واجه وزير الهجرة والاندماج الدنماركي "ماتياس تسفاي"، انتقادات من برلمانيي الاتحاد الأوروبي، بسبب سياسة بلاده المتمثلة بإلغاء صفة اللجوء عن بعض اللاجئين السوريين وإجبارهم على العودة إلى دمشق.
واستدعت لجنة الحريات المدنية والعدل والشؤون الداخلية التابعة للاتحاد الأوروبي، السفير الدنماركي لحضور جلسة استماع في البرلمان الأوروبي في بروكسل، بشأن سياسة اللجوء التي تتبعها الدنمارك، وفق ما نقلت وكالة "ريتزاو" الدنماركية.
وأكد أعضاء في لجنة الحريات المدنية والعدل والشؤون الداخلية الأوروبية على أنهم يعتقدون أن الدنمارك "لا تتضامن مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى ضمن هذه السياسة، لأن اللاجئين في الدنمارك كانوا أكثر عرضة لتقديم طلبات اللجوء في دول أخرى في الاتحاد بدلاً من العودة إلى سوريا".
وخاطبت النائبة الهولندية من مجموعة "رينيو الوسطية"، صوفي فيلد، الوزير الدنماركي بسؤاله "كيف تتوقع من اللاجئين أن يندمجوا في الدنمارك مع خطر إعادتهم".
بدوره قال النائب المالطي عن "الحزب الديمقراطي الاجتماعي"، سايروس إنجرير، إن "كل ما تفعله سياسة حكومتك هو إرسال إشارة إلى السوريين بأنهم غير مرحب بهم في الدنمارك".
ووصفت النائبة في البرلمان الأوروبي عن "تحالف الخضر"، تينيك ستريك، السياسات التي تتبعها الحكومة الدنماركية بأنها "نقطة أخلاقية متدنية".
وفي معرض رده، اعتبر الوزير الدنماركي أن على الاتحاد الأوروبي "تغيير نظام اللجوء لمنع تهريب البشر"، مشيراً إلى أنه "يجب أن نتأكد من أن أوروبا هي التي تتحكم في من يدخل الاتحاد، وليس مهربي البشر"، مجدداً ادعاء حكومته بأن "السوريين يمكنهم العودة بأمان إلى بعض الأجزاء في سوريا، بما في ذلك مدينة دمشق".
وأشار الوزير الدنماركي إلى أن بلاده، تعمل على إنشاء خطة لفتح مركز معالجة طلبات اللجوء في دولة ثالثة، مشيراً إلى أن حكومته اختارت رواندا لتكون موقع مرفق اللجوء الدنماركي في الخارج.
وأعرب عن أمله بأن يلهم المشروع الدنماركي دولاً أخرى لاتخاذ خطوة مماثلة، إلا أن بعض الأعضاء في البرلمان الأوروبي تساءلوا عن الكيفية التي تمكن الدنمارك من ضمان حماية حقوق طالبي اللجوء في مواقع خارج الاتحاد الأوروبي.
وفي منتصف العام 2020، أصبحت الدنمارك أول دولة في الاتحاد الأوروبي تعيد فحص طلبات نحو 500 لاجئ سوري ينحدرون من محافظة دمشق، الخاضعة لسيطرة النظام، معتبرة أن الوضع الحالي في دمشق لم يعد يمثل تبريراً لتصريح الإقامة أو تمديدها، وعلى الرغم من انتقادات داخلية ودولية، بما في ذلك من خبراء تستخدمهم الحكومة الدنماركية المنتمية للحزب الديمقراطي الاجتماعي، رفضت وزارة الهجرة والاندماج في المملكة تغيير موقفها.
وفي وقتٍ سابق انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إزالة الدنمارك تدابير الحماية للاجئين السوريين القادمين من دمشق وريفها، وشددت على أن التقارير الخاطئة الخاصة ببلد اللاجئين الأصلي تؤدي إلى سياسات خاطئة بشأن اللاجئين.
مساعي لمحاسبة الدنمارك أمام المحكمة الأوروبية
وفي تموز الفائت أعلنت مجموعة من النشطاء والمحامين، استعدادها لرفع دعوى ضد الحكومة الدنماركية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لنيتها إعادة لاجئين سوريين إلى بلادهم بذريعة أن سوريا أصبحت آمنة، وقالوا إن محاولة الدنمارك لإعادة مئات السوريين إلى دمشق بعد اعتبار المدينة آمنة ستشكل سابقة خطيرة للدول الأخرى لفعل الشيء نفسه.
وبدأت السلطات في الدنمارك برفض طلبات اللاجئين السوريين لتجديد الإقامة المؤقتة الصيف الماضي، وبررت هذه الخطوة بأن الوضع الأمني في بعض أجزاء سوريا تحسن بشكل كبير ويعتقد أن حوالي 1200 شخص من دمشق يعيشون حاليا في الدنمارك قد تأثروا بهذه السياسة الجديدة، وفقا لصحيفة الغارديان البريطانية.
ويبلغ عدد سكان الدنمارك 5.8 مليون نسمة، حوالي 500 ألف منهم ولدوا في الخارج وهناك 35 ألف لاجئ سوري. لكن في السنوات الأخيرة، تأثرت سمعة الدولة الاسكندنافية بمجال التسامح والانفتاح مع ظهور حزب الشعب الدنماركي اليميني المتطرف، وبما أن الدنمارك لا تقيم علاقات دبلوماسية مع نظام الأسد، فإن اللاجئين السوريين الذين رفض تجديد إقامتهم يواجهون احتمال التوقيف إلى أجل غير مسمى في مراكز الاحتجاز.
وكانت الدنمارك قد قررت الصيف الماضي إعادة النظر في ملفات السوريين المنحدرين من العاصمة دمشق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، في خطوة اتسعت لتشمل المنحدرين من محيط دمشق، بدعوى أن الوضع الراهن في دمشق لم يعد يبرر تصريح الإقامة أو تمديده، تلاه سحب تصاريح إقامة 248 شخصاً كانوا قد حصلوا في الأصل على تصريح مؤقت فقط، وفقاً للأرقام الصادرة عن وكالة الهجرة.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في الدنمارك 21 ألفاً و980 لاجئاً، بحسب الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي.