بعد اشتباكات دامية بين مكونات الفيلق الثالث، وفصيل أحرار الشام-القطاع الشرعي، دخلت أرتال عسكرية تابعة لهيئة تحرير الشام منطقة عفرين الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري، شمال غربي حلب، وباتت على مقربة من مدينة عفرين.
وقالت مصادر مطلعة لـ"وكالة المجس" إن هيئة تحرير الشام وبالاتفاق مع حركة أحرار الشام الإسلامية، دفعت عشرات الأرتال التي تحتوي على مئات العناصر والآليات الثقيلة، باتجاه بلدة جنديرس بريف عفرين، وذلك لمساندة القطاع الشرقي التابع للأحرار، في معاركه ضد الفيلق الثالث، الذي تعتبر الجبهة الشامية وجيش الإسلام أبرز مكوناته.
وأضافت المصادر أن أرتال هيئة تحرير الشام دخلت إلى المنطقة، عبر رفعها رايات حركة أحرار الشام، مشددةً على أن معظم القوات التي دخلت منطقة عفرين تتبع للهيئة، إلا أنها لم ترفع حتى اللحظة راياتها، فيما يبدو أنه اتفاق بينها وبين الحركة على حصر رايات القتال براية الأحرار.
ووفقاً لعدة مراصد عسكرية في شمال سوريا، فإن هيئة تحرير الشام استقدمت معظم الأرتال والحشود العسكرية التابعة لها، من منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، وهي منطقة تماس مع قوات النظام السوري، وتشهد بشكل دائم محاولات تسلل من الأخير للسيطرة على عدة نقاط.
وبيّنت المصادر أن أرتال تحرير الشام القادمة من جبل الزاوية تم تجميعها بداية الأمر في مدينة سرمدا، ثم توجيهها إلى منطقة دير بلوط، وهي المنطقة الفاصلة بين مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، والجيش الوطني السوري المعارض، تجاه بلدة جنديرس.
هيئة تحرير الشام تبتلع قرى في ريف عفرين
تعزيزات الهيئة إلى منطقة جنديرس بريف عفرين، جاءت عُقب ساعات من سيطرتها على معبر الغزاوية بريف حلب الغربي، بعد انسحاب فيلق الشام منه، لتبدأ معارك الكر والفر في قرى ريف عفرين، بين تحرير الشام وأحرار الشام من جهة، وفصائل الفيلق الثالث التابعة للجيش الوطني السوري من جهة أخرى.
ووفقاً لمصادر عسكرية في المنطقة فإن هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام، تمكنتا من السيطرة على عدة قرى في ريف عفرين، بعد اشتباكات عنيفة مع الفيلق الثالث، مشيرةً إلى أنها بسطت سيطرتها على قرية قرزيحل جنوب عفرين، بعد انسحاب قوات الفيلق الثالث إلى محيطها.
وأضافت المصادر أن تحرير الشام سيطرت على قرى " إسكان، باصوفان، شيخ الدير، غزاوية، برج عبدالله، كيمار، عبن دارة، كيرزلي" القريبة بشكل كبير من مدينة عفرين، كما سيطرت أيضاً على قرى "كفر نبو، برج حيدر، براد" التي تعتبر نقاط تماس مع قوات النظام السوري، لقربها من بلدتي نبل والزهراء، معقل الميليشيات الشيعية في المنطقة.
وكان فصيل الجبهة الشامية المكون الأساسي للفيلق الثالث، قد أطلق، هجوماً واسعاً على مقرات فصيل أحرار الشام -القاطع الشرقي "الفرقة 32" بريف مدينة الباب شمالي شرقي ريف حلب، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين، فضلاً عن جرحى من المدنيين.
الهجوم أسفر بدايةً عن سيطرة الفيلق الثالث على عدة مقار تابعة لفصيل أحرار الشام في قرى "الواش، دوير الهوى، قعر كلبين، اشدود، برعان، باروزة ، تل بطال، عبلة" التابعة لـ ريف الباب، وأسر قرابة أربعين عنصراً، وبحسب عدة مصادر فإن المعارك استُخدم فيها الأسلحة الثقيلة والدبابات.
وأصدر الفيلق الثالث التابع للجيش الوطني المعارض بياناً قال فيه، إن "الجيش الوطني حرك قواته ضد بعض مكونات الفرقة المنشقة بهدف تطبيق قرار اللجنة الوطنية"، وأضاف أن القرار "أجمعت كافة مكونات الثورة على تنفيذه".
ودعا البيان عناصر الفرقة المنشقة إلى "ضرورة التزام بيوتهم تجنباً لإراقة الدماء"، موضحاً أن "الهجوم جاء لتنفيذ قرار اللجنة الشرعي وليس باعتبارهم أعداء وخصوم".
ويأتي الهجوم عقب رفض الفرقة-32 تطبيق قرار اللجنة الوطنية للإصلاح في الشمال السوري، القاضي بتسليم مقراتها في ريفي الباب وجرابلس للفيلق على خلفية انشقاقها عنه، وانضمامها إلى القيادة العامة للحركة المنضوية تحت غرفة عمليات الفتح المبين التي تتزعمها هيئة تحرير الشام في إدلب، وهو ما دفع وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة لتبني قرار الهجوم.
صد عدوان الهيئة واجب شرعي
من جانبه، أصدر المجلس الإسلامي السوري بياناً "عاجلاً" حدد فيه موقفه من الأحداث الجارية في مناطق الشمال السوري، ودعا فيه إلى الوقوف بوجه هيئة تحرير الشام.
وقال المجلس الإسلامي في بيان له، اطلعت "المجس على نُسخةٍ منه "إن التحرك العسكري لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) نحو مناطق الجيش الوطني في الشمال السوري المحرر يُعد بغياً محرماً شرعاً بشكل قطعي"، مناشداً عناصر "تحرير الشام" ألا يكونوا بغاةً ولا جزءاً من هذا العدوان".
وشدد المجلس على أن صد عدوان الهيئة، واجبٌ شرعاً على مكونات الجيش الوطني جميعاً، قادةً وعناصر، بحسب البيان، وطالب جميع أطراف القتال إلى الالتزام بقرارات "لجنة الإصلاح الوطني"، مؤكداً أن عدم قبول البعض بقرارات اللجنة أدى إلى ما حصل".
واختتم المجلس بيانه، بالدعوة إلى توجيه سلاح الثورة إلى "عدونا الحقيقي المشترك نظام العصابة الطائفية في سوريا".
وكانت اللجنة الوطنية للإصلاح، قد أصدرت في 25 أيار الفائت، بياناً حكمت فيه بالخلاف بين الطرفين، جاء فيه أن مقار ونقاط رباط "الفرقة 32" التابعة للفيلق الثالث تبقى تحت سيطرة قيادة الفيلق باستثناء عدة مقار ونقاط تبقى مع المجموعات المغادرة، موضحةً أن المقار المستثناة هي "مقر العمارنة جرابلس، ومقر حماة العقيدة جرابلس، و3 نقاط رباط عرب حسن في جرابلس، ومقر الكتيبة الأولى في قباسين، وحاجز أم عدسة، وقطاع العجمي مع نقاط رباطه".
وأضافت اللجنة أن المجموعات المغادرة تلتزم بتسليم كافة الذخائر والأسلحة المسلمة لها وفق القائمة المرفقة بتاريخ 2022/1/25 في المستودع الاحتياطي إلا ما استهلك منها بأمر من القائد العسكري للفيلق الثالث، فضلاً عن إعادة السلاح المحتجز من قبلهم للفيلق، في أثناء المشكلة بتاريخ 1 نيسان، وتنفيذ ما ذكر أعلاه وتسليمه لقيادة الفيلق عن طريق اللجنة الوطنية للإصلاح خلال مدة 72 ساعة اعتباراً من تاريخ صدور القرار.
وشددت اللجنة على أن الفيلق الثالث مُلزم بتسديد كل الذمم المالية للمجموعات المغادرة عن طريق اللجنة الوطنية للإصلاح بعد التثبت.
أنباء عن اتفاق مبدئي
وفي سياقٍ متصل ذكرت مصادر عسكرية لـ" المجس" أن اتفاقاً مبدئياً توصلت إليه هيئة تحرير الشام والفيلق الثالث في الجيش الوطني ينص على انسحاب متبادل للطرفين من المناطق التي سيطروا عليها في ريف عفرين الجنوبي وريف حلب الشرقي.
وقالت المصادر إن قوات من "هيئة تحرير الشام" و "حركة أحرار الشام" بدأت عصر اليوم الأحد، انسحابها من ريف عفرين الجنوبي مقابل انسحاب الفيلق الثالث الذي تقوده الجبهة الشامية وجيش الإسلام، من مقار "الفرقة 32 " التي سيطرت عليها يوم أمس في عولان شمالي الباب.
وبيّنت المصادر أن الاتفاق لا زال غامضاً، وغير معلن، مشيرين إلى وجود تدخل تركي للوساطة بين الفصيلين دفع باتجاه التوصل للاتفاق، فيما ذكرت مصادر محلية من بلدة "الباسوطة" جنوبي عفرين وجود تجمع عسكري كبير لهيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام في البلدة، قالوا إنه سيكون الدفعة الأولى المنسحبة.