بروكسل 6: المخرجات والمواقف الدولية

شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل، في التاسع من أيار الجاري، انطلاق مؤتمر "دعم مستقبل سورية والمنطقة" في دورته السادسة بمشاركة ممثلين عن حكومات ومنظمات دولية وإقليمية، ومنظمات المجتمع المدني، بهدف جمع مساعدات مالية من المانحين لدعم برنامج المساعدات الأممية لملايين اللاجئين السوريين في دول الجوار.
وأشار الاتحاد الأوروبي في بيانٍ له إلى أن مؤتمر بروكسل، الذي سيعقد على مدى يومين، سيعمل على حشد الدعم المالي الضروري لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين والمجتمعات المُضيفة لهم في البلدان المجاورة، ومتابعة وتعميق الحوار مع المجتمع المدني، كما سيكون المؤتمر الحدث الرئيسي لإعلان التعهدات لسوريا والمنطقة في عام 2022.
وعُقد خلال اليوم الأول من المؤتمر، ثلاث جلسات ناقش فيها المشاركون عدة قضايا أبرزها، إفساح المجال للأصوات السورية، ما يريده الشباب السوري - التمكين السياسي والاجتماعي والاقتصادي للشباب السوري في سوريا وبلدان الشتات، المعونة الغذائية والأمن الغذائي.
وخلال الجلسة الأولى المخصصة للأصوات السورية، طالب الناشط "وسيم الحاج" عضو الهيئة العامة الثورية لمدينة حلب، أن يطبق التوزيع المبني على الاحتياج بشكل حيادي، ولا يجوز تركيز المساعدات في منطقة على حساب منطقة أخرى، كما لا يجوز حرمان مناطق لاعتبارات سياسية.
وأضاف الحاج أن المجتمع المدني في الداخل السوري "يدعو إلى دعم مشاريع التنمية المستدامة في جميع المناطق وخاصة في شمالي سوريا، لما سيسهم هذا الدعم في تحقيق الاستقرار في المنطقة"، موضحاً أن "90% من السوريين في الداخل السوري لديهم الرغبة في الهجرة إلى أوروبا في حال سنحت لهم الفرصة بذلك".
فيما دعا المدير التنفيذي لمنظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" بسام الأحمد إلى "مراقبة تنفيذ آلية لمراقبة مشاريع المساعدات من أجل حماية أملاك وأراضي السكان الأصليين وعدم استثمارها من قبل غير أصحابها أو إنشاء قرى أو مناطق سكنية فيها، بالإضافة إلى ضمان عدم إلحاق الضرر بهم".
وأضاف أن الهدف من هذه الآلية هو "ضمان عدم إحداث تغيير ديموغرافي، ناهيك عن إمكانية استفادة جهات أو أفراد فاسدين لدى جميع الأطراف من الأموال المقدمة من الأمم المتحدة والمانحين الذين عليهم ضمان وصول هذه الأموال والمساعدات للمحتاجين الحقيقيين".
وفي الجلسة الثانية المخصصة للحديث عن واقع ومستقبل الشباب السوري، قال المدير الإقليمي لـ"صندوق الأمم المتحدة للسكان/ UNFPA" لؤي شبانة إن "أكثر من 95% من الشباب الخريجين في سوريا يفكرون في الخروج منها، وأضاف أن أغلب الشباب السوريين انخرطوا في النزاعات المسلحة والأعمال العسكرية لأسباب مالية، مطالباً بإجراء تخطيط ودعم طويل الأمد ومستمر لتمكين السوريين الشباب.
ودعا المجتمع الدولي إلى دعم الأنشطة الإنسانية التي تشرف عليها النساء السوريات، قائلاً: "حان الوقت لأن يضع مؤتمر بروكسل السادس المنظمات النسائية في صلب العمل الإنساني، بما في ذلك في عمليات التخطيط واتخاذ القرار"، مردفاً: "مناطق سوريا تعتمد على نسائها وهو ما يزيد من أهمية تمكينهن في مختلف المجالات".
وبحسب البيان الختامي للمؤتمر فإن الجزء الأكبر من المبلغ "4.3 مليار يورو" سيُجمع هذا العام، في حين سيُقدم الجزء المتبقي "2.4 مليار يورو" العام المقبل 2023.
وأكد المانحون أن هذا المبلغ لن يشمل تمويل إعادة الإعمار والبنى التحتية في سوريا، ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي يتماشى مع قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، وقال مفوض السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي "جوزيب بوريل"، إن 90% من الشعب السوري يعيشون في فقر، و60% لا يستطيعون الحصول على الغذاء بشكل منتظم.
وتهدف مؤتمرات بروكسل إلى مواصلة دعم الشعب السوري في بلده والمنطقة، وحشد المجتمع الدولي لدعم حل سياسي شامل وموثوق للصراع السوري، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، بحسب الاتحاد الأوروبي.
المساعدات المقدمة والدول المانحة
وخلال المؤتمر، أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومانحون دوليون عن تخصيص مساعدات تزيد عن 5 مليارات دولار لدعم الشعب السوري خلال مؤتمر بروكسل، والذي يهدف لجمع الدعم المالي لصالح سوريا والدول التي تستضيف اللاجئين السوريين.
وقد أعلنت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة عن تخصيص بلادها 800 مليون دولار لدعم الشعب السوري.
كما قال مفوض السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل -في كلمة له خلال مؤتمر بروكسل السادس حول "دعم مستقبل سوريا والمنطقة"- إن المفوضية تعهدت بتقديم 3 مليارات دولار لدعم سوريا، وأضاف أن الاتحاد الأوروبي لن يخفف العقوبات المفروضة على نظام بشار الأسد ولن يطبع علاقاته معه قبل أن يستطيع السوريون العودة إلى ديارهم.
وأردف قائلا إن "90% من شعب سوريا يعيشون في فقر، في حين يفتقر 60% منهم للأمن الغذائي"، مشيرا إلى ثقل العبء الذي تتحملّه دول مثل تركيا ولبنان والأردن ومصر والعراق لكونها دولا تستضيف لاجئين سوريين.
من جانبها، تعهدت ألمانيا بتقديم مايزيد عن مليار و300 مليون دولار لدعم الشعب السوري، كما أعلنت قطر عن تخصيص 50 مليون دولار لدعم الشعب السوري، وذكر بيان لوزارة الخارجية القطرية أن الإعلان جاء خلال كلمة محمد بن عبد العزيز الخليفي مساعد وزير الخارجية للشؤون الإقليمية أمام مؤتمر بروكسل.
وأشار الخليفي، وفق البيان، إلى أن "المساعدات القطرية للسوريين تجاوزت منذ بداية الأزمة ملياري دولار أميركي سواء من خلال المساعدات الحكومية أو من خلال منظمات المجتمع المدني والجمعيات الإنسانية والخيرية والمؤسسات المانحة القطرية".
وأضاف "تؤكد دولة قطر على أن المساءلة ومنع الإفلات من العقاب عنصران أساسيان لردع استمرار أو تكرار ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وعاملان مساعدان على تحقيق المصالحة والسلام المستدام ووضع حد للأزمة السورية التي طال أمدها".
ووفقاً لآخر البيانات فإن التعهدات جاءت على الشكل التالي:
النرويج: 155 مليون يورو

إيطاليا: 45 مليون يورو

فنلندا: 25 مليون يورو

أيرلندا: أكثر من 20 مليون يورو

بلجيكا: 27 مليون يورو

النمسا: 15 مليون يورو

هولندا: 154 مليون يورو

كوريا الجنوبية: 3.4 ملايين دولار

بلغاريا: 11 مليون يورو، مع وعد بتقديم 45 مليون يورو عبر المنظمات الدولية.

أستراليا: "قدمنا 25 مليون دولار إضافي في عامي 2021 و2022 لدعم السوريين والمجتمعات المضيفة لهم في دول الشتات".

فرنسا: 57 مليون يورو.

إستونيا: 310 آلاف يورو.

البرازيل: 100 ألف دولار.

اليونان: 100 ألف يورو.
الأمم المتحدة ومؤتمر بروكسل
من جانبه، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، "مارتن غريفيث"، إن النداء الذي أطلقته الأمم المتحدة لخطة الاستجابة الإنسانية في سوريا أكبر نداء على الإطلاق للأزمة السورية، مشيراً إلى أن هناك أكبر عدد على الإطلاق من الأشخاص المحتاجين.
وفي إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي حول الوضع الإنساني في سوريا، شدد غريفيث على "أهمية أن تتحول تعهدات المانحين في مؤتمر بروكسل السادس حول سوريا إلى مساعدات فعلية، داعياً إلى تجديد تفويض مجلس الأمن الدولي لآلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود.
وأضاف المسؤول الأممي أن الافتقار إلى تمويل هذا النداء يعني أننا سنضطر إلى الاختيار بين الأولويات في استجابتنا، وسنضطر إلى اختيار خيارات صعبة، مشيراً إلى أن "1.9 مليون شخص إضافي قد يسقطون في براثن الجوع بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية وآثار الأزمة الأوكرانية".
وأوضح غريفيث أن برنامج الأغذية العالمي أنذر أنه سيقلص برامجه أكثر في تموز المقبل، بسبب الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية وتراجع مستويات التمويل، ما يؤدي إلى نتائج كارثية على الشعوب التي تعول على مساعدة البرنامج.
وأكد على أن " الوقت جوهري بالطبع، ولذلك فإن التعهدات السخية التي أعلن عنها في بروكسل يجب أن تحول في أسرع وقت ممكن إلى مساعدات فعلية.
روسيا ومؤتمر بروكسل
بدورها انتقدت روسيا عدم دعوة موسكو ودمشق لمؤتمر "دعم مستقبل سوريا والمنطقة" في نسخته السادسة والذي عقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، واعتبرته بأنه تجمع لـ "شلَّة" من الغربيين من دون تقديم أي قيمة مضافة.
وقالت الخارجية الروسية في بيانٍ لها،  إن الأهداف المعلنة من قبل منظمي المؤتمر لا تزال ثابتة، أي مواصلة دعم السوريين في بلدهم والمنطقة من خلال التفاف المجتمع الدولي حول عملية سياسية شاملة وذات مصداقية بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 2254، وكذلك تسوية التحديات الإنسانية الأكثر شدة، منها تلبية احتياجات اللاجئين السوريين الأردن ولبنان وتركيا ومصر والعراق".
وأضاف بيان الوزارة أن "الاتحاد الأوروبي تقليدياً يحاول تحقيق هذه الأهداف دون التعاون مع حكومة النظام السوري ودون دعوة ممثليها إلى المؤتمر، كما قررت بروكسل الذهاب أبعد من ذلك في عدم توجيه الدعوة لحضور الفعالية إلى المسؤولين الروس الذين سبق أن شاركوا في مؤتمرات المانحين بشأن سوريا.
وأشارت الخارجية الروسية إلى أن هذا القرار دفع قادة الأمم المتحدة إلى التخلي عن صفة الرئيس المشارك للمؤتمر والاكتفاء بحضوره على مستوى الخبراء فقط، مشددةً على أن مؤتمرات بروكسل تنزلق أكثر فأكثر إلى التسييس المتهور للقضايا الإنسانية حصراً.
وحمل البيان المنظمين الغربيين المسؤولية عن "بذل قصارى الجهد بالفعل بغية منع عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم بغض النظر عن التدهور المؤسف للظروف الاجتماعية والاقتصادية وظروف المعيشة في الدول التي تستضيفهم.
واتهم البيان واشنطن وبروكسل بخنق السوريين العاديين بعقوبات غير قانونية أحادية الجانب واحتلال أراضي شرق الفرات والتنف والمشاركة في نهب الموارد الطبيعية لسوريا وتلويث البيئة، إضافةً إلى إعاقة تطبيق المشاريع الخاصة بالمرحلة المبكرة من إعادة إعمار سوريا، من خلال طرح شروط سياسية مسبقة، منها تمديد الآلية الخاصة بنقل المساعدات عبر الحدود والتي تقوض سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
النظام السوري ومؤتمر بروكسل
بدورها قالت وزارة الخارجية في حكومة النظام السوري إن عقد مؤتمر بروكسل السادس لا يتفق مع مبادئ الأمم المتحدة الناظمة للعمل الإنساني، مشيرة إلى أن المؤتمر تعمد تسييس موضوع المساعدات الإنسانية.
وأضافت الخارجية السورية أن هذه المؤتمرات "لا تعكس أي حرص حقيقي على مساعدة الشعب السوري واستعادة حقوقه"، واتهمت دولاً منظمة لهذه المؤتمرات أو مشاركة بها بأنها تحتل أو تدعم احتلال جزء من الأراضي السورية، وتنهب ثرواتها، ولا سيما النفط والقمح والقطن بالتواطؤ مع ميليشيات انفصالية"، في إشارة واضحة للولايات المتحدة الأمريكية وتركيا.
وأشار البيان إلى أن مؤتمرات بروكسل "تعمدت تسييس موضوع المساعدات الإنسانية لسوريا وربطه بشروط سياسية مسبقة لا علاقة لها بمتطلبات وأهداف العمل الإنساني بما في ذلك عرقلة عملية إعادة الإعمار وتنفيذ مشاريع الصمود والتعافي المبكر وعرقلة عودة اللاجئين والإصرار على عدم دعمهم داخل سوريا بعد عودتهم إليها".
واعتبرت أن "ما يؤكد مدى التسييس لهذا الموضوع هو عدم دعوة الاتحاد الروسي أو الدول الأخرى ذات الموقف المتوازن إلى المشاركة لأسباب سياسية بحتة لا علاقة لها أصلاً بالوضع في سوريا".
الأونروا ومؤتمر بروكسل
دعت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لدعم لاجئي فلسطين في سوريا والدول المجاورة، مشيرةً إلى أن 440 ألف فلسطيني داخل سوريا و50 ألفاً في لبنان والأردن يعيشون تحت خط الفقر.
وخلال مشاركتها في مؤتمر "دعم مستقبل سوريا والمنطقة"، في العاصمة البلجيكية بروكسل، قالت "أونروا" إن "نحو 440 ألف لاجئ فلسطيني ما زالوا يعيشون في سوريا و50 ألفاً آخرين في الأردن ولبنان، بعد أن فروا من النزاع بحثاً عن الأمان".
وأشارت المنظمة الأممية إلى أن "معظمهم يعيشون تحت خط الفقر، ويواجهون تحديات يومية هائلة، بما في ذلك صعوبة الحصول على الغذاء الكافي لإطعام أنفسهم وأسرهم.
وعن اللاجئين الفلسطينيين داخل سوريا، قال المفوض العام لوكالة "الأنروا"، فيليب لازاريني، إنهم "يعيشون في ظروف صعبة، بعضهم عاد إلى منازله المدمرة في المخيمات لأنهم لم يعودوا قادرين على تحمل الإيجار في الخارج"، مضيفاً أنهم "يحتاجون إلى مدارس وعيادات وحماية اجتماعية".
فيما قالت مديرة شؤون "الأونروا" في سوريا، ميشيل إيبي، إن نحو 1200 عائلة فلسطينية عادت إلى منازلها في مخيم اليرموك جنوبي دمشق، مشيرة إلى أنهم "يعيشون في ظروف بائسة جداً، وسط الأنقاض، وحول القذائف غير المنفجرة".
وأشارت إلى أن مساعدة "الأونروا" للاجئي فلسطين في سوريا والدول المجاورة "غالباً ما تكون شريان الحياة الوحيد لهم، ومصدر دعمهم الأخير"، موضحة أن "التحديات المالية التي تواجهها الوكالة الأممية تحد من قدرتها على الاستجابة الحقيقية للاحتياجات، في حين يتعرض موظفوها لضغوط هائلة لتقديم خدمات حيوية بموارد محدودة".
تركيا والائتلاف ومحاولات استجرار الدعم من مؤتمر بروكسل
وإبان انطلاق المؤتمر، أعلنت وزارة الخارجية التركية، أن تركيا ستشارك في المؤتمر السادس لدعم مستقبل سوريا والمنطقة، وذلك في العاصمة البلجيكية بروكسل.
وقالت الوزارة في بيانٍ لها، إن تركيا ستشارك في المؤتمر المقرر عقده يومي 9 و10 أيار/مايو الجاري في بروكسل، وسيمثل تركيا وفد يترأسه نائب وزير الخارجية سادات أونال.
وتسعى تركيا إلى تحصيل مزيد من المكاسب في مؤتمر دعم مستقبل سوريا والمنطقة المنعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، وذلك من خلال استعراض دورها على الساحة السورية، واحتضانها لأكبر عدد من اللاجئين السوريين خارج سوريا.
وتؤكد تركيا دائماً أنها فتحت أبوابها لـ3.6 ملايين لاجئ، وأنفقت مليارات الدولارت لصالح السوريين الموجودين في أراضيها، فضلًا عن اتباعها سياسة تضمن عيشهم مع الشعب التركي في سلام وتأقلم، وتشدد  على أنه لا يمكن لتركيا أن تواصل جهودها هذه بمفردها، مشيرةً إلى أعداد الولادات الهائلة للسوريين في تركيا.
من جانبه أجرى الائتلاف السوري المعارض المدعوم من تركيا، سلسلة لقاءات مع عدد من الدول المانحة والشخصيات السياسية الدولية، على هامش فعاليات المؤتمر، وذلك في محاولة لاستجرار الدعم المقدم إلى تركيا، والمناطق الخاضعة لسيطرتها في سوريا، والتي تعمل داخلها مؤسسات الائتلاف وفصائل المعارضة.
وقال وفد الائتلاف، بعد لقائه بوفد من الاتحاد الأوروبي برئاسة كارل هلركارد في العاصمة البلجيكية بروكسل: "علينا الاستمرار في التعاون مع بقية الأطراف الدولية ومنها الولايات المتحدة وتركيا لمنع أي محاولة للتطبيع مع نظام الأسد أو السماح بإعادة تعويمه، وتفعيل مسار المحاسبة والمساءلة".
وأضاف الوفد "هناك ضرورة لدعم الحكومة السورية المؤقتة وتمكينها من إدارة المناطق المحررة، وتقديم الخدمات للسكان ودعم ملفات التعليم والصحة والتنمية الزراعية والري، وتوفير الأمن والاستقرار فيها".
كما التقى وفد الائتلاف، وفداً من الخارجية الأمريكية برئاسة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي إيثان غولدريتش وكلاً من إندرو مولر كبير مستشاري البعثة الأمريكية في الأمم المتحدة وزهرة بيل من مجلس الأمن القومي الأمريكي، وبحث الطرفان تطورات العملية السياسية، وأكد وفد الائتلاف الوطني على ضرورة فتح كافة مسارات العملية السياسية التي تضمنها القرار الدولي 2254.
وطالب وفد الائتلاف من الوفد الأمريكي بتحسين الأوضاع الميدانية والأوضاع المعيشية في المناطق المحررة، وتحسين الواقع المعيشي، الوطني برفع الحصار عن منطقتي تل أبيض ورأس العين الخاضعتين لسيطرة الجيش التركي، وتخفيف المعاناة عن سكان المنطقتين اللتين تعانيان من نقص في المواد الأساسية للمعيشة والعمل.
كما التقى وفد الائتلاف، المبعوث الكندي إلى سورية راستا دايي، والتقى مع وفد من البعثة البلجيكية الدائمة لدى الاتحاد الأوروبي في مقر وزارة الخارجية البلجيكية، والتقى أيضاَ وفداً من الخارجية البريطانية، وترأس الوفد البريطاني المدير العام البريطاني لملفات أميركا وما وراء البحار والشرق الأوسط فيجاي رانجارجان، وضم المبعوث البريطاني لسورية جونثان هارجريفز.
والتقى وفد الائتلاف الوطني السوري برئاسة رئيس الائتلاف سالم المسلط، وفداً من الخارجية التركية برئاسة نائب وزير الخارجية التركي سادات أونال، وذلك على هامش مؤتمر بروكسل، وجرى خلال اللقاء بحث المستجدات الميدانية وتطورات العملية السياسية والوضع الإنساني في المناطق المحررة، وأوضاع السوريين في تركيا.
وبحسب الائتلاف، استعرض الحضور الأوضاع في المناطق المحررة، وضرورة تحسين الواقع المعيشي ورفع مستوى الخدمات في المنطقة، وأشار وفد الائتلاف الوطني إلى الحاجة الماسة لدعم التعليم والصحة والمشاريع الزراعية في المناطق المحررة.
تخوف من تسييس تركيا للمساعدات المقدمة في بروكسل
وكانت تسع منظمات حقوقية ومدنية سورية، تقدمت بعدد من التوصيات إلى مؤتمر بروكسل السادس للمانحين الدوليين الذي ينظمه الاتحاد الأوروبي، وجاءت في مقدمة التوصيات الخمس المقدمة "حماية المساعدات الإنسانية من الاستغلال والتسييس"، حيث دعت فيه المنظمات المانحين إلى عدم السماح للمتهمين بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان في سوريا أفراداً وجماعات  باستغلال الوضع الإنساني للمدنيين، مشيرين إلى أنَّه سبق لعديد من أطراف النزاع أن استخدموا توزيع المساعدات لأغراض سياسية، ومنهم من امتنع عن توزيعها لأغراض انتقامية، على حد تعبير هذه المنظمات.
كما دعت المنظمات أن لا تذهب المساعدات إلى المشاريع التي تهدف إلى إحداث تغييرات ديموغرافية في البلاد، وأن توضع في مشاريع تحترم حقوق السكان الأصليين وتدعم جهودهم لإعادة بناء مجتمعاتهم وتقويتها.
واقترحت المنظمات في توصيتها إنشاء آلية مستقلة للنظر في المشاريع المراد تمويلها والتأكد من أنها لا تهدف بأي شكل من الأشكال إلى إحداث تغييرات ديموغرافية من قبل أي طرف كان.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، إنه بإمكان المانحين إنشاء آلية لمراقبة تنفيذ مشاريع المساعدات من أجل حماية أملاك وأراضي السكان الأصليين وعدم استثمارها من قبل غير أصحابها أو إنشاء قرى أو مناطق سكنية فيها، بالإضافة إلى ضمان عدم إلحاق الضرر بهم، مضيفاً أن الهدف من هذه الآلية هو ضمان عدم إحداث تغيير ديموغرافي، ناهيك بإمكانية استفادة جهات أو أفراد فاسدين لدى جميع الأطراف من الأموال المقدمة من الأمم المتحدة والمانحين الذين عليهم ضمان وصول هذه الأموال والمساعدات للمحتاجين الحقيقيين.
من جهته، قال فرهاد أحمه، المدير التنفيذي لمنظمة "بيل - الأمواج" المدنية العاملة في شمال وشرق سوريا، إنه من الأهمية بمكان أن تشارك المنظمات الأصيلة من هذه المناطق في هذه الآلية لمتابعة ومراقبة تنفيذ مشاريع الدعم والمساعدات ولمعرفة ما إن كانت هذه الأموال تستخدم في إقامة المخيمات أو المستوطنات على أملاك السكان الأصليين وأراضيهم، مضيفاً أنه من المهم أن تؤكد هذه المنظمات المحلية ألا يجري بناء مستوطنات في مناطقهم، فيمكن إقامة المخيمات في أي مكان، لكن ما إن تحولت إلى كتل سكنية يصبح بصعوبة بمكان أن تُزال تلك المستوطنات.
وأشار أحمه إلى أهمية أن يكون أصحاب المناطق موافقين على إقامة أي مشاريع في مناطقهم، لا أن تتدخل دولة جارة ولها سياسات محددة بإعادة سوريين وتُنشئ لهم منازل في أراضي هذه المناطق، فهذه سياسة استعمارية، على حد تعبيره.
تخوف المنظمات المدنية والحقوقية السورية يأتي في وقت صرح فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوعان في الثالث من مايو ببدء تركيا بمشروع لإعادة نحو مليون لاجئ سوري من داخل الأراضي التركية وتوطينهم في 13 نقطة سكنية سيجري إنشاؤها في خمس مناطق منها سري كانيه (رأس العين)، وتل أبيض الكرديتين، إضافة إلى إعزاز وجرابلس والباب.