هل تنجح واشنطن بإيقاف عمليات التهريب التي ينظمها " نظام الكبتاغون" خارج الحدود

كشفت مجلة "ناشونال أنترست" عن تصاعد الحراك في الكونغرس الأمريكي لتعطيل شبكات المخدرات التابعة للنظام السوري.
 ووفقاً للمجلة طلب النائب الجمهوري "فرينش هيل" من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، السعي لوقف عمليات تهريب المخدرات الممنهجة في سوريا، واصفاً حكم بشار الأسد بأنه "نظام المخدرات".
ودعا هيل باقي النواب في الكونغرس إلى دعم مشروع القرار الذي طرحه الشهر الماضي، ضمن قانون موازنة وزارة الدفاع لعام 2022، قائلاً إنها الخطوة الأولى لإنهاء هذه الحرب الأهلية التي دمرت سوريا، وقد وافق على مشروع القرار 316 نائباً من أصل 435، وهو مطروح الآن أمام مجلس الشيوخ.
ووفق مشروع القرار، فإن تجارة مخدر الكبتاغون المرتبطة بنظام الأسد في سوريا تشكل تهديداً أمنياً عابراً للحدود، ويجب على الولايات المتحدة أن تطور وتنفذ استراتيجية لتفكيكها، في موعد لا يتجاوز 180 يوماً.
ودعا المشروع وزراء الدفاع والخارجية والخزانة، ومدير إدارة مكافحة المخدرات، ومدير المخابرات الوطنية، ورؤساء الوكالات الفيدرالية الأخرى، إلى تقديم تقرير مشترك إلى لجان الكونغرس المناسبة، يتضمن استراتيجية تعطيل وتفكيك إنتاج المخدرات السورية، وبنية تحتية لأعمال تنفيذية ضد نظام الأسد، لا سيما من خلال الدعم الدبلوماسي والاستخباراتي.
كما شدد المشروع على ضرورة استخدام العقوبات ضد الأفراد والكيانات المرتبطة به، واستخدام الضغط الاقتصادي لاستهداف البنية التحتية الخاصة بالمخدرات لدى نظام الأسد.
من جانبها أوضحت المحللة السياسية كارولين روز في تقرير للمجلة، أن "قانون التفويض الوطني" للعام 2022 الذي سيعرض قريباً على مجلس الشيوخ الأميركي للتصويت عليه، يتضمن مادة تسعى إلى معالجة معضلة تجارة المخدرات التي مصدرها سوريا ويتهم رئيس النظام السوري بشار الأسد بتهيئة الظروف لها.
وأضافت روز أنه على وكالات الأمن القومي الأميركية وضع إستراتيجية داخلية لمحاربة تجارة المخدرات في سوريا، بدءاً بمعرفة البنية التحتية لتلك التجارة وطريقة عمل الجهات القائمة عليها، حتى تتسنى لهم مكافحتها على نحو فعال، لافتةً ولفتت أن تجارة مخدرات الكبتاغون التي مصدرها سوريا أصبحت تمثل تحدياً إقليمياً في الشرق الأوسط، بعد أن شهدت نمواً سريعاً خلال السنوات الماضية على نحو يستدعي اهتماماً بالغاً من قبل الولايات المتحدة وشركائها في المنطقة.
وأرجعت روز سبب نمو تجارة المخدرات، إلى رغبة النظام السوري بالحصول على مصدر دخل جديد في ظل تعثر الاقتصاد السوري، ما دفعه للعمل في إنتاج وتجارة المخدرات، مشيرة إلى أن هذه التجارة تكسبه 3.5 مليار دولار سنوياً، موضحةً أن المخدرات التي أصبحت صناعة متكاملة في سوريا، بمشاركة نظام الأسد وشركائه إيران وحزب الله اللبناني، أربكت أنظمة سلطات إنفاذ القانون في دول المنطقة، لافتةً إلى أن قانون الدفاع الوطني الأميركي الذي اقترحه العضو في الكونغرس الاميركي فرينش هيل سيعمل على عرقلة تجارة الكبتاغون السورية، بل وتعطيلها.
وأشارت "ناشونال انترست" إلى أن تهريب المخدرات التي مصدرها سوريا لا يقتصر على دول الشرق الأوسط، بل تجاوزها ليعبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا وأفريقيا، حيث تكرر ضبط السلطات في بلدان أفريقية وأوروبية كميات منها مهربة في أفران البيتزا وكراتين الأسطوانات والمعدات الصناعية.
ويوم الخميس الفائت، أعلنت خلية الإعلام الأمني العراقية إحباط عملية تهريب 26 ألف حبة مخدرة أدخلت من سورية. وقالت في بيان إنه "بناء على معلومات استخباراتية دقيقة شكلت وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية فريقاً وتوجهت إلى قضاء الرطبة في محافظة الأنباء غربي العراق حيث عملية نقل الكمية المخدرة، وهناك نصبت كميناً محكماً، وجرى إحباط تهريب 26400 حبة مخدرة أدخلت من سوريا
وكان الجيش العراق قد أعلن في 10 تشرين الأول الماضي عن ضبط شحنة مخدرات قادمة من سورية أيضاً تشمل 108 آلاف حبة مخدر، إضافة الى إحباط شحنة مماثلة في 22 سبتمبر/ أيلول تضم نحو 100 كيلوغرام من الحبوب المخدرة.
وفي تشرين الأول الفائت قالت صحيفة "الشرق الأوسط" إن الولايات المتحدة تعهدت باستخدام كل السلطات والأدوات التي تمتلكها، لمحاربة تجارة المخدرات والمتواطئين فيها من سوريا، بكشفهم وتحديدهم، معبرةً عن قلقها من تفشي هذه الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
وأشارت الصحيفة إلى الموقف الأمريكي الأخير يعتبر تحركاً إيجابياً في الشأن السوري، حيث صوت مجلس النواب في الكونغرس على تعديل يتطلب استراتيجية مشتركة بين الوكالات الأميركية، لتعطيل شبكات المخدرات التي يعتقد أن تعمل في ظل النظام السوري، وذلك ضمن التصويت على قانون ميزانية وزارة الدفاع لعام 2022، الذي تم رفعه إلى مجلس الشيوخ.
ونقلت الصحيفة عن المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية قوله إن حكومة بلاده قلقة بشأن الاتجار بالمخدرات من سوريا، وتعمل على مكافحته من خلال جهود متعددة، بما في ذلك "أدوات وقدرات إنفاذ القانون التقليدية".
وأوضح المتحدث أن وزارة الخارجية لا تعلق على التشريعات أو الاتصالات بين الكونغرس والحكومة، إلا أنها تؤكد أن لدى حكومة الولايات المتحدة سلطات عديدة لتحديد وكشف أولئك الذين يقودون تجارة المخدرات أو يسهلونها أو يتواطئون بتجارتها، وهو ما يعتبر جريمة منظمة عابرة للحدود.
وأضاف "تمتلك وزارة الخزانة ووكالة مكافحة المخدرات الموارد الكافية التي يمكن مشاركتها مع شركائنا، بما في ذلك العمل على تعزيز الأطر القانونية والتنظيمية، لأنظمة مكافحة غسيل الأموال".
ومنذ مطلع العام الجاري أعلنت عدد من الدول العربية والأوروبية كـ" الأردن والسعودية ومصر واليونان وإيطاليا"، عن إحباط عدة عمليات تهريب للمخدرات قادمة من مناطق سيطرة ميليشيات النظام وإيران في سوريا.
وفي تموز من العام الفائت، أعلنت إيطاليا مصادرة أكبر شحنة من مخدر الكبتاغون على مستوى العالم إذ تبلغ 14 طناً وتقدر قيمتها بمليار يورو في مرفأ ساليرنو جنوب مدينة نابولي. وكانت المخدرات موجودة في حاويات مشبوهة تتضمن لفائف أوراق معدة للاستخدام الصناعي وعجلات حديدية.
ووفقاً لتحقيق نشره موقع الجريمة المنظمة والفساد في 16 من حزيران الفائت، فإن تجارة المخدرات ازدهرت في سوريا بالآونة الأخيرة على يد مرتبطين بعائلة الأسد، وبين التحقيق عن ضبط الحكومة اليونانية عام 2018 شحنة من الحشيش ومخدر الكبتاغون، تزيد قيمتها على مئة مليون دولار، مشيرةً إلى ضلوع أشخاص ذو صلة بعائلة الأسد وعصابة في ليبيا إلى جانب شركات وهمية مسجلة في العاصمة البريطانية لندن بعملية التهريب.
كما كشفت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير لها صدر في أيار الفائت كيف تحولت سوريا إلى دولة مخدرات عبر إنتاج مخدر الكبتاغون والذي يعرف بـ "فينيثيلين" وهو حبوب تعمل على تنشيط الجهاز العصبي.
ونقلت الصحيفة عن ستة مسؤولين في أجهزة شرطة واستخبارات في الشرق الأوسط وأوروبا قولهم إن كافة الشحنات كان مصدرها سوريا أو عبر الحدود اللبنانية حيث تشكلت عصابات إجرامية وزعماء ميليشيات وعصابات حدودية تصنع وتوزع كميات كبيرة من المخدرات على نطاق كبير.
ووفقاً لصحيفة الغارديان، فإن اللاذقية تخضع لمراقبة كثيفة من أجهزة الأمن الأمريكية والأوروبية وأجهزة استخبارات أخرى، ورغم هذا وقعت بعض عمليات التهريب من المصدر، وتم إحباطها لاحقاً وشملت قرابة 5 أطنان من الكبتاغون تم ضبطها في اليونان، بالإضافة لشحنتين مماثلتين في دبي في العام ذاته وأربعة أطنان من الحشيش تم العثور عليها في ميناء بورسعيد المصري في نيسان 2020 كانت ملفوفة في مواد تابعة لشركة ميلك مان التي كانت في ذلك الوقت يمتلكها رجل الأعمال السوري رامي مخلوف.

 


 

ذات صلة