عاود التوتر إلى مناطق محافظة درعا، وخصوصاً مدينة درعا البلد التي تشهد منذ صباح اليوم الخميس محاولات مستميتة للنظام السوري لاقتحامها والسيطرة عليها.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن قوات النظام شنت صباح اليوم الخميس 29 تموز، عملية عسكرية في منطقة درعا البلد تمثلت باقتحام المنطقة من عدة محاور، فيما تصدى لها عدد من الشبان المسلحين، وسط سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين.
وأضافت المصادر أن قوات الفرقة الرابعة والتشكيلات التابعة لها حاولت التقدم من ثلاثة محاور نحو درعا البلد انطلاقاً من مناطق النخلة وقصاد والقبة، وسط اشتباكات عنيفة ومحاولات لمنع دخول قوات النظام من قبل أبناء المنطقة.
وأكدت المصادر سقوط عدد من عناصر الفرقة الرابعة بين قتيلٍ وجريح جراء الاشتباكات على محور منطقة القبة شرقي درعا البلد مع استمرار عمليات القصف المكثف براجمات الصواريخ وقذائف الهاون والدبابات على أحياء درعا البلد، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة عدد من المدنيين بجروح، مضيفةً أن قوات النظام السوري أطلقت صاروخاً من نوع فيل تجاه درعا البلد لأول مرة منذ اتفاق التسوية عام 2018.
فيما أطلق أهالي درعا البلد نداءات استغاثة، لانقطاع المواد الإسعافية عُقب إغلاق النقطة الطبية الوحيدة في درعا البلد يوم أمس جراء استهدافها من قبل قناصة الفرقة الرابعة.
من جانبه أعلن شبان في مدينتي جاسم ونوى والمنطقة الشرقية وبلدة تل شهاب ، تضامنهم مع درعا البلد في بيانات مصورة، مهددين النظام بالتصعيد في كافة أنحاء المحافظة في حال واصل حصار درعا البلد.
فيما بادر شبان في مدينة نوى إلى إغلاق الطرقات الرئيسية وأشعلوا الإطارات تضامناً مع درعا البلد، بينما سمع أصوات إطلاق نار كثيف من أسلحة رشاشة في بلدة صيدا شرقي درعا، ناتج عن مهاجمة مجهولين حواجز للأمن العسكري في البلدة بعد فجر اليوم الخميس.
فيما تعرضت حواجز على طريق "الجيزة، الغصم" لاستهداف ناري بعد منتصف الليل، كما تعرض حاجز عسكري يقع في مدخل مدينة نوى من جهة بلدة الرفيد لاستهداف بعيارات نارية من قبل أبناء المنطقة.
واستهدف مسلحون أيضا مقراً تابعاً لأمن الدولة في مدينة أنخل بريف درعا الغربي بالأسلحة الرشاشة، فيما هاجم شبان المركز الثقافي في مدينة جاسم الذي يتخذه فرع أمن الدولة مقراً له، مستخدمين الأسلحة الخفيفة.
وكانت لجان التفاوض في درعا البلد، أعلنت أنها عقدت اجتماعاً ضم اللجان المركزية في محافظة درعا مع ممثلين من اللواء الثامن أمس الأربعاء، في مدينة درعا، لبحث تطورات درعا البلد، وسط غياب تام لضباط النظام السوري.
وقالت اللجان إنها طالبت اللواء الثامن بإيصال مقترحها لضباط النظام، والمتضمن نشر 3 نقاط عسكرية في أحياء درعا البلد تضم عناصر من اللواء الثامن من أبناء المحافظة فقط.
وأضافت اللجان أنه في حال رفض النظام المقترحات، فإننا نطالب بتهجير جميع الأهالي في درعا البلد وطريق السد والمخيمات والبالغ عددهم نحو 50 ألف نسمة، وفي حال الرفض فسنتجه إلى خيار الحرب.
فيما اتهم النظام السوري وعلى لسان قائد شرطته في درعا ضرار دندل يوم أمس الأربعاء، وجهاء درعا بعدم الالتزام ببنود الاتفاق الموقعة والتي تنص على تسليم كامل السلاح المتوسط والخفيف المتواجد بحوزة أبناء درعا البلد.
ونقلت وسائل إعلام موالية للنظام عن دندل قوله، إن سكان درعا البلد بادروا بإطلاق النار على نقطة دوار الكرك، ما أدى إلى إصابة عدد من عناصر قوات النظام السوري، "مؤكداً أن قوات النظام التزمت بجميع البنود وقدمت بند فتح طريق السرايا على جميع البنود على الرغم من أنه كان آخر البنود المفترض تنفيذها".
وأضاف دندل أنه تم استدعاء الوجهاء في درعا البلد الذين وقعوا على الاتفاق، إلا أنهم تذرعوا بحصول اختلافات بوجهات النظر بينهم وفق قوله، مضيفاً أن مقاتلي المعارضة السابقين لم يقبلوا بتسوية أوضاعهم، وطالبوا بإخراجهم باتجاه الشمال السوري، إلا أن لجنة درعا البلد رفضت ذلك.
وكانت قوات النظام أطبقت يوم أمس الحصار على درعا البلد، وأغلقت طريق سجنة آخر الطرق المفتوحة باتجاه درعا البلد، فيما استهدفت المجموعات المحلية التابعة لقوات النظام المتمركزة في حي المنشية المستوصف الطبي في درعا البلد، ما دفع الكادر الطبي لإغلاقه بالرغم من أنه يعتبر النقطة الطبية الوحيدة التي تخدم المنطقة.
وكانت اللجنة المركزية الممثلة لعشائر درعا طالبت في بيانٍ لها، بالعودة للاتفاق الأول القاضي بنشر نقاط عسكرية داخل درعا البلد، وأكدت رفضها خيار التهجير لعدد من أبناء المدينة.
فيما دعت فعاليات محلية في درعا إلى تنفيذ إضراب عام اليوم الخميس في جميع مناطق الجنوب السوري تضامنا مع درعا البلد وهددت بالتصعيد العسكري ضد قوات النظام حال لم يوقف عملياته العسكرية على درعا البلد.
وسبق وأن أصدر وجهاء درعا وشيوخها بياناً طالبوا فيه بترحيل الأهالي من منطقة درعا البلد "إلى مكان آمن".
وجاء في البيان الذي حصلت " وكالة المجس" على نسخة منه: "نحن أهالي مدينة درعا شيباً وشباباً صغاراً وكباراً، كنا وما زلنا دعاة سلم لا نرغب بالحرب أبداً، وخلال الأيام الماضية، أبرمنا اتفاقاً مع النظام السوري لحقن الدماء، ويؤمن الناس ويحفظ كرامتهم".
وأضاف البيان: "تفاجأنا صبيحة هذا اليوم بنقض بنود هذا الاتفاق، وباغتنا النظام باقتحام واسع لمحيط درعا البلد، سقط خلال ذلك شهيدان مدنيان، وعدة جرحى، وما زال القصف مستمراً لغاية تحرير هذا البيان، ونظراً لأننا نرفض القتل لغيرنا والموت لأنفسنا، وأننا التزمنا بتنفيذ بنود الاتفاق، فإننا نحن أهالي مدينة درعا، نطالب بترحيلنا إلى مكان آمن، لتجنب الحرب التي ستكون ويلاً علينا".
وكانت مجموعة تابعة لـ"الفرقة الرابعة قد انسحبت عصر أمس، بعد أن شنت عمليات دهم وتفتيش في أجزاء من درعا البلد وقامت بسرقة المنازل، ليرد عليها شبان من درعا البلد بإطلاق نار تحذيري تبعه اشتباكات ضارية أسفرت عن تعقد المشهد السياسي والعسكري في درعا البلد.
وفي 25 من تموز الحالي، عززت قوات النظام مواقعها العسكرية في محيط مدينة درعا البلد، بعد الاتفاق الذي قضى بفك الحصار عن المدينة مقابل عدة بنود
وكانت قد توصلت لجان التفاوض في أحياء درعا البلد يوم الجمعة 23 تموز، إلى اتفاق مع النظام السوري يقضي بإنهاء الحصار المفروض منذ أكثر من شهر على عدة أحياء داخل المدينة، من قبل قوات النظام و حليفته روسيا.
ويضمن الاتفاق عدم شن النظام أي عمليات عسكرية أو أمنية بحق سكان المدينة مقابل تسليم الأسلحة الخفيفة والفردية من قبل سكان المدينة، وتسوية أوضاع عدد من المطلوبين للنظام السوري من سكان المدينة، والسماح لمؤسسات النظام الأمنية بإقامة حواجز داخل المدينة.
وفي وقت سابق هدد العميد لؤي العلي رئيس فرع الأمن العسكري المسؤول بشكل مباشر عن ملف المنطقة الجنوبية باقتحام حي درعا البلد حال لم يسلم الأهالي السلاح الفردي في أقرب مهلة محددة.
وفي الثاني عشر من تموز الجاري زار ضباط من الشرطة العسكرية الروسية، مدينة درعا البلد والتي تخضع لحصار من قبل قوات النظام بأوامر روسية، حيث وعد الوفد بإيصال مطالب أهالي درعا البلد إلى القيادة في قاعدة "حميميم"، لافتين إلى أن مهمتهم استطلاعية فقط.
وعمل النظام السوري وحليفه الروسي منذ مطلع حزيران الفائت على تشديد الضغوط على أبناء محافظة درعا جنوبي سوريا، حيث امتدت الضغوط الممارسة على درعا البلد لتشمل عدداً من الأحياء الأخرى للرضوخ لمطالب تسليم السلاح الخفيف، وسط حشود من النظام باتجاه المحافظة.
وكانت قوات النظام السوري قد أغلقت مساء الخميس 24 حزيران، جميع الطرق الرئيسية المؤدية إلى مركز مدينة درعا، رداً على رفض الأهالي مطلباً روسياً بتسليم السلاح، وانتقاماً من المحافظة بسبب الرفض الشعبي في محافظة درعا للانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام السوري مؤخراً.
فيما نصبت قوات النظام حاجزاً عند بئر الشياح في محيط درعا البلد وأطلقت النار بواسطة مضادات أرضية باتجاه السهول والمزارع المحيطة بدرعا البلد، ما أسفر عن تسجيل إصابتين في صفوف المدنيين.
واستهدفت قوات الغيث التابعة للفرقة الرابعة حي البحار بدرعا البلد بقذائف الهاون والدبابات والمضادات الأرضية، وحاولت اقتحام الحي، وسط مقاومة من شبان درعا البلد الذين نجحوا في صد تقدم الميليشيات باتجاه درعا البلد.
وينص الاتفاق الموقع بين لجنة التفاوض والنظام السوري، بدخول قوات تابعة للفرقة 15 وإنشاء نقاط محددة، إلا أن النظام لم يلتزم بالاتفاق حيث فوجئ الأهالي في درعا البلد بمداهمة قوات تابعة للفرقة الرابعة لمنازل المدنيين وسرقتها.