محاضرة حول "اللامركزية " في مركز سوريا الديمقراطية بفيينا

عقد مركز سوريا الديمقراطية في العاصمة النمساوية فيينا،  مؤخراً ندوة حوارية للحديث عن تطورات الشأن السوري، والتطرق لأشكال الحكم التي مرت بها سوريا منذ خضوعها للدولة العثمانية وحتى اليوم.
وسجلت الندوة حضور عدد من المثقفين السوريين العاملين في المجال السياسي والمتواجدين في فيينا، وألقى الأستاذ عزت بغدادي خلال الندوة محاضرة بعنون " التجربة السورية على صعيد اللامركزية" تناول فيها مراحل التقسيمات الإدارية منذ الدولة العثمانية، والتغييرات التي حصلت عقب تقسيمات سايكس بيكو، والمراحل التي تطورت بها تجارب الحكم المحلي منذ إنشاء الدويلات الطائفية أيام الاستعمار الفرنسي، مرورا بقانون المحلية منذ العام 1973وصولا إلى القانون 107 لعام 2011.
و بدأ عزت بغدادي المحاضرة، باستعراض تاريخي عن اللامركزية كمفهوم تقني بالأصل، وقال إنه مفهوم يتعلق بإعادة هيكلية التنظيم والإدارة، وقد تم استخدامه بطريقة تسيسية أو سياسية.
وقال بغدادي أن مفهوم اللامركزية هو مبدأ يقوم على تفريع السلطة وعلى مستويين، الأول هو وضع السلطة في أصغر مستوى قادر على تحملها، أو لدية القدرة على تحملها، والثاني يقوم على مبدأ عدم ازدواجية المسؤولية، فنقل السلطة من مستوى أعلى إلى مستوى أدنى يجب أن لاتبقى في المستوى الأعلى.
وتابع بغدادي، عندما نتكلم عن نظام إداري لامركزي أو نظام  حكومي لامركزي، فهذا يعني أنّ الأطراف قادرة على تحمل أعباء الإدارة والتخطيط والتنظيم والحكم، وهذه المسألة لاتراعى عندما يتم الحديث عن مطالب سياسية.
وأشار بغدادي أن المصطلح استخدم بشكل تسيسي أواخر الدولة العثمانية بسبب المظلومية الطائفية، لكي تتمكن الأطراف بالتعبير عن رؤيتها في ظل النظام السلطوي القائم، وحتى يكون لها جزء من القرار. لذلك مازال يُنظر إلى استخدام المصطلح منذ ذلك التاريخ على أنه مطالبة بالانفصال وربطه بإضعاف شوكة الدولة.
وعلى صعيد التجربة السورية، ركزت المحاضرة على الإطار المفاهيمي للامركزية واستعراض التجربة السورية تاريخياً، حيث أشار بغدادي إلى أن أول تجربة للامركزية في سورية كانت خلال الاستعمار الفرنسي، عندما قسمت فرنسا سورية إلى تسع مناطق كنوع من الكونفيدرالية أو دويلات بسبب ما تتصور أنه ما يجري في سورية هو صراع طائفي شديد في بلد متنوع، ثم تحولت إلى أربع ” إدارات” هي دولة العلويين، ودولة الدروز، ودولة حلب، ودولة دمشق، إلى جانب دولة الأرمن في مناطق غازي عينتاب ولواء إسكندرون، التي لم تستمر بسبب الصراع العسكري مع الأتراك، وهو المشروع الذي فشل ولم ينجح.
كما ناقشت المحاضرة مع عدد من المثقفين السوريين كالدكتور تاور كم نقش والاستاذ بسام العيسمي والاستاذ كرم دولي والاستاذ محمود نجار والاستاذ علاء الخطيب ورياض درار، تجارب الادارة المحلية وطريقة تشكيلها وعلاقتها بالمعارضة العسكرية وإلائتلاف المعارض، والتحديات التي واجهتها وتأثيرات المانحين على عملها، وشارك الحاضرون بمداخلات أغنت الرؤية والأفكار المطروحة للوصول إلى رؤية مكملة لبناء مفهوم اللامركزية.
ورحب رياض درار الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية والذي يعمل كمدير للمركز بالحضور داعياً إلى أن تكون هذه اللقاءات المستمرة لما فيه خير لسوريا للخروج بكلمة سواء بين السوريين، والبحث عن مقاربات توحد الرؤى من أجل مستقبل سورية.
وقال درار إننا في مركز سوريا الديمقراطية بفيينا نعمل على سماع الرأي الآخر، لأننا بدون هذا الرأي لا يمكن لأي مشروع أن يكتمل، ومن بين هذه الآراء هو تكوين رأي عام نحو اللامركزية، وتشكيل لوبي دافع قادر على التأسيس لهذا المشروع في بلد واحد كسورية ، بحيث يجري العمل على توزيع هذه المشروع عبر المناطق وإدارة أهالي هذه المناطق نفسها بنفسها، بما يحقق التنمية المستدامة، وبالتالي تحقيق الديمقراطية التشاركية.