حملة اعتقالات تطال المُصالحين في البوكمال

شنت قوات النظام السوري، أمس الأربعاء، واليوم الخميس، حملة اعتقالات في مدينة البوكمال، طالت عدداً من الأشخاص الذين أجروا مصالحات مع النظام مؤخراً، ونقلتهم بشكل مباشر إلى مدينة دمشق.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن دوريات تابعة لفرع الأمن العسكري، داهمت عدداً من المنازل في مدينة البوكمال وقريتي سويعية والهري، ما أسفر عن اعتقال نحو 5 أشخاص جميعهم من العائدين حديثاً إلى المدينة بموجب اتفاق التسويات الذي طرحه النظام مؤخراً في محافظة دير الزور.
وأشارت المصادر إلى أن حملة اعتقال العائدين جاءت على خلفية وشايات محلية، تفيد بانضمامهم في وقتٍ سابق، لتنظيم الدولة وفصائل المعارضة المسلحة، مضيفةً أن من بين المعتقلين، أُناساً كانوا في مخيم الهول بالحسكة، وخرجوا قبل فترة واستقروا في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" قبل عودتهم إلى المدينة بموجب اتفاق التسوية.
وأضافت أن أهالي المعتقلين تجمعوا أمام منازل شيوخ العشائر، مطالبين إياهم بالتوسط للإفراج عن أبنائهم، مبينةً أنهم حملوهم مسؤولية اعتقالهم كونهم كانوا من الضامنين لعودة المطلوبين وتعهدهم بعدم اعتقالهم، فور مصالحتهم للنظام.
وفي 14 تشرين الثاني الجاري قالت وسائل إعلام موالية، إن الجهات الأمنية التابعة للنظام السوري بدأت عملية المصالحة وتسوية أوضاع المطلوبين في المناطق الخاضعة لسيطرته في دير الزور، وسط تأكيد من مصادر محلية على أن عملية التسوية شهدت فشلاً ذريعاً، واقتصرت على كبار السن والنساء، ممن ليسوا في قوائم المطلوبين للنظام السوري.
وكشف تقرير سابق لـ"المجس" عن إقبال ضعيف شهدته مراكز التسوية التي أنشأها النظام السوري، وروج لها عبر وسائل الإعلام التابعة له، على أنها ستكون عملية تسوية كبرى لتشمل كافة المطلوبين، مضيفاً أن قوات النظام السوري اعتقلت عدداً من الشباب الذين قدموا إلى مراكز التسوية لإجراء عملية التسوية، على الرغم من التطمينات السابقة التي قدمتها وسائل الإعلام التابعة للنظام، وبعض شيوخ العشائر الموالين للنظام السوري وعلى رأسهم الشيخ نواف البشير شيخ قبيلة البقارة في سوريا.
وأشار التقرير إلى أن الأهالي امتنعوا عن إرسال الشبان عٌقب عمليات الاعتقالات التي ذاع صيتها بين الأهالي، مبيناً أن التسوية اقتصرت على كبار السن في المنطقة والنساء، وسط غياب كبير لفئة الرجال والشبان، ممن أردا النظام استهدافهم بعملية التسوية، بغرض زجهم في صفوف قواته، واستخدامهم في المعارك الدائرة مع تنظيم الدولة في بادية دير الزور.
وأضاف التقرير أن النظام السوري استقدم عدداً كبيراً من عناصر الدفاع الوطني، بعد ارتدائهم الزي المدني، لتصويرهم أمام مراكز التسويات، للإيحاء بأن هناك إقبالاً على هذه المراكز، فضلاً عن طلبه من شيوخ العشائر في تلك المناطق بدفع أبناء العشائر العربية لإجراء التسوية مستغلاً سلطتهم العشائرية، مشيراً إلى أنهم فشلوا في دفع عجلة التسوية إلى الأمام، في ظل رفض الشبان إجراء التسوية
ويهدف النظام  السوري من عمليات التسوية الأخيرة في دير الزور، إلى إرسال رسائل سياسية لقسد والتحالف الدولي، بوجود قبول شعبي له في تلك المناطق، فضلاً عن رغبته بتجنيد الشبان الذين سيجرون تسويات للانضمام إلى ميليشياته وذلك لدعم تواجده العسكري في المحافظة، واستخدامهم كوقود للمعارك الدائرة مع تنظيم الدولة.
وكان النظام السوري قد أعلن قبل أسابيع أنه بصدد البدء بتنفيذ إجراءات تسوية جديدة شاملة بإشراف روسي، على غرار ما فعله مؤخراً في محافظة درعا وريفها.
وكان أمين فرع حزب البعث في دير الزور "رائد الغضبان" قد أشار سابقاً إلى أن قرار التسوية الجديدة جاء، بناءً على أوامر من رأس النظام السوري "بشار الأسد"، موضحاً أن التسوية الجديدة ستشمل كل المطلوبين للنظام، سواء من العسكريين الفارين عن قوات الجيش ، أو المتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية.
من جانبه قال رئيس مركز المصالحة السورية الروسية "عبدالله شلاش" إن شيوخ العشائر في محافظة دير الزور يعملون على التنسيق مع الجهات المعنية لإنجاح التسوية وضمان انضمام الراغبين بالتسوية إلى الاتفاق الجديد وعودتهم إلى مدنهم وقراهم، بحسب تعبيره.
وأضاف شلاش أن التسوية الجديدة ستبدأ اعتباراً من 14 تشرين الثاني الجاري، موضحاً أن أولى عمليات التسوية ستجري في مبنى الصالة الرياضية في مركز مدينة دير الزور، لافتاً أنها ستنتقل في وقتٍ إلى الريف الغربي من المحافظة، ثم مدينتي البوكمال و الميادين وريفهما وصولاً إلى ريف دير الزور الشمالي دون تحديد مهلة أو مدة معينة لانقضاء عمليات التسوية.
وبين شلال أن النظام السوري شكل لجنة مختصة من قبل وزارتي الداخلية والعدل والجهات الأمنية، لتقوم بدورها في منح وثيقة تسوية، لكل شخص يخضع للإجراءات المتعلقة بها، وذلك بهدف وقف ملاحقته وإبلاغ الأجهزة المعنية بذلك.
وكانت وكالة "المجس" قد ذكرت في تقريرٍ سابق أن عمليات التسوية والمصالحة الجديدة التي ستنطلق في دير الزور والأرياف الخاضعة لسيطرة النظام، ستكون بغطاء عشائري وإشراف روسي، حيث عمل الروس على إقناع وجهاء وشيوخ العشائر في تبني عمليات المصالحة، وذلك بغية إقناع أكبر قدر ممكن من أبناء المنطقة للعودة إلى مناطقهم، ومنحهم أوراق عفو عن طريق مكاتب التسوية وضمهم إلى قوات النظام السوري.
وأشار التقرير إلى أن وفداً ضم جنرالات روس، اجتمع مطلع تشرين الثاني مع وجهاء عشائر من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية قسد، ووجهاء من بلدات قرى مراط وخشام وحطلة، وشخصيات أخرى من ريفي دير الزور الغربي والشرقي، في مبنى محافظة دير الزور، بحضور قيادات من الأفرع الأمنية، وذلك بهدف الترويج للتسوية الجديدة والعمل على إنجاحها، والتحريض على قوات سوريا الديمقراطية والتالف الدولي، باعتبارهم قوات غير شرعية على الأراضي السورية.

 

 

ذات صلة