الميليشيات الإيرانية في أسبوع
حرصت إيران منذ اليوم الأول لتدخلها في سوريا على وضع موطئ قدم لها في المناطق الاستراتيجية داخل الأراضي السورية، واختارت إيران بعناية عدداً من المناطق لإقامة قواعد عسكرية وحوزات دينية لنشر الفكر الشيعي في تلك المناطق، وبعيداً عن الثقل الشيعي في دمشق والمتمثل بوجود عدد من المقامات الدينية الشيعية التي اتخذتها إيران كـ" ذريعة" لتبرير تدخلها العسكري السافر في سوريا، ذهبت الآمال الإيرانية بعيداً وأخذت بالتوسع في مناطق لم يكن لها فيها أي وجود أو أثر، وعلى سبيل المثال لا الحصر أنشأت إيران عدداً من القواعد العسكرية والحوزات الدينية في مدينة البوكمال ذات الأهمية الاستراتيجية لاعتبارها ممر بري لإيران على لبنان والبحر الأبيض المتوسط عن طريق العراق وسوريا، وعزز تلك الآمال غياب الوجود العسكري الروسي عن ريف ديرالزور وانحساره في المطار وبعض أحياء المدينة الواقعة داخل دير الزور.
وتعتبر مدن وأرياف دير الزور وخصوصاً تلك الواقعة جنوب وشرق نهر الفرات منطقة نفوذ عسكري كبير لإيران، ولايخلى الأمر من بعض الإشكالات التي تضعف النفوذ الإيراني داخل مدينة دير الزور بسبب الوجود العسكري الروسي المتمركز في أحياء الفيلات وغازي عياش ومطار دير الزور العسكري، إلا أننا نستطيع القول أن أرياف دير الزور خاضعة بشكل كامل للسيطرة الإيرانية بل وأصبحت مركز نشاط عسكري وديني لإيران.
وفي حلب وريفها تمتلك إيران عدداً كبيراً من القوات التابعة لها، ويتركز انتشارها داخل أحياء المدينة وفي ريف حلب الجنوبي على وجه الخصوص والذي بات معقلاً للميليشيات الأجنبية كـ الحرس الثوري الإيراني، وميليشيا فاطميون، زينبيون، بالإضافة لعناصر محلية انتسبت للميليشيات الشيعية بعد استهداف قراها بحملات دعوية إيرانية أفضت إلى تشيع معظم أهاليها.
وباتت القوات التابعة لإيران في حلب ذات قوة وحضور لايستهان به على الإطلاق بل وباتت تهدد تواجد الميليشيات التابعة لقوات النظام التي ترى فيها الأذرع الإيرانية مصدر قلق وحليف لايؤتمن تواجده بالقرب من مقراتها ومراكز عملها.
التطورات العسكرية
رغم استقرار الأحوال الميدانية للميليشيات الإيرانية في ريفي حلب ودير الزور، إلا أن وجودها في مدن وأرياف حماه وحمص لازال محفوفاً بالخطر حيث تتعرض تلك الميليشيات لهجمات مباغتة بين الحين والآخر من قبل عناصر تنظيم الدولة الذين بدأوا بتوسيع نطاق أعمالها ليشمل أرياف تتواجد فيها تلك الميليشيات بعدما كان محصوراً في البادية السورية منذ خسارته الكبرى في سوريا والعراق ومقتل زعيمه "أبو بكر البغدادي" بعملية عسكرية أمريكية.
وشهدت بلدة الفرقلس بريف حمص الشرقي مطلع الأسبوع الجاري، هجوماً مباغتاً لعناصر تابعين لتنظيم الدولة على إحدى العربات التابعة للحرس الثوري الإيراني أسفر عن مقتل 5 عناصر وتلاه قصف جوي روسي استهدف جبل هيان جنوب شرقي مدينة حمص بأكثر من ثمان غارات.
فيما تعرضت دورية تابعة لميليشيا فاطميون في بلدة السخنة شرقي حمص لاستهداف مباشر بعبوات ناسفة فجرها مجهولون يُعتقد أنهم تابعون لتنظيم الدولة، أسفرت عن مقتل عنصرين اثنين من الميليشيا وإصابة آخرين إصابات خطرة تم نقلهم على إثرها إلى مشفى تدمر العسكري، وشهدت المنطقة عُقب الهجوم استنفاراً أمنياً لقوات النظام والميليشيات الإيرانية تحسباً لأي هجمات جديدة.
وفي بلدة خربة التياس شرقي حمص دارات اشتباكات مسلحة بين عناصر من ميليشيا حزب الله العراقي التابعة لإيران والدفاع الوطني التابع للنظام السوري،على خلفية احتجاز الأخير لخمس شاحنات محملة بالقمح تعود ملكيتها لميليشيا حزب الله العراقي، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل مدني وإصابة آخر وتدخل الحرس الثوري الإيراني والفرقة الرابعة لفض الاشتباك وحل النزاع الدائر.
أما بلدة مسكنة شرقي حلب فقد شهدت اشتباكات مسلحة بين ميليشيا فاطميون التي تحوي مقاتلين أفغان وعناصر من الفرقة الرابعة التابعة للنظام أسفرت عن مقتل عنصرين اثنين من الفرقة ومقتل عنصر واحد من ميليشيا فاطميون، وجاءت الاشتباكات عُقب اعتقال الفرقة الرابعة لأحد المدنيين في البلدة ومصادرة منزله وتحويله إلى مقر عسكري مجاور لمقرات ميليشيا فاطميون، ما أثار حفيظة الميليشيا التي رفضت تواجد الفرقة الرابعة بجوار مقراتها، تطور على إثره السجال الكلامي ليتحول إلى اشتباكات عنيفة انتهت بانسحاب الفرقة الرابعة وهو مايعزز اعتبار الميليشيات الإيرانية نفسها المسيطر الوحيد في المنطقة وأن قوات النظام ليست بالحليف الذي يؤتمن وجوده إلى جوارها.
وعلى طريق دير تدمر- دير الزور شن تنظيم الدولة هجوماً مباغتاً على رتل يحتوي عناصر من الحرس الثوري الإيراني وقوات النظام،ما أسفر عن مقتل 25 عنصراً من قوات النظام والحرس الإيراني بالإضافة لضابط رفيع المستوى، تبين لاحقاً أنه مستشار في الحرس الثوري الإيراني ويدعى" حسن عبدالله زادة" ومرافقة "محسن عباسي".
التعزيزات والتنقلات العسكرية
استقدمت الميليشيات الإيرانية شحنة أسلحة وذخائر من العراق إلى قاعدة "الإمام علي" في محيط مدينة البوكمال شرق دير الزور، وأشرف على دخولها الحاج "سعد" والذي يشغل منصب نائب ميليشيات الحرس الثوري الإيراني في البوكمال، وتستغل الميليشيات الإيرانية الحركة التجارية على المعابر في الحدود العراقية السورية في إدخال شحنات أسلحتها وتستخدمها كستار يحميها من غارات التحالف الدولي وإسرائيل على شحنات الأسلحة.
وفي بلدة حمادة عمر في ريف حماه الشرقي أنشأت ميليشيا حزب الله العراقي مقرين جديدين لها داخل البلدة، أحدهما داخل مدرسة إبتدائية والآخر في مبنى المستوصف القديم، حيث تحرص الميليشيات على الاستيلاء على المقار الحكومية في المدن والبلدات وتحويلها لمقار عسكرية تابعة لها، فضلاً عن مصادرة بعض المنازل والأراضي بحجة انتماء أصحابها لفصائل المعارضة المسلحة
وفي دير الزور أعلن الحرس الثوري الإيراني عن إطلاق دورة عسكرية لمئة عنصر من منتسبيه في مستودعات عياش غرب دير الزور، لمدة 15 يوماً،يتم فيها تدريب المنتسبين على استخدام السلاح وتحسين اللياقة البدنية فضلاً عن دروس دينية في المذهب الشيعي وذلك ضمن إطار التمدد الفكري ونشر التشيع،على أن يتم نقلهم بعد انتهاء التدريبات إلى نقاط الانتشار التابعة للحرس الثوري الإيراني في ريف البوكمال.
وأطلق " الحرس الثوري الإيراني "دورة عسكرية لمدة 15 يوما ضمت 100 عنصر لمتطوعين جُدد في مستودعات عياش غرب ديرالزور، تتضمن الدورة تدريبات على استخدام السلاح و رفع اللياقة البدنية اضافة الى دروس دينية بالمذهب الشيعي، على أن يتم نقل العناصر بعد انتهاء الدورة إلى نقاط "الحرس الثوري الإيراني"، ريف البوكمال.