هل يقوم النظام السوري بعمل عسكري لاستعادة الطريق الدولي "M4"

لاتتوقف أطماع النظام السوري وخروقاته لاتفاقات وقف إطلاق النار المعقودة بين روسيا وتركيا، وبين الفينة والأخرى يحاول النظام بشتى الوسائل إحداث خرق على جبهات المعرضة السورية بالتسلل أرضاً والقصف المكثف جواً في رسائل واضحة تشير بنيته بدء عمل عسكري جديد يستهدف مناطق شمالي غربي سوريا.
وتكثر وسائل الإعلام الموالية في الآونة الأخيرة من الحديث عن طريق "M4" في رسالة واضحة على عزم النظام استرداده وطرد فصائل المعارضة المسلحة منه، حيث قالت صحيفة "الوطن" الموالية إن "الجيش السوري" استكملت استعداداته لشن عملية عسكرية محتملة في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الغربي لطرد فصائل المعارضة من جنوب الطريق الدولي "M4"، تمهيداً لافتتاحه أمام حركة المرور والترانزيت وفق تفاهمات قالت إنها ستكون روسية أميركية.
 وكشفت الصحيفة عن اجتماع سيعقد في جنيف بين مسؤول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي "بريت ماكغورك"، ونائب وزير الخارجية الروسي "سيرغي فريشنين"، والمبعوث الرئاسي الروسي إلى سورية "ألكسندر لافرنتييف"، سيتم من خلاله وضع الخطوط العريضة للتفاهمات التي تصب في خدمة الرؤية الروسية لحل مستدام في المنطقة، بعيداً عن الأجندة التوسعية للنظام التركي، حسب تعبيرها.
فيما قالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن النظام السوري أرسل في الأيام الأخيرة تعزيزات عسكرية شملت عدداً كبيراً من القوات النظامية والمليشيات المحلية وأخرى تابعة لإيران، إلى محاور التماس مع فصائل المعارضة السورية في إدلب، في تمهيد كما يبدو لبدء عمل عسكري في حال عدم التوصل لتفاهمات بين الروس والأتراك لاستعادة الحركة التجارية على الطريق الدولي "M4".
وأضافت المصادر أن النظام السوري استطاع حشد وإرسال تعزيزات كبيرة إلى مناطق سيطرته في ريف إدلب، وذلك بعد اتفاقات التسوية التي عقدها في درعا، والتي مكنته من التفرغ لملف الطريق الدولي وإرسال معظم قواته للقتال هناك في حال البدء بعمل عسكري بدعم روسي.
ويُعد الـ M4""، من أبرز الطرق الحيوية في سورية وهو ما يفسر إصرار النظام والروس على السيطرة عليه من خلال دفع فصائل المعارضة السورية شمالاً لكيلومترات عدة.
 ويبدأ M4"" من مدينة اللاذقية غربي سوريا، ثم يخترق ريف اللاذقية الشمالي الشرقي وصولاً إلى مدينة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي، ثم يمر بقرية فريكة قاطعاً ريف إدلب الجنوبي حيث يمر بالقرب من مدينة أريحا.
 وفي مدينة سراقب في ريف إدلب الشرقي، التي سيطر عليها النظام في الربع الأول من العام الفائت، يلتقي طريق M4"" مع طريق "M5" الآتي من مدينة حماة ليشكلا طريقاً واحداً باتجاه مدينة حلب.
 ويتجه الطريق M4"" من مدينة حلب إلى مدينة الباب في ريف حلب الشمال الشرقي، ومن ثم إلى منبج، حيث يمر بالقرب منها ويقطع نهر الفرات عبر جسر "قرة قوزاق" ليدخل منطقة شرقي نهر الفرات وصولاً إلى محافظة الحسكة في أقصى الشمال الشرقي من سورية.
وتشير مصادر "المجس" إلى أن الجيش التركي أنشأ قرابة 30 نقطة في جنوب الطريق M4""   وهو ما يعزز الرؤية حول وجود تفاهمات ركيكة بين الجانبين الروسي والتركي، حيث يرفض الأتراك أي عمليات عسكرية في الشمال الغربي من سورية الذي يضم أكثر من 4 ملايين، خوفاً من اندفاعهم تجاه الأراضي التركية في حال تقدم قوات النظام.
فيما تسيطر فصائل المعارضة المسلحة على عدد من القرى والبلدات التي يمر منها طريق الـ M4""
 وأبرزها" قمة النبي أيوب، البارة، كفرشلايا، بسامس، جوزيف، معراتا، أرنبة، بلشون، بليون، بلين، كنصفرة، الموزرة، كفرعويد، فريكة، إشتبرق، الناجية، أريحا، معربليت، كفرلاتا، منطف، أورم الجوز، كفرحايا، شنان، مرعيان، الرامي، إحسم، رويحة، بينين، فركيا، الفطيرة، سفوهن، فليفل، عين لاروز، وبلدات أخرى في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، بالإصافة لقرى في سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي.
وكانت موسكو وأنقرة قد توصلتا في آذار العام الفائت إلى تفاهم تم بموجبه تجميد العمليات العسكرية ووقف إطلاق النار في شمالي غربي سوريا، إلا أن عدة مصادر مطلعة أشارت إلى انزعاج موسكو من عدم استعادة الحركة على الطريق الدولي M4""  وفق ما نص عليه الاتفاق المعقود بين الرئيسين رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين بسبب تعقيدات ميدانية.
وتتهم موسكو على الدوام "المجموعات المتشددة"  بنسف الجهود تجاه فتح التجارة على الطريق الدولي، من خلال استهداف الدوريات الروسية التركية المشتركة على الطريق المذكور خلال العام الفائت.
 وتعد هذه المجموعات التي تصنفها موسكو باعتبارها "إرهابية" إضافة إلى هيئة تحرير الشام والتي تسيطر على جل الشمال الغربي من سورية، من الأسباب التي تحول دون التوصل لتفاهمات إقليمية حول مصير محافظة إدلب ومحيطها. كما يتخذها النظام وحلفاؤه ذريعة لاستهداف المدن والقرى.
وفي أواخر عام 2019 ومطلع 2020، حققت قوات النظام وبدعم جوي روسي تقدماً ميدانياً كبيراً على الأرض وسيطرت على أجزاء واسعة من أرياف حماة وإدلب وحلب، ولكن اتفاق موسكو جمد الأوضاع على الأرض، وثبت وقف إطلاق النا.
ومع عودة النظام السوري إلى التلميح بأنه سيعمل على استعادة كافة الأراضي الخارجة عن سيطرته، ومع الدعم الروسي له في مناطق إدلب المحكومة من قبل تحرير الشام، يبدو أن اتفاق موسكو في طريقه للانهيار مع عودة الطيران إلى التصعيد في ريف إدلب، بل وفي مناطق خاضعة للنفوذ التركي في ريف حلب الشمالي.