بأيادٍ إيرانية: مؤتمر لشق القبائل العربية في مدينة القامشلي

تعمل الميليشيات الموالية للنظام السوري، وعلى رأسها تلك المرتبطة بالإيرانيين، منذ دخول النظام إلى مناطق سيطرة قسد وفق تفاهمات كردية روسية، على بناء علاقات مع العشائر المحلية في شرقي البلاد لإثارة الفوضى وكسب حاضنة شعبية إضافية تعزز وجودها هناك.
ونجحت إيران خلال السنوات الفائتة إلى حدٍ ما، في بناء علاقات وثيقة مع قادة بعض العشائر العربية المنتشرة في الحسكة والرقة ودير الزور والقامشلي، كما استطاعت بفضل تلك العلاقات تجنيد عدد كبير من أبناء العشائر العربية في صفوف ميليشياتها.
ويعمل الإيرانيون حالياً على شق صفوف القبائل العربية عبر استمالة بعض الشخصيات ذات السطوة والقوة، ودعمها لتأسيس جماعات وعشائر غير مرتبطة بالقبائل العربية تحت عدة ذرائع وحجج بعضها يحمل الطابع الديني والآخر يحمل طابعاً سياسياً.
مؤتمر في القامشلي لشق قبيلة طي
كشفت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" في مدينة القامشلي، عن مؤتمر مزمع انعقاده، يوم الجمعة القادم، يضم وجهاء من عشيرة بني سبعة، بينهم قيادي بارز في ميليشيا الدفاع الوطني وعضو حالي بمجلس الشعب التابع للنظام  السوري.
وأضافت المصادر أن المؤتمر المقرر انعقاده سيجري في قرية أبو توين بمنطقة القامشلي، التي تعتبر من مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي "ب ي د"، وذلك بدعم كامل من الإيرانيين في المنطقة بهدف انفصال المجتمعين عن قبيلة طي العربية.
وأشارت المصادر إلى أن الإيرانيين استعانوا بالمدعو "حسين الحجي"  لتنفيذ مخطط يهدف إلى  شق صف قبيلة طي، عبر الانشقاق بجزء من عشيرة بني سبعة لتشكيل قبيلة منفصلة عن طي بحجة انتساب بني سبعة إلى "آل البيت"، موضحةً أن الخطة مدعومة من طهران عبر أحد قادة الحشد الشعبي وهو الشيخ "خضر الفرحان العباوي السبعاوي الحسيني"، مبينةً أن الحسيني هو المتحدث باسم "حشد عشائر كركوك"، وسيكون أحد الحضور بالمؤتمر.
ولفتت المصادر أن عضو مجلس الشعب والقيادي في ميليشيا الدفاع الوطني "حميد الأسعد"  حصل على المؤتمر من إيران، كما عمد لتوزيع سلل غذائية ومبالغ مالية على عائلات الدفاع الوطني وبشكل خاص قتلى الميليشيا في الاشتباكات الأخيرة مع ميليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي "ب ي د" في حارة طي بالقامشلي، بهدف كسب ولائهم المطلق.
وأضافت أن عراب المؤتمر هو رجل إيران بالقامشلي المدعو "سالم الهلوش" القائد في الدفاع الوطني وكتائب البعث كما يقود كتيبة تابعة لحزب الله اللبناني وله أخ قتل على يد "قوات الاسايش" في معارك حارة طي الاخيرة، لافتةً إأن المؤتمر خصص شعار يحمل رموز طائفية تحمل بصمات إيران، إضافة لحضور ممثل عن الحشد الشعبي.
وتنتشر القبائل العربية على رقعة واسعة من الجغرافية السورية، وترتبط معظم العشائر العربية ببعضها بصلاة قرابة محلية وقد تكون عابرة للحدود أحياناً، وتعتبر العشائر السورية من أبرز مكونات الشعب السوري، وتمثل مانسبته 50% من السكان السوريين.
ويتركز القسم الأكبر من العشائر السورية شمالي شرق سوريا، حيث تمثل محافظات دير الزور والحسكة والرقة الثقل الأكبر لوجود العشائر السورية، كما تنتشر العشائر في محافظتي درعا والقنيطرة جنوباً وريفي إدلب وحلب شمالاً إلى مدينة حماة وسط البلاد، فيما تعتبر حمص من أكثر المدن السورية التي يسكنها أبناء العشائر وينتشرون في معظم أحيائها.
وحرصت القوى المتواجدة في شمال شرق سوريا على إقامة علاقات مع العشائر العربية لإدراكها أهمية المكون العربي في تلك المناطق والذي يستطيع ترجيح كفة القوى في حال انخراطه بالأعمال العسكرية الدائرة هناك.
العشائر العربية وعلاقتها بالنظام والحلفاء
يسعى النظام السوري لاستمالة العشائر العربية ويعول عليها تعويلاً كبيراً في إظهار نفسه بمظهر النظام المتمتع بحاضنة شعبية وخصوصاً في مناطق الحسكة التي يفوق فيها وجود قوات قسد وجود النظام بأضعاف، حيث يقتصر تواجد الأخير على بعض الأحياء في المدينة والمربع الأمني الذي سبق وأن حاصرته قسد مطلع العام الجاري، وانتهى حصارها له برضوخ النظام لشروط قسد.
ويعمل النظام على توسيع نفوذه وتعزيز وجوده العسكري من خلال الاعتماد على القبائل العربية في محافظة الحسكة الخاضعة لسيطرة قسد المدعومة من الولايات المتحدة، ويبدو أن جهود النظام المزعومة مدعومة من قبل حلفائه، روسيا وإيران، اللذان يعلقان أهمية كبيرة على المناطق الاستراتيجية في شمال شرقي سوريا الغنية بالموارد النفطية.
وتعمل إيران وروسيا على تأمين الوسائل اللازمة للنظام لحماية وجوده في مواجهة قسد والولايات المتحدة ومنع أي محاولة لتقييده وطرده من المنطقة، واتضحت هذه الجهود بعد أن اندلع التوتر في محافظة الحسكة بين النظام السوري وقسد مطلع عام 2021، عندما فرضت قسد حصاراً على النظام في الجيوب الأمنية في الحسكة والقامشلي.
أحداث الحسكة الأخيرة ألهمت النظام بضرورة التحول إلى عشائر الحسكة، وإطلاق الدعوات الجادة لها، بضم المزيد من رجال القبائل العربية الموالية للنظام في الحسكة في صفوف الميليشيات وتسليحها.
وأعلنت ميليشيات الدفاع الوطني، التابعة للنظام السوري عن تخريج دفعة مقاتلين في مدينة القامشلي ونشرت في 8 نيسان الفائت على صفحتها على فيسبوك صوراً لقادة عسكريين ومقاتلين يؤدون عرضاً عسكرياً مع تعليق كتب عليه: "بحضور القيادة السياسية والعسكرية وشيوخ العشائر في محافظة الحسكة، تخرجت دفعة من مقاتلي الدفاع الوطني بينهم 400 قاموا بتدريبات بالذخيرة الحية في قرية الحاج بدر بريف القامشلي.
بينما أشارت وكالة سانا التابعة للنظام السوري، في 8 نيسان إلى أن أهالي ريف القامشلي الجنوبي نصبوا ''خيمة وطن" في قرية الحاج بدر دعماً للانتخابات الرئاسية ورفضاً للاحتلال الأمريكي والتركي، في ترويج واضح لدعم العشائر العربية انتخاب بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية التي جرت في أيار، وجرى خلال الحفل تخريج 400 مقاتل من أبناء العشائر.
ومع تخريج دفعات من الدفاع الوطني في مدينة الحسكة روج النظام السوري لأخبار تفيد بوجود إقبال كبير من القبائل العربية للالتحاق بصفوف القوات العسكرية المساعدة للجيش العربي السوري، حيث أعلن أنها بصدد تخريج دورات عسكرية جديدة أغلبها من أبناء العشائر وسيكون قوامها أكثر من 1000 مقاتل.
وفي 8 كانون الأول 2020 تخرج 200 متطوع في صفوف ميليشيات الدفاع الوطني في القامشلي، وكان المتطوعون الجدد في صفوف الدفاع الوطني ينتمون إلى عدة قبائل عربية موالية للنظام، وأهمها عشيرة الطي، بالإضافة إلى بضعة متطوعين من قبائل عدوان والبكارة والجبور.
ويعمل النظام السوري في الحسكة على استمالة وتسليح العشائر لمواجهة قسد إذا اندلع توتر مماثل في المحافظة قد يفضي إلى طرده، وتساعده روسيا وإيران في بناء شبكة علاقات مع العشائر للاستفادة من سلطتهم إذا لزم الأمر.
ومن خلال تجنيد رجال القبائل تهدف إيران وروسيا إلى بناء جيش قبلي للسيطرة على المحافظة في حال الانسحاب الأمريكي المفاجئ، فضلاً عن أن الدعم الروسي والإيراني للنظام في المنطقة يندرج ضمن إطار تنافسهما مع الولايات المتحدة على أهم مناطق الثروات الطبيعية في سوريا.