لتحجيم قوات الصناديد: حزب جديد في الحسكة بدعم قسدي

تعمل قوات سوريا الديمقراطية، في محافظة الحسكة، على إضعاف نفوذ العشائر العربية الموالية للنظام السوري، والتي ترى فيها قسد خطراً على وجودها في الحسكة، وذلك عبر إنشاء أحزاب عربية جديدة تدين بالولاء لها لتكون مُنافسة لتلك الموالية للنظام السوري.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن قوات سوريا الديمقراطية بدأت بدعم إحدى المكونات العربية، للإعلان رسمياً عن تأسيس حزب جديد في محافظة الحسكة، وذلك بُغية تحجيم نفوذ الشيخ حميدي دهام الجربا شيخ قبيلة شمر وقوات الصناديد أحد مكونات قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
وأشارت المصادر إلى أنه من المتوقع الإعلان عن تأسيس حزب البناء والتطوير السوري بين العاشر ومنتصف كانون الثاني الجاري، بريف القامشلي، مبينةً أن الحزب الجديد سيكون بزعامة "محمد قانع الحران" شقيق قائد قوات حماة الجزيرة التباع لقسد رافع الحران الشمري.
ولفتت المصادر أن قوات سوريا الديمقراطية، علمت طيلة الفترة السابقة على دعم حران ليكون منافساً لعائلة الشيخ في المنطقة، كونه من وجهاء قبيلة شمر، وذلك لإضعاف الجربا الذي لايُخفي ميوله للنظام السوري وروسيا، ويسعى لتوسيع حاضنة النظام الشعبية في مناطق نفوذه.
وبينت المصادر أن "قسد"، مدت حران بالمال والسلطة وعملت على الترويج له كشخصية عشائري ذات نفوذ وعلاقات واسعة مع قوات التحالف، وهو ما أحدث عدة انشقاقات داخل صفوف قوات الصناديد أسفرت عن انضمام العشرات من عناصره إلى الفصيل العسكري العربي التابع لحران.
ونوهت المصادر إلى أن حران عمل خلال الفترات الأخيرة على استقطاب مئات الشبان لضمهم لصفوف قواته العسكرية، مستفيداً من الدعم المالي الكبير المقدم له من قبل قوات سوريا الديمقراطية، فضلاً عن منح قسد نفوذ واسع له في محافظة القامشلي والحسكة وصولاً إلى الحدود السورية العراقية "معبر اليعربية".
وقالت إن تأسيس حزب البناء والتطوير السوري يأتي لمنافسة حزب المحافظين الديمقراطيين، الذي أسس في آب 2017 ويرأسه مانع حميدي دهام الهادي، وذلك عُقب تصريحات أدلى بها الجربا في وقتٍ سابق تؤكد الولاء للنظام في دمشق والحليف الروسي، وهو ما أثار مخاوف قسد من حدوث انقلاب في المناطق ذات المكون العربي بدعم من النظام السوري والروس، الذين فشلوا في قضم مناطق قسد لصالح النظام، أثناء التهديدات التركية الأخيرة المتوعدة بشن عمل عسكري ضد قسد.
وترجع مخاوف قسد إلى تسريبات صدرت في وقتٍ سابق تحدثت عن نية الأمريكيين بالاتفاق مع روسيا تشكيل فصيل جديد، يترأسه قادة سابقون في مليشيا "الصناديد"  التي يتزعمها الشيخ حميدي الجربا بدعم من قوات التحالف الدولي، وذلك لضبط الحدود السورية العراقية.
وتسيطر على الحدود السورية العراقية ثلاث قوى من الجانب السوري، وهي قوات قسد التي تسيطر على الجزء الأكبر من معبر سيمالكا شمالاً حتى معبر القائم في محافظة الأنبار، أو ما يعرف في الجانب السوري بالبوكمال في دير الزور. وتسيطر قوات النظام السوري على أجزاء أخرى شرق دير الزور، بينما تسيطر المعارضة السورية على المثلث العراقي السوري الأردني، وهو المثلث الذي يضم معسكر قوات المعارضة المتمركزة في قاعدة التنف العسكرية.
خلاف قديم واعتقالات سابقة
وفي تشرين الأول الفائت نفذت قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، حملة مداهمات طالت عدداً من الأشخاص بينهم نساء في مدينة الطبقة غربي الرقة، بحجة العمالة للنظام السوري، واستهدفت المداهمات بالدرجة الأولى منازل لأشخاص من عشيرة "الوهب" التابعة لقبيلة شمر وذلك بتهمة تشكيل خلايا إرهابية تابعة للنظام السوري، وفقاً لتقرير سابق لـ"المجس".
وبين أن قوات قسد اعتقلت 3 نساء و24 شخصاً من أبناء العشيرة المذكورة، واقتادتهم إلى بلدة صرين التابعة لمدينة عين العرب، فضلاً عن اعتداءات بالضرب طالت عدداً من أصحاب المنازل المستهدفة، وحتى النساء، بتهمة عدم تنفيذ الأوامر وفتح الأبواب للجهات الأمنية بشكل فوري.
وتشن قوات سوريا الديمقراطية بشكل دوري حملات أمنية ممنهجة تستهدف المدن والقرى العربية، وتحرص قسد في حملات الاعتقال التي تنفذها على توجيه تهم العمالة للمدنيين في مسعى منها لشرعنة عمليات الاعتقال، وفي منتصف تموز الفائت شنت قوات سوريا الديمقراطية حملة دهم طالت أحياء سكنية في مدينة الرقة شمال شرقي سوريا، واعتقلت 31 شخصاً بتهمة تشكيل خلايا تابعة للنظام السوري، وذلك بعد مداهمة أحياء المشلب والأندلس والإدخار.
وأشار التقرير حينها إلى أن الهدف الأساسي لقسد من عمليات الدهم والاعتقال التي تستهدف المكون العربي بشكل عام، والعشائر بشكل خاص، يعود إلى رغبة قسد في احتواء وإخضاع العشائر العربية في الحسكة وعشيرة الوهب في الطبقة تحديداً لقربها من فصيل صناديد شمر التابع للشيخ "حميدي الجربا " وجيه عشيرة شمر العربية، الذي تخشى قسد من نفوذه في الحسكة وعلاقاته المتينة مع رأس النظام السوري بشار الأسد.
من هو حميدي الجربا وفصيل الصناديد
يترأسه شيخ مشايخ قبيلة شمر "حميدي دهام الهادي الجربا"، الذي شكل مطلع عام 2013 ما كان يسمى بـ"جيش الكرامة"، إثر سيطرة عدة فصائل على معبر اليعربية الحدودي مع العراق في محافظة الحسكة.
وفي عام 2015 بدل الجربا تسمية المليشيا التابعة له إلى "الصناديد" قبل انضمامه إلى "قسد"، التي تأسست بدعم من التحالف الدولي، بقيادة أميركا، أواخر عام 2015، من تحالف العديد من الفصائل العربية والكردية والتركمانية والأشورية.
تنقسم قوات الصناديد بحسب مصادر إعلامية إلى خمسة فصائل أبرزها فصيل “الياور” وفصيل “الذيب” وفصيل “أبو دهام” وفصيل “العمدة” وفصيل “حماد المناع” ويقدر عدد المقاتلين في هذه الفصائل مجتمعين بأعداد مختلفة تتراوح بين 3000- 4000 بين عامي 2014- 2016 إلا أن أغلب التقديرات الحالية تشير إلى أن قوات الصناديد تتراوح بين 400- 500 مقاتل.
خاضت قوات الصناديد معارك مختلفة مع قسد بدءاً من معركة منبج التي ساهموا فيها بألفي عنصر إلى معركة دير الزور وذلك تحت قيادة بندر دهام حميدي الجربا.
واقتصر تسليح قوات الصناديد في بداية تشكله على السلاح الشخصي الخفيف إلا أن هذا التسليح تغير إبان تحالف الجربا مع وحدات الحماية التي سيطرت على محافظة الحسكة بشكل شبه كامل فعين في منصب فخري حاكماً مشتركاً على مقاطعة الجزيرة إضافة إلى حصوله على أسلحة متنوعة ودعم مالي كبير لدفع رواتب عناصر فصيله.
ويواجه الجربا اتهامات عدة أبرزها أنه ما زال يحتفظ بعلاقاته الوثيقة مع نظام الأسد والروس والإيرانيين، وأنه بنفس الوقت يحتفظ بعلاقته مع الجانب الكردي في محافظة الحسكة، حيث كان الرئيس المشترك لإقليم الجزيرة ضمن مشروع الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا.
وكان حميدي زار القاعدة الروسية في حميميم مطلع العام 2019، عقب زيارة له إلى دمشق، حيث ظهر في شريط فيديو قال فيه إن هدفه من زيارة القاعدة "إنقاذ بلدنا مما هي فيه". وتعد محافظة الحسكة المعقل الرئيسي لقبيلة شمر العربية، والتي لها امتداد في العراق شرقاً وفي دول الخليج، وينتشر أفراد القبيلة في منطقة اليعربية في ريف مدينة القامشلي الشرقي على امتداد الشريط الحدودي بين سوريا والعراق، إضافة إلى بعض القرى في محافظة الحسكة.
ولم تنقطع الصلة بين الجربا والنظام السوري، إذ لا يزال دائم التردد على منزله في العاصمة دمشق، وفق مصادر مقربة منه، ما يثير أيضاً مخاوف الأكراد في محافظة الحسكة في حال عودة التوتر مع النظام في المحافظة التي تضم أبرز القبائل العربية في سوريا، ومنها الجبور، وطي، والعدوان، والبقارة.
كما يحتفظ حميدي الجربا بعلاقة مميزة مع قيادة إقليم كردستان العراق، وهو ما يثير مخاوف قسد من إيجاد صلة بين مليشيا الصناديد وقوات البشمركة السورية في حال أصر الجانب الأميركي على إعادتها من معسكراتها في شمال العراق إلى الشمال الشرقي من سوريا.