بأيادٍ إيرانية: تغيير ديمغرافي في ريف حمص الشمالي

تواصل الميليشيات التابعة لإيران، عمليات التغيير الديمغرافي في سوريا، وتتركز التحركات الإيرانية الأخيرة في ريف حمص الشمالي، حيث تنشُط حركة شراء العقارات في الارياف المحيطة ببلدة تلبيسة، وتشمل الأراضي الزراعية بالإضافة لمنازل ومحال تجارية، وذلك عبر عدة أساليب.
وبحسب مصادر مطلعة لـ"وكالة المجس" فإن عمليات الشراء في أرياف حمص، شملت حتى المنازل المدمرة، مبينةً أن عمليات الشراء تتم بالترهيب عبر قوة السلاح او عن طريق الترغيب بأسعار مرتفعة في استغلال واضح لحاجة السكان المحليين نتيجة الاوضاع الاقتصادية التي تعيشها سوريا.
وأضافت المصادر أن المنطقة شهدت مؤخراً، وبشكل لافت حركة بيع وشراء للعقارات، وذلك لصالح ضباط تابعين للنظام السوري أو لصالح تجار عقارات ممن عادوا الى ريف حمص عقب سيطرة النظام السوري عليه منتصف العام 2018.
وتُشير المصادر إلى أن من بين هؤلاء الضباط، المدعو "رباح العلي"، من مرتبات الانشاءات العسكرية، وينحدر من مدينة تلبيسة في ريف حمص، ويرافقه في عمليات الشراء تاجر عقارات يدعى "ناصر النواف"، حيث يعمل الأخير علي ايجاد الزبائن الراغبين في البيع، ممن بقيوا في الريف عقب سيطرة النظام أو من المهجرين إلى شمال سوريا.
ولفتت المصادر أن ضباط النظام السوري، والسماسرة العاملين معهم، يهددون أصحاب الأراضي والمحال التجارية التي تشرف على مواقع استراتيجية في المنطقة، ويتمنع أصحابها عن البيع، بالملاحقة الأمنية في حال كانوا داخل ريف حمص، أو بالمصادرة إذا كانوا خارجه لدفعه الى بيعه.
وبينت أن رئيس شعبة "الهلال الأحمر" في مدينة تلبيسة، شارك أيضاً في عملية ابتزاز الأهالي وأصحاب المحال، مشيرةً إلى أنه يرتبط بعلاقة وثيقة مع الميليشيات الإيرانية المتمركزة في قرى المختارية والنجمة وملوك وعتون، وهي قرى ذات غالبية شيعية وملاصقة لمدينة تلبيسة بريف حمص.
جمعيات إيرانية متورطة بالتغيير الديمغرافي
مصادر معارضة أكدت لـ"وكالة المجس" أن جمعيتي "جهاد البناء" و"المهدي" الايرانيتين، طلبتا من عدد من السماسرة المرتبطين بها شراء المنازل والمحال التجارية والاراضي، مبينةً أن الجمعيات الإيرانية تتكفل بدفع الثمن إلى أصحاب المنازل عبر السماسرة والوسطاء
وأضافت المصادر أن اكثر الاماكن المستهدفة بالشراء، تتركز في المناطق والقرى القريبة من القرى ذات الغالبية الشيعية او العلوية في محيط مدينة تلبيسة، موضحاً أن عدداً من سماسرة قريتي المختارية والنجمة قاموا بشراء عدد كبير من العقارات سواء منازل أو محال تجارية أو أراض زراعية من الناحية الجنوبية لمدينة تلبيسة المواجهة لبلدتي النجمة والمختارية.
وحول المغريات المقدمة للأهالي، شددت المصادر على أن المبالغ المقدمة للأهالي، مرتفعة جداً، لإقناعهم ببيع ممتلكاتهم مبينةً أن الميليشيات الإيرانية تسعى للوصول إلى أكبر قدر ممكن من مساحة البلدات والمناطق المحاذية لمناطق الطائفتين الشيعية والعلوية، لجعلها تحت سيطرتها المطلقة دون أي اعتراض محلي من الأهالي، وذلك وفق عقود تنظم في دوائر مديريات البلدية التابعة للنظام والتي افتتحت مؤخراً في مدن وأرياف استعاد النظام السيطرة عليها.
ونوهت المصادر أن الميليشيات الإيرانية، تسعى إلى توسيع نفوذها والسيطرة على أكبر قدر ممكن من مساحات تلك المناطق وامتلاكها وذلك لجلب عائلات شيعية لإسكانها فيها، وتوطينها داخلها، مشيرةً إلى أن المناطق التي تُباع  ستتحول بالكامل إلى مناطق تتبع لميليشيات إيران حيث باشرت تلك الميليشيات في إسكان عوائل الشيعة في تلك المناطق، وذلك ضمن خطة تغيير ديموغرافي شاملة تسعى لها إيران.
تواطؤ حكومي مع الميليشيات والجمعيات الإيرانية
تعتمد الميليشيات الإيرانية والجمعيات الشيعية الإيرانية، في طريقة الشراء على سماسرة من أبناء المنطقة، يتوزعون في العديد من مناطقها ولهم معرفة كبيرة بتفاصيل كل منطقة، وسط تسهيلات كبيرة من مؤسسات النظام السوري.
وبحسب المصادر فإن عمليات الشراء تتم بتسهيلات من قبل مؤسسات النظام التي تمنح الموافقات الأمنية لهم خلال فترة سريعة، وذلك في استثناء ودعم واضح لتلك الميليشيات، مبينةً أن مثل تلك المعاملات تستغرق بضعة أشهر، وربما تتجاوز العام الكامل حتى يتم الحصول عليها.
وأضافت أن سماسرة محليين تابعين للحرس الثوري الإيراني من قرى النجمة والمختارية والغور الغربية وملوك، ينشطون في عمليات شراء العقارات والمنازل المدمرة وأراضي النازحين في المدينة بهدف السيطرة عليها بشكل كامل على حساب باقي الميليشيات الأخرى والتي تُدين بالولاء لروسيا.
تغيير ديمغرافي جنوبي سوريا
وبالتوازي مع التغيير الديمغرافي الحاصل في ريف حمص، تعمل إيران بذات الإجراءات في جنوبي سوريا، حيث كشف تقرير للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، تشرين الثاني الفائت، أن جهات إيرانية أرسلت في الشهور الأخيرة حقائب مليئة بالدولارات إلى عدة جهات في البلدات السورية الجنوبية، في منطقتي حوران والجولان، بغرض تجنيدها لأهدافها السياسية والعقائدية، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط".
وأشار التقرير إلى أن الأموال وصلت إلى عدد من قادة المجتمع في مدينة السويداء، أبناء الطائفة الدرزية، التي عرف بعضها بتأييده للنظام، ويبدي تحولاً نحو إيران وحزب الله اللبناني، موضحاً أن الأموال وصلت إلى قادة في بلدة قرفا التي نجحت إيران في تحويلها من المذهب السني إلى المذهب الشيعي، وإلى جهات أخرى تسعى لتجنيدها أو تشييعها واستخدامها في تسهيل مهمات حزب الله.
ولفت التقرير أن النشاط الإيراني بدأ في الاتساع مؤخراً، خصوصاً في منطقتي الجنوب والشرق، وكذلك قرب الحدود مع لبنان، وذلك بعد فرار آلاف السوريين من منازلهم، مبيناً أن جهات تابعة لإيران تقوم بشراء تلك المنازل، وتستقدم سكان جدد من إيران، أو من العراق وأفغانستان واليمن، وغيرها، مستغلين الأوضاع المعيشية الصعبة للسوريين ، لإنشاء جمعيات خيرية تهدف لإغراء السكان، وحمل النظام السوري المسؤولية عن التمدد الإيراني الأخير، رغم إشارته إلى أن التمدد المذكور بات يقلق النظام السوري وإسرائيل وروسيا وعدة دول في المنطقة، لافتاً أن إسرائيل التي تحارب التموضع الإيراني العسكري في سوريا، لا تجد وسيلة ناجعة لمحاربة الاستيطان المدني للإيرانيين.
وفي عام 2021 كشفت تقارير إسرائيلية، عن تفاصيل جديدة حول أساليب إيران للتغلغل جنوبي سوريا، من خلال بناء شبكات دعم مدنية في المنطقة، وقال "طال بيري" مدير قسم الأبحاث في المركز حينها، إن المحور الإيراني كان يستغل بمهارة الاحتياجات الأساسية لمعظم السكان للبقاء في المنطقة.
وأشار إلى أن إيران تسعى إلى تصدير ثورتها الإسلامية عبر المؤسسات المدنية، لافتا أنها أداة داعمة أساسية للجهود المتقدمة لتشكيل أساس عسكري، يمكن من إنشاء جبهة إيرانية مباشرة ضد إسرائيل من جنوبي سوريا،
وتابع قائلا: "هذه المؤسسة المدنية المتمثلة في تأسيس موطئ قدم في جنوبي سوريا تخلق رابطا نشطا مع السكان المحليين وتهدف في نهايتها إلى خلق اعتماد للسكان على عناصر من المحور الإيراني. ينتج عن هذا الاعتماد تعاطف يتيح العمل الحر لعناصر المحور الإيراني داخل وخارج السكان المحليين".