وكالة المجس" إن إحدى الجمعيات التركية وزعت خلال الأيام الثلاثة الماضية، قسائم مالية تبلغ قيمتها 700 ليرة تركية، على سكان قرية معارة النعسان شمال غربي إدلب، والنازحين إليها، في إطار المساعدات الإنسانية المقدمة للمدنيين في ظل الظروف الإنسانية والاقتصادية الصعبة لمناطق شمال غرب سوريا.
وأضافت المصادر أن مسؤول الإغاثة في البلدة، قام بعد خروج الجمعية، بفرض قرار على المستفيدين من القسائم المالية،  ينص على التخلي عن نصف المبلغ لصالح دعم التنمية التي تقوم بها حكومة الإنقاذ في المنطقة التي تسيطر عليها تحرير الشام.
وأشارت المصادر إلى أن الأهالي والنازحين في البلدة، اعترضوا على مطالبتهم بتقديم نصف المساعدات المقدمة لهم لصالح حكومة الإنقاذ، وأكدوا أن المشاريع التنموية التي تحدث عنها المسؤول الإغاثي غير موجودة على أرض الواقع، وأن الخدمات التي تقدمها حكومة الإنقاذ للأهالي تتقاضى عليها مبالغ مالية بعكس ما يتم الترويج له على أنها خدمات مجانية مقدمة للأهالي.
ولفتت المصادر أن إصرار المسؤول الإغاثي على اقتطاع نصف المبالغ المقدمة للأهالي، زاد من حدة الاحتقان داخل البلدة، حيث احتج الأهالي بشكل كبير على القرار، وطالبوا حكومة الإنقاذ بتحسين الواقع المعيشي وتخفيض الأسعار أسوةً بمناطق سيطرة الجيش الوطني.
وكشفت المصادر أن هيئة تحرير الشام سارعت فور تطور الاحتجاج، وتقديم الأهالي عدة مطالب حول ضرورة تحسين الواقع المعيشي، إلى إرسال مسؤولين محسوبين عليها لتهدئة السكان، حيث قاموا بتبرير القرار على أنه اجتهاد شخصي من المسؤول الإغاثي، وباشروا بإعادة المبالغ المقتطعة إلى أصحابها.
وقال "أبو محمد" أحد سكان بلدة معارة النعسان، إن هيئة تحرير الشام وذراعها المدني المتمثل بحكومة الإنقاذ، عمدوا خلال السنوات الفائتة إلى سرقة مخصصات الأهالي من المساعدة، أو محاصصتهم بها في أفضل حال، مشيراً إلى أن العديد من المنظمات الإنسانية تقوم بتسليم المساعدات إلى المسؤولين الإغاثيين التابعين للهيئة، الذين يقومون بدورهم بسرقة نصف المبالغ أو جلها لصالح تحرير الشام وحكومتها.
وأضاف أبو محمد أن رفض الجمعية التركية تسليم المبالغ المالية لمندوبي الإغاثة في القرية، وإصرارها على القيام بمهمة التوزيع على الأهالي باليد، كشف عن حجم السرقات السابقة التي تعرض لها الأهالي على أيدي تحرير الشام وحكومة الإنقاذ، وأردف " قاسمونا كل شيء وتاجروا بمعاناتنا الإنسانية لرفد خزائنهم بالمال".
وتعاني مناطق تحرير الشام من تباين كبير بالأسعار، مقارنةً بالمناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المدعومة من أنقرة، وتُشير المصادر إلى وجود فرق كبير في أسعار الوقود والمواد الغذائية الأساسية بين المنطقتين، الأمر الذي دفع سكان المناطق المحاذية لسيطرة الفصائل للعمل بالتهريب، وسط محاولات حثيثة من الهيئة لمكافحة التهريب، حفاظاً على الموارد المالية لها، وخوفاً من احتجاج الأهالي على ارتفاع الأسعار.
وتعمل هيئة تحرير الشام على فرض سيطرتها على كافة القطاعات الاقتصادية والتجارية الهامة في شمال غرب سوريا،  حيث احتكرت الأذرع الإعلامية التابعة لها الإعلانات الطرقية في كافة مناطق شمال غرب سوريا، وذلك عبر شركة "المُبدعون السوريون" الخاصة، والمُتهمة بالتبعية الكاملة لتحرير الشام.
كما تحتكر تحرير الشام سوق مناقصات المقاولات، عبر شركتها "الراقي للإنشاءات" والتي تختص بتنفيذ مشاريع المقاولات المختلفة كإنشاء الكتل السكنية في المخيمات وشق الطرق وإنشاء الخزانات العالية لتزويد المناطق بالمياه، بحسب مصادر "المجس".
بينما تحتكر "وتد" سوق المحروقات، بمساندة من هيئة تحرير الشام، وتمنع الشركات الأخرى من أخذ تراخيص لمنافستها في مجال الوقود في مناطق إدلب وأجزاء من ريف حلب الغربي الواقع تحت سيطرة حكومة “الإنقاذ”، خوفاً من تقليل أرباحها ومن أجل التحكم في سوق النفط.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على كامل مدينة إدلب وريفها إلى جانب ريف حلب الغربي، وأجزاء من ريف حماه واللاذقية وتتمتع بشبكة اقتصادية كبيرة ومعقدة، إذ تُعتبر المعابر الحدودية من أكبر موارد الهيئة، وخاصة معبر باب الهوى الذي يعد البوابة الأبرز التي تغذي الهيئة بالموارد المالية.