شهدت الحدود السورية-الأردنية قبل أيام، انتشار مئات العناصر من الميليشيات المرتبطة بإيران، على طول الحدود، وذلك بعد ارتدائهم الزي الرسمي لقوات النظام السوري للتمويه على تواجدهم في المنطقة.
وقالت مصادر مطلعة لـ"وكالة المجس" إن مجموعات من ميليشيات حزب الله اللبناني ولواء فاطميون الأفغاني وصلت إلى المنطقة قبل أيام، مشيرةً إلى أن تلك المجموعات توزعت على طول الحدود السورية الأردنية.
وبحسب المصادر، فإن الميليشيات الإيرانية وزعت عناصرها على المخافر الحدودية مع الأردن بلباس جيش النظام السوري، مع التركيز على منع عناصر المصالحات من الوجود ضمن مناطق انتشارهم.
وحول التعزيزات الإيرانية المُرسلة إلى الحدود مع الأردن، بينت المصادر أن طهران استقدمت مئات العناصر الذين جرى نقلهم من دمشق إلى درعا ليلاً بهدف منع رصد تلك التعزيزات، مشيرةً إلى أن السيارات التي نقلتهم إلى الحدود عادت أدراجها إلى دمشق بعد تنفيذ المهمة.
وأشارت المصادر أن عملية نقل العناصر الإيرانيين، والميليشيات المرتبطة بإيران، جرى تنفيذها على مراحل، حيث نقلت المجموعات على عدة دفعات مزودين بأسلحة خفيفة ومتوسطة.
ولفتت إلى أنه وبالتزامن مع نقل عناصر الميليشيات الإيرانية، عززت قوات النظام السوري مواقعها بالقرب من الحدود السورية الأردنية بآليات ثقيلة من بينها دبابات ورشاشات ثقيلة.
مصادر أخرى أكدت لـ"المجس" أن عمليات نقل الميليشيات الإيرانية، تمت بتنسيق وإشراف من جهاز الأمن العسكري التابع للنظام، والذي عمل بدوره على ترويج فكرة مفادها أن انتشار هذه المجموعات يهدف لضبط الحدود وتسيير دوريات لمنع عمليات التهريب.
وأضافت أن عمليات الانتشار على طول الحدود السورية-الأردنية، رافقها عمليات انتشار أخرى لـ"الفرقة الرابعة" على طول الحدود السورية-الإسرائيلية بالقرب من الجولان.
انتشار لحماية طرق المخدرات
من جانبه رأى الناشط الإعلامي "صهيب الحوراني" أن عملية انتشار الميليشيات الإيرانية على طول الحدود السورية-الأردنية تهدف بالدرجة الأولى لتسهيل عمليات تهريب المخدرات التي تتم بشكل مباشر عن طريق تلك الميليشيات.
وأضاف أن طهران والنظام السوري، يُريدان من تلك التعزيزات تأمين شحنات المخدرات والأسلحة التي تهرب إلى الأرضي الأردنية، وإظهار القوى المنتشرة على الحدود كقوى نظامية تابعة للدولة، وذلك لإضفاء شرعية على أي استهداف أردني لشحنات المخدرات داخل الأراضي السورية.
ويُشير الحوراني إلى أن الانتشار الأخير على الحدود الأردنية، يوحي بشكل مباشر لوجود حرب دائرة هناك، موضحاً أن إغلاق السوق الخليجي أمام عصابات تهريب المخدرات، أفقد الميليشيات الإيرانية الكثير من مواردها، مبيناً "لم يعد أمامها سوى الحدود البرية مع الأردن"، وتوقع أن يقود الانسحاب الروسي من الجنوب السوري بسبب انشغال الاخيرة في حربها مع أوكرانيا إلى أن يملأ الايرانيون وتنظيماتهم وميليشياتهم الفراغ، ما يعنى ارتفاع عمليات التهريب المنظم.
وشدد على أن تجارة المخدرات جنوبي سوريا، تحظى برعاية ودعم من ميليشيات شيعية تابعة لطهران وحزب الله، بتواطؤ مع قوات في جيش النظام السوري حيث يتم تهريبها الى الاراضي الأردنية وتخزينها ومن ثم إعادة تهريبها الى السعودية ودول الخليج.
وكشف الحوراني عن وجود عمليات تهريب إلى الأردن منذ زمن بعيد، إلا أن اندلاع الثورة السورية وتردي الاوضاع الاقتصادية والأمنية ونقص التمويل للميليشيات الشيعية عزز من عملية البحث عن مصادر اخرى كـ "تهريب المخدرات" والأسلحة، حيث يُشرف قياديون من حزب الله والنظام على دعم وتسهيل عمليات التهريب.
مصانع لإنتاج الكبتاغون جنوب سوريا
وسبق عملية نشر الميليشيات الإيرانية على طول الحدود مع الأردن، إنشاء ميليشيا حزب الله اللبناني، مصنع لحبوب الكبتاغون المخدرة في السويداء، وذلك بدعم من مجموعة تابعة للنظام السوري في المحافظة.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن مجموعة تابعة لميليشيا حزب الله اللبناني، ينحدر أفرادها من مدينة بعلبك اللبنانية، بدأت تتردد إلى محافظة السويداء مؤخراً بهدف الإشراف على إنشاء مصانع كبتاغون صغيرة بالتعاون مع مجموعة مدعومة من المخابرات العسكرية التابعة للنظام.
وأضافت المصادر أن حزب الله اختار إحدى البلدات شمال مدينة السويداء، كموقع للمصنع المزمع إنشاؤه، مشيرةً إلى أن الأهالي شاهدوا عناصر الحزب أكثر من مرة في المنطقة برفقة تلك المجموعة، مشددةً على أن حزب الله نقل "المكبس"، وهي الآلة المخصصة لإنتاج الكبتاغون، من ريف حمص إلى السويداء، وأشرف على إعداد المصنع وانطلاقه، وذلك بكلفة تراوحت بين 75-100 ألف دولار أميركي.
وكشفت المصادر عن وجود أكثر من عشرين جماعة متخصصة في تهريب المخدرات تنتشر في القرى الحدودية مع الأردن، جنوب شرقي السويداء تحديداً، وتتقاسم الأدوار فيما بينها، وتعمل بطريقة لا مركزية وذلك تحت رعاية وإشراف حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني.
ونقلت المصادر عن مقربين من الميليشيات الإيرانية قولهم: "لكل مجموعة مهمة محددة، حيث تتولى مجموعات نقل أحمال المخدرات من دمشق إلى داخل المحافظة"، مشيرةً إلى أن أغلبهم يحملون مهمات أمنية موقعة من الأجهزة التابعة للنظام، وذلك بهدف تسهيل مرورهم على باقي الحواجز.
وأضافت أن المخدرات التي يتم إدخالها إلى المحافظة، فضلاً عن تلك التي يتم إنتاجها داخل مصنع حزب الله يتم تجهيزها، لتهريبها إلى الحدود السورية-الأردنية، انطلاقاً من محافظتي درعا والسويداء اللتان باتتا بمثابة نقطتي عبور للمواد المخدرة باتجاه الأردن ودول الخليج العربي.
ولفتت المصادر أن إيران تستغل موقع محافظة السويداء وحالة الفقر فيها، لاستخدامها كطريق تهريب بديل عن بادية التنف المراقبة من القوات الأميركية والتي تسير فيها قوات مغاوير الثورة دوريات بشكل دوري.
وأشارت إلى أن إيران وحزب الله منيا بخسائر فادحة خلال العامين الماضيين، وذلك نتيجة إحباط عشرات عمليات تهريب المخدرات والحشيش، ما أدى إلى توقف عمليات التهريب عبر بادية التنف إلى الأردن والعراق، وانتقالها إلى محافظة السويداء ودرعا.
تصعيد إعلامي ضد النظام السوري
وبالتوازي مع الإجراءات المفضوحة للنظام السوري، أصدر مسؤولون أردنيون تصريحات حادة تُحذر من الأوضاع الأمنية في جنوب سوريا، متهمين بشكل مباشر وحدات من جيش النظام بالإشراف على عمليات التهريب عبر الحدود، واصفين الأخيرة بأنها باتت التهديد الأكبر لأمن المملكة.
وكان العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، قد حذر من الفراغ الذي تخلفه روسيا في سوريا، مشيراً إلى أن إيران ستملأ هذا الفراغ، وأضاف أن الوجود الروسي في جنوب سوريا كان مصدر تهدئة، ولكن مع انشغال موسكو في أوكرانيا، فإن الأردن يتوقع تصعيداً في المشاكل على الحدود.
تصريحات الملك الأردني، سبقها بساعات اتهام رسمي من الجيش الأردني لـ "قوات غير منضبطة" في جيش النظام السوري وأجهزته الأمنية بدعم مهربي المخدرات، قائلاً إن حدود الأردن مع سوريا باتت ضمن أخطر حدود المملكة حالياً.
وقال مدير مديرية أمن الحدود في الجيش الأردني، العميد "أحمد هاشم خليفات"، إن "قوات غير منضبطة من جيش النظام السوري تتعاون مع مهربي المخدرات وعصاباتهم التي أصبحت منظمة ومدعومة منها ومن أجهزتها الأمنية، بالإضافة لميليشيات حزب الله وإيران المنتشرة في الجنوب السوري والتي تقوم بأعمال التهريب على الحدود.
وأشار إلى تزايد عمليات التهريب والتسلل عبر الحدود، بسبب نقص تمويل ميليشيات حزب الله وإيران، مؤكداً على أن هذه الميليشيات هي التي تصنع الحبوب المخدرة لتهريبها بوسائل مختلفة عبر الحدود الأردنية، للحصول على المال في ظل نقص تمويلها الخارجي.
160 جماعة تعمل بتهريب المخدرات إلى الأردن
وكانت مصادر عسكرية أردنية رفيعة المستوى، قد كشفت عن وجود نحو 160 جماعة تعمل في جنوبي سوريا بتهريب المخدرات إلى المملكة، مشيرةً إلى أن المناوشات بين الجيش الأردني وتجار المخدرات ازدادت وتيرتها مؤخراً بسبب عمليات ضبط المخدرات التي نفذتها القوات المسلحة على الحدود.
وقال العميد في المخابرات الأردنية عمر الرداد إن "صراع مراكز القوى في أوساط القيادة العسكرية والأمنية في سوريا، بما فيها صراعات مرجعية الولاءات الإيرانية الروسية، تقف وراء استهداف الأردن بعمليات تهريب المخدرات"، مشيراً إلى أن عمليات التهريب عبر الحدود ازدادت بعد سيطرة النظام السوري على محافظة درعا، وأوضح أن بعض تلك الأوساط غير راضية عن التقارب الأردني مع النظام السوري، بما في ذلك اتفاق الطاقة مع لبنان وفتح الحدود والمعابر مشيراً إلى أن أغلب تلك الاتفاقيات تم إنجازها بوساطة موسكو وليس من بوابة إيران.