رغم معاداتها للاجئين: الدنمارك تفتتح متحفاً يروي قصص اللاجئين

افتتحت ملكة الدنمارك "مارغريت"، متحفاً جديداً يحكي قصة أجيال اللاجئين الذين شكلوا المجتمع الدنماركي، بدءاً بالألمان الذين فروا من الغزو السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية.
يحمل متحف اللاجئين اسم " Flugt"، وتعني الهروب بالدنماركية. وقد تم إنشاؤه في منطقة آوكسبول، جنوبي غرب الدنمارك، حيث يبعد 170 ميلًا عن العاصمة كوبنهاغن، و60 ميلًا عن الحدود مع ألمانيا، ويضم نحو 100 ألف لاجئ ألماني في سنوات ما بعد الحرب.
ويحكي "فلوت" أيضاً قصة مهاجرين من إيران ولبنان والمجر وفيتنام وأماكن أخرى ممن فروا من أوطانهم ووجدوا مأوى في الدولة الاسكندنافية. وهم يروون قصصهم بكلماتهم الخاصة على شاشات فيديو كبيرة.
وشُيد المتحف تحديداً في موقع مخيم كان يأوي ما يصل إلى 100 ألف لاجئ من ألمانيا، في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية.
سوسن غريب، فلسطينية من دون جنسية ولدت في مخيم للاجئين في لبنان وعاشت هناك حتى هربت ووصلت إلى الدنمارك العام 1985، قالت في أحد مقاطع الفيديو: "أن تكون لاجئاً ليس شيئاً يقرره المرء. إنه ليس اختياراً شخصياً لأحد، إنه أمر يحدث"، حسبما نقلت وكالة "أسوشييتد برس".
من جانبه أوضح أمين المتحف "كلاوس كيلد جنسن" أن الهدف من المتحف هو تحويل الأرقام إلى أشخاص وتسليط الضوء على القضايا العالمية والانفعالات والمخاوف الكثيرة المرتبطة بكونك شخصاً هارباً.
ويحمل المكان من حيث التصميم توقيع المهندس المعماري الدنماركي البارز بياركيه إنغلز، وهو يتألف من مبنى حديث مصنوع من الخشب والزجاج، ويربط بين ملحقين كانا في سنوات ما بعد الحرب مبنيَي مستشفى.
الكيل بمكيالين
وبالتزامن مع افتتاح متحف اللاجئين، تُجبر الدنمارك طالبي اللجوء، لا سيما فئة النساء الشابات على العودة إلى بلدانهم ضمن سياسة صفر طلبات لجوء.
وفي تقريرٍ سابق قالت الغارديان إنه على خلاف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تعتبر الدنمارك سوريا آمنة لعودة اللاجئين منها، ولكن نظراً لأنه يمكن تجنيد الرجال في الجيش وغالباً ما يكون لدى النساء الأكبر سناً أطفال مسجلون في المدارس الدانماركية، فإن السياسة الجديدة تؤثر في الغالب على شريحتي الشباب واللاجئين الأكبر سناً.
من جانبها قالت "ليزا بلينكينبيرغ" من منظمة العفو الدولية، إنه "في عام 2015، شهدنا تغييراً تشريعياً يعني أنه يمكن سحب تصريح إقامة اللاجئين بسبب التغييرات في وطنهم، لكن التغيير يجب ألا يكون جوهرياً"، وأضافت ثم في عام 2019 قررت خدمات الهجرة الدنماركية أن العنف في دمشق قد توقف وأنه يمكن إعادة السوريين إلى هناك.
ووصفت بلينكينبيرغ سياسة الدنمارك تجاه طالبي اللجوء واللاجئين، بأنها أصبحت أكثر عدائية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، مشيرةً إلى أنه في عام 2019، أعلن رئيس الوزراء الدنماركي أن الدانمارك لا تريد أي طالبي لجوء، وقد كانت تلك إشارة قوية حقاً إلى السياسة التي ستنتهجها الدنمارك تجاه اللاجئين.
انتقادات أوروبية طالت الدنمارك
وفي وقتٍ سابق واجه وزير الهجرة والاندماج الدنماركي "ماتياس تسفاي"، انتقادات من برلمانيي الاتحاد الأوروبي، بسبب سياسة بلاده المتمثلة بإلغاء صفة اللجوء عن بعض اللاجئين السوريين وإجبارهم على العودة إلى دمشق.
واستدعت لجنة الحريات المدنية والعدل والشؤون الداخلية التابعة للاتحاد الأوروبي، السفير الدنماركي لحضور جلسة استماع في البرلمان الأوروبي في بروكسل، بشأن سياسة اللجوء التي تتبعها الدنمارك، وفق ما نقلت وكالة "ريتزاو" الدنماركية.
وأكد أعضاء في لجنة الحريات المدنية والعدل والشؤون الداخلية الأوروبية على أنهم يعتقدون أن الدنمارك "لا تتضامن مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى ضمن هذه السياسة، لأن اللاجئين في الدنمارك كانوا أكثر عرضة لتقديم طلبات اللجوء في دول أخرى في الاتحاد بدلاً من العودة إلى سوريا".
وخاطبت النائبة الهولندية من مجموعة "رينيو الوسطية"، صوفي فيلد، الوزير الدنماركي بسؤاله "كيف تتوقع من اللاجئين أن يندمجوا في الدنمارك مع خطر إعادتهم".
وفي منتصف العام 2020، أصبحت الدنمارك أول دولة في الاتحاد الأوروبي تعيد فحص طلبات نحو 500 لاجئ سوري ينحدرون من محافظة دمشق، الخاضعة لسيطرة النظام، معتبرة أن الوضع الحالي في دمشق لم يعد يمثل تبريراً لتصريح الإقامة أو تمديدها، وعلى الرغم من انتقادات داخلية ودولية، بما في ذلك من خبراء تستخدمهم الحكومة الدنماركية المنتمية للحزب الديمقراطي الاجتماعي، رفضت وزارة الهجرة والاندماج في المملكة تغيير موقفها.