يقع مخيم الركبان وسط أرض قاحلة تحيط بها رمال الصحراء في مثلث حدودي بين العراق والأردن سوريا، وبسبب الطبيعة الصحراوية للمنطقة، وغياب أبسط مقومات الحياة، انتشرت أمراض ناتجة عن سوء التغذية وضعف الرعاية الصحية، وكان الإسهال الأشد خطراً بعد تسببه في وفاة العديد من الأطفال، وانتشرت أيضا أمراض الرئة والجهاز التنفسي بسبب طبيعة المنطقة التي لا يكاد صيفها يخلو من العواصف الرملية والغبار.
ومع اشتداد الحصار على المخيم وتخلي الأطراف الدولية عن قاطنيه واستخدامهم عند الضرورة كورقة ضغط سياسي لا أكثر، بات في المخيم عشرات الحالات الإنسانية الحرجة التي تحتاج إلى علاج فوري وعاجل وتهدد أصحابها بالموت،وسط ضعف في القطاع الصحي داخل المخيم وانعدام الإمكانيات.
ومع تفاقم الأزمة في المخيم أطلقت هيئة العلاقات العامة والسياسية للبادية السورية في مخيم الركبان مناشدة عاجلة لملك الأردن، عبد الله الثاني، بالسماح للمرضى ذوي الحالات الحرجة والمحتاجين إلى عمليات جراحية بالدخول إلى المشافي الأردنية
وأكدت الهيئة في بيانٍ صادرٍ عنها وجود حالات مرضية حرجة لدى عدد من الأطفال والنساء تتطلب إجراء عمل جراحي، وأضافت "نناشد المروءة والشهامة وخوة الدين والدم لديكم، لاستقبال هذه الحالات بمستشفيات المملكة".
وقالت الهيئة إنه لا بديل عن دخول هؤلاء المرضى إلى المستشفيات الأردنية، إلا الذهاب إلى المستشفيات في أماكن سيطرة النظام السوري ما قد يعرضهم للاعتقال وعمليات انتقام من قبل النظام السوري.
وأشارت الهيئة إلى الأوضاع السيئة التي يعيشها الأهالي في مخيم الركبان، "حيث تقطعت بهم السبل، وتخلت عنهم الأمم في ظل جائحة كورونا"، لافتةً إلى وجود حالات حرجة لدى عدد من الأطفال والنساء التي تتطلب دخول المشافي.
الركبان بين الصراع الأمريكي الروسي
في 27 كانون الثاني، وجهت "هيئة العلاقات العامة والسياسية في البادية السورية" رسائل مناشدة للرئيس الأمريكي، جو بايدن، تحدثت فيها عن أحقية المنطقة بالمساعدات الأميركية وسط تردي الواقع الإنساني.
وأعربت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، عن إدانة بلادها لإغلاق معبري باب السلام واليعربية في سوريا، والحيلولة دون وصول المساعدات الإنسانية.
وقالت غرينفليد إن عمليات الإغلاق منعت المساعدات الإنسانية الحيوية من قبل الأمم المتحدة من الوصول لمحتاجيها وتابعت إنه أمر مؤسف ببساطة وقد أدى إلى تعميق معاناة ملايين السوريين بلا داع.
فيما اتهمت روسيا والنظام الروسي الولايات المتحدة الأمريكية بممارسة ضغط على الأمم المتحدة، لإيصال المساعدات الإنسانية الأممية إلى مخيم الركبان واستغلالها في تموين المسلحين الموالين لها.
ووصفت روسيا مخيم الركبان بأنه مصنع أمريكي لتدريب المتطرفين، مضيفةً أن الولايات المتحدة تعرقل إلغاء هذا المخيم، الأمر الذي يمنع استعادة السيادة والحياة السلمية في سوريا، وشددت على استعداد الحكومة السورية لاستقبال كل المواطنين في الركبان وضمان أمنهم وتوفير الظروف المعيشية الكريمة لهم.
فيما دعت الولايات المتحدة كل الأطراف إلى العمل مع الأمم المتحدة لضمان أن تتوافق أي خطوات مقترحة مع المبادئ المحددة من قبلها فيما يخص النازحين في الداخل، وأن يتلقى النازحون المعلومات التي يحتاجون إليها لاتخاذ قرارات إرادية ومستنيرة حول تحركهم وسلامتهم.
حصار خانق من جميع الجهات
طالب المرصد السوري لحقوق الإنسان، آذار الفائت ، المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، وتقديم العون لأكثر من 11 ألف نازح يعيشون في مخيم صحراوي عند مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية
ويخضع مخيم الركبان لحصار خانق منذ شباط 2020، من قبل قوات النظام السوري وكانت الحالات الطبية الطارئة وحالات الولادة الحرجة تدخل إلى الأردن عن طريق مفوضية الأمم المتحدة، إلا أن الأردن منع عمليات الدخول ضمن إجراءاته لمواجهة “كورونا”، كما أغلقت جميع مراكز المفوضية الأممية أبوابها في المخيم.
وسبق أن قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، في تغريدة على "تويتر"، في 20 نيسان الماضي، إن مخيم الركبان ليس مسؤولية الأردن، مضيفاً أن "إمكانية تلبية احتياجات المخيم من داخل سورية متاحة، أولويتنا صحة مواطنينا. نحن نحارب كورونا ولن نخاطر بها بالسماح بدخول أي شخص من المخيم".
وبين حصار النظام السوري والخلافات الروسية الأمريكية والإصرار الأردني على تعليق عمليات الدخول إلى أراضيه، لايزال ما يقارب 11 ألف لاجئ سوري داخل الركبان يزرحون تحت وطأة الجوع والحصار والأمراض المستشرية والأسعار الجنونية التي تكاد تكون أصعب من الأوبئة والأمراض المتفشية.