إدلب: حراك شعبي معارض للعملية العسكرية في شمال وشرق سوريا

بالتزامن مع التهديدات التركية المستمرة بشن عملية  عسكرية في مناطق شمال وشرق سوريا، شهدت محافظة إدلب الواقعة شمال غرب سوريا، حراكاً شعبياً معارضاً لتلك العملية، حمل عدة مطالب أبرزها تغيير وجهة العملية لإعادة المدن الرئيسية التي استولى عليها النظام السوري والروس خلال الحملات العسكرية المخالفة لاتفاق سوتشي.
وخلال الأيام الفائتة تناقلت وسائل إعلام محلية، صوراً تظهر تجمع العشرات من المدنيين في مدينة سرمين شرق محافظة إدلب، وذلك لمطالبة الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية بشن عمليات عسكرية ضد قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية، المتمركزة في المدن الحيوية جنوب وشرق المحافظة.
وأظهرت الصور والمقاطع المصورة، عدة مطالب تقدم بها الحراك إلى تركيا وفصائل المعارضة، حيث رُفعت لافتات كتب عليها عبارات نددت بخطط التقسيم الجارية في سوريا، ورافضةً لبيوت الطوب التي أعلن الرئيس التركي عن بدء إنشائها، داعيةً لإعادة المدنيين إلى مدنهم وقراهم.
وطالب المتظاهرون الفصائل العسكرية بتحرير القرى والبلدات من النظام والروس والإيرانيين، وشددوا على رفضهم القاطع لسياسة التغيير الديمغرافي عبر لافتة كُتب عليها "لا للتغير الديموغرافي واقتلاع السكان من منازلهم".
هتافات معادية لأردوغان
المظاهرة تعدت اللافتات الرافضة للتقسيم والداعية لتغيير وجهة العملية العسكرية التركية، إلى هتافات طالت للمرة الأولى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث أظهرت مقاطع الفيديو هتاف المتظاهرين "الشعب يريد إسقاط أردوغان، الشعب يريد تحرير البلاد".
وبين أحد القائمين على الحراك الشعبي في فيديو مصور أن التظاهرة جاءت للتعبير عن رفض إطلاق معارك هامشية لا تقدم ولا تؤخر، ولا تُفيد السوريين في شيِء، مشيراً إلى وجوب فتح معارك تجاه المواقع المُسيطر عليها من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية في إدلب.
وأضاف " نرفض بيوت الطوب التي وعدت تركيا بها بإدلب، وإقامة مدن للمهجرين، ونقض اتفاقيات سوتشي وأستانا المبرمة بين تركيا وإيران وروسيا"، لافتاً " نؤيد الحل السياسي الذي يتضمن وحدة الأراضي السورية وعودة المهجرين إلى منازلهم، وإسقاط النظام السوري".؟
وكانت وسائل الإعلام التركية قد قالت، الجمعة، إن 90% من التحضيرات للعملية العسكرية التركية قد اكتملت، وإطلاقها ينتظر قرار أردوغان، موضحةً أن مرحلتها الأولى ستنحصر في غرب الفرات وستكون تحديداً في منطقة تل رفعت، وأضافت أن الأهداف اللاحقة هي عين عيسى ومنبج، فوضع منطقة شرق الفرات لا يزال معقداً ويحتاج لتحضيرات ولقاءات سياسية.
فيما أكد مجلس الأمن القومي التركي،عُقب اجتماعه مساء الخميس برئاسة أردوغان، أن العمليات العسكرية الجارية حالياً على الحدود الجنوبية للبلاد والأخرى التي ستُنفذ، ضرورة للأمن القومي، وأنها لا تستهدف سيادة دول الجوار.
وشدد المجلس، وفق بيانه، على أن "أنقرة التزمت دائماً بروح وقانون التحالفات الدولية، وتنتظر المسؤولية والصدق نفسيهما من حلفائها"، وأضاف: "وجهنا دعوة للدول التي تنتهك القانون الدولي بدعم الإرهاب للتخلي عن موقفها والأخذ بعين الاعتبار مخاوف تركيا الأمنية"، موضحاً أن "العمليات التي ستُنفذ على الحدود الجنوبية هي لتطهير المنطقة من الإرهاب ولا تستهدف بأي حال من الأحوال سلامة وسيادة دول الجوار".
الانتشار التركي في إدلب
ويتوزع الجيش التركي على عدة قواعد عسكرية جنوب طريق "M4"، تقع معظمها قرب خطوط التماس مع قوات النظام السوري وروسيا،، ويبلغ عدد القواعد التركية هناك قرابة 26 قاعدة تتوزع على قرى "البارة، كنصفرة، فركيا، تل معراتا، قوقفين، ترعان، معرزاف، تلة النبي أيوب، معترم، النيرب، كفرحايا، أرنبة، قسطون، محمبل، أبديتا، الزيادية، مجدليا، معر طبعي، شنان، سرجة، بليون، احسم، نحلة، الرويحة".
فيما تسيطر فصائل المعارضة المسلحة على عدد من القرى والبلدات التي يمر منها طريق الـ M4"" أبرزها" قمة النبي أيوب، البارة، كفرشلايا، بسامس، جوزيف، معراتا، أرنبة، بلشون، بليون، بلين، كنصفرة، الموزرة، كفرعويد، فريكة، إشتبرق، الناجية، أريحا، معربليت، كفرلاتا، منطف، أورم الجوز، كفرحايا، شنان، مرعيان، الرامي، إحسم، رويحة، بينين، فركيا، الفطيرة، سفوهن، فليفل، عين لاروز، وبلدات أخرى في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، بالإصافة لقرى في سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي.
وكانت موسكو وأنقرة قد توصلتا في آذار 2020 إلى تفاهم تم بموجبه تجميد العمليات العسكرية ووقف إطلاق النار في شمالي غربي سوريا، إلا أن عدة مصادر مطلعة أشارت إلى انزعاج موسكو من عدم استعادة الحركة على الطريق الدولي M4" "وفق ما نص عليه الاتفاق المعقود بين الرئيسين رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين بسبب تعقيدات ميدانية.
وتتهم موسكو على الدوام "المجموعات المتشددة" بنسف الجهود تجاه فتح التجارة على الطريق الدولي، من خلال استهداف الدوريات الروسية التركية المشتركة على الطريق المذكور خلال العام الفائت.
وتعد هذه المجموعات التي تصنفها موسكو باعتبارها "إرهابية" إضافة إلى هيئة تحرير الشام والتي تسيطر على جل الشمال الغربي من سورية، من الأسباب التي تحول دون التوصل لتفاهمات إقليمية حول مصير محافظة إدلب ومحيطها. كما يتخذها النظام وحلفاؤه ذريعة لاستهداف المدن والقرى.