الإدارة الذاتية في طريقها لاحتكار عمل المنظمات شمال شرقي سوريا

طالبت الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، الذراع المدني لقوات سوريا الديمقراطية، كافة المنظمات المحلية والدولية العاملة في مناطق سيطرتها، تزوديها بمعلومات مفصلة حول أعداد الموظفين، ومناصبهم، وقيمة رواتبهم، مهددةً باتخاذ إجراءات عقابية بحق المنظمات غير الملتزمة بالقرار الصادر.
وطالب التعميم الذي أرسله مكتب الشؤون الإنسانية التابع للإدارة الذاتية إلى المنظمات، والذي اطلعت وكالة "المجس" على نسخةٍ منه، المنظمات بمعلومات تشمل كافة البيانات المتعلقة بعملها واسماء موظفيها والمناصب التي يشغلونها والرواتب التي يتقاضونها، مع تحديد مدة العقد لكل موظف، مؤكداً أن مهلة تسليم البيانات المطلوبة تنتهي في منتصف الشهر الجاري.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن الإدارة الذاتية تهدف من الإحصاء الأخير لعمل المنظمات، وأعداد موظفيها، وبيان المبالغ المالية التي يتقاضونها، إلى فرض ضريبة مالية على العاملين في المنظمات، مؤكدةً أنها ليست المرة الأولى التي تطالب فيها الإدارة المنظمات بالطلبات ذاتها، كاشفةً عن مطالب مشابهة قُدمت سابقاً للمنظمات المحلية والدولية، وقوبلت بالرفض، ما أسفر عن تأجيل النقاشات.
وأضافت المصادر أن الإدارة الذاتية بررت الطلبات المُقدمة للمنظمات الدولية والمحلية، بأنها تندرج في إطارات محاولات الإدارة مكافحة الفساد والمحسوبيات في عمليات التوظيف، وضبط الحصول على المنح من الجهات الدولية المانحة، فضلاً عن قضايا أخرى تتعلق بالأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع الدعم للخلايا الإرهابية النشطة شمال شرقي سوريا.
وأشارت المصادر إلى أن الإدارة الذاتية عمدت في الآونة الأخيرة إلى التضييق على عمل المنظمات المحلية، مبينةً أنها علقت خلال الأشهر الفائتة، الرخص الممنوحة للعديد منها لأسباب أمنية تتعلق بالإرهاب، فضلاً عن إغلاق عدة مكاتب للمنظمات المحلية دون توضيح الأسباب، موضحةً أن قرارات الإغلاق المذكورة، جاءت عُقب محاولات فاشلة من الإدارة الذاتية لضبط عمل المنظمات وتأطيرها ضمن المنظمات التابعة لها.
ولفتت المصادر أن سياسية الإدارة الذاتية الحالية، تتجه إلى احتكار عمل المنظمات والمشاريع القائمة عليها، بعد ضبطها واحتكارها لكافة الأمور المتعلقة بالتجارة والصناعة، واستيراد المواد، موضحةً أن تركيز الإدارة الذاتية في الوقت الحالي، يصب تجاه عمل المنظمات المحلية والدولية، في محاولة من الإدارة لكسب مبالغ مالية طائلة، عبر فرض الضرائب المالية على الموظفين والتدخل في شؤون التوظيف ومنح المشاريع للمنظمات المحلية بحسب الولاء والتبعية لها.
ونوهت المصادر إلى أن الإدارة الذاتية تحتكر عمليات توزيع المعونات الإنسانية في المنطقة، والتي تتم عبر المجالس المحلية وأعضاء لجان الإحياء التابعة للإدارة، فضلاً عن تدخلها الدائم في مشاريع المنظمات الدولية المحلية، وإجبارها تلك المنظمات على إقامة المشاريع في مناطق محددة توليها الإدارة اهتماماً خاصاً، في إطار سياسة تهميش متعمدة من قبل الإدارة لعدد كبير من المناطق التي تحتوي بمجملها على المكون العربي والعشائري.
وفي ذات السياق، قال أحد العاملين في المنظمات المحلية شرقي سوريا، في حديث لـ"وكالة المجس" إن التضييق الأمني والاستخباراتي الممُارس على المنظمات المحلية، والتهديد المستمر بإغلاقها ومنعها من مزاولة عملها، سيؤثر بشكل سلبي على الأوضاع المعيشية للسُكان في شمال شرق سوريا، كاشفاً أن الإدارة تسعى من خلال تلك الممارسات للحد من انتقادات المنظمات الموجهة لها، والمتعلقة بسوء الخدمات والفساد والانتهاكات المستمرة في المنطقة.
وكانت الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، دعمت في تشرين الأول العام الفائت، تأسيس تحالف منظمات المجتمع المدني في شمال وشرق سوريا، والذي ضم قرابة 200 منظمة، في ظل مساعيها الحثيثة للاستفادة بشكل سياسي واقتصادي من إنشاء تحالفات مدعومة من قبلها وتخدم أجنداتها وسياساتها في المنطقة.
وقالت وسائل إعلام مقربة من الإدارة الذاتية إن المؤتمر الذي عُقد برعاية الإدارة وقوات سوريا الديمقراطية يهدف إلى تحقيق تأسيس تحالف منظمات المجتمع المدني، وإفراز الوثائق التأسيسية وتشكيل الهيئات واللجان عبر الانتخابات والتصويت المباشر، وذلك بحضور 200 ممثل عن المنظمات الموجودة في المنطقة.
وعبر مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية حينها، عن دعم قواته لمثل هذه المشاريع قائلاً: “ندعم جميع المؤسسات المدنية في شمال وشرق سوريا ، التي تعمل على تطوير المجتمع والعمل على أسس الديمقراطية. فهي تدل على تقدم المجتمع إلى الأفضل”.