واشنطن تحذر من خرق قانون قيصر.. وتتوعد المخالفين بالعقوبات

أطلقت وزارة الخارجية الأميركية أمس، الجمعة25 حزيران،  تحذيراً للدول والكيانات من فرض عقوبات عليها في حال تطبيع علاقاتها مع النظام السوري  وخرق قانون قيصر لذي ينص على فرض عقوبات على النظام وداعميه من الأشخاص والكيانات.

وقال القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط جووي هود إن على البلدان التي تفكر في تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد أن تأخذ في الاعتبار جرائمه، وأكد أن واشنطن سوف تفرض عقوبات على الحكومات والكيانات التي تخالف قانون قيصر المتعلق بسوريا.

وفي ما يخص الدول التي أبدت رغبتها في إعادة العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد، أضاف هود أن واشنطن تحث دول المنطقة على النظر بعناية في الفظائع التي قام بها نظام الأسد ضد الشعب السوري، وذلك على مدى العقد الماضي، مطالباً كذلك بالأخذ في الحسبان جهود النظام المستمرة لمنع وصول الكثير من المساعدات الإنسانية إلى البلاد وعدم توفير الأمن.

وأكد هود التزام واشنطن بالعملية السياسية التي يقودها الشعب السوري وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وفي تحميل النظام المسؤولية عن الفظائع التي لا تعد ولا تحصى التي ارتكبها ضد شعبه

وأشار هود إلى أن الولايات المتحدة لا تسعى فقط إلى القضاء على تنظيم الدولة، وإنما كذلك إلى معالجة الأوضاع الإنسانية في سوريا. ولفت إلى أن السلطات في واشنطن ترى إمكانية للتعاون مع روسيا في مجال تقديم المساعدات الإنسانية لسوريا.

وقال هود إن الولايات المتحدة تنوي الحفاظ على وجودها العسكري شمال شرق سوريا بهدف مكافحة تنظيم الدولة، مضيفاً "ننوي الحفاظ على وجود عسكري محدود شمال شرق سوريا بهدف وحيد يتمثل في محاربة تنظيم الدولة في شراكة مع قوات سوريا الديمقراطية لبسط الاستقرار في المناطق المحررة بسوريا.

وعبر هود في ختام حديثه عن قلق بلاده من تدهور العلاقات التركية الكردية " الذين يعتبرون شركاء للولايات المتحدة" قائلاً نود أن نكون متأكدين من أن تركيا تفهم نوايانا.

وجاء موقف واشنطن بعدما أثارت مخرجات اجتماع الدول السبع الذي انعقد في لندن قبل أيام، العديد من التكهنات والتوقعات بأن الغرب قد يغض الطرف عن الدعوات التي تطالب بإعادة التطبيع مع النظام السوري.

وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن إدارة الرئيس جو بايدن قطعاً لن تقوم بإعادة تأسيس أو ترقية العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد، وأنها لا تزال على موقفها الثابت منذ اندلاع الثورة السورية في 2011.

وأضاف نعتقد أن الاستقرار في سوريا والمنطقة الأكبر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال عملية سياسية، وهي تمثل إرادة جميع السوريين ونحن ملتزمون بالعمل مع الحلفاء والشركاء والأمم المتحدة لضمان حل سياسي دائم في الداخل.

ما هو قانون قيصر الأمريكي

 قانون أمريكي يسعى لحماية المدنيين في سوريا، ويعرف باسم قانون قيصر الأميركي، نسبةً إلى المصور العسكري في الطبابة الشرعية والمنشق عن النظام السوري المعروف باسم قيصر، وتم بدء العمل به في 17 حزيران العام الفائت.

وبحسب الموقع الإلكتروني للكونغرس الأميركي، أقر القانون H.R.31 في 20 كانون الثاني العام الفائت تحت اسم "قانون قيصر سوريا للحماية المدنية"، قبل أن يوقعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب ليصبح نافذاً اعتباراً من 17 حزيران، وتمتد فاعليته لمدة خمس سنوات من تاريخ بدء التنفيذ، أي حتى عام 2024.

ويشكل هذا القانون جزءاً من قانون تفويض الدفاع الوطني (S1790) لعام 2019. حيث تم إقراره في مجلس الشيوخ  في 17 كانون الأول من عام 2019، بالتوافق مع مجلس النواب أيضاً، ويهدف إلى معاقبة النظام السوري ورئيسه، على جرائم الحرب التي ارتكبها في حق المدنيين السوريين.

ويجيز القانون فرض عقوبات على النظام السوري وداعميه، تشمل مسؤولين حكوميين وقادة عسكريين، وكذلك يجيز توسيع العقوبات ضد النظام لتشمل قطاعات رئيسة تتحكم باقتصاد الأسد، وعلى رأسها المصرف المركزي، وقطاع النفط.

ويمنح القانون الرئيس الأميركي الحق في وقف العقوبات إذا رأى أن الأفراد المعنيين بالنزاع انخرطوا في مفاوضات بناءة ترمي إلى وقف العنف ضد المدنيين. وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي للقانون هو حماية المدنيين من العنف، إلا أن معظم مندرجاته تتناول عقوبات اقتصادية ومالية ومصرفية تستهدف بشكل أساسي عملية إعادة إعمار سوريا.

ويبين القانون حرص واشنطن على أن تكون لها الكلمة الفصل في هذا المسار، ويستهدف أيضاً عدداً من الصناعات السورية، من ضمنها كل ما يتعلق بمشاريع البنى التحتية وصيانة الآليات العسكرية وإنتاج الطاقة.

 وعلى المستوى الدولي يتناول القانون الأشخاص الأجانب الذين ينخرطون في معاملات معينة، ويعطي الرئيس الأميركي الحق بفرض العقوبات، بحق الأشخاص الأجانب إذا قاموا بتوفير الدعم المالي أو التقني للنظام السوري، أو التعاقد معه أو مع الحكومة السورية أو أي من المؤسسات الرسمية أو الكيانات التي تسيطر عليها الحكومة السورية أو أي شخصية سياسية رفيعة المستوى فيها أو أي شخص أجنبي متعاقد عسكرياً أو مرتزق أو قوة شبه عسكرية تعمل داخل سوريا لصالح حكومتها أو نيابة عنها.

 كما ينطبق على الحكومتين الروسية والإيرانية أو أي شخصية تطالها أساساً العقوبات الأميركية، وذلك على خلفية دعم روسيا وإيران لنظام الأسد، والكيانات المرتبطة بها، وكذلك بالنسبة إلى كل السلع المرتبطة بتشغيل الطائرات لأغراض عسكرية. ويشمل أيضاً أي شخص يوفر عن علم بشكل مباشر أو غير مباشر خدمات بناء أو هندسة مهمة للحكومة السورية.

ويحظر القانون بموجب صلاحيات الرئيس الأميركي جميع المعاملات في الممتلكات والمصالح العائدة للشخص الأجنبي إذا كانت موجودة في الولايات المتحدة أو ضمن حيازة شخص أميركي.

ويمنح القانون الرئيس الأميركي الحق في وضع قائمة بالأشخاص الذين يرى أنهم مسؤولون عن الانتهاكات، بغض النظر إذا وقعت فيها أو خارجها. ويدرج القانون ضمن هذه القائمة الرئيس السوري، رئيس الوزراء ونائبه، مجلس الوزراء ورؤساء القوات المسلحة والاستخبارات، وزراء الداخلية، القادة والنواب وقادة الحرس الجمهوري والمحافظون.

ويسعى القانون الذي أقره الكونغرس العام الماضي بدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إلى منع تطبيع بقاء الأسد دون محاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها نظامه، إضافة لحرمانه من التمتع بأي نصر عسكري من خلال عرقلة إعادة الإعمار والعمل على عزله دولياً.

وبموجب القانون، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية 6 حزم من العقوبات على النظام السوري، كانت أولها في 17 حزيران 2020، وطالت "بشار الأسد" وزوجته ونجله حافظ، إضافة إلى عشرات المؤسسات والشخصيات الداعمة له.

شروط رفع قانون قيصر

يحدد القانون ستة شروط لرفع العقوبات تتلخص فيما يلي:

1-وقف عمليات القصف بالطيران من قبل النظام أو روسيا للمدنيين.

2- التزام القوات السورية والروسية والإيرانية والكيانات المرتبطة بها وقف قصف المنشآت الطبية والاستشفائية ودور التعليم والمجمعات السكنية أو التجارية.

3- وقف القيود التي تضعها القوات السورية والروسية والإيرانية وكل الكيانات المرتبطة بها، على وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق والمدن والقرى المحاصرة، والسماح للمدنيين بحرية الانتقال.

4- إطلاق المعتقلين السياسيين المحتجزين قسراً، ومنح المنظمات الدولية لحقوق الإنسان حق الوصول إلى السجون ومراكز الاعتقال في سوريا.

5- تأمين العودة الآمنة والطوعية الكريمة للسوريين اللاجئين بسبب الحرب في سوريا.

6- محاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا، وتقديمهم إلى العدالة، وتأمين الدخول في عملية المصالحة والحوار.

بعد عام على إقراره ماذا حقق قانون قيصر وما تأثيره

بدأت تداعيات قيصر بالظهور على النظام حتى ما قبل تنفيذه حيث شهدت الليرة السورية في أيار 2020، انهياراً كبيراً أمام الدولار الأمريكي الذي وصل سعر صرفه إلى 3000 ليرة سورية للمرة الأولى.

فيما اصطدمت بعض الدول العربية وعلى رأسها الإمارات والأردن ومصر في إعادة عمليات التبادل التجاري مع النظام بقانون قيصر، الذي أثار أيضاً موجة كبيرة من الخوف لدى رجال الأعمال والتجار اللبنانيين الذي يتعاملون مع النظام، والقلق من التعرض للعقوبات بسبب نشاطهم هذا.

وأجبر القانون النظام السوري على إلغاء مراسيم تنظيمية وعمرانية بهدف إطلاق عملية إعادة إعمار ذاتية، كما توقف الحشد الشعبي العراقي عن إطلاق الدعوات التي يوجهها إلى حكومة بغداد لتوفير النفط إلى النظام، وعاد نشاطه ليقتصر على عمليات التهريب.

فيما خفضت الشركات الروسية والإيرانية توريداتها للنظام على مختلف الأصعدة، كما أجبر الشركات الصينية على تعليق مشاريع في مجال الاتصالات والتكنولوجيا كانت تستعد لتنفيذها في سوريا، كون العقوبات تحد من هامش تحركاتها.

وسياسياً أسهم قانون قيصر بشكل كبير في وقف عمليات التطبيع التي كانت تعتزم بعض الدول العربية القيام بها، أو المشاركة في عمليات إعادة الإعمار، خاصة بعد التحذير الذي وجهته الولايات المتحدة الأمريكية إلى دولة الإمارات العربية من تعرضها للعقوبات بسبب إحياء العلاقات الدبلوماسية مع النظام

وانتقد وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد، قانون قيصر في آذار الفائت، وأكد خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف أن القانون يعتبر التحدي الأكبر الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع سوريا.

 ورداً على التصريحات أكد المبعوث السابق لوزارة الخارجية الأمريكية إلى سوريا جويل رايبورن أنه لا يوجد استثناءات لأصدقاء الولايات المتحدة ولا لغيرهم فيما لو فكروا في خرق عقوبات قانون قيصر، مشيراً إلى أن العقوبات ستطال كل من يخرق القانون.

وأضاف رايبورن أن واشنطن أرادت توجيه رسائل للعالم من خلال القانون، أبرزها أنه سيطال جميع رموز النظام، وأنه لا نصر عسكري في سوريا، وأن دول المنطقة تخاطر بتعريض نفسها للعقوبات في حال فكرت بالاستثمار في سوريا.