بتمويل إيراني: تغيير ديمغرافي جنوبي سوريا

تتطلع إيران بعد تمكنها من تثبيت موطئ قدم راسخ لها في شرقي سوريا، على الرغم من تعرض قواتها هناك مؤخراً لغارات جوية مكثفة من قبل الطيران المجهول الذي تتهم طهران واشنطن وتل أبيب بالوقوف خلفه، إلى تثبيت مشابه لتواجدها المدني والعسكري في جنوبي سوريا، المتاخم للحدود الإسرائيلية السورية.
وتعتبر سوريا دولة ذات موقع بالغ الأهمية في منطقة النفوذ التي تعمل إيران منذ أعوام على مدها غرباً وصولاً إلى ضفة البحر المتوسط، إلا أن ما يعكر صفو الإيرانيين في سوريا، وجنوبها على وجه الخصوص، التركيبة السكانية التي تختلف عن العراق ولبنان، حيث يعتبر الشيعة في سوريا من ضمن الأقليات، وهو ما يحد بشكل كبير من قدرة طهران على التغلغل السريع فيه.
استيطان إيراني جنوبي سوريا
كشف تقرير للمخابرات العسكرية الإسرائيلية أن جهات إيرانية أرسلت في الشهور الأخيرة حقائب مليئة بالدولارات إلى عدة جهات في البلدات السورية الجنوبية، في منطقتي حوران والجولان، بغرض تجنيدها لأهدافها السياسية والعقائدية، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط".
وأشار التقرير إلى أن الأموال وصلت إلى عدد من قادة المجتمع في مدينة السويداء، أبناء الطائفة الدرزية، التي عرف بعضها بتأييده للنظام، ويبدي تحولاً نحو إيران وحزب الله اللبناني، موضحاً أن الأموال وصلت إلى قادة  في بلدة قرفا التي نجحت إيران في تحويلها من المذهب السني إلى المذهب الشيعي، وإلى جهات أخرى تسعى لتجنيدها أو تشييعها واستخدامها في تسهيل مهمات حزب الله.
ولفت التقرير أن النشاط الإيراني بدأ في الاتساع مؤخراً، خصوصاً في منطقتي الجنوب والشرق، وكذلك قرب الحدود مع لبنان، وذلك بعد فرار آلاف السوريين من منازلهم، مبيناً أن جهات تابعة لإيران تقوم بشراء تلك المنازل، وتستقدم سكان جدد من إيران، أو من العراق وأفغانستان واليمن، وغيرها، مستغلين الأوضاع المعيشية الصعبة للسوريين ، لإنشاء جمعيات خيرية تهدف لإغراء السكان.
وحمل التقرير النظام السوري المسؤولية عن التمدد الإيراني الأخير، رغم إشارته إلى أن التمدد المذكور بات يقلق النظام السوري وإسرائيل وروسيا وعدة دول في المنطقة، لافتاً أن إسرائيل التي تحارب التموضع الإيراني العسكري في سوريا، لا تجد وسيلة ناجعة لمحاربة الاستيطان المدني للإيرانيين.
وكانت مجلة "فورين بوليسي" أصدرت في وقتٍ سابق تقريراً تحت عنوان: "إيران تحاول تحويل سوريا إلى التشيع"، قالت في إنه مع مرور10 أعوام على الحرب السورية، تحاول إيران جعل تأثيرها دائماً.
وأضافت الصحيفة أن نظام الأسد الأب كان أول من أعطى شرعية للخميني وثورته الإسلامية في إيران، لكنه كان حذراً من السماح لإيران بتوسيع نفوذها في سوريا، كما فعلت في لبنان عبر حزب الله.
وأرجع التقرير حالة اليأس التي أصيب بها بشار الأسد، واضطراره للاستنجاد بالإيرانيين، إلى تمكن الإيرانيين من التغلغل في سوريا بذريعة الدفاع عن الأسد ضد قوات المعارضة، حيث جندت إيران الميليشيات من أفغانستان والعراق وباكستان للدفاع عن النظام.
وأشارت إلى أنه مع انخفاض وتيرة المعارك في سوريا، جندت إيران ميليشيات محلية سورية بذريعة حماية المزارات الشيعية، ووطدت علاقتها مع الجهاز العسكري، وخاصة الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد.
وبينت أن الجماعات التي تدعمها إيران باتت تسيطر على ضواحي دمشق، وتحرس البلدات الاستراتيجية على الحدود السورية- اللبنانية، وهي حاضرة بأعداد كبيرة قرب الحدود السورية مع إسرائيل، ولديها عدة قواعد في حلب، وأقامت منذ هزيمة تنظيم داعش عام 2018 عدداً من المعسكرات قرب الحدود السورية- العراقية.
وأوضحت أن إيران عملت على دفع أموال طائلة للسُنة للتقرب منهم، وقدمت لهم المحفزات لكي تضمن اصطفافهم إلى جانبها، حيث دفعت أموالاً نقدية للمحتاجين السوريين مع جرعة ثقيلة من التثقيف في المدارس الدينية، ومنحاً لأطفالهم للدراسة في الجامعات الإيرانية، فضلاً عن افتتاح إيران عدداً من المدارس والجمعيات الخيرية والمزارات، حيث لم تجد مقاومة كبيرة للتوسع في دمشق وحلب، وحاولت إغراء قادة العشائر في دير الزور للتوسع في المحافظة، بحسب الصحيفة.

ذات صلة