تصاعد الخلاف بين هيئة تحرير الشام وجنود الشام

تتجه الخلافات بين هيئة تحرير الشام وتنظيم جنود الشام إلى منحى خطر، بعد إمهال الهيئة يوم أمس، الأثنين 28 حزيران، قائد التنظيم بالخروج من إدلب أو الانصياع لطلبات هيئة تحرير الشام.

وبحسب مصادر محلية من إدلب فإن هيئة تحرير الشام خيرت يوم أمس قائد تنظيم جنود الشام والملقب بـ"مسلم الشيشاني" بين الانضمام إليها أو مغادرة مناطق سيطرتها في مدينة إدلب.

وجاء العرض من الهيئة بانضمام جنود الشام للمجلس العسكري المكون من فصائل الجيش الوطني وهيئة تحرير الشام المدعوم من تركيا، والذي تفرض الهيئة قوتها وسطوتها عليه أو مغادرة مناطقها كلياً خلال شهر من استلامهم العرض.

وبينت المصادر عن وجود أوامر تركية إلى قيادة المجلس العسكري بتبليغ كافة الفصائل بضرورة انحلالها ضمن صفوفه، وإلا سيتم قتالهم كما حدث مع مجموعة حراس الدين التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، في إطار الجهود التركية لتنفيذ الاتفاق مع روسيا والذي يقضي بإبعاد كافة التنظيمات الإرهابية عن إدلب.

وأضافت المصادر، أن مراد مارغوشفيلي الملقب بـ”مسلم أبو وليد شياشي” المنحدر من القبائل الشيشانية التي تعيش في جورجيا رفض عرض هيئة تحرير الشام بالانضمام إلى صفوفها.

ويصنف مسلم الشيشاني من قبل وزارة الخارجية الأمريكية على أنه قائد جماعة إرهابية مسلحة في سوريا منذ أيلول 2014، إذ اتهمته الوزارة ببناء قاعدة للمقاتلين الأجانب في سوريا.

ويقود الشيشاني فصيل جنود الشام، و شارك في  عدد من المعارك في سوريا ومنها معركة كسب عام 2013، ومعركة تحرير إدلب عام  2015، وتتخذ الجماعة من جبال ريف اللاذقية مقرات لها ولعوائل عناصرها الذي يقدرهم أعدادهم بنحو ألف مقاتل.

من هو تنظيم جنود الشام

أُسس تنظيم جنود الشام مطلع  العام 2012، وينحدر معظم مقاتليه من دول القوقاز التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي سابقاً، وواجه التنظيم موجة انشقاقات عصفت به، بعد انضمام أكثر من نصف عناصره لصالح عمر الشيشاني الذي بايع تنظيم الدولة مع مجموعته.

 وفي عام 2014 لعب مقاتلو جنود الشام دوراً بارزاً في معركة الأنفال في جبال الساحل بريف اللاذقية والتي تمكنت خلالها المعارضة من السيطرة المؤقتة على أهم معاقل قوات النظام في قمة المرصد 45 في جبل التركمان.

 واتخذ التنظيم من جبلي التركمان والأكراد في ريف اللاذقية الشمالي معقلاً رئيسياً له برفقة تنظيمات سلفية صغيرة أخرى، والتي يرجع لها  الدور الأبرز بإفشال العمليات البرية لقوات النظام وحلفائها في منطقة الكبانة وغيرها من التلال والمرتفعات الحاكمة هناك.

اتهامات للتنظيم بالتورط بقضايا أمنية وجنائية

وفي معرض رد هيئة تحرير الشام على رفض الشيشاني للانضمام إليها، وفي ما يبدو أنه تمهيد للبدء بمعركة الغرض منها استئصال الفصيل قال مكتب العلاقات العامة في هيئة تحرير الشام إن "القضية بخصوص جنود الشام التي يقودها الشيشاني، تتعلق بوجود خلايا أمنية ضمن الفصيل متهمة بارتكاب عمليات سرقة مثبتة بالصور والأدلة.

وأضاف المكتب أنه لا فاعلية عسكرية للفصيل في العمليات العسكرية التي جرت وتجري في المناطق المحررة، متهماً إياه بمحاولة الترويج لوجوده وإضفاء حجم كبير لا يتناسب مع الفاعلية الصغيرة لعمل الفصيل.

ونفت هيئة تحرير الشام الاتهامات حول علاقّة تركيا بطلبها، مبررة ذلك، أن الشيشاني يتمتع بعلاقات وطيدة مع الأتراك ويدخل وخرج من سوريا كما يشاء عبر الحدود السورية  التركية.

إلا أن المعطيات على الأرض تشير إلى أن أنقرة تسعى لتنفيذ بعض الاتفاقات العالقة مع روسيا قبيل عقد مؤتمر أستانا 16، لضمان استمرار اتفاق خفض التصعيد الذي وقعة الطرفان في آذار 2020.

وأشار الاتفاق الذي وقعه الطرفان حينها بشكل مباشر إلى الجماعات الإسلامية، إذ اتفق الجانبان على أن كل منظمة مصنفة إرهابياً لدى الأمم المتحدة  تعتبر جماعة إرهابية بالنسبة للبلدين ما دفع الروس لمطالبة تركيا مراراً وتكراراً  بتنفيذ تعهداتها بالقضاء على التنظيمات الإرهابية في إدلب.

حملات تهدف للسيطرة وإثبات التحول

 وتأتي حملة هيئة تحرير الشام الممنهجة على جنود الشام ضمن محاولات الهيئة لترسيخ هيمنتها ونفوذها على المشهد العسكري بشكل كامل في مدينة إدلب، كما أن الحملة  تأتي في سياق إثبات التحولات المنهجية التي  تعمد هيئة تحرير الشام عبر ماكينتها الإعلامية إلى تصديرها للقوى الإقليمية والدولية.

وتسعى تحرير الشام من خلال الحملات العسكرية على الجماعات الجهادية الأجنبية إلى ضمان استمرارها كحاكم مُطلق لمدينة إدلب، فضلاً عن أرسال رسائل للغرب  بقدرتها على إنجاح المشروع الإسلامي المحلي الذي تزعم بأنه لن يشكل أي تهديد للدول المحيطة بسوريا.

فيما يتهم معارضو الهيئة زعيمها أبو محمد الجولاني بالسعي لتسليم جبال الساحل في ريف اللاذقية الشمالي للنظام واستمرار سياسة التقرب من الغرب، ومحاولة إرضاء روسيا عبر التضييق على المقاتلين القوقازيين والانتقام من الجماعات الجهادية الصغيرة بسبب رفضها الدائم الانضمام إلى صفوف الهيئة، والتخوف من ردة فعل هذه الجماعات في حال تكاتفت فيما بينها ضد الهيئة.

فيما تتهم الهيئة التنظيمات السلفية المناهضة لها بالاستثمار في كل حدث لضرب مشروعها في إدلب، وإظهار الهيئة بمظهر المحارب للتنظيمات الدينية.