ماذا يفعل الصينيون في مطار التيفور وماعلاقة الإيغور بذلك

لم تتخلى الصين منذ بداية الثورة السورية عام 2011، عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وعبرت منذ اللحظة الأولى لاندلاع الثورة عن دعمها وتأييدها للنظام السوري ضد حربه مع ما اسمته " المجموعات الإرهابية".
وفي الميدان السياسي عطلت الصين برفقة روسيا عدداً من القرارات الدولية المتعلقة بإدانة النظام السوري على جرائمه المرتكبة في سوريا، كما عطلت الصين عن طريق الفيتو قراراً دولياً يسمح باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر المعابر الخارجة عن سيطرة النظام السوري والواقعة تحت سلطة فصائل المعارضة المسلحة.
اجتماع صيني-إيراني في مطار التيفور
ولعل آخر التحركات الصينية في سوريا، على الصعيد العسكري، تمثلت بعقد اجتماع إيراني- صيني، قبل أيام، في مطار التيفور العسكري بريف حمص، حضره وفد من الخبراء العسكريين والأمنيين في الحرس الثوري الإيراني وآخرين من  الصينيين، دام قرابة 45 دقيقة، تلاه مغادرة الخبراء نحو العاصمة دمشق.
وبحسب مصادر مطلعة لـ"وكالة المجس" فإن الاجتماع  المذكور، تناول المخاوف الأمنية الصينية، المتمثلة باستمرار تدفق مقاتلي الإيغور، من مقاطعة شينجيانغ الغربية المضطربة في الصين إلى سوريا، ورغبة بكين في القضاء عليهم داخل سوريا، تجنباً لأي خلل أمني أو عصيان عسكري في أراضيها حال عودتهم إلى بلادهم.
وبينت المصادر أن الصين طلبت بشكل مباشر من قيادة الحرس الثوري الإيراني، البدء باستهداف مقاتلي الإيغور المنضوين ضمن الحزب الإسلامي التركستاني في ريف إدلب، وجبال التركمان، مقابل تقديم خبرات لتطوير ورشات تجميع طائرات دون طيار التي أنشأتها طهران مؤخراً في سوريا.
وأضافت المصادر أن الصين عرضت تدريب المقاتلين التابعين للحرس الثوري على الطائرات وتزويدهم بمواقع مقاتلي الحزب، وذلك مقابل تأهيل الرادارات للحد من استهداف الطيران الإسرائيلي لمواقعهم.
وأشارت المصادر إلى أن الحرس الثوري الإيراني، وافق على مطالب الصين، وبحث مع الخبراء عدداً من الأهداف المزمع استهدافها، موضحةً أنه طالب الصينيين بمنحه بعض الوقت للبدء باستهداف المقاتلين الإيغور، معللاُ ذلك بالأوضاع السياسية والإقليمية، فضلاً عن رغبته بتجهيز مطار التيفور قبل البدء بعمليات الاستهداف.
وفي أواخر حزيران 2021، كشفت مصادر خاصة من فصائل المعارضة السورية في مدينة إدلب لـ"وكالة المجس" معلومات حول تقديم الصين معدات عسكرية للنظام لدعم حملة عسكرية ضد مقاتلي الحزب التركستاني في إدلب.
وقالت المصادر إن عدداً من التشكيلات العسكرية التابعة لقوات النظام والمليشيات حصلت على أسلحة صينية متطورة، بينها رادارات من نوع جي واي 27، التي يبلغ مداه 400 كلم وأجهزة تشويش واتصال ومعدات للقتال الليلي.
وسبق الدعم العسكري الصيني زيارات لوفود من بكين، ضمت شخصيات تجارية وعسكرية إلى سوريا، وكان آخرها زيارة وفد صيني بداية العام الجاري 2021 لمقر محافظة إدلب التابع للنظام في مدينة خان شيخون جنوبي إدلب، حيث التقى الوفد خلال زيارته المحافظ محمد نتوف، كما تجول الوفد وبشكل سري في منطقة العمليات القريبة من خطوط الاشتباك مع المعارضة جنوبي إدلب.
وبينت مصادر المعارضة أن زيارة الوفد الصيني بداية العام الى مناطق جنوبي إدلب تندرج في إطار محاولات بكين دعم الخيار العسكري في إدلب بهدف تصفية المقاتلين الإيغور في الحزب التركستاني، فضلاً عن تمكين خلايا الاغتيالات التابعة للمخابرات الجوية من تكثيف العمليات ضد مقاتلي الحزب الذي يعارض حكومة الصين.
وأوضحت أن الدعم الصيني جاءً رداً على إزالة الحزب التركستاني الصيني من قوائم الإرهاب الأمريكية، حيث قررت واشنطن أواخر عام 2020 رفع حركة تركستان الشرقية من قائمتها للمنظمات الإرهابية، في إشارة واضحة للاستياء الأميركي من أساليب الصين القمعية تجاه أقلية الأيغور المسلمة في إقيلم شينغانع الذي يتمتع بالحكم الذاتي.
وكان وزير الخارجية الأميركي حينها "مايك بومبيو" أعلن أن الجماعة قد تم رفعها من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وذلك لأنه لا يوجد دليل على وجودها أو استمرارها في نشاطها، مضيفاً أن بكين تستخدمها كذريعة لاستمرار انتهاك حقوق أقلية الإيغور المسلمة في الصين.
وكانت الولايات المتحدة قد صنفت حركة تركستان الشرقية منظمة إرهابية عقب هجمات 11 سبتمبر من العام 2000 بحجة وجود روابط بينها وبين تنظيم القاعدة، ليتم إزالتها من تلك القائمة بعد "مضي أكثر من عشر سنوات على عدم وجود أي دليل موثوق على استمرار وجود المنظمة، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية.
والحزب التركستاني هو حزب تأسس في تسعينيات القرن الماضي يضم عناصر من مسلمي الإيغور، القادمين من إقليم شينجيانغ في الصين، وكان اسمه في البداية حركة شرق تركستان الإسلامية، التي انتقلت إلى أفغانستان، وأطلقت على نفسها هناك اسم الحزب التركستاني، وأصبحت جزءاً من تنظيم القاعدة، قبل أن تبدأ بالانتقال إلى سوريا عام 2012، وتغير اسمها إلى الحزب الإسلامي التركستاني لنصرة أهل الشام.
وأكد الحزب الإسلامي التركستاني منذ وصوله إلى سوريا بأنه جاء استجابةً للواجب الجهادي في سوريا وانتقاماً من حكومة بكين الداعمة لدمشق، ومنذ نهاية عام 2012 بدأت طلائع الجهاديين الإيغور تتدفق إلى سوريا بأعداد كبيرة، وبعد وقت قصير جند الحزب مقاتلين من الأوزبك والشيشان.
وفي العام 2014 أعلنت قيادة الحزب التركستاني ولادة فرعها في سوريا، تحت مسمى "الحزب التركستاني الإسلامي في بلاد الشام" وتضاعفت أعداد من جلبهم الحزب إلى سوريا بعد استقدام عناصره لعائلاتهم.
ويُعرف عناصر الحزب البالغ عددهم قرابة الـ8 آلاف أو يزيدون، بخبراتهم العسكرية الطويلة التي اكتسبوها من أفغانستان فضلاً عن قسوتهم واعتمادهم على العمليات الانتحارية لبث الرعب في نفوس الخصوم، وينتشر عناصر الحزب برفقة عائلاتهم بكثافة في مناطق غربي إدلب وفي المناطق القريبة من الحدود مع تركيا في ريف اللاذقية الشمالي. .