بعد فشل الاقتحام العسكري: التفاوض سيد الموقف في درعا

شهدت مدينة درعا  البلد وعموم محافظة درعا يوم أمس الجمعة، هدوءاً حذراً وذلك بعد يوم من الاشتباكات العنيفة التي أرغمت النظام السوري على العودة لطاولة التفاوض،  بعد فشل الاقتحام العسكري.
ومع تسجيل الأهالي " المعارضة" في درعا تفوقاً ضمن معطيات التطورات العسكرية الأخيرة في درعا، أعلن النظام السوري تعليق عمليته العسكرية وذلك بعد أسر عناصر المعارضة قرابة 200  عنصر عسكري وأمني من قوات الفرقة الرابعة والمليشيات التي شاركت بمحاولة اقتحام درعا البلد وغيرهم من العناصر المنتشرين على الحواجز في بلدات مختلفة.

فيما شهدت مدينة درعا البلد يوم أمس الجمعة اشتباكات متقطعة بين شبان المدينة وقوات النظام والأجهزة الأمنية التابعة لها من جانب آخر، وبحسب مصادر خاصة لـ" وكالة المجس" فإنه بالتزامن مع الاشتباكات كان هناك مفاوضات متواصلة  بخصوص شروط فك الحصار عن درعا البلد.
وأضافت المصادر أن المفاوضات لم تسفر عن أي حلول نتيجة إصرار النظام على ترحيل عدد من الأهالي وذلك ضمن قائمة كان قد سلمها للجنة التفاوض وطالب بترحيلها نحو الشمال السوري وذلك ما رفضته اللجنة بشكل قاطع.

وبينت المصادر بخصوص الاتفاقات المعقودة مع النظام السوري أنه كان يتم الاتفاق مساءً مع النظام على التهدئة، ومن ثم تقوم الفرقة الرابعة مع مليشيات إيران بنقض الاتفاق مع ساعات الفجر الأولى وتشن الهجمات
وتحاول اقتحام المنطقة وأضافت أن الفرقة الرابعة ومليشيات إيران تسعى من خلال الحملة العسكرية للسيطرة على الشريط الحدودي مع الأردن وإحكام قبضتها العسكرية على عدة مناطق بهدف تنفيذ عمليات تهريب المخدرات وتحقيق مكاسب اقتصادية أخرى.
وقالت مصادر مقربة من لجنة التفاوض في درعا إنه على الرغم من أن النظام وافق يوم أمس الجمعة، على إيقاف العملية العسكرية على درعا البلد إلى حين تنفيذ عدد من مطالبه، وفي مقدمتها ترحيل المطلوبين أمنياً نحو الشمال السوري، قبل الجلوس على طاولة تفاوض جديدة، إلا أن احتمال التوصل لاتفاق يبقى صعب التحقيق من دون ضغوط دولية في هذا الشأن.
واتهمت المصادر إيران بالوقوف وراء التصعيد بشكل كامل، وأن إيران تسعى للتمدد بشكل أكبر في الجنوب السوري، وأنها استخدمت الفرقة الرابعة التي باتت تهيمن على قرارها وتحركها عبر ضباطها التابعين للحرس الثوري الإيراني.
وعلى الصعيد الدولي تسعى الولايات المتحدة الامريكية التي كانت الداعم الأول لفصائل جنوب سوريا، لضمان عدم
تهجير أهالي جنوب سوريا، خشية إحداث تغيير ديمغرافي لصالح إيران يسمح لها بتشكيل حاضنة شعبية تستطيع من خلالها التحكم المطلق بالجنوب والسيطرة عليه، ما يجعل ذلك ورقة بيد طهران للضغط على إسرائيل، وما يدل على ذلك إصرار النظام على بند تهجير عناصر المعارضة مع عائلاتهم نحو الشمال السوري عند كل جولة تفاوض، الأمر الذي يؤدي لتحقيق أهداف استراتيجية كبيرة لإيران قد تجعلها المتحكم الأول بالجنوب السوري المحاذي لإسرائيل.
وأدانت الخارجية الفرنسية تصعيد النظام في درعا، وأشارت إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع الدائر في سورية، ولن تنتهي المأساة السورية إلا عبر عملية سياسية شاملة تستند إلى قرارات مجلس الأمن، مؤكدةً من جديد التزامها "بمكافحة الإفلات من العقاب لأخطر انتهاكات القانون الإنساني الدولي
".
فيما أعربت الأمم المتحدة، في بيانٍ أمس الجمعة، عن قلقها الشديد إزاء الأعمال القتالية في المنطقة التي تحاصرها قوات النظام والمليشيات الموالية لها، وتسعى إلى دخولها، وذلك عد نزوح آلاف الأهالي في أحياء طريق السد ومخيم الفلسطينيين في درعا ومخيم النازحين.
وقال نائبة المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إيري كانيكو أمس الجمعة، إن الأمم المتحدة تشعر بقلق بالغ، إزاء التقارير التي تؤكد سقوط ضحايا ونزوح المدنيين بسبب التصعيد المتزايد والأعمال العدائية في درعا،
وأعرب كل من المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سورية عمران ريزا، والمنسق الإقليمي للأمم المتحدة مهند هادي، عن قلقهما الشديد إزاء الأعمال القتالية في درعا البلد، التي أسفرت عن ثمانية قتلى من المدنيين على الأقل، ونزوح أكثر من 10 آلاف و500 شخص، وقصف مستشفى السلام بأربع قذائف هاون، وتدمير خزانات مياه، وتعطيل عمل وحدة غسيل الكلى.
وطالبا في بيان للأمم المتحدة، كافة الأطراف، بتوخي العناية المستمرة لتجنيب المدنيين والأماكن المدنية التعرض للأذى، وبالسماح وتسهيل المرور العاجل بدون عراقيل للمساعدات الإنسانية للمنطقة.
وكانت مدينة درعا شهدت، في 29 من تموز، تطورات متسارعة على الصعيد العسكري والميداني، إذ شنت قوات النظام مدعومة بالدبابات والمدرعات هجوماً عسكرياً على أحياء درعا البلد من محورين شرق المدينة، هما محور القبة ومحور حاجز القصاد.

وقالت مصادر " المجس" إن النظام قصف مدناً وقرى في درعا بصواريخ أرض- أرض شديدة التدمير لعدة مرات خلال يوم واحد، ما أدى إلى مقتل رجل وامرأة وثلاثة أطفال من عائلة واحدة في مدينة اليادودة غربي درعا..

وأضافت المصادر أن ثمانية مدنيين على الأقل قتلوا في استهداف قوات النظام لمناطق متفرقة من درعا، بينهم امرأة وأربعة أطفال..

وبينت المصادر أن الهجمات الصاروخية من قبل قوات النظام على أحياء درعا البلد، خلفت العديد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، مع عدم توفر أي إمكانات طبية عُقب إغلاق النقطة الطبية الوحيدة في درعا البلد جراء استهدافها من قبل قناصي الفرقة الرابعة.
وكانت قوات النظام شنت صباح اليوم الخميس 29 تموز، عملية عسكرية في منطقة درعا البلد تمثلت باقتحام المنطقة من عدة محاور، فيما تصدى لها عدد من الشبان المسلحين، وسط سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين.
فيما أطلق أهالي درعا البلد نداءات استغاثة، لانقطاع المواد الإسعافية عُقب إغلاق النقطة الطبية الوحيدة في درعا البلد يوم أمس جراء استهدافها من قبل قناصة الفرقة الرابعة.

وأعلن شبان في مدينتي جاسم ونوى والمنطقة الشرقية وبلدة تل شهاب ، تضامنهم مع درعا البلد في بيانات مصورة، مهددين النظام بالتصعيد في كافة أنحاء المحافظة في حال واصل حصار درعا البلد.

فيما بادر شبان في مدينة نوى إلى إغلاق الطرقات الرئيسية وأشعلوا الإطارات تضامناً مع درعا البلد، بينما سمع أصوات إطلاق نار كثيف من أسلحة رشاشة في بلدة صيدا شرقي درعا، ناتج عن مهاجمة مجهولين حواجز للأمن العسكري في البلدة بعد فجر اليوم الخميس.

وتعرضت حواجز على طريق "الجيزة، الغصم" لاستهداف ناري بعد منتصف الليل، كما تعرض حاجز عسكري يقع في مدخل مدينة نوى من جهة بلدة الرفيد لاستهداف بعيارات نارية من قبل أبناء المنطقة.

واستهدف مسلحون أيضا مقراً تابعاً لأمن الدولة في مدينة أنخل بريف درعا الغربي بالأسلحة الرشاشة، فيما هاجم شبان المركز الثقافي في مدينة جاسم الذي يتخذه فرع أمن الدولة مقراً له، مستخدمين الأسلحة الخفيفة.

وكانت لجان التفاوض في درعا البلد، أعلنت أنها عقدت اجتماعاً ضم اللجان المركزية في محافظة درعا مع ممثلين من اللواء الثامن أمس الأربعاء، في مدينة درعا، لبحث تطورات درعا البلد، وسط غياب تام لضباط النظام السوري.

وقالت اللجان إنها طالبت اللواء الثامن بإيصال مقترحها لضباط النظام، والمتضمن نشر 3 نقاط عسكرية في أحياء درعا البلد تضم عناصر من اللواء الثامن من أبناء المحافظة فقط.
فيما اتهم النظام السوري وعلى لسان قائد شرطته في درعا ضرار دندل يوم الأربعاء، وجهاء درعا بعدم الالتزام ببنود الاتفاق الموقعة والتي تنص على تسليم كامل السلاح المتوسط والخفيف المتواجد بحوزة أبناء درعا البلد.

ونقلت وسائل إعلام موالية للنظام عن دندل قوله، إن سكان درعا البلد بادروا بإطلاق النار على نقطة دوار الكرك، ما أدى إلى إصابة عدد من عناصر قوات النظام السوري، "مؤكداً أن قوات النظام التزمت بجميع البنود وقدمت بند فتح طريق السرايا على جميع البنود على الرغم من أنه كان آخر البنود المفترض تنفيذها".

وأضاف دندل أنه تم استدعاء الوجهاء في درعا البلد الذين وقعوا على الاتفاق، إلا أنهم تذرعوا بحصول اختلافات بوجهات النظر بينهم وفق قوله، مضيفاً أن مقاتلي المعارضة السابقين لم يقبلوا بتسوية أوضاعهم، وطالبوا بإخراجهم باتجاه الشمال السوري، إلا أن لجنة درعا البلد رفضت ذلك.

وفي 25 من تموز الحالي، عززت قوات النظام مواقعها العسكرية في محيط مدينة درعا البلد، بعد الاتفاق الذي قضى بفك الحصار عن المدينة مقابل عدة بنود

وكانت قد توصلت لجان التفاوض في أحياء درعا البلد يوم الجمعة 23 تموز، إلى اتفاق مع النظام السوري يقضي بإنهاء الحصار المفروض منذ أكثر من شهر على عدة أحياء داخل المدينة، من قبل قوات النظام وحليفته روسيا.

ويضمن الاتفاق عدم شن النظام أي عمليات عسكرية أو أمنية بحق سكان المدينة مقابل تسليم الأسلحة الخفيفة والفردية من قبل سكان المدينة، وتسوية أوضاع عدد من المطلوبين للنظام السوري من سكان المدينة، والسماح لمؤسسات النظام الأمنية بإقامة حواجز داخل المدينة.