بعد إعفاء قيصر: هل تستثمر السعودية في مناطق الأكراد

عُقب إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، استثناء بعض المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، والجيش الوطني المدعوم من أنقرة، من قانون عقوبات قيصر المفروض على النظام السوري، بدأت الأحاديث عن احتمالية حصول انتعاش اقتصادي كبير في تلك المناطق، وسط تأكيدات بوجود فرص لاستثمار خليجي واسع استناداً إلى الإعفاء الأمريكي.
ومع تكثيف واشنطن من اجتماعاتها شمال شرق سوريا، وتأكيدها على ضرورة تحسين الأوضاع المعيشية هناك، وتعزيز الاستقرار، وتهيئة ظروف مادية للسكان تحول دون عودة تنظيم الدولة، تداولت صفحات إخبارية أنباء عن اعتزام شركة سعودية متخصصة بمجال إعادة التدوير، البدء بالاستثمار في مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
الحديث عن عزم الشركة السعودية دخول خط الاستثمار، تزامن بشكل مباشر مع إعلان الولايات المتحدة عن السماح بالاستثمارات الأجنبية في مناطق محددة، من دون أن تخضع هذه الاستثمارات لعقوبات قانون قيصر.
وبحسب مصادر اقتصادية، تتحضر "الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير/سرك"، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السيادي السعودي التابع للحكومة، للتوقيع على عقد استثماري للعمل في مجال إعادة تدوير مخلفات البناء في شمال شرق سوريا.
وكشفت المصادر عن حصول عدة اجتماعات خلال الفترة الفائتة بين مسؤولين في الإدارة الذاتية، وعدد من المستثمرين السعوديين بهدف مناقشة كيفية الاستثمار في المنطقة بعد القرار الأميركي الأخير بخصوص استثناء المنطقة من العقوبات الدولية.
وأشارت إلى وجود ثلاثة عروض من شركات ومستثمرين أجانب، موضحةً أنها ما زالت في سياق العرض، ولم يتم الاعتماد أو التوقيع بشكل رسمي حول أي استثمار، مبينةً أن الإدارة الذاتية تقوم بالعمل على سن قانون رسمي، تضمن من خلاله حقوق المستثمرين والعاملين في الاستثمارات، وكافة الأمور المتعلقة بها.
ولفتت أن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أوعزت لعدة مراكز ومنظمات مدنية بدراسة احتياجات المنطقة والتقت بعدد من المستثمرين، وقدمت دراسات وخطط تنموية ليتخذ المستثمرون بناءً عليها، قرارهم النهائي بالاستثمار في المنطقة.
وعلى الرغم من تأكيد عدة مصادر الأنباء المتداولة حول الاستثمار السعودي في مناطق الأكراد، إلا أن الرئيس المشترك لهيئة الاقتصاد في الادارة الذاتية التابعة لقسد "سلمان بارودو"، سارع لنفي الأنباء، مؤكداً أنه لاوجود لأي مؤشرات بهذا الخصوص، وسط صمت رسمي من الشركة السعودية "سرك" التي لم تُدلي بأي تعليق حول الموضوع.
وقبل أيام، قال مسؤول هيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية، إن الإدارة تعمل على إصدار قانون الاستثمار في مناطق شمال شرقي سوريا، من أجل حماية المستثمرين وممتلكاتهم وحقوقهم وأموالهم، وذلك بعد إعفاء واشنطن مناطق في الشمال السوري وغير الخاضعة لحكومة دمشق من العقوبات الاقتصادية الدولية.
وفي منتصف نيسان الفائت رحبت قوات سوريا الديمقراطية بقرار واشنطن رفع العقوبات المفروضة على الاستثمارات الأجنبية في المناطق غير الخاضعة لسيطرة نظام الأسد في شمال وشرق سوريا، فيما أبدت استعداداً لاستقبال شركات الاستثمار.
وقال " مظلوم عبدي" قائد قوات سوريا الديمقراطية في تغريدة له على موقع "تويتر"، إنهم يرحبون بالقرار وبجميع الشركات للاستثمار هنا، معتبراً القرار الأمريكي خطوة جيدة لإعادة بناء البنية التحتية ودعم الاقتصاد، داعياً الشركات المحلية والدولية إلى الاستثمار في المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، مشيراً إلى أنها خطوة لترسيخ استقرار مستدام.
احتمالية استثمار السعودية في مناطق قسد
الكاتب الصحفي الكردي "جوان حمو" رجح خلال حديثة لـ"وكالة المجس" أن تكون الأنباء حول نية السعودية الاستثمار في مناطق الإدارة الذاتية صحيحة، مشيراً إلى أن السعودية سبق ودعمت قسد مالياً وعسكرياً خلال الفترة الفائتة التي شهدت تدهوراً كبيراً في العلاقات بين الرياض وأنقرة.
وأضاف حمو أنه على الرغم من أن قسد تمتعت بعلاقة ودية مع السعودية خلال الفترة السابقة إلا أنها لم تستطع حينها جذب أي استثمار سعودي أو خليجي إلى مناطق سيطرتها، بسبب قانون قيصر الأمريكي، وتخوف الشركات من التعرض للعقوبات الأمريكية حال خرقة.
ولفت أن الوضع الحالي والعلاقات بين قسد والسعودية، لا تتمتع بذات الودية التي كانت عليها خلال المراحل الفائتة، مرجعاً ذلك إلى حصول مصالحة تركية- سعودية، مبيناً أن زيارة أردوغان الأخيرة إلى السعودية والاستقبال الرسمي الحافل الذي حظي به، قد يُعرقل بشكل كبير أي استثمار سعودي مفترض في شمال وشرق سوريا، وذلك تجنباً لإغضاب أنقرة وحفاظاً على العلاقات الدبلوماسية معها.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة، قد تعمل على دفع حلفائها في الخليج، إلى الاستثمار في شمال شرق سوريا ومناطق النفوذ التركي في ريف حلب "درع الفرات"، وذلك لإرضاء تركيا التي قد يساعدها تدفق الاستثمارات الأجنبية على تنفيذ مخطط إعادة أكثر من مليون لاجئ سوري إلى بلادهم، بشكل طوعي.
وكانت تركيا قد أدانت الإعفاءات الأمريكية لمناطق قسد على لسان رئيسها، رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو.
وقال أردوغان في حديث للصحفيين، لن نقبل هذا الخطأ الأمريكي، فيما اعتبر وزير خارجيته أن القرار شرعنة لوجود وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني الإرهابي.
ويخضع النظام السوري لعقوبات قانون قيصر منذ 17 حزيران 2020، وسُمي بهذا الاسم نسبةً إلى المصور المنشق عن النظام، الذي سرب نحو 55 ألف صورة تثبت مقتل آلاف المعتقلين في سجون النظام  في الفترة بين عامي 2011 و2013.