بعد تعيين وزير دفاع جديد: هل بات الطريق إلى التوحد العسكري سالكاً

قبل أيام أعلن الائتلاف الوطني السوري انتخاب العميد حسن حمادة وزيراً للدفاع في الحكومة المؤقتة. وحصل حمادة على غالبية أصوات أعضاء الهيئة العامة للائتلاف والتي اجتمعت في دورتها العادية الرقم 59 في إسطنبول، بحسب موقع الائتلاف.
تعيين حمادة جاء بعد أكثر من شهر على استقالة اللواء سليم إدريس من منصبه كوزير للدفاع ورئيس لأركان الجيش الوطني السوري، في خطوة عبرت عن مدى الفشل الحاصل ضمن المؤسسة العسكرية، على الرغم من محاولات إدريس العديدة إنعاش المؤسسة العسكرية الرسمية للمعارضة، والحد من تشتت الفصائل وتهربها من الالتزام بدعم مشروع وزارة الدفاع.
وشغل العميد حمادة منصب نائب وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة منذ العام 2017، وكان قد انشق عن قوات النظام في 21 حزيران 2012 بعدما انطلق بطائرته الحربية من مطار خلخلة العسكري في السويداء متجهاً نحو الأردن.
وكانت وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة قد تأسست بداية العام 2017 بالتزامن مع تأسيس الجيش الوطني، وتسلم حينها جواد أبو حطب منصب وزير الدفاع إلى جانب رئاسة الحكومة، تلاه اللواء سليم إدريس الذي استقال أوائل أيلول الفائت.
ونشرت الحكومة السورية المؤقتة عبر موقعها الرسمي موافقة رئيسها عبد الرحمن مصطفى على استقالة اللواء سليم إدريس، دون الخوص في الأسباب والتفاصيل.
وجاء بالبيان الذي تقدم به اللواء سليم إدريس والذي نشرته الحكومة المؤقتة: "يسعدني ويشرفني أنني كنت معكم وبين صفوفكم خلال هذه المرحلة من عمر ثورتنا المباركة، واليوم وأنا أغادر موقعي في الحكومة المؤقتة والجيش الوطني السوري مستقيلا من المناصب التي كلفت بها ومتابعا لعملي كجندي في هذه الثورة، فإني أتقدم بالشكر الجزيل للأخوة في الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة على الثقة التي منحوني، ولرئيس الحكومة السورية المؤقتة والأخوة الوزراء، ولكافة العاملين في الحكومة السورية المؤقتة".
وأضاف إدريس: “أشكر أخوتي نواب رئيس الأركان، ومعاوني وزير الدفاع ، وقادة الجبهة الوطنية للتحرير والفيالق الأول والثاني والثالث، ومدراء إدارات القضاء، والشرطة العسكرية، وشؤون الضباط، والتوجيه المعنوي، وكافة الضباط والقادة الثورين والمقاتلين في كافة التشكيلات والقطعات والوحدات متمنياً للجميع دوام الصحة والعافية والتوفيق في الأعمال، داعياً الله سبحانه أن ينصر ثورتنا على طاغية الشام المستبد، وعلى قوى الاحتلال الروسي والإيراني، والميليشيات الطائفية والعصابات الإرهابية و الانفصالية”.
الواقع الحالي لوزارة الدفاع
لايخفى على المتابع للمشهد العسكري في مناطق النفوذ التركي شمالي سوريا، أن وزير الدفاع الجديد، قد تسلم مؤخراً وزارة مُعطلة وأقل فاعلية ووزناً من الفترات السابقة، وذلك لعدة أسباب أبرزها ظهور تحالفات جديدة للفصائل شمالي سوريا خلال العام الجاري، وأبرزها تحالف الجبهة السورية للتحرير وغرفة القيادة الموحدة عزم، اللذان ألغيا بشكلٍ أو بآخر فاعلية الجيش الوطني وكانا بمثابة بديل عنه بعد فشله في جمع الفصائل العسكرية.
كما يعاني الجيش الوطني من خلل قاتل من حيث القوانين والضوابط الناظمة لعمل الفصائل المنضوية اسمياً تحت سلطته، حيث يفتقر الجيش إلى ضوابط تمنع أو تسمح للفصائل من الدخول أو الخروج بشكل كيفي من التشكيلات والغرف العسكرية، كما لايحتوي نظامه الداخلي على آلية تعيق تشكيل غرف موازية أو مضادة لفكرة المؤسسة الواحدة، حيث سبق وأجرت عدة فصائل داخل الجيش الوطني، تنقلات كيفية بين الفيالق والغرف التابعة للجيش دون إخطار المسؤولين العسكريين بذلك، وهو ما ساهم في تعميق الخلل داخل صفوف الوطني السوري.
وعلى الرغم من الإعلان الشكلي للفائل المدعومة من أنقرة بتبعيتها الرسمية للجيش الوطني،  إلا أن هذا لا يُلغي وجود 4 تكتلات خارج منظومة الجيش الوطني على الرغم من اعتبارها جزءاً من المؤسسة، وأبرزها "الجبهة الوطنية للتحرير" و "الجبهة السورية للتحرير" و "حركة ثائرون" و غرفة "عزم"، وسط غياب الدور الواضح والتأثير الفاعل للجيش الوطني في هذه التحالفات.
كما يعاني الجيش الوطني من وجود خلافات حادة بين تشكيلاته العسكرية، تتطور في بعض الأحيان إلى اشتباكات مسلحة عنيفة تخلف قتلى وجرحى، وتنتهي بضغط من الجانب التركي ووجوه من المؤسسة العسكرية، لكنها في طبيعة الحال تكون بمثابة حل مؤقت لا يُغني ولا يُسمن من جوع، وسرعان ما تتلاشى تلك الوساطات وتعاود الاشتباكات لتتصدر المشهد العسكري.
ووفقاً لما سبق فإن هناك مهام شقة بانتظار الوزير الجديد الذي تسلم مؤخراً حقيبة فارغة الصلاحيات، ومعطلة بشكل كبير، في ظل وجود تكتلات تعمل بشكل منفصل على جمع الفصائل العسكرية تحت مظلتها على الرغم من اعترافها الشكلي بتبعيتها للجيش الوطني السوري.
ومع التشرذم الحاصل لابد لحمادة من إجراء لقاءات مكثفة مع قادة الفصائل المتشرذمة، والكيانات العاملة بشكل منفصل خارج مظلة الجيش الوطني للوصول إلى حل قد يكون من شأنه إعادة الألق والصبغة المؤسساتية لمنظومة الجيش، التي شهدت مؤخراً تدهوراً كبيراً، أنهى الصيغة المؤسساتية داخلها، وأفسح المجال لبعض الفصائل لتولي زمام المبادرة في ملف التوحد.
ومن الملاحظ أن عزم التي باتت تشكل قوة كبيرة في الشمال السوري، نتيجة عمليات اندماج وانصهار لفصائل متعددة ضمن صفوفها، لا زالت متمسكة بشكل أكبر من الآخرين بمؤسسات المعارضة، وبالأخص وزارة الدفاع والجيش الوطني، وذلك وفق تصريحات سابقة لقائدها "أبو أحمد نور" الذي أكد أن توجهات عزم تدعم تحركات الائتلاف الوطني في الداخل وتتبناه وتعتبره ممثلاً سياسياً.
ومع رفض عزم لوجود مكاتب سياسية تمثل التشكيلات والتحالفات العسكرية خارج الائتلاف، والذي برز في المفاوضات الأخيرة بينها وبين الجبهة السورية، بهدف ضمها إلى صفوف عزم، يبدو أن تصريحات أبو أحمد نور، حملت طابعاً من الجدية حول الارتباط الوثيق بين عزم والائتلاف الوطني السوري، وهو مايمكن لحمادة التعويل عليه في المرحلة المقبلة لإعادة الجيش الوطني إلى الواجهة المحلية، كمؤسسة تمثل فصائل المعارضة المسلحة.
وتساهم رغبة عزم الحقيقية في عودة الجيش الوطني إلى المشهد، في خلق مؤسسة عسكرية منظمة وذات قيادة فاعلة متمكنة من مفاصل العمل المسلح، وبالتالي فإن توجهات "عزم" خلال الفترة المقبلة قد تدعم وزارة الدفاع التي يتزعمها العميد حمادة المعين حديثاً.
وفي حال الاتفاق بين عزم والجبهة السورية للتحرير، على الاندماج في كتلة واحدة، يمكن القول بأن وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، ستكون مؤسسة ذات قوة كبيرة وفاعلة على الأرض من شأنها أن تتصدر المشهد العسكري شمالي سوريا، بل وتوازي القوة المتواجدة في إدلب والمتمثلة بهيئة تحرير الشام ذات التنظيم الكبير والمرجعية الواحدة في القرار.