مع انتهاء غزوة غويران: قسد تستفرد بخصومها وتصعد ضد المؤسسات الإعلامية

وجدت قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، المُسيطر الفعلي والوحيد على مناطق شمال وشرقي سوريا، والمدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، وقوات التحالف الدولي، من غزوة غويران التي أطلقها التنظيم واستمرت لعدة أيام، فرصة مناسبة لها للانتقام من خصومها السياسيين والإعلاميين المناوئين لها، بحجة بسط الأمن من جديد، ومواجهة أي تحديات قد تُعيد تنظيم الدولة إلى المنطقة.
ومنذ انتهاء الغزوة المذكورة، صعدت قوات قسد من حملاتها الأمنية التي استهدفت بمعظمها المدنيين المنتقدين لها، كما أنها قامت وبحسب المصادر، بعمليات انتقامية ممنهجة من الأهالي تمثلت بهدم العديد من المنازل، في عدد من أحياء مدينة الحسكة، وذلك بعدة ذرائع أبرزها انضمام أصحابها إلى تنظيم الدولة، أو تعاطفهم معهم على أقل تقدير.
ولم يقتصر التصعيد القسدي في مناطق محافظة الحسكة التي انهكتها المعارك الطاحنة مع تنظيم الدولة، على المدنيين العرب القاطنين هناك، بل طال عدة مؤسسات إعلامية وقنوات تلفزيونية، وصحفيين، مناوئين لسياسة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.
اعتقالات طالت صحفيين وإغلاق قنوات تلفزيونية
نفذ مسلحون مجهولون في محافظة الحسكة، يُعتقد أنهم تابعون لقوات سورية الديمقراطية، حملة اعتقالات طالت صحافيين اثنين وذلك بعد مداهمة منزليهما، وتُشير المصادر إلى أن الأهالي والهيئات الكردية المناوئة، وجهت أصابع الاتهام لمسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي، مؤكدةً أنهم باشروا منذ انتهاء أحداث غويران، بالتصعيد ضد المؤسسات الإعلامية المناوئة لهم في المنطقة.
وقالت المصادر إن مسلحين مجهولين داهموا، في وقت متأخر من ليل السبت-الأحد، منزل الإعلامي "باور ملا أحمد"، مراسل موقع "يكيتي ميديا"، واعتقلوه واقتادوه إلى جهة مجهولة، وذلك بعد مصادرة هاتفه وهاتف زوجته.
وأضافت المصادر أنه وفي ذات الليلة، داهمت مجموعة أخرى من مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي، منزل الإعلامي "صبري فخري"، مراسل تلفزيون "آرك"، واعتقلته واقتادته إلى جهة مجهولة بعد مصادرة هاتفه.
وأشارت المصادر أن حملات الاعتقال سبقها بأيام، تعرض طاقم شبكة "روداو" الإعلامية في مدينة القامشلي بالحسكة، للاعتداء وتعذيب المصور والسائق خلال محاولة تغطية تشييع قتلى عناصر "قسد" الذين قتلوا في معارك سجن الصناعة "غويران" ضد تنظيم الدولة، الأربعاء الفائت.
ونقلت المصادر عن مسؤول في حزب كردي معارض، قوله إن اعتقال مراسل وكالة "يكيتي ميديا" وإغلاق مكتب فضائية "روداو"، وإغلاق مكتب فضائية "كردستان 24"، "يدل بوضوح على أن هناك تصعيداً مقصوداً من قبل المجموعات المسلحة التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي تجاه المؤسسات الإعلامية والإعلاميين الذين ينقلون الأخبار الصحيحة، مضيفاً أن ممارسات قسد الأخيرة تهدف إلى تضليل الرأي العام، وإسكات الأصوات المناوئة لها، وإبراز الأخبار التي تُريد قسد تصديرها إلى الشارع فقط.
من جانبه، أدان المجلس الوطني الكردي، في بيانٍ صدر عنه، أمس الأحد، تعرض العديد من الصحافيين بشكل ممنهج ومتكرر لانتهاكات جسيمة، شملت الاعتداء والخطف والاعتقال والترهيب، من قبل تنظيم "الشبيبة الثورية" والأجهزة الأمنية التابعة للاتحاد.
وطالب البيان التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بالتدخل لوضع حد لانتهاكات حزب الاتحاد الديمقراطي، وإطلاق سراح جميع الإعلاميين، وإفساح المجال أمام المؤسسات الإعلامية للعمل بحرية.
وفي ذات السياق أوقفت "الإدارة الذاتية" في شمال وشرق سوريا، يوم أمس السبت، عمل شبكة "روداو" الإعلامية في كافة المناطق التي تديرها، وسحبت الترخيص منها، الأمر الذي عده صحافيون انتهاكاً خطيراً لحرية الإعلام في المنطقة.
وعللت الإدارة الذاتية قراراتها الأخيرة ضد الشبكة بالقول إنها تعمل على إثارة النعرات وتشويه صورة المؤسسات العاملة في شمال وشرق سوريا، والتي تضر بالنسيج الاجتماعي في المنطقة، ولفتت إلى أنه تم توجيه إنذارين لشبكة "روداو" في الفترات الماضية، ورغم ذلك، استمرت في سياستها الإعلامية، بحسب بيان صادر عن الإدارة الذاتية.
وفي 19 كانون الثاني الفائت، اختطفت استخبارات قوات سوريا الديمقراطية، ناشطاً إعلامياً من مكان عمله بمدينة الحسكة واعتدت عليه بالضرب المبرح، وذلك بعد تلقيه تهديدات عدة على فترات متقطعة نتيجة تكرار انتقاده لسياسة حزب الاتحاد الديمقراطي "PYD"..
وقالت مصادر مقربة من حزب "يكتي" الكردستاني في سوريا حينها، إنه تعرض للضرب والتعذيب بالعصي والأسلاك المعدنية، وكسر المسلحون أصابع يديه بالحجارة، وضربوه بشكل مبرح على ظهره وبطنه ورأسه، وأبلغوه أن هذا الاعتداء بمثابة تحذير من تكرار انتقاد الحزب، لافتةً أن عملية الاختطاف استمرت منذ الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة الثانية والنصف ظهراً، ليترك بعدها معصوب العينين بوضع صحي سيء، بينما لاذ الخاطفون بالفرار إلى جهة مجهولة.
وأكدت المصادر أن هذه الحادثة ليست الأولى التي يتعرض خلالها  جيندار بركات للمضايقة والتهديد والاستجواب والتعذيب من قبل سلطات PYD، التي ألقت قبل شهر قنبلة صوتية على منزله".
وتشهد مناطق سيطرة "قسد" انتهاكات عديدة بحق الصحفيين شملت سحب رخص من مؤسسات إعلامية واعتقال صحفيين من قبل قوات "الأسايش" وتعرض آخرين للضرب والاعتداء فضلاً عن إحراق عدة مقار كـ مقر قناة "روداو" في القامشلي.
وازدادت مؤخراً حدة العمليات التي تقوم بها ميليشيا "الشبيبة الثورية"، إحدى القوى التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، في شمال شرق سوريا، والمرتبطة بشكل مباشر بحزب العمال الكردستاني، من جهة خطف أطفال لتجنيدهم في صفوفها، أو الاعتداء على مقرات أحزاب كردية معارضة، والقيام بأعمال تخريبية.
وكانت قوات الأمن التابعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا "الأسايش"، داهمت في كانون الأول الفائت، مكتب القناة الفضائية "رووداو" في مدينة القامشلي واعتقلت مديره وخمسة موظفين آخرين، ثم أغلقته دون توضيح الأسباب، بحسب المصادر.
فيما أدانت مؤسسات إعلامية عدة كـ "مركز ميترو، مركز الخليج لحقوق الإنسان، جمعية الدفاع عن حرية الصحافة"، مداهمة مكتب القناة وإقفاله وماتلاه من اعتقال الصحافيين، مشيرةً إلى أن ما حصل يخالف مبادئ حقوق الإنسان وحرية الصحافة والتعبير، وطالبت السلطات باحترام عمل وحرية الفرق الإعلامية والإفراج الفوري عن المعتقلين، مبينةً أن الاعتقالات طالت مدير المكتب "فهد صبري"، والمخرج "أحمد عجمو"، والمراسل "برزان فرمان"، والمصور "نضال رسول"، ومنسق العلاقات "حسين عثمان" والمذيع "صفقان أوركيش".
وفي أيلول الفائت أدانت منظمة "مراسلون بلا حدود" الانتهاكات المتعددة ضد حرية الصحافة في المنطقة التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية، ودعت السلطات إلى السماح للصحافيين بممارسة المهنة بحرية وضمان بيئة عمل مواتية لهم.