الإسلامي السوري يُتحف السوريين بفتوى جديدة: الكارثة مستمرة

المجس-ضياء محمد
على مر التاريخ الإسلامي، ومنذ انتشار الإسلام في أصقاع الأرض، كان الناس يستقون دينهم من كتاب الله وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، انطلاقا من قول الله (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) وظلوا على ذلك قروناً طويلة.
ومع مرور السنين استحدثت الدول الحديثة، منصباً ما سمعنا به في آبائنا الأولين، ألا وهو منصب " المفتي"، بدعوى تنظيم الأمور الدينية وإصدار الفتاوى الشرعية، في كل حدث يحل بالأمة أو بالدولة، ومع استحداث هذا المنصب، بل "اختراعه" بصورة أدق، باتت مهمة المفتي في الدول العربية والإسلامية، مسايرة السلطات الحاكمة، وإصدار الفتاوى التي تُحرم الخروج عليها، أو عصيان أوامرها، أو حتى سلك طرق التهريب، التي تتقاضى عليها الأموال لمنع المهاجرين من الوصول إليها.
ولشرح مهمة المفتي، لا بد لنا من التطرق إلى فتوى المجلس الإسلامي السوري، الذي يتزعمه مفتي سوريا "أسامة الرفاعي"، والتي حرمت على السوريين سلك طرق الهجرة غير الآمنة، متوعدةً إياهم بالإثم والعذاب الأليم حال مخالفة تلك الفتوى العظيمة.
لم يكتف المجلس الإسلامي ومفتيه، بالوعيد والتهديد، بل تعداه لوصف طالبي اللجوء الذين يسلكون طرقاً غير آمنة بأنهم "آثمون ومجرمون" في حال تعرض أحدهم للموت، مؤكداً على استحياء أن المتسبب بسلك طالبي اللجوء تلك الطرق أيضاً "آثم ومشارك في الجرم".
وقال حساب "المجلس الإسلامي السوري" إن الفتوى (الصميدعية) جاءت رداً على التساؤلات الواردة حول حوادث الغرق والهلاك والقتل على طرق الهجرة (التهريب) إلى أوروبا وغيرها، وأنها جاءت لتبيان هل يجوز لأحد أن يرسل عائلته أو بعض أفرادها من خلال هذه الطرق؟.
وشدد المجلس في فتواه، على أن السفر في الطرق غير الآمنة يتضمن مفاسد ومحاذير شرعية أخرى، كـ "تعريض النفس للإهانة والأذى والإذلال في أثناء السفر على يد تجار البشر وخفر السواحل وجنود الحدود وغيرهم، فضلاً عن إضاعة الأموال بدفع المبالغ الكبيرة لقاء التهريب، أو احتيال المهربين بأخذ الأموال من الناس وتركهم مشردين أو تائهين، أو تسليمهم لحرس الحدود".
وخلصت الفتوى إلى أن "كل سفر لم يكن آمناً، ويتعرض فيه المسافر لخطر الموت أو الضياع أو الغرق فهو سفر ممنوع شرعاً، ويأثم قاصده وطالبه، مثله الطرق البرية التي فيها خطر التعرض للهلاك جوعاً أو عطشاً، أو هجوم السباع، ونحو ذلك".
وتوعد البيان الذي حمل توقيع 19 شيخاً من مشائخ المجلس، كل من تسول له نفسه بالهجرة بالقول: "من سلك هذه الطرق غير الآمنة في السفر فهو آثم، وإذا أفضى ذلك إلى موته أو موت من هم تحت ولايته؛ فالإثم أعظم، وهو من التسبب في القتل"، وأردف " ومن ادعى أنه مضطر لهذه الهجرة، فإنه لا يسلم له في معظم الأحوال، ولعل بقاءه حيث هو يكون أرجى للسلامة من ركوب المخاطر".
والآن، وبعد أن نقلنا بشكل حرفي فتوى "المجلس الإسلامي السوري"، أليس من حق السوريين بشكل عام، وسالكي الطرق الوعرة غير "الآمنة" ممن يبتغون تأمين مستقبل أفضل لهم ولعائلاتهم، أن يسألوا المجلس والرفاعي، عن بعض الطرق "الآمنة" التي تجنبهم وأطفالهم، براميل الأسد الوحشية، وعنصرية دول الجوار التي ادعت نصرة السوريين بدايةً، ثم ألقتهم في غياهب مراكز الترحيل، لترحيلهم بشكل طوعي!.
أليس من حق السوريين أن يسألوا المجلس الإسلامي السوري عن مقر إقامته، ولماذا لا يدخل إلى شمال سوريا ليُشاركهم بنفسه، وماله، وعوائله، مصاعب الحياة في ظل أزمة اقتصادية متصاعدة، وقصف مستمر لا يتوقف، وضامن لا يأبه في الوقت الحالي إلا بمصالحه الانتخابية.
قيل قديماً " إذا تكلم المرء في غير فنه، أتى بالعجائب"، ولعل هذا القول الذي قاله الإمام ابن حجر العسقلاني، بات ينطبق بشكل حرفي على مشائخ المجلس الإسلامي السوري، الذين جعلوا من الدين والإفتاء مجرد هواية ووظيفة سياسية، لخدمة مصالح سياسية لدول بعينها، مبتعدين في فتاويهم عن الواقع السوري المظلم المليء بالدم، بل ومتوعدين المظلومين بالإثم والإجرام، حال تفكيرهم في تغيير نمط حياتهم الممزوج بالدماء والأشلاء وانعدام مقومات الحياة.

 

ذات صلة