اشتباكات في السويداء وأخرى في درعا .. ماذا يحصل جنوبي سوريا

شهدت السويداء جنوبي سوريا، توتراً كبيراً، أمس الثلاثاء، وصباح اليوم الأربعاء، عُقب اشتباكات عنيفة شهدتها المدينة، مساء أمس والليلة الماضية بين النظام السوري ومسلحين محليين على خلفية مقتل شابين من أبناء المدينة برصاص قوات النظام السوري.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن المدينة شهدت صباح اليوم حالة من الهدوء الحذر عقب اشتباكات عنيفة استمرت طوال الليلة الماضية، بين قوات النظام السوري ومجموعات من المسلحين المحليين، مضيفةً أن الاشتباكات أدت إلى أضرار مادية جسيمة في ممتلكات المدنيين وخلقت حالة من الذعر في المدينة.
وذكرت المصادر أن مسلحين تجمعوا من قرى وبلدات السويداء وجاؤوا إلى المدينة وحاصروا المراكز الأمنية التابعة للنظام، وعلى رأسها مبنى المحافظة وقيادة الشرطة، لتتوقف الاشتباكات فجر اليوم بعد تدخل قياديين محليين وضباط من الجانب الروسي الداعم للنظام.
ووفقاً للمصادر فإن الاشتباكات دارت على خلفية عراك وقع، أمس الثلاثاء، بين عائلات من السويداء وعناصر النظام في المستشفى الوطني بالمدينة، بعد وصول شابين جراحهم خطرة، كان النظام قد أطلق عليهم الرصاص بالقرب من إحدى ثكناته العسكرية.
وأشارت المصادر إلى أن أجهزة الأمن التابعة للنظام، حضرت إلى المشفى بعد وصول الشابين، ما أسفر عن شجار بينها وبين مجموعة تابعة لآل مزهر، على مدخل المشفى، إذ اعتقل عناصر الأمن شاباً من آل أبو دهن، وشاباً آخر من آل مزهر.
وكانت حافلات ودوريات مشتركة لأجهزة النظام الأمنية، وصلت، أمس الثلاثاء، إلى المشفى الوطني في السويداء، بعد إسعاف جريحين تعرضا لإطلاق نار، في أثناء عملهما بتقطيع الأشجار، في أحد الأحراش المجاورة لنقطة عسكرية لقوات النظام، على طريق قنوات، ما أسفر عن حصول اشتباك، خلف توتراً أمنياً كبيراً حتى صباح اليوم.
وقالت المصادر إن إطلاق النار في المشفى، سبب حالة من الهلع والرعب لدى المرضى والكادر الطبي، وسط وجود عشرات المرضى من مصابي كورونا، وبعضهم بحالة حرجة، مضيفةً أن العشرات من الأهالي تجمعوا في المشفى بعد انسحاب قوى الأمن والمسلحين، وأن الاشتباكات ألحقت أضرارا كبيرة في المشفى الوطني.
وفي ذات السياق كشفت المصادر، عن حدوث اشتباك آخر بين مجموعة أهلية من "بلدة مفعلة" ودوريات أمنية، في المنطقة الممتدة بين بلدتي عتيل وسليم، على طريق دمشق السويداء، استمر لمدة ربع ساعة تقريباً.
وأضافت أن دوريات مشتركة لقوى الأمن، فتحت النار باتجاه مجموعة أهلية قطعت الطريق، احتجاجاً على اعتقال حفظ النظام لأربعة مواطنين من أبناء مفعلة على خلفية الاشتباكات في المشفى الوطني، مشيرةً إلى أن المجموعة الأهلية ردت على إطلاق النار باتجاه الدوريات، مشيرةً إلى أن المجموعة الأهلية انسحبت عن الطريق بعد الاشتباكات، وكذلك انسحبت قوى الأمن باتجاه مدينة السويداء، دون توفر معلومات عن إصابات نتيجة الحادثة.
وتشهد محافظة السويداء فلتاناً أمنياً مستمراً منذ سنوات، وانتشاراً لعصابات القتل والخطف المدعومة من النظام السوري، في إجراء عقابي متبع من قبل النظام ضد أبناء المحافظة الرافضين للخدمة في صفوف جيشه، وفي مسعى واضح منه لإبقاء المحافظة تحت سيطرته، وإجبار أبنائها على الخضوع لقواته والالتحاق بها أيضا.
ترتيبات جديدة تتعلق بالملف الأمني
وبالتزامن مع الفلتان الأمني المُتعمد من النظام السوري في محافظة السويداء، برزت في الآونة الأخيرة تحركات جديدة من جانب اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري، تتعلق بإجراءات جديدة حول الملف الأمني.
وفي تقريرٍ سابق كشفت "وكالة المجس" أن اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في المحافظة، عقدت في الخامس من تشرين الثاني الجاري، اجتماعاً أمنياً، دون أن تدعي إليه مشايخ العقل أو الزعامات الاجتماعية، في مؤشر واضح لرغبة النظام السوري بالانفراد بالقرارات الأمنية الجديدة، دون الرجوع إلى وجهاء المحافظة.
وأضاف التقرير أن الاجتماع يعتبر مقدمة لبعض الإجراءات التي يعتزم النظام السوري تنفيذها لحل بعض الملفات العالقة في السويداء، مبيناً أن أبرز الملفات التي نوقشت خلال الاجتماع تضمنت مسألة المتخلفين عن الخدمة العسكرية، وانتشار السلاح والتشكيلات المسلحة، بالإضافة إلى المطلوبين في قضايا أمنية والسيارات المسروقة أو تلك التي لا تحمل أوراقاً قانونية.
وأشار التقرير إلى أن اللجنة الأمنية أصدرت عدة قرارات تتعلق بنشر دوريات مشتركة لأجهزة المخابرات وقوى الأمن الداخلي والدفاع الوطني في مناطق متفرقة، مع وجود قوة مؤازرة للجيش في الثكنات لأي طارئ وللتدخل السريع.
وبين أن قرار الانتشار يأتي بهدف توقيف السيارات المسروقة والتي لا تحمل أوراقاَ قانونية، والتدخل في الحوادث الأمنية ومكافحة العصابات، وذلك بعد أنباء عن ورود تعليمات بإنهاء المجموعات المدنية العاملة مع الأجهزة الأمنية وتحجيم دورها في العمليات الأمنية.
وشدد على أن اللجنة الأمنية أبلغت القوى الأمنية، بعدم وجود خطة حالية لنشر حواجز جديدة في المحافظة، خشيةً من ردود الفعل داخل المحافظة، مبيناً أن الإجراءات الحالية تتضمن تدعيم الحواجز الموجودة مسبقاً بقوات إضافية، وتعزيز نقاط تمركزها.
وتأتي اجتماعات اللجنة الأمنية التابعة للنظام في محافظة السويداء، بعد أسابيع من إتمام عمليات التسوية في محافظة درعا، والتي شملت كافة القرى والمدن في المحافظة، وذلك بعد تصعيد عسكري كبير، تم إيقافه بموجب اتفاق تسوية بين اللجنة المركزية والنظام السوري، برعاية روسية، وتضمن تسليم عدد كبير من الأسلحة الفردية، وترحيل رافضي التسوية باتجاه الشمال السوري.
وفي وقتٍ سابق شهدت المحافظة تحركات من الجانب الروسي، عبر لقاءات أجراها مسؤولون روس، مع مشايخ العقل والزعامات الاجتماعية، تم خلاله طرح إجراء تسوية للمطلوبين على غرار ما حصل في محافظة درعا، وتحظى محافظة السويداء الواقعة جنوبي سوريا، برمزية خاصة ضمن الخارطة السورية المتعددة الانتماءات والولاءات، كونها تخضع لسيطرة شكلية للنظام السوري، وفي الوقت ذاته تخرج بين الحين والآخر بمظاهرات مناهضة له، ويرفض شبانها الخدمة الإلزامية في جيش النظام منذ مطلع الثورة السورية عام 2011، فضلاً عن انتشار عدة فصائل عسكرية داخلها، ما أجبر النظام على اتباع سياسة غض الطرف عن الفلتان الأمني في محاولة منه للضغط على أبناء المحافظة.
اشتباكات في درعا
بالتزامن مع التوترات الحاصة في السويداء، وما أعقبها من اشتباكات بين النظام والأهالي، وبالقرب منها في الجنوب السوري، دارت اشتباكات عنيفة، صباح اليوم الأربعاء، بين النظام السوري ومجموعات محلية رافضة للتسوية في محيط بلدة ناحتة بريف درعا الشرقي، ما أدى إلى وقوع إصابات من الطرفين.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن اشتباكات عنيفة اندلعت بين قوات النظام ومجموعة مقاتلين مطلوبين رفضوا إجراء التسوية معه شرقي بلدة ناحتة، ما نجم عنه سقوط إصابة بين المطلوبين.
وأضافت أن قوات النظام السوري طوقت المزارع وحاصرت المنطقة التي يوجد فيها مسلحون مطلوبون للنظام رافضون للتسوية معه، إضافة إلى الانتشار على طريق ناحتة صما، وطريق المليحة الشرقية الدارة، شرقي درعا.
وليست المرة الأولى التي تشهد فيها بلدة ناحتة توتر مع النظام السوري، منذ إطلاق الأخير حملة تسوية للمحافظة بعد أحداث دامية شهدتها المحافظة قبل أشهر.
وفي 19 تشرين الأول الفائت فرضت قوات النظام السوري، حصاراً خانقاً على بلدة ناحتة بريف درعا الشرقي، وأحرقت منازل يملكها مدنيون، على خلفية رفض بعض سكان البلدة إجراء تسوية أمنية، وتسليم أسلحة طالبت بها اللجنة الأمنية التابعة للنظام.
وذكر تقرير سابق لـ"المجس" أن مجموعات تابعة للنظام السوري اقتحمت بلدة ناحتة وأحرقت منزلين تعود ملكيتهما للأخوين اسماعيل ومحمد الشكري من سكان البلدة، مضيفاً أن قوات النظام أغلقت جميع المداخل والمخارج المؤيدة إلى البلدة، وأعلنت حظراً للتجوال في تصعيد يشبه الحصار الذي فرضته سابقاً على منطقة درعا البلد.
وأجرت قوات النظام خلال الفترة السابقة تسويات عدة شملت درعا البلد، والريف الغربي والشمالي، ومعظم مناطق الريف الشرقي، وذلك بعد تصعيد عسكري شهدته درعا البلد، وانتهى بحصول اتفاق بوساطة روسية يتضمن إخضاع كامل مدن وبلدات محافظة درعا لتسوية جديدة مع النظام السوري.