بررت وزارة الداخلية في حكومة النظام السوري انتشار المخدرات في سوريا وتهريبها منها إلى دول العالم، وذلك في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات.
وقال مدير إدارة مكافحة المخدرات بالوزارة نضال جريج في حديثه لوسائل إعلام موالية إن سبب زيادة أعداد المتورطين في جرائم المخدرات والكميات المضبوطة في السنوات الأخيرة يعود إلى الموقع الجغرافي لسوريا واعتبارها مركزاً للقارات مما جعلها دولة عبور بين الدول المنتجة للمخدرات والدول المستهلكة لها.
وأرجع جريح في رده على الانتشار الواسع للمخدرات في سوريا، إلى عدة أسبابها منها الأوضاع السياسية والأمنية المعقدة في المنطقة ، واستغلال الحدود لتحقيق أغراض إجرامية ، واستخدام المخدرات كأحد أدوات الإرهاب الموجه ضد سوريا.
وتحدث جريج عن إحباط عدد كبير من عمليات تهريب المواد المخدرة والشبكات العاملة، مشيراً إلى تحرير 7670 قضية و9837 متهماً في سوريا لعام 2020.
وبين جريح أن الضبوط المسجلة تنوعت بين ضبط أكثر من 4863 كيلو حشيش مخدر وأكثر من 26 مليون حبة كبتاغون ونحو 427 ألفحبة دوائية نفسية وأكثر من أربعة كيلوغرامات هروئين وأكثر من 219 غراماً من الكوكائين وأكثر من 517 من بذور القنب الهندي و27 غرامًا من ماريجوانا و200 غرام من الامفيتامين و93 غراماً من سيليفا و55 غراماً من زيت الحشيش.
وأشار جريح إلى أن الاستراتيجية المتبعة في الوزارة لمكافحة المخدرات تعتمد على سياسة "مكافحة العرض"، و"خفض الطلب"، والقيام بجميع وسائل التوعية الممكنة على وسائل الإعلام والندوات الحوارية للحد من انتشاره ومكافحته توعوياً.
وفي مطلع العام الفائت نشرت وزارة داخلية النظام صوراً لما قالت إنه اجتماع لـ اللجنة الوطنية لشؤون المخدرات، وزعمت أن ذلك للحد من انتشار المواد المخدرة فيما تضمنت تصريحات لوزير داخلية النظام برر خلالها تحول سوريا إلى معبر لتدفق المواد الممنوعة.
وزعم وزير داخلية النظام حينها "محمد الرحمون"، أن حكومة النظام كسائر الحكومات العربية والأجنبية تواجه تحديات ظاهرة المخدرات والاتجار بها وما تزال تلعب دوراً هاماً في دعم المجتمع الدولي لمكافحة الجريمة عموماً، وجريمة المخدرات بصورة خاصة.
وأعاد رحمون تبرير تحول سوريا إلى مصدر شحنات المخدرات إلى موقعها الجغرافي، الذي جعل منها بلد عبور زاعماً أن البلاد تعد بلداً نظيفاً من زراعة وإنتاج وتصنيع المخدرات بشتى أنواعها، واختتم جملة التبريرات بمزاعم مكافحة وزارته للمخدرات بالاعتماد على الحلول العلمية الوقائية طويلة الأمد.
وبحسب تصريحات سابقة لمدير إدارة المخدرات التابعة للنظام العميد حسين جمعة فإن القوات الأمنية ألقت القبض على 5752 متهماً في قضايا مخدرات، ضمن 4413 قضية، ومصادرة أكثر 3,4 أطنان من الحشيش و28 مليون حبة كبتاغون، و82 كيلو غرام من مواد التصنيع الأولية ، ما يشير إلى ارتفاع ملحوظ بنسبة عدد الضبوطات في العام الحالي.
فيما أشار إلى مصادرة أكثر من 370 ألفاً من الحبوب الدوائية النفسية، في حين تم ضبط 2,5 طن من الهيرويين، و 50010 كيلو من نبات القنب الأخضر في حين تم ضبط 515303 كيلو من بذور القنب الهندي.
وقال جمعة إن المهربين حاولوا استغلال الحدود المشتركة مع الدول لتهريب المخدرات إلى داخل سورية، مع ملاحظة تعدد الطرق المتبعة للتهريب، قائلاً: "إن الموقع الجغرافي للبلاد جعلها بلد عبور بين الدول المنتجة والمستهلكة"، وذلك في سياق نفي مسؤولية نظامه في تصدير شحنات المخدرات للعالم.
وتعتبر ميليشيات حزب الله التي تفرض سيطرتها على معظم المناطق الجبلية الحدودية بين لبنان وسوريا، بالشراكة مع الفرقة الرابعة متهماً رئيسياً في تجارة المخدرات والأسلحة التي يشرف عليها قادة الحزب المدعوم إيرانياً بهدف تمويل العمليات العسكرية والأمور المادية لعناصر الميليشيات التابعة لإيران في سوريا.
وفي وقت سابق أعلنت عدد من الدول العربية والأوروبية كـ" الأردن والسعودية ومصر واليونان وإيطاليا"، عن إحباط عدة عمليات تهريب للمخدرات قادمة من مناطق سيطرة ميليشيات النظام وإيران في سوريا.
وفي تموز من العام الفائت، أعلنت إيطاليا مصادرة أكبر شحنة من مخدر الكبتاغون على مستوى العالم إذ تبلغ 14 طناً وتقدر قيمتها بمليار يورو في مرفأ ساليرنو جنوب مدينة نابولي. وكانت المخدرات موجودة في حاويات مشبوهة تتضمن لفائف أوراق معدة للاستخدام الصناعي وعجلات حديدية.
ووفقاً للغارديان البريطانية فإن المسؤولين الإيطاليين ألقوا باللوم بداية الأمر على مسلحي تنظيم الدولة إذ اتهموا مسلحي التنظيم بتصنيع حبوب الكبتاغون التي تم مصادرتها، وبعد التوسع بالتحقيق وُجهت أصابع الاتهام إلى حزب الله الذي نفى أي صلة له بالحادث، رغم أن التجارة العالمية والإقليمية لمخدر الكبتاغون باتت مرتبطة بشكل وثيق بسوريا ولبنان والتي وصفتهما الغارديان "بالدولتين الفاشلتين".
ووفقاً لتحقيق نشره موقع الجريمة المنظمة والفساد في 16 من حزيران الحالي، فإن تجارة المخدرات ازدهرت في سوريا بالآونة الأخيرة على يد مرتبطين بعائلة الأسد، وبين التحقيق عن ضبط الحكومة اليونانية عام 2018 شحنة من الحشيش ومخدر الكبتاغون، تزيد قيمتها على مئة مليون دولار، مشيرةً إلى ضلوع أشخاص ذو صلة بعائلة الأسد وعصابة في ليبيا إلى جانب شركات وهمية مسجلة في العاصمة البريطانية لندن بعملية التهريب.
فيما قال موقع "COAR" في دارسة صادرة عنه في 27 نيسان الماضي، أن سوريا أصبحت مركزاً عالمياً لإنتاج الكبتاغون المخدر وأنها أصبحت متطورة أكثر من أي وقت مضى فيما يخص تصنيع المخدرات.
وبينت الدراسة أن قيمة الصادرات السورية من الكبتاغون بلغت ما لا يقل عن 3.46 مليار دولار أمريكي عام 2020، كما لفتت إلى استفادة النظام السوري من توسيع نطاق سيطرته العسكرية على الأرض، ما أتاح له ولحلفائه الإقليميين ترسيخ دورهم باعتبارهم مستفيدين رئيسين من تجارة المخدرات في سوريا.
سوريا دولة الكبتاغون
كشفت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير لها صدر في أيار الفائت كيف تحولت سوريا إلى دولة مخدرات عبر إنتاج مخدر الكبتاغون والذي يعرف بـ "فينيثيلين" وهو حبوب تعمل على تنشيط الجهاز العصبي.
وقالت الصحيفة إن قبل مصادرة السعودية لملايين من حبات الكبتاغون، أُحبطت في السابق على مدار العاميين الماضيين عمليات تهريب لهذا المخدر في الشرق الأوسط وأوروبا قدرتها الصحيفة بما لا يقل عن 15 شحنة من الكبتاغون.
ونقلت الصحيفة عن ستة مسؤولين في أجهزة شرطة واستخبارات في الشرق الأوسط وأوروبا قولهم إن كافة الشحنات كان مصدرها سوريا أو عبر الحدود اللبنانية حيث تشكلت عصابات إجرامية وزعماء ميليشيات وعصابات حدودية تصنع وتوزع كميات كبيرة من المخدرات على نطاق كبير.
ونقلت عن مسؤول بارز في بيروت قوله إن هذه العصابات خطيرة جدا، فهم لا يخافون من أي شيء. إنهم يختبئون لكن على مرأى من الجميع.
وأضافت الصحيفة أن الحدود بين سوريا ولبنان انعدم فيها القانون وباتت مرتعاً لعمليات التهريب والتي يتورط فيها مسؤولون من الجانبين، إذ ينقل المهربون الحشيش والكبتاغون عبر طريق ممتد من سهل البقاع اللبناني ومدينة القصير السورية الحدودية والطرق شمالاً عبر مناطق سيطرة العلويين باتجاه مينائي اللاذقية وطرطوس.
ووفقاً لصحيفة الغارديان، فإن اللاذقية تخضع لمراقبة كثيفة من أجهزة الأمن الأمريكية والأوروبية وأجهزة استخبارات أخرى، ورغم هذا وقعت بعض عمليات التهريب من المصدر، وتم إحباطها لاحقاً وشملت قرابة 5 أطنان من الكبتاغون تم ضبطها في اليونان، بالإضافة لشحنتين مماثلتين في دبي في العام ذاته وأربعة أطنان من الحشيش تم العثور عليها في ميناء بورسعيد المصري في نيسان 2020 كانت ملفوفة في مواد تابعة لشركة ميلك مان التي كانت في ذلك الوقت يمتلكها رجل الأعمال السوري رامي مخلوف.
وتقول الصحيفة إن الأمر ليس بالحديث بل يعود لأعوام ماضية حيث ذكرت أنها قابلت رجل أعمال سوري من مدينة اللاذقية طُلب منه في صيف 2015 أن يقوم باستيراد كميات كبيرة من فينيثيلين من الخارج.
وأضافت أن رجل الأعمال رفض وقرر الهروب خارج سوريا إلى فرنسا، مؤكداً للصحيفة أعرف ماذا يريدون مني أن افعله. إنهم يريدون المركب الأساسي للكبتاغون. وهذا الدواء ينم عن تجارة قذرة.