ما الأهداف التركية من جمع الائتلاف الوطني بقادة التشكيلات العسكرية في سوريا

زار وفد من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، منتصف الأسبوع الفائت، مناطق شمالي سوريا، حاملاً في جعبته عدة ملفات ملحة، تمت مناقشتها خلال اجتماع عُقد في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، وسط حضور لافت لقادة الكتل الرئيسية في الائتلاف والشخصيات الفاعلة فيه إلى جانب رئيسه سالم المسلط، وهو ما يعكس جدية الزيارة.
وأعلن رئيس الائتلاف المعارض "سالم المسلط"، أن الزيارة جاءت في إطار ما اسماه الجولة التفقدية على قرى ومدن شمالي سوريا، تم خلالها الاجتماع بالعديد من مسؤولي المؤسسات والفعاليات المدنية والخدمية، وكذلك قادة الجيش الوطني السوري،  مؤكداً أنها جاءت من مبدأ الحرص "على أن نكون بين أهلنا، وأن نبحث معهم عن أمثل الحلول لما يواجهنا من تحديات".
الأهداف التركية من زيارة الائتلاف
وعلى الرغم من الإعلان التقليدي للائتلاف الوطني ورئيسه سالم المسلط، حول أسباب الزيارة، واكتفائهم بالقول إنها تأتي في إطار الأعمال الروتينية للائتلاف، إلا أن توقيت الزيارة وحضور قادة كافة الكتل السياسية داخل الائتلاف واجتماعهم بالقادة العسكريين في الجيش الوطني السوري، يوحي بأنها حملت أبعاداً أعمق من تلك المُعلن عنها، والتي صورت الزيارة على أنها أمر روتيني.
وقالت مصادر عسكرية في الجيش الوطني لدى حديثها لـ"وكالة المجس"، إن الزيارة الأخيرة لوفد الائتلاف الوطني المعارض إلى شمال سوريا، تختلف عن سابقاتها من الزيارات الاعتيادية، مؤكداً أن الاجتماعات المعقودة توحي ببدء مرحلة سياسية وعسكرية جديدة يسعى الائتلاف لرسمها، وذلك تحت إشراف وحضور تركي بارز.
ونقلت المصادر عن مسؤولين في الائتلاف قولهم إن الزيارة جاءت بطلب تركي، مبينين أن أحد المسؤولين الرئيسيين عن ملف المعارضة السورية في الحكومة التركية، رافق وفد الائتلاف في الزيارة الأخيرة، وحضر كافة اللقاءات التي عُقدت مع القادة العسكريين في الداخل.
وأشارت المصادر إلى أنه على الرغم من اجتماع الائتلاف بمؤسسات المعارضة المدنية، إلا أن التركيز الأكبر للزيارة كان على اللقاء مع القادة العسكريين، حيث كثف وفد الائتلاف من اجتماعاته مع قادة الفيالق العسكرية العاملة في مناطق الجيش الوطني شمال وشمال شرقي سوريا، مشدداً على أن كافة اللقاءات كانت بحضور المسؤول التركي الذي رافق الوفد.
وأوضحت أن الملف الأبرز الذي تم بحثه خلال اللقاء، تمحور حول الخلل والفشل الذريع الحاصل في العلاقة بين المؤسستين العسكرية والسياسية في المعارضة السورية، مبينةً أن الاجتماعات ناقشت سبل معالجتها وأعطت عدداً من الحلول بُغية الوصول إلى التكامل التام بين كافة المؤسسات في مدة زمنية قصيرة، مشددةً على أن تركيا حثت كافة الأطراف على ضرورة الاتفاق بشكل سريع.
وبحسب المصادر فإن المسؤول التركي الرفيع الذي حضر الاجتماعات، أصر على أن يضع المسؤولون في المعارضة السورية خطة واضحة من أجل تحقيق التكامل بين كافة المؤسسات، مشددةً على أن الغايات التركية في إصلاح الخلل وتوحيد مؤسسات المعارضة السورية بدا واضحاً بشكل جلي.
بدوره رأى الصحفي السوري ماجد العلي أن مايجري من اجتماعات في شمال سوريا، لتوحيد المؤسسات الممثلة للمعارضة السورية، يندرج في إطار اتفاق أميركي-تركي، سربته وسائل إعلام في وقتٍ سابق،  يهدف لتوحيد مناطق المعارضة في إدلب وريف حلب، ومحاولة ضم مناطق الأكراد إليها في وقت لاحق، مشيراً إلى أن ذلك يندرج ضمن خطة "التعافي المبكر" التي سبق أن طرحتها الولايات المتحدة لتوحيد مناطق المعارضة السورية.
وأضاف العلي أن الآونة الأخيرة شهدت لقاءات مكثفة بين الجانب التركي والمعارضة السورية نوقش خلالها كيفية تحقيق الانسجام وتعزيز الحالة السياسية والميدانية، موضحاً أن الأتراك أبدوا استعداداً تاماً لدعم تماسك المعارضة بجسمها السياسي وفصائلها العسكرية وحكومتها المؤقتة نحو شكل أكثر تكاملاً على جميع المستويات الداخلية والخارجية، وذلك لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية تعود بالفائدة على المعارضة السورية والسياسية التركية في سوريا.
إصلاح الائتلاف الوطني المعارض
وفي مطلع كانون الثاني الفائت، كشف رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض "سالم المسلط"، عن وجود تحركات وقرارات جديدة لإصلاح الائتلاف وتطوير أدائه لإعادته إلى مكانته في الأوساط الدولية والشعبية، تضمنت تعديل نظامه الداخلي واستبدال بعض الكتل السياسية الموجودة في الائتلاف وإصلاح علاقاته مع المجتمع الدولي.
وقال المسلط في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، إنه اعتمد منذ تسلمه رئاسة الائتلاف السوري، شعار وحدة المعارضة السورية كهدف أساسي لعمل قيادة الائتلاف بالتعاون مع كل المكونات، مشيراً إلى أن الائتلاف يضع تطوير العلاقات مع الحاضنة الشعبية في سوريا على رأس الأولويات.
وأضاف المسلط أن "الائتلاف خصص وقتاً لملف العلاقات الخارجية والدولية لإصلاح علاقاته مع المجتمع الدولي وعلى وجه الخصوص مع أشقائنا العرب"، مبينا اتخاذ العديد من القرارات المهمة بهدف إنعاش الائتلاف عبر تعديل نظامه الداخلي واعتماد تعديلات قانونية تعيد الحيوية لنشاطه، مرجحاً اعتماد النظام الداخلي الجديد خلال الأسبوع الحالي.
وعن التغييرات في الائتلاف أشار المسلط إلى أنه ستتم إعادة تشكيل لجنة العضوية وإعطائها الصلاحيات الكافية للنظر في طلبات العضوية المقدمة في السابق وقرارات الاستبدال المقدمة من مكونات الائتلاف، بالإضافة إلى دراسة مرجعيات بعض الكتل السياسية الموجودة في الائتلاف منذ تأسيسه والعمل على استبدال ممثليها بعد التشاور مع الحاضنة الشعبية في الداخل السوري.
ولفت المسلط أنه تم تشكيل لجنة تحضيرية من أعضاء الائتلاف للعمل على تنظيم لقاءات تشاورية مع المكونات السياسية والاجتماعية السورية، التي تمثل شرائح متعددة من السوريين الموجودين في المناطق المحررة في مناطق شرق وشمال حلب ورأس العين شمالي الحسكة، موضحاً أن الاجتماعات ستقام في مدن أعزاز في ريف حلب الشمالي، والباب وجرابلس في ريف حلب الشرقي، ورأس العين شمالي الحسكة، مؤكداً أن نتائج هذه الاجتماعات ستتوج بعقد لقاء جماهيري واسع في الداخل السوري يحمل ثلاثة أهداف أساسية.
وعن الأهداف شدد المسلط على أنها تتمثل في "وحدة مكونات المعارضة السياسية والعسكرية والاجتماعية والعشائرية وإعادة المركزية للثورة السورية والتأكيد على الالتزام بمبادئها وثوابتها، بالإضافة لاستعادة المبادرة المبنية على مبادرة الشعب السوري الذي أطلق شرارة الثورة".