اعترفت شركة "لافارج" الفرنسية لصناعة الإسمنت، بالاتهامات الأميركية الموجهة إليها بتقديم مدفوعات لجماعات تصنفها الولايات المتحدة على أنها "تنظيمات إرهابية"، منها تنظيم الدولة.
ووافقت لافارج على دفع ما يقرب من 800 مليون دولار كغرامات، وذلك بعد إقرارها أمام محكمة بروكلين الاتحادية، للمرة الأولى، بأنها مذنبة بتقديم دعم مادي لجماعة إرهابية.
كما تضمنت الإجراءات المتخذة ضد لافارج بمصادرة 687 مليون دولار، ودفع غرامة قدرها 90 مليون دولاراً، في إطار اعترافها بالذنب، حيث تواجه الشركة منذ عام 2015 اتهامات بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية لمواصلتها تشغيل مصنع في سوريا بعد عام 2011.
وفي أيار الفائت، أكدت محكمة الاستئناف في باريس، تهمة "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية" التي تطال شركة لافارج للإسمنت، من خلال أنشطة مارستها في سوريا حتى عام 2014.
واشتبه التحقيق القضائي الذي شهد عدة تقلبات حينها، أن الشركة سددت في عامي 2013 و2014 عبر شركة تابعة لها، مبالغ بملايين اليوروهات لمجموعات إرهابية، ولا سيما تنظيم الدولة لمواصلة أنشطة مصنع للإسمنت في جلابيا، حيث استثمرت الشركة 680 مليون يورو في بناء المصنع الذي أنجز في عام 2010.
فيما قال أحد محاميي الشركة "اعتقادنا راسخ بأن هذا التجاوز لا يجب ربطه بشركة لافارج التي ستقدم استئنافا"، وكانت هيئة التحقيق الباريسية مدعوة لإصدار قرارها في القضية مرة جديدة رداً على طلبين تقدمت بهما مجموعة لافارج لإبطال تهمة "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية" التي نادراً ما توجه إلى شركة، وأيضا تهمة "تعريض حياة آخرين للخطر".
وفي عام 2019 استجابت هيئة التحقيق لطلب تقدمت به المجموعة وأشارت فيه إلى ان نيتها الوحيدة كانت "استمرارية أنشطة مصنع الإسمنت"، وردت طلبها الثاني، وبعد أشهر ألغت محكمة النقض القرار ودعتها إلى إعادة النظر به.
واعتبرت هيئة التحقيق الجنائية في محكمة النقض، أنه يكفي للإبقاء على تهمة التواطؤ أن يكون مرتكبها على دراية بما يُرتكب أو سيرتكب وأن يكون سهل التحضير والتنفيذ، وبعد جلسة مطولة عقدتها هيئة التحقيق الجنائية في مارس قررت محكمة الاستئناف في باريس الإبقاء على تهمتي "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية" و"تعريض حياة آخرين للخطر".
وكانت لافارج أقرت بعد تحقيق داخلي بأن الشركة السورية التابعة لها، هي التي دفعت الأموال للتنظيمين الإرهابيين لمواصلة عملها في هذا البلد العربي بعد 2011، إلا أنها ترفض عدة تهم وجهت لها، وشكل قرار محكمة النقض، التي تعتبر أعلى هيئة قضائية فرنسية، انتكاسة كبيرة للشركة.
ويقع مصنع “لافارج” الإسمنتي في قرية “جلبية” الواقعة قرب مدينة عين العرب "كوباني"، وإلى الشمال الغربي من بلدة عين عيسى في محافظة الرقة، على طريق حلب- الحسكة، واشترته الشركة الفرنسية عام 2007 من شركة “أوراسكوم” المصرية.
ويعود التعامل بين لافارج وتنظيم الدولة إلى الفترة الزمنية الواقعة بين عامي 2013 و2014، حين سيطر التنظيم على مدينة الرقة وبعدها مدينة منبج التي تبعد عن المعمل نحو 65 كيلومتراً، فبدأت الشركة تبحث عن ضمانات لتأمين طرق الشاحنات والعمال.
وفي شباط 2015، دمر تنظيم الدولة نحو 80 بالمئة من المصنع، عبر تفخيخ شبكة أنفاق الكهرباء الخاصة فيه، بعد سحب معظم الآلات وما يمكن حمله، ليعود إلى سيطرة وحدات حماية الشعب في ذات العام، وتتركز بالقرب منه وحدات أمريكية تقدم دعماً للفصائل الكردية في المنطقة.