قسد تعتقل مدنيين بالطبقة بتهمة العمالة للنظام السوري ما علاقة حميدي الجربا بذلك

نفذت قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ليلة أمس السبت، حملة مداهمات طالت عدداً من الأشخاص بينهم نساء في مدينة الطبقة غربي الرقة، بحجة العمالة للنظام السوري.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن فرقاً من الوحدات الخاصة التابعة لـ"قسد"، يُقدر عددها بـ80 عنصراً وعشرة آليات عسكرية، أغلقت مداخل حي الإسكندرية في مدينة الطبقة، وقامت بمداهمة الحي بشكل فوري دون إخطار سابق للقوى الأمنية المتواجدة في المدينة.
وأضافت المصادر أن المداهمات استهدفت بالدرجة الأولى منازل لأشخاص من عشيرة "الوهب" التابعة لقبيلة شمر وذلك بتهمة تشكيل خلايا إرهابية تابعة للنظام السوري.
وبينت المصادر أن قوات قسد اعتقلت 3 نساء و24 شخصاً من أبناء العشيرة المذكورة، واقتادتهم إلى بلدة صرين التابعة لمدينة عين العرب، فضلاً عن اعتداءات بالضرب طالت عدداً من أصحاب المنازل المستهدفة، وحتى النساء، بتهمة عدم تنفيذ الأوامر وفتح الأبواب للجهات الأمنية بشكل فوري.
ولفتت المصادر أن قسد تعمدت نقل المعتقلين إلى مقرات استخباراتها في بلدة صرين، على الرغم من وجود سجون ومحاكم تابعة لها في مدينة الطبقة، وذلك تجنباً لحدوث اشتباكات أو استفزازات قد تؤدي إلى تفجر الأوضاع في مدينة الطبقة، ولرغبة قسد في إخضاعهم للتحقيقات بعيداً عن الوساطات العشائرية والمحسوبيات في مدينة الطبقة.
وتشن قوات سوريا الديمقراطية بشكل دوري حملات أمنية ممنهجة تستهدف المدن والقرى العربية، وتحرص قسد في حملات الاعتقال التي تنفذها على توجيه تهم العمالة للمدنيين في مسعى منها لشرعنة عمليات الاعتقال.
وفي منتصف تموز الفائت شنت قوات سوريا الديمقراطية حملة دهم طالت أحياء سكنية في مدينة الرقة شمال شرقي سوريا، واعتقلت 31 شخصاً بتهمة تشكيل خلايا تابعة للنظام السوري، وذلك بعد مداهمة أحياء المشلب والأندلس والإدخار.
وسبقها بأيام حملات دهم ممنهجة في مدينتي الرقة والطبقة وريفيهما، أعلنت خلالها قسد اعتقال خلايا تتبع للنظام دون إيضاح أي تفاصيل عن تلك العمليات، ودون بث اعترافات للمعتقلين
وترجح مصادر متطابقة في مناطق سيطرة قسد وتحديداً مدينتي الرقة والحسكة إلى أن الهدف الأساسي لقسد من عمليات الدهم والاعتقال التي تستهدف المكون العربي بشكل عام، والعشائر بشكل خاص، إلى رغبة قسد في احتواء وإخضاع العشائر العربية في الحسكة وعشيرة الوهب في الطبقة تحديداً لقربها من فصيل صناديد شمر التابع للشيخ "حميدي الجربا " وجيه عشيرة شمر العربية، الذي تخشى قسد من نفوذه في الحسكة وعلاقاته المتينة مع رأس النظام السوري بشار الأسد.
من هو حميدي الجربا وفصيل الصناديد
يترأسه شيخ مشايخ قبيلة شمر "حميدي دهام الهادي الجربا"، الذي شكل مطلع عام 2013 ما كان يسمى بـ"جيش الكرامة"، إثر سيطرة عدة فصائل على معبر اليعربية الحدودي مع العراق في محافظة الحسكة.
وفي عام 2015 بدل الجربا تسمية المليشيا التابعة له إلى "الصناديد" قبل انضمامه إلى "قسد"، التي تأسست بدعم من التحالف الدولي، بقيادة أميركا، أواخر عام 2015، من تحالف العديد من الفصائل العربية والكردية والتركمانية والأشورية.
تنقسم قوات الصناديد بحسب مصادر إعلامية إلى خمسة فصائل أبرزها فصيل “الياور” وفصيل “الذيب” وفصيل “أبو دهام” وفصيل “العمدة” وفصيل “حماد المناع” ويقدر عدد المقاتلين في هذه الفصائل مجتمعين بأعداد مختلفة تتراوح بين 3000- 4000 بين عامي 2014- 2016 إلا أن أغلب التقديرات الحالية تشير إلى أن قوات الصناديد تتراوح بين 400- 500 مقاتل.
خاضت قوات الصناديد معارك مختلفة مع قسد بدءاً من معركة منبج التي ساهموا فيها بألفي عنصر إلى معركة دير الزور وذلك تحت قيادة بندر دهام حميدي الجربا.
واقتصر تسليح قوات الصناديد في بداية تشكله على السلاح الشخصي الخفيف إلا أن هذا التسليح تغير إبان تحالف الجربا مع وحدات الحماية التي سيطرت على محافظة الحسكة بشكل شبه كامل فعين في منصب فخري حاكماً مشتركاً على مقاطعة الجزيرة إضافة إلى حصوله على أسلحة متنوعة ودعم مالي كبير لدفع رواتب عناصر فصيله.
ويواجه الجربا اتهامات عدة أبرزها أنه ما زال يحتفظ بعلاقاته الوثيقة مع نظام الأسد والروس والإيرانيين، وأنه بنفس الوقت يحتفظ بعلاقته مع الجانب الكردي في محافظة الحسكة، حيث كان الرئيس المشترك لإقليم الجزيرة ضمن مشروع الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا.
وكان حميدي زار القاعدة الروسية في حميميم مطلع العام 2019، عقب زيارة له إلى دمشق، حيث ظهر في شريط فيديو قال فيه إن هدفه من زيارة القاعدة "إنقاذ بلدنا مما هي فيه". وتعد محافظة الحسكة المعقل الرئيسي لقبيلة شمر العربية، والتي لها امتداد في العراق شرقاً وفي دول الخليج، وينتشر أفراد القبيلة في منطقة اليعربية في ريف مدينة القامشلي الشرقي على امتداد الشريط الحدودي بين سورية والعراق، إضافة إلى بعض القرى في محافظة الحسكة.
ولم تنقطع الصلة بين الجربا والنظام السوري، إذ لا يزال دائم التردد على منزله في العاصمة دمشق، وفق مصادر مقربة منه، ما يثير أيضاً مخاوف الأكراد في محافظة الحسكة في حال عودة التوتر مع النظام في المحافظة التي تضم أبرز القبائل العربية في سورية، ومنها الجبور، وطي، والعدوان، والبقارة.
كما يحتفظ حميدي الجربا بعلاقة مميزة مع قيادة إقليم كردستان العراق، وهو ما يثير مخاوف قسد من إيجاد صلة بين مليشيا الصناديد وقوات البشمركة السورية في حال أصر الجانب الأميركي على إعادتها من معسكراتها في شمال العراق إلى الشمال الشرقي من سورية.
حملات مشابهة بتهمة العمالة لتركيا
تشن قوات سوريا الديمقراطية بين الحين والآخر حملات اعتقالات تستهدف المدنيين في مناطق سيطرتها، ووفقاً لعدة مصادر تحرص قسد في كل حملة اعتقال على إطلاق ذرائع ترتبط بالخيانة والعمالة فمن العمالة إلى
النظام السوري، إلى الارتباط بخلايا تنظيم الدولة، وأخيراً العمالة للأتراك.
وفي 17 أيلول الفائت شنت قوات سوريا الديمقراطية، حملة دهم طالت منازل لمدنيين في منطقة الطبقة غربي الرقة، وألقت القبض خلالها على 20 شخصاً بتهمة العمالة للمخابرات التركية.
وكشفت وكالة " المجس" في تقريرٍ سابق، أن المداهمات ركزت على حيي المقاسم والإسكندرية بالإضافة إلى قرية الصفصاف والمنصورة ومنطقة الجرنية غربي الرقة .
وأضاف التقرير أن قوات سوريا الديمقراطية قامت بنشر صور تحتوي على مجموعة من الأوراق الرسمية الصادرة عن الهجرة التركية كـ"بطاقة الكيملك"، وبعض الوثائق الأخرى التي تحوي علم الثورة السورية، كمسوغ للاعتقال واتهامهم بالتعامل مع الاستخبارات التركية.
فيما بررت قوات سوريا الديمقراطية أسباب الحملة بأنها تهدف لجمع الأسلحة من منازل المدنيين، وأضافت في بيانٍ صادرٍ عنها أنه "وفي إطار الفعاليات المستمرة لضبط الأمن، وملاحقة الخلايا الإرهابية، والعابثين بأمن
واستقرار المنطقة، ألقت الوحدات الخاصة في قوات سوريا الديمقراطية، خلال عملية أمنية دقيقة ومحكمة، القبض على عشرين مرتزقاً ارتكبوا أعمالاً تخريبية تخل بأمن المنطقة وسلامة الأهالي. وذلك في منطقة الطبقة والضواحي المحيطة بها".
وأرجع البيان العملية إلى معلومات استخباراتية حاسمة، مضيفاً " خلال الفترة الماضية استهدفت بعض الأوكار التي كان المرتزقة يستخدمونها في التخطيط لعملياتهم وضبطت الوحدات كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة، وكذلك وثائق وأجهزة اتصالات وألبسة عسكرية متنوعة، كان المرتزقة يستخدمونها في التمويه والاعتداء على الأهالي"، بحسب البيان
كما أعلنت قسد خلال البيان عثور الوحدات المختصة على وثائق رسمية صادرة من تنظيمات تابعة للمخابرات التركية، كانت بحوزة بعض المعتقلين، مضيفةً أن التحقيقات الأولية أظهرت صلة هؤلاء بالمخابرات التركية والجيش الوطني السوري وتلقيهم التعليمات من تلك الجهات.
واتهمت قسد المعتقلين الذين وصفتهم بـ"المرتزقة"، بانتحال شخصيات لمقاتلين في قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي، والاعتداء على الأهالي وممتلكاتهم في مدينة الطبقة، مشيرةً إلى أن قوى الأمن الداخلي فتحت العديد من التحقيقات لملاحقة المخربين بالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية قد اعتقلت في مطلع تموز الفائت، 11 شاباً بعد وصولهم من تركيا إلى الرقة لقضاء عطلة عيد الأضحى بتهمة العمالة لتركيا.
وتركزت الاعتقالات حينها في حي التوسعية والرميلة والمشلب بمدينة الرقة، حيث تم نقل المعتقلين إلى سجن عايد غربي الرقة، حيث دخلوا إلى مناطق سيطرة قسد بطريقة غير شرعية عبر طرق من منطقة نبع السلام بسبب عدم وجود ممرات رسمية أو معابر يسمح بالعبور منها.