"النفط مقابل الغذاء" هل تشهد سوريا سيناريو مشابه للعراق

تحاول شركة "غلف ساندز بتروليوم" البريطانية التي عملت في إنتاج النفط في سوريا قبل عام 2011، العودة للاستثمار مرة أخرى في ذات المجال، لكن وفق رؤية جديدة مشابهة للسيناريو الذي شهده العراق في فترة حكم الرئيس الأسبق "صدام حسين" والتي نصت على مبدأ "النفط مقابل الغذاء".
وبحسب العضو المنتدب للشركة "جون بيل" فإن رؤية الشركة تتمحور، في أن يتم استخراج النفط من سوريا على أن تكون عائداته للأمم المتحدة من أجل تمويل المساعدات الإنسانية وليس للنظام السوري.
وأضاف لموقع "المونيتور" الأمريكي، أن المقترح الذي ستعود الشركة بموجبه إلى الاستثمار في النفط السوري في شمالي شرق سوريا، يتمحور في أن توضع تلك الأموال في صندوق يدار دولياً من أجل تمويل المشاريع الإنسانية والاقتصادية والأمنية في جميع أنحاء البلاد لصالح الشعب السوري.
وشدد بيل على أن الأموال يجب أن توضع بطريقة متوافقة مع العقوبات، وأيضاً بالتوافق مع المجتمع الدولي وأصحاب المصلحة من السوريين، بالتماشي مع القرار الدولي 2258.
ولفت بيل أن المناقشات جارية في مرحلتها الأولية مع المسؤولين المعنيين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية ومسؤولي وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية في المملكة المتحدة، مبيناً أن نحو ثلث العائدات ستعود إلى مقاولين وشركات نفط دولية.
وأوضح أن المبادرة المذكورة، ستتطلب موافقة الأطراف المعنية في إشارة إلى النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" إضافة إلى موافقة أخرى من شركات نفط دولية.
وبيّن أن المقترح سيتطلب أيضاً دعم الحكومات الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا وتركيا والجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى، مشيراً إلى أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال المنتديات الدولية مثل الأمم المتحدة.
وبحسب الشركة فإن الفكرة جذابة مع مستقبل سوري غير متوقع وتركيز المانحين الدوليين على أوكرانيا، وتفاقم حالة عدم اليقين مع سياسة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي تتمحور حالياً حول عزل النظام ومنع تنظيم الدولة من العودة، مشددةً على أن سياسية الرئيس الأميركي لا تقدم أي بديل متماسك مع رفضها دعم التطبيع مع النظام السوري، وعدم الدفع باتجاه تغيير النظام السوري.
وتُقدر الشركة أن صناعة النفط والغاز في سوريا، يُمكن أن تنتج 500 ألف برميل يومياً، بعد أن يتم تطويرها وإعادة بنائها، الأمر الذي سيعود ب20 مليار دولار سنوياً بالنظر إلى أسعار النفط العالمية اليوم.
فيما أشار عدد من الدبلوماسيين إلى أن برنامج النفط مقابل الغذاء الذي كان في العراق تشوبه العديد من الثغرات، مؤكدين أن الرئيس الأسبق "صدام حسين" كان يستخدمه كوسيلة للغش والسيطرة، إلا أن الشركة البريطانية تُصرّ على اقتراحها ومدى نجاحه حيث قال بيل: "نعتقد أن مبادرتنا لها العديد من الاختلافات عن برنامج النفط مقابل الغذاء العراقي المشؤوم، على الرغم من أننا سنضمن بالطبع دمج أي دروس مستفادة من هذا البرنامج في مبادرتنا".
من جانبها لم تصدر قوات سوريا الديمقراطية أي تعليق رسمي على الاقتراح البريطاني،  إلا أن إلهام أحمد الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطي الذراع المدني لـ"قسد" قالت في لقاء شاركت به، إن هناك الكثير من التكهنات في قطاع النفط وأنه لم يتم إقرار أي شيء بعد.
وشككت أحمد في أن تقبل الولايات المتحدة بمقترح الشركة البريطانية، وذلك بسبب الضرر الذي سيطال سمعتها حول العالم واتهامها بأنها تسوق لسرقة الموارد الطبيعية السورية لا سيما وأن المردود الاقتصادي في تلك العملية سيكون محدودًا للغاية بسبب صغر حجم البلوك وموارد سوريا النفطية عموماً.
خسائر تجاوزت 100 مليار دولار
وكانت حكومة النظام السوري، قد أعلنت في شباط الفائت، عن خسائر تجاوزت 100 مليار دولار في قطاع النفط السوري منذ عام 2011، مبينةً أن النظام خسر 8 مليارات دولار في عام2021.
وقالت وزارة النفط التابعة لحكومة النظام ، إن إنتاج النفط خلال 2021 بلغ حوالي 31.4 مليون برميل بمتوسط إنتاج يومي 85.9 ألف برميل، يصل منها إلى مناطق سيطرة النظام السوري 16 ألف برميل يومياً، فيما اتهمت الوزارة القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" بالاستحواذ على 70 ألف برميل بشكل يومي من حقول المنطقة الشرقية.
وأضافت الوزارة أن إنتاج الغاز الطبيعي في سوريا بلغ حوالي 4.5 مليارات متر مكعب بمعدل إنتاج يومي بلغ 12.5 مليون متر مكعب مبينةً أنه يحوي 12 مليون متر مكعب يومياً من الغاز النظيف.
وفي آذار الفائت، كشف وزير النفط والثروة المعدنية لدى النظام السوري "بسام طعمة"، أن الخسائر الإجمالية لقطاع النفط في سوريا، تجاوزت 92 مليار دولار.
وأشار طعمة حينها إلى أن المناطق الخاضعة لسيطرة "الاحتلال الأميركي" تحوي ما يزيد عن 90 في المئة من الاحتياطي النفطي لسوريا، متهماً الأميركيين و"أتباعهم" بأنهم يتصرفون تصرف القراصنة في استهداف الثروة النفطية السورية، وبواخر الإمدادات إليها.
ويشكل قطاع النفط في سوريا حالياً العبء الأكبر على اقتصاد النظام السوري، بسبب خروج معظم المناطق النفطية في سوريا عن سيطرة النظام السوري ووقوعها تحت سيطرة تنظيم الدولة سابقاً وميليشيات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والتحالف الدولي حالياً.