تلوث في مياه نهر الفرات وكارثة بيئية منتظرة

قبل شهر اتهم النظام السوري وميليشيا سوريا الديمقراطية السلطات التركية بخفض معدل وصول مياه نهر الفرات إلى ما دون 500 متر مكعب في الثانية، ما تسبب بجفاف حاد تعاني منه مناطق شمال شرقي سوريا.

وأضافت ميليشيا سوريا الديمقراطية أن أبعاداً سياسية تقف وراء قطع المياه عن مناطق شمال شرقي سوريا، التي تعتبر مناطق مسار نهر الفرات الذي ينبع من تركيا ويصب في العراق مرورا بسوريا.

فيما نفت مصادر تركية قطع تركيا للمياه بشكل متعمد أو بناء على أبعاد سياسية، مؤكدة أن ما جرى هو نقص حاد في هطول الأمطار نتج عنه جفاف شديد ضرب الأراضي التركية قبل السورية.

وكشفت خريطة نشرتها المديرية العامة للأرصاد الجوية التركية في آذار الفائت، عن مستوى الجفاف الذي يضرب مناطق جنوبي تركيا المحاذية لمناطق شمال شرقي سوريا، وأظهرت الخريطة نسب الجفاف العادية والخطيرة والتي تشكلت على مدار 9 أشهر ماضية، بين تموز 2020 وحتى نهاية آذار2021.

وحسب الخريطة المنشورة فإن كلاً من مناطق وان وبيتليس وشانلي أورفا وماردين وديار بكر وشرناق وغيرها من مناطق جنوبي تركيا، ارتفعت فيها نسبة الجفاف فوق المستوى الآمن، حيث تظهر باللون البني الداكن والذي يشير إلى جفاف شديد.

وتقدر نسبة الانخفاض، بحسب الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا بأكثر من خمسة أمتار من منسوبه، وتزيد على أربعة أمتار في بحيرة سد تشرين، وبحيرة سد الفرات "الأسد سابقاً" تزيد نسبة الانخفاض على ثلاثة أمتار.

تلوث يرافق الجفاف في عديد من القرى

وبالإضافة للجفاف الذي ضرب نهر الفرات منذ مطلع العام الجاري، أكدت مصادر خاصة  حدوث تلوث في مياه نهر الفرات في بلدات “جديدة عكيدات، الدحلة، والصبحة، بعد تسرب كميات كبيرة من النفط الخام إليه.

وأشارت المصادر إلى أن التسرب حدث بسبب عمليات التهريب المستمرة من مناطق قسد إلى مناطق النظام بمحافظة دير الزور عبر المعابر النهرية، ما ينذر بكارثة بيئية وصحية بسبب التلوث، في ظل عدم امتلاك قسد مقومات لطرق معالجة تسرب النفط مع استمرار انخفاض منسوب المياه في النهر.

ولعله من المضحك المبكي أن يضطر الأهالي في المناطق التي يمر فيها نهر الفرات الذي كان يروي ما يقارب ثلاثة دول لشراء مياه الشرب المعلبة لأطفالهم، بسبب زيادة تلوث مياه النهر التي كانت صالحة للشرب سابقاً.

وقالت مصادر طبية في مناطق دير الزور والرقة إن الأعراض الطبية التي بدأت تظهر على الأطفال في تلك المناطق تمثلت بالتهاب الأمعاء والإسهال، وأضافوا أنها ربما تتطور في بعض الحالات للإصابة بالكوليرا.

ويتسبب انخفاض منسوب نهر الفرات بزيادة الأحماض والملوثات في مياه النهر، الذي لم يعد قادراً على التخلص منها خلال جريانه، حيث  أصبحت تنقية المياه في الرقة تقتصر على إضافة نسبة قليلة من الكلور إلى مياه الشرب لمعالجة بعض الشوائب.

 قسد مسؤولة عن التلوث من خلال تهريب النفط

في ظل الاتهامات التي توجهها قسد والإدارة الذاتية شمال شرق سوريا إلى تركيا بالتسبب بتلوث نهر الفرات عن طريق خفض منسوبه من أراضيها، هناك آراء أخرى تتهم قسد بأنها المتسبب الرئيس بتلوث نهر الفرات عبر عمليات تهريب النفط إلى مناطق النظام السوري عبر النهر.

وقالت مصادر خاصة في مدينة دير الزور إن عمليات تهريب النفط غير المشروعة عبر مناطق شرق الفرات الخاضعة لسيطرة قسد باتجاه غربه الخاضع لسيطرة قوات النظام، تشكل خطراً على السكان المحليين في مناطق ضفتي النهر بسبب الطرق البدائية المستخدمة في عمليات التهريب.

وأضافت المصادر أن عمليات تهريب النفط تتم عبر وسطاء من أبناء ريف دير الزور ، من خلال طرق تبدأ من منطقة الآبار شرق الفرات باتجاه نقاط استلام وتسليم بوساطة قوارب خاصة تنقل النفط من مناطق شرق النهر، إلى غربه حيث سيطرة القوات الحكومية والميليشيات الإيرانية.

وبين المصادر أن عمليات التهريب تبدأ من خلال سحب النفط الخام من الحقول والآبار ثم يتم تعبئتها في براميل مازوت تقليدية وإحكام إغلاقها بالغطاء المدني، ثم تُحمل في شاحنات ضخمة وتنقل من حقول وآبار النفط إلى النقطة صفر ببلدة الشحيل شرق الفرات، وهي مركز تجمع لتهريب النفط.

إلا أن تسرب النفط الخام إلى مجرى النهر خلال نقل البراميل بين الضفتين، يتسبب بتلوث حاد لمياه النهر وجعلها غير صالحة للشرب بتاتاً.

وتُسيطر قوات سوريا الديمقراطية على المنطقة التي يتم من خلالها تهريب النفط، كما تشرف على الحقول والآبار الموزعة ضمن مناطق سيطرتها شرق نهر الفرات، فيما يتقاضى عناصر من قسد رشاوى ومبالغ مالية مقابل تسهيل عمليات التهريب وعدم اعتراض قوافل التهريب المتجهة إلى بلدة الشحيل.

ومنذ مطلع العام الفائت شن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية عدة حملات أمنية برية وجوية لمكافحة تهريب النفط، نفذ خلالها عدة ضربات على قوافل التهريب وعدة نقاط تجمع شرق نهر الفرات بالإضافة لتدمير عدة ممرات مائية في نهر الفرات كانت تستخدم لتهريب النفط.