شهدت محافظة درعا جنوبي سورية خلال الأيام القليلة الماضية، توتراً متصاعداً بين قوات النظام السوري والفعاليات الشعبية، وسط خروج مظاهرات شعبية أمس الجمعة في عموم المحافظة تضامناً مع منطقة درعا البلد التي شدد النظام الحصار عليها، إثر مطالب روسية بتسليم أبنائها السلاح الخفيف.
وسجلت عدة مدن وبلدات في المحافظة خروج مظاهرات شعبية تحت اسم جمعة رفع الحصار عن درعا البلد، وذلك تضامناً مع درعا البلد التي تشهد حصاراً منذ نهاية أيار الماضي وجرى تشديده يوم أمس.
وقالت مصادر خاصة لوكالة المجس إن قوات النظام أغلقت مساء الخميس 24 حزيران، جميع الطرق الرئيسية المؤدية إلى مركز مدينة درعا، رداً على رفض الأهالي مطلباً روسياً بتسليم السلاح، وانتقاماً من المحافظة بسبب الرفض الشعبي في محافظة درعا للانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام السوري مؤخراً.
وأضافت المصادر أن المنطقة شهدت تحليقاً للطائرات الحربية التابعة للنظام في سماء درعا أمس الجمعة، فضلاً عن التوتر الأمني وذلك في سياق الضغوط التي يمارسها النظام وروسيا على أهالي المنطقة والتلويح بعملية عسكرية ضدها.
مطالب روسية بتسليم السلاح قوبلت بالرفض
وترجع أسباب التوتر في محافظة درعا إلى طلب تقدم به جنرال روسي أوزبكي يدعى أسد الله تسلم ملف درعا حديثاً، إلى أعضاء لجنة درعا البلد بتسليم شبان المدينة سلاحهم الفردي إلى الروس مقابل وعود بإخراج المليشيات المحلية التابعة للنظام من داخل المدينة.
وبحسب المصادر فإن الجنرال الروسي تعهد بإخراج اللجان الشعبية والأجهزة الأمنية من مواقعها في درعا البلد كما تعهد بسحب سلاح الميليشيات أيضاً مقابل تسليم أهالي درعا البلد للسلاح الخفيف في عملية أشبه بالتسوية الجديدة.
وتتمثل اللجان المحلية الشعبية بمجموعة مصطفى قاسم المسالمة الملقب بـالكسم، ويتبع لفرع الأمن العسكري، ويتخذ من حي المنشية وجمرك درعا القديم مقراً لمجموعته.
كما تضم أيضاً مجموعة القيادي شادي بجبوج التابع للأمن العسكري أيضاً، إضافة إلى الخلية الأمنية التي يديرها المدعو وسيم عمر المسالمة وهو قيادي يعمل لدى المليشيات الإيرانية، والمجموعة التي يتزعمها محمد بسام تركي المسالمة التابعة للفرقة الرابعة.
ويتهم أهالي درعا الميليشيات المذكورة بتنفيذ عمليات الاغتيال واعتقال المطلوبين للنظام ونشر الفوضى في درعا البلد، حيث سبق أن شهدت المنطقة اشتباكات بين الأهالي وهذه الميليشيات.
فيما أبلغت لجنة درعا البلد الجنرال الروسي بالرفض الشعبي القاطع لتسليم السلاح الخفيف مبينةً أن هذا السلاح بمثابة ملك خاص، ولا يحق لأي أحد مطالبتهم بتسليمه، مضيفةً أن المنطقة ذات طبيعة عشائرية وأن السلاح المتواجد مهمته حماية العوائل لأنفسها، وأعلنت اللجنة بعدها تعليق أي مفاوضات مع الجانب الروسي.
وأضافت اللجنة أن أهالي درعا لا يثقون بأية وعود تطلقها أي جهة كانت، بسبب عدم تنفيذ النظام وحليفته روسيا، الوعود التي قطعوها على أنفسهم عند توقيع اتفاقية التسوية بالإفراج عن المعتقلين بعد أن التزمت فصائل المعارضة بتسليم سلاحها آنذاك.
وعقب توقيع اتفاق التسوية الذي سيطر بموجبه نظام الأسد وحلفاؤه الروس على محافظة درعا، في تموز 2018، سلمت فصائل درعا البلد سلاحها الثقيل والمتوسط للنظام، مقابل وقف إطلاق النار والتهدئة، والإفراج عن المعتقلين، وعودة الموظفين المفصولين، مع السماح ببقاء سلاح فردي لدى بعض شباب المنطقة تحت سلطة العشائر.
حراك شعبي ومسلح ضد النظام في درعا
ورغم الحصار المفروض على درعا البلد من قبل النظام السوري وحليفه الروسي، سجلت منطقة درعا البلد يوم أمس، الجمعة 25 حزيران، خروج مظاهرة شعبية لرفض سياسة الابتزاز التي تستخدمها قوات الأسد وروسيا، وللتأكيد على أنهم لن يسلموا أسلحتهم الفردية تحت أي ظرف.
فيما عبر أهالي بلدات حوض اليرموك والغارية الشرقية وطفس واليادودة والمزيريب والريف الشرقي، عن تضامنهم مع أهالي درعا البلد مؤكدين على أنهم لن يسمحوا للنظام بالاستفراد بدرعا البلد وسلب سلاحها وجعلها لقمة سائغة للجان الشعبية ومخابرات النظام.
وقال عضو اللجنة المركزية المحامي عدنان المسالمة في منشور على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "أهلنا في درعا البلد إن إغلاق المعابر والحصار الذي ينفذ بحقكم هما جريمة حرب يعاقب عليهما القانون الدولي المعطل من قبل روسيا الاتحادية، ويأتي على شكل عقوبة سياسية تنفذ بحقكم على موقف حوران المشرف من الانتخابات.
وأضاف المسالمة أن الحجج الواهية التي يتذرع بها الروسي مكشوفة وترمي إلى زعزعة حالة الاستقرار التي أنجزها وحافظ عليها مجتمعنا المحلي منذ سنوات، وهي محاولة لكسر إرادتكم وسيتبعها بلا شك بمحاولات لكسر إرادة حوران وسوريا كلها.
وختم المسالمة " اليوم نستعيد قرارنا الشعبي الذي كان مصادراً وعلينا أن نرص الصفوف كالبنيان ونبتعد عن الشائعات، نرفض الظلم والاستبداد ونسعى لتحقيق الحرية والأمان والعيش الكريم، مطالبنا محقة ولن نتنازل عنها.
وعسكرياً شهدت مناطق عديدة من ريف درعا في ظل التوترات الحالية، اشتباكات بين قوات النظام ومسلحين مجهولين استهدفوا حواجز تابعة لأجهزة أمنية وعسكرية للنظام، والتي شنت بدورها حملات دهم واعتقال طالت مناطق مختلفة من درعا.
حيث دارت اشتباكات بين مسلحين مجهولين وقوات النظام داخل المربع الأمني في مدينة نوى غرب درعا، وقرب حاجز عسكري يتبع للمخابرات الجوية بين مدينة نوى وبلدة تسيل.
كما شملت الاشتباكات نقطة عسكرية لقوات النظام في مدخل مدينة نوى من جهة بلدة الرفيد في ريف القنيطرة.