استولت ميليشيا “لواء فاطميون” الأفغانية التابعة للحرس الثوري الإيراني، خلال الأيام الماضية، على بيوت تابعة للمدنيين في منطقة السكرية غربي مدينة البوكمال، بحسب مصادر لـ"وكالة المجس" بريف دير الزور.
وقالت المصادر إن الميليشيا أخلت بعض مقراتها في منطقة الحمدان على أطراف مدينة البوكمال من جهة البادية، واستولت على بيوت موجودة على الشارع العام عند مدخل المدينة الغربي.
وأضافت المصادر أن الميليشيا اختارت بيوتاً ضمن أبنية يتواجد فيها محال تجارية أو صناعية، وأخبرت أصحاب المحال بأن يمارسوا أعمالهم اليومية بشكل طبيعي وأن لا يغلقوا أبوابهم ولا يخلوا محالهم.
وأشارت المصادر إلى أن الميليشيا أغلقت المدخل الأمامي للبناء وفتحت مدخلاً آخر من الجهة الخلفية، وكسرت بعض الجدران بين البيوت لتفتحها على بعضها وتصبح مقراً واحداً، حيث يضم البناء عدداً من القياديين الأفغان بالإضافة لعناصر وأسلحة وذخائر نقلتها الميليشيات من مقراتها القديمة.
وتكثف الميليشيات الأجنبية التابعة لإيران والمتواجدة في مدن وقرى دير الزور، منذ مطلع العام الجاري، من عمليات الاستيلاء على المنازل والأراضي في المحافظة، فيما يبدو أنه أمرُ دُبر بليل لمحاولة خلق مستوطنات شيعية داخل المدن والقرى وبالأخص تلك الواقعة على الحدود العراقية السورية.
وأفادت مصادر خاصة في دير الزور، في 18 حزيران، بقيام الميليشيات الإيرانية المنتشرة بمناطق ريف دير الزور شرقي سوريا، بمصادرة عدد من المنازل تزامناً مع قيام جهات إيرانية ببناء منازل لتوطين قادة المليشيات فيها.
وقالت المصادر إن المليشيات الإيرانية استولت على عدد من المنازل في مدينة البوكمال الواقعة على الحدود العراقية-السورية بحجة انتماء مالكيها لفصائل المعارضة المسلحة وتنظيم الدولة، ومشاركتهم في عمليات عسكرية ضد الميليشيات في المحافظة.
وأضافت المصادر أن الميليشيات منعت الأهالي في البوكمال من إخراج أثاث المنازل التي استولت عليها، وحذرتهم من الاقتراب من المنازل المُصادرة واعتبرت ذلك شكلاً من أشكال التعاون مع أشخاص متهمين بقضايا إرهابية ما قد يعرضهم للاعتقال بذات التهم.
وتعتبر مدينة البوكمال ذات أهمية كبيرة في عيون الإيرانيين، وجسراً برياً لإيران لتوريد الأسلحة لمقاتليها وميليشياتها داخل الأراضي السورية، كونها تضم المعبر البري الوحيد بين سوريا والعراق، عُقب سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" على معبر اليعربية الحدودي مع العراق ، وسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على معبر التنف في دير الزور. وتشكل البوكمال عقدة مواصلات برية مهمة، حيث يشكل موقعها الجغرافي امتداداً لصحراء الأنبار العراقية، كما ترتبط بصحراء السويداء ودرعا وتدمر ودير الزور.
كما تعتبر مدينة البوكمال معبراً برياً دولياً بالنسبة للإيرانيين حيث سارعت إيران منذ اللحظات الأولى لدخول دير الزور، إلى السيطرة على مدينة البوكمال على طول الحدود السورية العراقية، وجعلها ممراً برياً إيرانياً إلى لبنان والبحر الأبيض المتوسط عبر سوريا والعراق
وتولي إيران البوكمال أهمية كبيرة لعلمها أن جغرافية المنطقة تمكنها من تعزيز نفوذها في سوريا، واعتبرت إيران البوكمال ذات أهمية استراتيجية كبيرة في تقوية التحالف الثلاثي للجمهورية الإسلامية مع بغداد ودمشق.
كما جاء في تصريحات لوكالات أنباء إيرانية وأبرزها مهر فإن السيطرة الإيرانية على البوكمال تمهد الطريق أيضا أمام إيران لمواجهة التواجد العسكري الأمريكي في شمالي شرقي سوريا ومعبراً لقوات الحشد الشعبي وجماعات أخرى بدخول الأراضي السورية بالكامل والقتال إلى جانب النظام السوري.
ويُقدر عدد المنازل المصادرة في مدينة البوكمال وحدها خلال شهر نيسان الفائت بأكثر من 60 منزلاً في أحياء مدينة البوكمال بريف دير الزور.
وعملت الميليشيات الإيرانية في المدينة على تحويل قسم من هذه المنازل إلى مقرات عسكرية، والآخر لإقامة عائلات عناصرها وقياداتها، للاحتماء من الضربات الجوية التي تنفذها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ضدها.
وتعود ملكية المنازل المُصادرة لمدنيين سوريين يقطنون في دول الخليج العربي والدول الأوروبية أو لعناصر من الجيش الوطني السوري، المناهض للنظام السوري، إلا أن الميليشيات غالباً ما توجه تهمة دعم الإرهاب لمالكي العقارات لمصادرتها بشكل شرعي.
وتقوم الميليشيات في المدينة بعدة إجراءات لإضفاء الصيغة القانونية على عمليات الاستيلاء، وبحسب مصادر خاصة تخضع المنازل المُصادرة إلى نقل ملكية لأشخاص سوريين موالين لها أو من عناصرها المحليين في البداية، ثم تنقل الملكية إلى عناصر أجنبية حاصلة على الجنسية السورية بقرارات من النظام.
وبدأت إيران منذ سيطرتها على المدينة بالسيطرة على منازل المدنيين واتخاذها كمقرات لها، حتى انها قامت بطرد بعض العائلات من منازلها وهو ما حصل في حي الكتف في البوكمال.
حيث قامت ميليشيا حيدريون في أيار 2019، بالاستيلاء على كامل الحي، وقامت باتخاذ المنازل بالحي كمقرات لها، ومنعت المصلين من أداء صلاة الجمعة بمسجد الحسين في الحي وطلبوا منهم الذهاب للصلاة في جامع عمر بن الخطاب، بذريعة قربه من المقرات الأمنية.
ومن أبرز الميليشيات الإيرانية في البوكمال والتي تشرف بشكل مباشر على مصادرة المنازل والاستيلاء عليها، ميليشيا حزب الله ثم يليها كل من حركة النجباء والإمام علي، ثم فاطميون وفيلق القدس وأبو الفضل العباس وحيدريون .
ومنذ السيطرة على المدينة بدأت الميليشيات المذكورة بالتمركز داخل البوكمال واتخاذ مقرات لها في أحياء المدينة، حيث صادرت عدداً من منازل المدنيين في حي الفيلات وعدة مبان حكومية وحولتها لمقار لها، وبدأت تلك الميليشيات بنشر حواجز لها على مداخل ومخارج المدينة وفي داخل احيائها.
وتشهد البوكمال صداماً بين الميليشيات الإيرانية وقوات الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري في المدينة، حيث حصلت عدة اشتباكات بين الطرفين أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، على خلفية خلافات حول إدارة المدينة وتوزيع مناطق النفوذ، حيث يعمل كل طرف على فرض السيطرة المطلقة على المدينة.