أصدرت اللجنة الثلاثية المعنية بالتحقيق في انتهاكات فرقة السلطان سليمان شاه، التي يتزعمها محمد الجاسم الملقب "أبو عمشة"، أحكاماً جديدة في القضية المتعلقة بارتكاب انتهاكات جسمية بحق المدنيين في مناطق انتشار سليمان شاه، أبرزها نفي أبو عمشة وشقيقيه وليد الجاسم الملقب "سيف، ومالك الجاسم "أبو سراج"، خارج منطقة عمليات غصن الزيتون لمدة عامين، فضلاً عن تغريمهم بمبالغ مالية تسدد لمدعين كانوا قد ادعوا عليهم.
وقالت غرفة عمليات "عزم" ، مساء أمس الثلاثاء في بيانٍ صادرٍ عنها، إن اللجنة المكلفة جرمت كلاً من محمد الجاسم "أبو عمشة"، ووليد حسين الجاسم، ومالك حسين الجاسم، وأحمد محمد خوجة، وعامر عذاب المحمد وحسان خالد الصطوف، بجرم الفساد، وتثبيت قرار اللجنة الصادر بتاريخ 17 شباط والذي نص على عزل أبو عمشة عن جميع مهامه الموكلة إليه، وعدم تسليمه شيئاً من مناصب الثورة لاحقاً، وشمل قرار العزل للأسماء المذكورة لما ثبت عليهم من التهم الموجهة إليهم.
وبناءً عليه قررت اللجنة نفي كل من محمد الجاسم ووليد الجاسم ومالك الجاسم، "مدة عامين هجريين" خارج منطقة عمليات غصن الزيتون" تبدأ من تاريخ صدور القرار، إضافة لنفي محمد عذاب المحمد وحسان خالد الصطوف وأحمد خوجة مدة "عام هجري" خارج غصن الزيتون.
كما قررت اللجنة إخلاء سبيل وليد الجاسم، وأحمد خوجة فور صدور القرار، وإخلاء سبيل عامر عذاب المحمد، بعد دفعه مبلغ 15 ألف دولار، للمدعو أحمد علي الفارس، كما ينص قرار اللجنة على دفع فصيل السلطان سليمان شاه مبلغ 5 آلاف دولار لعبد الرحمن اصطيف ياسين تعويضاً له عن طعنه.
وكانت اللجنة المشتركة لرد الحقوق في عفرين وريفها، المكلفة بالنظر في شكاوى المدنيين وتسجيل الانتهاكات المرتكبة بحقهم من قبل فصيل السلطان سليمان شاه، قررت في 17 شباط الجاري، عزل قائد الفصيل محمد الجاسم الملقب بـ أبو عمشة من منصبه، بالإضافة إلى خمسة قياديين آخرين، وذلك بعد إثبات التهم ضدهم.
وقالت اللجنة المفوضة من قبل الجيش الوطني حينها، في بيانٍ اطلعت وكالة "المجس" على نسخةٍ منه، إن اللجنة وبعد النظر في المظالم والتجاوزات الواقعة من قبل قادة فصيل "سليمان شاه"، وبعد قرابة شهرين من بذل كل الجهود المتاحة للاستماع إلى ما أمكن من الشكاوى والدعاوى ومطالعة البينات والأدلة مع كثرة العراقيل.
وأضافت أن التهديد والوعيد الذي مورس على كثير ممن شهد الوقائع، جعلهم يمتنعون عن الشهادة، خوفاً من بعض قادة فصيل سليمان شاه، ودفع آخرين إلى التراجع عن شهادتهم، مما عرقل عمل اللجنة وأخر صدور شيء عنها، وتابعت لقد توصلت إلى أن البيانات والوقائع والمصلحة تقتضي عزل قائد فصيل سليمان شاه محمد الجاسم "أبو عمشة" من جميع مهامه الموكلة إليه وعدم تسليمه شيئاً من مناصب الثورة لاحقاً، لما ثبت عليه من الدعاوى، تجنباً للمنطقة من احتمالات الاقتتال والدماء والفتنة.
كما دعت اللجنة أصحاب القرار والنفوذ على الأرض في المنطقة، للتحرك ومنع الساحة من الانزلاق إلى الاحتكام للسلاح، موصيةً الجميع بحقن الدماء وحفظ الأنفس.
ردود الفعل تجاه القرار
قرار نفي أبو عمشة وشقيقيه وعدد من القياديين من مناطق غصن الزيتون، لاقى كالعادة سخرية واسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره البعض بمثابة صك براءة للمجرمين، مؤكدين أن الجرائم التي ارتكبها فصيل السلطان سليمان شاه، لا يعادلها القرار الصادر بحق قادته.
فيما هاجم ناشطون اللجنة الثلاثية المكلفة بالقضية، معتبرين أنها قدمت هدية كبيرة لأبو عمشة وأمثاله من المجرمين، وذلك بعد ارتكابه انتهاكات فظيعة بحق الأهالي، فضلاً عن تجارته بالمخدرات والمعدات العسكرية، ومحاولته اغتيال عدد من الشخصيات المُعارضة له شمالي سوريا.
وقال الصحفي أحمد الرفاعي لـ"وكالة المجس" إن القرار يُشير بشكل واضح، إلى ضعف الحكومة السورية المؤقتة، متسائلاً " كيف لمجرم كـ"محمد الجاسم" أن يخرج من المنطقة بملايين الدولارات التي جناها بشكل غير مشروع، وعبر متاجرته بأموال وأرواح الناس، دون أن يُحاسب عن مصدر أمواله".
وأضاف الرفاعي أن ما حصل لا يتعدى كونه "مسرحية هزلية" أبطالها مجرمون، وكومبارسها اللجنة التي أصدرت القرار، مؤكداً أن الجرائم التي ارتكبها أبو عمشة وغيره من القياديين تحتاج إلى محاكمة علنية أمام الناس، فضلاً عن وجوب مصادرة الأموال الطائلة التي تحصلوا عليها بشكل غير مشروع.
فيما تساءَل الصحفي السوري "ماجد العلي" خلال حديثه للوكالة، عن مدى قانونية قرار اللجنة المكلفة بالتحقيق في الانتهاكات، وأردف لماذا يتم اللجوء إلى لجنة جُلها من الشيوخ بينما يوجد في شمالي سوريا، قضاة ومحامون ومحاكم عسكرية قادرة على تولي القضية.
وأضاف العلي " على أي أساس اتخذت اللجنة قرار النفي"، هل يوجد في القانون السوري مادة تعاقب على جرائم القتل والاغتصاب والتنكيل بالمدنيين والاتجار بالمخدرات بالنفي"، وتابع لا اعتقد ذلك، القرارات الصادرة كانت مجرد ذر رماد في العيون، ولا بد أن اللجنة تعرضت لضغوطات لإصدار قراراً سخيفاً كهذا.
النظرة القانونية للقرار
بدوره أكد القاضي السوري "أنور المجني" في حديثه لـ"وكالة المجس" أنه يُفترض بلجنة التحكيم، أن تقتصر في أحكامها على الخلافات المتعلقة بالقضايا التجارية والمدنية، مشدداً على أن الجرم الجزائي الذي يتضمن انتهاكات بحق المدنيين بما فيها "جرائم قتل أو اغتصاب أو سطو مسلح وعمليات خطف"، لا يتم اللجوء فيه إلى لجان التحكيم.
وأضاف المجني أن القضايا التي تتعلق بالحق العام، يتم اللجوء فيها إلى القضاء، متسائلاً " هل الأشخاص المتضررين من أبو عمشة وافقوا على هذا التحكيم، ومن هي الجهة التي تقرر قانونية هذا التحكيم"، مؤكداً أن شمال سوريا يمتلك محاكم قضائية مدنية وعسكرية للنظر في القضايا المشابهة للقضية المذكورة، معرباً عن أسفه من عدم اللجوء إلى المحاكم المختصة واقتصار الأحكام على لجان محلية غير تابعة للقضاء.
ولفت المجني أن القرارات الصادرة عن لجنة التحكيم بما فيها العزل والنفي، خرجت في إطارها عن مهام لجان التحكيم المعتادة، مبيناً أن ما نُسب لأبو عمشة من جرائم يستوجب إحالته إلى القضاء المختص، موضحاً أن الأمر يندرج في إطار مهام الحكومة السورية المؤقتة التي تدعي أنها تمتلك وزارات وأجسام تابعة لها، وهي من قامت بإنشاء المحاكم.
وشدد على عدم وجود مادة في القانون السوري تتضمن عقوبة "النفي"، موضحاً أن العقوبات الواردة في قانون العقوبات واضحة، وتابع " كل الأصول القانونية لم تتبع، وهذا يعتبر حلقة من مسلسل طويل من التعثر الذي يعيشه شمال سوريا".
أبو عمشة وفصيل السلطان سليمان شاه
محمد الجاسم ينحدر من قرية جوصة بريف حماة الشمالي، وهو من مواليد1987عمل سائقًا ولم يتمم تعليمه، وهو يتقن اللغة التركية إلى جانب حصوله على الجنسية التركية، وفقاً لمصادر مقربة منه.
شكل الجاسم مع بداية الثورة السورية مجموعة تحت اسم "مجموعة خط النار"، وفي 2013، انضم لفصيل "جبهة ثوار سوريا" وقاد مجموعة مسلحة تابعة للجبهة الشامية شمالي حلب، وفي أوائل 2016 أعلن عن تسمية لواء خط النار بـ “لواء السلطان سليمان شاه” نسبه إلى الجد المؤسس للإمبراطورية العثمانية، ويرجع تسمية الفصيل بالعمشات نسبة إلى قائده أبو عمشة.
تلقى الفصيل دعمه العسكري والمادي من غرفة عمليات “موم” التي تأسست على الأراضي التركية من قبل دول إقليمية وغربية لدعم الفصائل المعارضة في مواجهة قوات النظام.
وشارك اللواء في معركة غصن الزيتون التي قادته تركيا ضد وحدات حماية الشعب الكردية في منطقة عفرين 20 كانون الثاني 2018، ولعب دوراً رئيسياً في العمليات البرية إلى جانب القوات التركية.
ويُتهم أبو عمشة بتجارة المخدرات، وارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين والعسكريين التابعين له، كما يُعد العراب الأول لتجنيد المقاتلين وإرسالهم للقتال في ليبيا، وشارك مع فصيله في القتال بـ" ليبيا وأذربيجان".