مخاوف من الترحيل: إيقاف الحماية المؤقتة لآلاف اللاجئين السوريين في تركيا

في خطوة مفاجئة وغير متوقعة، أوقفت السلطات التركية قيود آلاف السوريين المشمولين بنظام الحماية المؤقتة المعروف باسم "الكملك"، ما أثار مخاوفاً كبيرة لدى اللاجئين السوريين، من احتمالية استغلال القرار من قبل بعض الولايات التركية في ترحيل اللاجئين السوريين بشكل قسري إلى سوريا.
وقال مراسل وكالة "المجس" في إسطنبول، إن دائرة الهجرة التركية بدأت في إيقاف وثائق الحماية المؤقتة للاجئين السوريين في البلاد، ممن لم يقوموا بتثبيت عناوين إقاماتهم بعد، مشيراً إلى أن معاملة تثبيت النفوس باتت تشكل عبئاً على السوريين في تركيا، وذلك لتعقيدها وحظر التثبيت في عدد كبير من الأحياء داخل الولايات.
ونقل المراسل عن العديد من اللاجئين السوريين في تركيا، قولهم إنهم قاموا في وقتٍ سابق بتثبيت عناوينهم واستكملوا كافة الأوراق الرسمية إلا أنهم فوجئوا، أمس الأربعاء، بإيقاف قيد الكملك الخاص بهم، بذريعة عدم تثبيت مكان السكن، معبرين عن استغرابهم من الإجراءات التي يتبعها نظام إدارة الهجرة في تركيا حيال اللاجئين السوريين.
وعبر اللاجئون عن تخوفهم من أن تكون الإجراءات الجديدة نوعاً من الإجراءات التضييقية التي تستهدف اللاجئين السوريين بشكل خاص في تركيا، مشددين على أن توالي الخطابات العنصرية من المعارضة التركية، وازدياد عدد الأتراك المعارضين للوجود السوري في البلاد، قد يكون ساهم بشكل أو بآخر في إصدار السلطات التركية الإجراءات المذكورة، وذلك لأهداف انتخابية، على غرار ما تفعله أحزاب المعارضة.
وأشاروا إلى أن مديريات الهجرة في تركيا، تطلب من مراجعيها الحصول على موعد لتثبيت القيد وتحديث البيانات، وذلك لإعادة استئناف قيود الكملك التي تم إيقافها، موضحين أن المواعيد غير متوفرة وتحتاج شهوراً حتى يتم الحصول عليها، وهو ما يعرض وجود اللاجئين السوريين في تركيا للخطر، حال إيقافهم من قبل دوريات الشرطة المنتشرة في الولايات التركية.
وبينوا أن اللاجئين السوريين في العديد من الولايات التركية، يجدون صعوبة بالغة في إيجاد مسكان بديلة للتي يقطنونها، وذلك بعد قرار السلطات التركية حظر تسجيل السوريين في أحياء معينة تقطنها نسبة كبيرة من السوريين، مشيرين إلى أن الانتقال من منزل لآخر في منطقة أخرى، يزيد من الأعباء المالية للسوريين، كما أنه قد يتسبب في بعض الأحيان بإيقاف كرت الهلال الأحمر، الذي تتقاضى بموجبه العائلات السورية التي يزيد عدد أفرادها عن 5 أشخاص معونات مالية شهرية.
وأضافوا أن إيقاف قيد وثائق الكيملك، سيحرم آلاف السوريين من مراجعة المشافي أو صرف الأدوية بسعر مخفض أو التسجيل في المستوصفات والمدارس ودوائر الدولة بشكل عام، كما أنه سيعرض بعضهم للترحيل في أي وقت حال إيقافه من قبل دوريات الشرطة.
فيما بررت السلطات التركية قرار إيقاف الكملك لآلاف اللاجئين السوريين بالقول، إن توقيف القيد يعود إلى عدم التحقق من تثبيت العنوان، مبينةً أن عناصر الشرطة التركية لم تستطع التأكد من عناوين عشرات آلاف السوريين المقيمين على أراضيها، والتي سبق وسجلوها لدى السلطات على أنها عناوين ثابتة لهم.
بدوره قال وزير الداخلية التركي "سليمان صويلو قبل يومين، إنه نتيجة العملية التي يجريها ضباط إنفاذ القانون عبر زيارتهم عناوين اللاجئين السوريين، فقد تقرر أن 80 في المئة منهم يعيشون في عناوينهم المحددة، وبأن هذه النسبة ستصل إلى معدل 90 في المئة مع استمرار العملية، مشيراً إلى أن قرابة 120 و130 ألف سوري لم يتم العثور عليهم في عناوينهم، وظلوا معلقين لفترة طويلة جداً، وربما يكونون قد ذهبوا إلى خارج البلاد.
وقبل شهرين أطلقت السلطات التركية حملة إحصائية، جالت بموجبها الشرطة التركية في كافة ولايات البلاد، على عناوين السوريين المثبتة لدى دائرة الهجرة، للتأكد من وجود أصحابها داخل المنازل، فيما حال غياب الكثير من السوريين عن المنزل بسبب العمل أو أسباب شخصية أخرى، إلى عدم تثبت الشرطة التركية من العناوين الخاصة بهم، وهو ما تسبب بإيقاف قيود الكملك الخاص بهم في وقتٍ لاحق.
ومنذ مطلع العام الجاري، تتواصل سياسات التضييق المتعمدة التي تتبعها الحكومة التركية، والبلديات التابعة لأحزاب المعارضة التركية، على اللاجئين السوريين القاطنين في البلاد، وسط اتهامات بوجود قوانين تستهدف السوريين في البلاد بحجة منع التكتلات.
منع تكتل الأجانب
وفي شباط الفائت أعلنت وزارة الداخلية التركية، عن تفاصيل الخطة التي سمتها "مكافحة التركيز المكاني" والتي تستهدف توزيع نحو 3.7 مليون سوري يعيشون تحت الحماية المؤقتة في تركيا على جميع ولايات البلاد البالغ عددها 81 ولاية.
وقالت صحيفة "حرييت" التركية، إن الخطة الجديدة للحكومة التركية، بدأت بعد مقتل المواطن التركي "أميرهان يالتشين" على يد سوريين في شهر آب الفائت، في حي "ألتينداغ" في العاصمة أنقرة، وما تبعه من أعمال شعب، أُجبرت الحكومة على إثرها إلى نقل ما يقارب 5 آلاف أجنبي خارج المنطقة منعاً لتصاعد عمليات العنف.
وتهدف الخطة التركية الجديدة إلى منع السوريين من تكوين أحياء خاصة بهم داخل المدن التركية، كما أنها تتضمن عدم  السماح بتجاوز نسبة الأجانب المقيمين في الأحياء التركية 25% من النسبة الإجمالية للسكان،
وبحسب الداخلية التركية فإن الخطة ستسير عبر خطوتين ما من شأنه تخفيف التكتل السوري في الولايات، ومنع التصادم والتجمعات.
وتشمل الخطوة الأولى من الخطة، إغلاق 16 ولاية تركية أمام تسجيل الأجانب فيها وهي "أنقرة، أنطاليا، أيدين، بورصة، تشاناكالي، دوزجي، أدرنة، هاتاي، إسطنبول، إزمير، كيركلاريلي، كوجالي، موغلا، سكاريا، تكيرداغ ويالوفا"، أي ما مجموعه 800 حي بحسب وزارة الداخلية.
وتشمل الخطوة الثانية تسكين السوريين في البلديات والمدن ذات الكثافة السكانية وفي أقضية ومحافظات على أساس تطوعي، حيث تهدف الإدارة الأمنية في تركيا إلى تأمين الاندماج مع الحياة المجتمعية، ومعالجة المشكلات الأمنية، وتنسيق الخدمات العامة، ومنع التفكك الاجتماعي.