حكومة الجولاني تعتزم إصدار بطاقات شخصية للسكان في إدلب

أكد رئيس مجلس الوزراء في حكومة الإنقاذ العاملة في منطقة إدلب، والمُتهمة بالتبعية الكاملة لهيئة تحرير الشام، المهندس علي كده، أن حكومة الإنقاذ سوف تعمل على إصدار بطاقات شخصية للسكان في المناطق المُسيطر عليها من قبل الحكومة شمال غربي سوريا حتى نهاية شهر كانون الثاني الجاري، بحسب ما أفادت به وكالة "أنباء الشام" التابعة للحكومة.
وأضاف كده أن إصدار البطاقات الشخصية من الأهداف والرؤى القريبة التي وضعتها الحكومة، لافتاً إلى أن حكومة الإنقاذ ستعمل على رفع جودة الخدمات المقدمة في مناطق عملها، مع زيادة عدد المشاريع الخدمية وتفعيل المشاريع الاستثمارية.
وأوضح أن "هناك العديد من الأهداف الثانوية التي ستعمل عليها حكومة الإنقاذ، منها دورات للكادر القضائي بشكل عام والقضاة والعاملين في المحاكم، وإخضاع رجال الشرطة لدورات، بالإضافة لإحصاء المراكز الصحية من أجل زيادة عدد المشافي في المنطقة، معتبراً أن الحكومة ستحقق مبدأ الكفاءة الإدارية والتخصصية في المجالات كافة.
تصريحات كده، جاءت خلال كلمة ألقاها ضمن الجلسة الرابعة لمنح الثقة لحكومة الإنقاذ أمام مجلس الشورى العام في مدينة إدلب، الاثنين الفائت، عرض فيها رئيس الحكومة البرنامج والرؤية المستقبلية للحكومة، وموضحاً الأهداف المراد تحقيقها.
وأعلن مجلس الشورى العام، الاثنين، عن منح الثقة لحكومة الإنقاذ، برئاسة علي كدة، حيث أطلق الأخير سلسة من الوعود والأهداف بعد منح الثقة لتسع حقائب وزارية في حكومة الإنقاذ.
وتشهد منطقة إدلب غضباً شعبياً من قبل السكان والنازحين تجاه حكومة الإنقاذ، وذلك لعدة أسباب أبرزها هيمنتها على المعابر و احتكار استيراد المحروقات، والتحكم باقتصاد المنطقة ومفاصلها، فضلاً عن رفع أسعار السلع والوقود ومادة الخبز، بالتزامن مع تردي الوضع المعيشي لدى غالبية السكان وارتفاع نسبة البطالة، وسط اتهامات للحكومة بتبعيتها لهيئة تحرير الشام، خصوصاً أن تشكيلها وعملها في منطقة إدلب جرى بإشراف ومساندة من هيئة تحرير الشام.
وفي 24 تشرين الثاني الفائت، عقدت حكومة الإنقاذ، اجتماعاً طارئاً حضره مجلس الشورى العام ووزارة الاقتصاد، والقائد العام لهيئة تحرير الشام " أبو محمد الجولاني"، وذلك بالتزامن مع تصاعد الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مناطق شمال غربي سوريا، وارتفاع الأصوات المطالبة بإيجاد حلول للأزمة.
الاجتماع جاء حينها لمناقشة الوضع الاقتصادي في الشمال السوري، وخصوصا أزمة الخبز في شمال غربي سوريا، وذلك نتيجةً للضغوطات الشعبية، وتعالي الأصوات المنتقدة لأداء حكومة الإنقاذ وأبو محمد الجولاني بسبب إدارتهم الفاشلة للأزمة الاقتصادية.
وسائل إعلام مقربة من حكومة الإنقاذ، قالت إن اجتماعات الحكومة المؤقتة بالجولاني أسفرت عن عدة حلول أُطلق عليها اسم " بشريات لسكان إدلب"، وتتلخص بقرب انتهاء أزمة الخبز في المنطقة، عبر تثبيت سعر الربطة عند سعر ليرتين ونصف ورفع وزنها من 450 إلى 600 غرام.
وأضافت أن الجولاني تعهد بتقديم مبلغ 3 مليارات دولار بشكل إسعافي لتثبيت سعر ووزن ربطة الخبز، بعيداً عن ارتفاع الأسعار وانخفاض سعر صرف الليرة، وهو ما يفضح بشكل مباشر الميزانية الضخمة لهيئة تحرير الشام، مقارنة بباقي الفصائل العسكرية، والمكتسبات الكبيرة لها شمالي سوريا عبر سن قوانين وضرائب مالية، عن طريق ذراعها المدني المتمثل بحكومة الإنقاذ.
وأشارت إلى أنه من ضمن الحلول التي طرحها الجولاني، تقديم الدعم لأربعين فرناً، وهو ما يعتبر نسبة ضئيلة مقارنةً بأعداد الأفران المنتشرة في إدلب، والكثافة السكانية المرتفعة والتي يقدر عدد السكان فيها بأكثر من أربعة ملايين ونصف.
وبالتزامن مع الدعم المزمع تقديمه للأفران لتثبيت سعر ووزن مادة الخبز، رفعت حكومة الإنقاذ وفي إجراء لاقى استهجاناً شعبياً رسوم استخراج الأوراق الثبوتية في دوار النفوس والمحاكم والعقارات إلى الضعف بحسب عدد من المراجعين لتلك الدوائر بحجة انخفاض سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار، وهو ما اعتبر تعويضاً للمبالغ المقدمة إلى الأفران على حساب المدنيين والمراجعين داخل الدوائر الرسمية التابعة لحكومة الإنقاذ.
ومن جانبها، أصدرت شركة وتد للبترول التابعة لهيئة تحرير الشام، تعميماً يقضي برفع أسعار المحروقات والغاز، وتحويله إلى الدولار الأمريكي، معللةً ذلك بأنه بسبب انخفاض سعر صرف الليرة التركية.
وفي تقريرٍ سابق لـ"المجس" اتهم تجار من مدينة إدلب، هيئة تحرير الشام بالوقوف الفعلي وراء أزمة الخبز، وذلك عبر احتكار تجارة واستيراد الطحين من قبل تجار أو شركات تابعة لها، الأمر الذي يرفع أسعار الطحين، بالإضافة إلى الرسوم التي يفرضها معبر باب الهوى على الطحين المستورد، ولو بكميات قليلة، والتي تعود عائداتها للهيئة.
وأضافوا أن تحرير الشام عملت على منع التجار الغير تابعين لها من استيراد الطحين من تركيا، وذلك ضمن إجراءات ممنهجة تهدف لإقصاء مستوردي الطحين، وحصره في التجار التابعين لها، وأشاروا إلى ضرورة تخلي معبر باب الهوى عن الرسوم المفروضة على مادة الطحين في سبيل إنهاء الأزمة.
من هي حكومة الإنقاذ
أُعلن عن تشكيلها في 2 تشرين الثاني عام 2017 في الشمال السوري المحرر في وقت كانت تشهد فيه مدينة ادلب العديد من النزاعات المدنية والعسكرية في ظل هيمنة " تحرير الشام " على المحافظة واقتتالها مع الفصائل العسكرية الموجودة.
بدأت الحكومة بفرض سيطرتها على المنطقة، وطرد الحكومة السورية المؤقتة منها، بدعم كامل من الهيئة.
في 12 ديسمبر 2017، أصدرت حكومة الإنقاذ بياناً دعت فيه الحكومة السورية المؤقتة لإخلاء مكاتبها من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في غضون 72 ساعة، فضلاً عن استبدال بعض المجالس المحلية التي تديرها الحكومة السورية المؤقتة بمجالس موالية لحكومة الإنقاذ السورية وقامت الهيئة بدورها بتسليمها “الإدارة المدنية للخدمات” مع مؤسساتها الخدمية من مياه وكهرباء ومواصلات وغيرها.
وتشكلت الحكومة حينها من 11 حقيبة وزارية برئاسة "محمد الشيخ" إضافة إلى وزارات الداخلية، العدل، الأوقاف، التعليم العالي، التربية والتعليم، الصحة، الزراعة، الاقتصاد، الشؤون الاجتماعية والمهجرين، الإسكان والإعمار، والإدارة المحلية، كما قامت بتشكيل أربع لجان هي: هيئة التفتيش، وشؤون السجناء والمفقودين، وهيئة التخطيط والإحصاء، واتحاد النقابات العمالية.
وعملت حكومة الإنقاذ بعد تشكيلها، على بسط سيطرتها على إدارة المعابر مع تركيا ومناطق النظام للحصول على مواردها المالية كمعبر باب الهوى ومعبر العيس في ريف حلب الجنوبي ومعبر مورك بريف حماة الشمالي ومعابر أطمة الحدودية مع عفرين.
وفي 6 يناير 2018، أعلنت حكومة الإنقاذ السيطرة على جامعة حلب الحرة التي عملت على تأسيسها الحكومة السورية المؤقتة، وأغلقت العديد من الكليات في الدانا وسرمدا ما أدى الى احتجاجات كبيرة بين الطلاب.
وتعتبر حكومة الإنقاذ " الذراع المدنية لهيئة تحرير الشام " فخلال أكثر من ثلاث أعوام على إعلان سيطرتها على مدينة إدلب ومحيطها بات واضحا حجم الاستغلال الذي تمارسه بحق المواطنين ومنظمات المجتمع المدني فقد استخدمت القبضة الامنية بحجة تنظيم العمل المدني ولتمكين نفوذها ومحاربة المؤسسات التي تقدم الخدمات والغيرمنضوية تحت رايتها كما فرضت نفسها كجهة مدنية شرعية وتفردت في الإدارة المدنية لصالح الهيئة في ظل غياب شبه كامل للخدمات العامة.
وشهدت مدينة إدلب خلال الفترات السابقة سلسلة احتجاجات شعبية ضد الحكومة، بعد صدور عدة قرارات جائرة بحق المدنيين و غلاء في الأسعار وانقطاع الوقود والتضييق على مزارعي الزيتون والافران .
ويترأس الحكومة الحالية "علي عبد الرحمن كده"، وهو أمني سابق في فيلق الشام، من مواليد قرية حربنوش بريف إدلب عام ١٩٧٣، وهو مهندس الكترون خريج الأكاديمية العسكرية، انشق عن النظام منذ عام ٢٠١٢، وعمل في الشرطة الحرة وفي إدارة المجالس المحلية في المنطقة، وكان معاوناً لوزير الداخلية في حكومة الإنقاذ السابقة.
وتسلم علي كده رئاسة حكومة “الإنقاذ” للمرة الأولى، في 18 من تشرين الثاني 2019، بعد حصوله على ثلثي أصوات أعضاء مجلس الشورى، وهو ثالث رئيس للحكومة بعد كل من محمد الشيخ وفواز هلال.
وتسيطر “الإنقاذ” على مفاصل الحياة في محافظة إدلب وريف حماة الشمالي الخاضع لسيطرة المعارضة، وجزء من ريف حلب الغربي، خدمياً وإدارياً، وأحدثت سلسلة من المكاتب الزراعية والتعليمية والاقتصادية، وبدأت بإقامة مشاريع خدمية داخل المدينة.