بدعم رسمي من الحكومة المؤقتة: أبو عمشة يُفلت من العقاب ويتسبب بشرخ جديد داخل الجيش الوطني

نشرت الحكومة السورية المؤقتة، عبر مكتبها الإعلامي، الثلاثاء، صورة جمعت رئيس الحكومة "عبد الرحمن مصطفى" وعدداً من القادة العسكريين في الجيش الوطني السوري المدعوم من أنقرة، وبرز في الصورة وجود محمد الجاسم الملقب بـ "أبو عمشة" قائد فرقة السلطان سليمان شاه، بجانب عدد من قادة "هيئة ثائرون" المُشكلة حديثاً في الجيش الوطني المعارض.
الصورة المذكورة لم تمر مرور الكرام على المشهد السياسي والعسكري السوري، وأثارت العديد من التساؤلات حول السياسة المتبعة من قبل الحكومة المؤقتة، والتناقض العجيب الموجود فيها، حيث ذكر مغردون بأن الحكومة المؤقتة كانت من طليعة المؤيدين للقرار الصادر بحق "أبو عمشة" والقاضي بعزله عن كافة المناصب الثورية، ونفيه إلى خارج مناطق غصن الزيتون.
الحكومة المؤقتة تخطو إلى الوراء
وعُقب إصدار اللجنة القضائية لرد الحقوق، التابعة لغرفة القيادة الموحدة " عزم" أحكامها بحق أبو عمشة وعدد من القادة العسكرين المتورطين بارتكاب انتهاكات في منطقة الشيخ حديد المعقل الرئيس لفرقة سليمان شاه ، سارعت الحكومة المؤقتة إلى نشر بيان، في السابع عشر من شباط الفائت، قالت فيه إنها تؤيد القرارات والتوصيات الصادرة عن لجنة التحقيق المكلفة بملاحقة تجاوزات وانتهاكات أبو عمشة وقادة فصيله، كما طالبت قيادة السلطان سليمان شاه بالالتزام بقرارات اللجنة، والتعاون المطلق معها.
بيان الحكومة المؤقتة جاء عُقب تواصلها مع اللجنة، وقادة الجيش الوطني المعارض، وعلى وجه الخصوص قادة غرفة القيادة الموحدة "عزم"، حيث أيدت الحكومة حينها القرار، لما فيه من تغليب المصلحة العامة وإعادة الحقوق إلى أهلها وتمكين سيادة العدل والقانون، حسب تعبيرها.
وقال مصدر مطلع في غرفة القيادة الموحدة "عزم"، رفض الكشف عن اسمه لأسباب شخصية، إن تراجع الحكومة المؤقتة عن تأييدها السابق لقرارات اللجنة المكلفة بقضية أبو عمشة، يُعد خطوة إلى الوراء وليس إلى الأمام، مضيفاً أن اجتماع الحكومة المؤقتة الأخير بقادة "هيئة ثائرون" يهدف لإعادة الشرعية لأبو عمشة، وذلك بعد إدانتها سابقاً الانتهاكات التي تم الكشف عنها، وإعلانها القبول بقرارات اللجنة المختصة بالتحقيق.
وأضاف أن اتباع سياسة التقرب من جميع الفصائل المتبعة من قبل الحكومة المؤقتة، أثبتت فشلها، وذلك لعدة أسباب أبرزها أن فصائل الجيش الوطني تتبع لوزارة الدفاع، التي تتبع بدورها للحكومة السورية المؤقتة، معبراً عن استغرابه من عدم ممارسة الحكومة لصلاحيتها وسلطتها على وزارة الدفاع لإقصاء الفاسدين كـ"أبو عمشة" على الرغم من صدور قرار قضائي، لاقى تأييداً من مؤسسات الجيش الوطني والأهالي شمالي سوريا.
واعتبر المصدر أن الحكومة المؤقتة أضاعت إحدى أكبر الفرص الذهبية، لاستعادة دورها وسلطتها على وزارة الدفاع التابعة لها، مُشيراً إلى أن أي قضية مستقبلية لمحاكمة مرتكبي الانتهاكات سيتم تعطيلها، على غرار قضية أبو عمشة، مشدداً على أن الحكومة المؤقتة باتت هيكلاً منزوع الصلاحية، وفقدت الكثير من احترامها لدى مؤسسات الجيش الوطني بسبب إعادة شرعنة أبو عمشة عبرها.
الحكومة المؤقتة تفقد ثقة الأهالي وعزم
ويرى الناشط السوري " حسين محمد" المنحدر من مدينة أعزاز شمالي حلب، أن ظهور رئيس الحكومة المؤقتة في الصورة التي جمعت قادة "هيئة ثائرون" ومن بينهم المدعو "أبو عمشة"، في الوقت الذي تحتل فيه قضية انتهاكات أبو عمشة الاهتمام الأول لدى الأهالي شمالي سوريا، من شأنه أن يعزز الهوة الموجودة أصلاً في العلاقة بين الحكومة المؤقتة والأهالي، مشيراً إلى أن المؤقتة باتت أبعد بشكل أكبر عن المدنيين بعد شرعنتها لأبو عمشة من جديد.
وأضاف أن ظهور عبد الرحمن مصطفى في ذلك الاجتماع، يثبت بالدليل القاطع أن الحكومة المؤقتة لا تملك أي سلطة سياسية أو عسكرية في المناطق التي تُديرها شمالي سوريا، مشدداً على أن الحكومة باتت مجرد هيكل إداري يدعي وجود سلطة له داخل الشمال المحرر.
وأشار إلى أن ما حصل سيؤثر بشكل كبير على شرعية ومستقبل الحكومة المؤقتة في شمال سوريا، ونقل عن الأهالي قولهم إن الحكومة المؤقتة باتت محكومة بالقوة العسكرية كحكومة دمشق، وإدلب، وشمال شرقي سوريا، مشيرين إلى أن الحكومة المؤقتة ومنذ تأسيسها لم تقدم أي خدمات للأهالي لتسهيل معيشتهم، بل على العكس زادت من شرعنة الفصائل العسكرية الحاكمة ما ساهم في ازدياد الانتهاكات الحاصلة.
من جانبه قال مصدر قيادي في غرفة "عزم"، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن شرعنة الحكومة المؤقتة لفصيل السلطان سليمان شاه ومتزعمه "أبو عمشة"، قد تؤثر بشكل كبير على العلاقة بين عزم والحكومة المؤقتة، مشيراً إلى أن قيادات عزم أبدوا انزعاجهم من الزيارة الأخيرة والصور المنشورة، التي اعتبروها بمثابة استهزاء واضح باللجنة المُشكلة من قبل عزم، وتأليب واضح لهيئة ثائرون على غرفة عزم والقرارات الصادرة عنها.
وأضاف أن غرفة القيادة الموحدة "عزم"، من أكثر الفصائل الموجودة شمالي سوريا، تقديراً للمؤسسات الرسمية ودعماً لها، وأنها سعت خلال المرحلة السابقة لتطبيق القانون، تمهيداً لفرض الحكومة المؤقتة وباقي مؤسسات الثورة سلطتها على الأرض، مرجحاً أن العلاقة بين الطرفين لن تعود كما كانت في السابق، مشدداً على أن الحكومة المؤقتة اضاعت بيدها فرصة فرض سلطتها المؤسساتية على كافة المناطق التي تُديرها.
دور تركي واضح
ولفت المصدر ذاته إلى أن زيارة مصطفى واجتماعه بحركة ثائرون بحضور أبو عمشة، توحي بأن لأنقرة دوراً كبيراً فيها، من حيث التوقيت والإعلان عنها، ونشر فحواها وصور المجتمعين، مؤكداً أن ولاء أبو عمشة المطلق لأنقرة صَعَب بشكل كبير إجراء محاكمة له، أو تنفيذ القرارات الصادرة بحقه.
وبين أن أبو عمشة كان من أوائل المتعاونين مع الجانب التركي في سوريا، وهو الأمر الذي لم تنساه أنقرة، حيث زادت مؤخراً من دعمه العسكري وأكدت في عدة اجتماعات أجرتها مع غرفة القيادة الموحدة عزم، رفضها التام لأي عمل عسكري يهدف لاستئصال فصيل السلطان سليمان شاه أو زعيمه محمد الجاسم.
وأردف المصدر " سبق وعرضنا على الجانب التركي، تنحية أبو عمشة عن قيادة السلطان سليمان شاه وتعيين ضابط منشق بديلاً عنه، إلا أن الأتراك لم يُبدوا أي تفاعل مع الاقتراح، واكتفوا بالقول أنهم سينقلون تلك المطالب إلى القيادة العسكرية للبت فيها".
وأشار إلى أن اجتماعاً جرى مطلع كانون الثاني الفائت بين ضباط من الاستخبارات التركية، وقادة من فصائل المعارضة السورية، من المنضوين ضمن صفوف غرفة عمليات عزم، ركز على قضية فرقة السلطان سليمان شاه، جدد الأتراك خلاله رفضهم لاستئصال أبو عمشة، وشددوا على ضرورة إيقاف الحرب الإعلامية بين الطرفين، والتخفيف من توتر الأجواء السائدة بين مناطق سيطرة عزم وسليمان شاه، فضلاً عن سحب الحشود العسكرية من قبل الطرفين.
واختتم بالقول " كل المؤشرات توحي بأن الجانب التركي لايملك أي رغبة باستبدال أبو عمشة، وذلك لخدماته السابقة لتركيا في سوريا، ولكونه عراب التجنيد التركي في سوريا"، وأضاف أن بقاء أبو عمشة مرهون بالإرادة التركية، حيث لاتملك عزم أو غيرها القوة على استئصال أبو عمشة في حال رفض أنقرة أي عملية عسكرية ضده، مبيناً أن الجانب التركي يملك الكلمة العليا في شمال سوريا، وأنه لايوجد فصيل يملك الجرأة على شق عصا الطاعة واتخاذ قرارات منفردة قد تفضي به إلى المهالك.
شرعنة ستجلب المزيد من الانتهاكات
وقال " أبو أحمد" اسم مستعار لأحد وجهاء بلدة الشيخ حديد المعقل الرئيس لفرقة السلطان سليمان شاه، لـ"وكالة المجس"، إن ظهور أبو عمشة الأخير في اجتماع الحكومة المؤقتة مع قادة الجيش الوطني المعارض، وقادة "هيئة ثائرون" خلق حالة من الرعب داخل منطقة الشيخ حديد، مشيراً إلى أن الأهالي يتخوفون من عودة أبو عمشة إلى سابق عهده في الانتهاكات وفرض الإتاوات الظالمة عليهم.
وأضاف أبو أحمد أن عدداً من الشهود الذين سبق وأدلوا بشهادات ضد أبو عمشة، وفصيل السلطان سليمان شاه، غادروا منطقة الشيخ حديد إلى وجهة غير معروفة، مرجعاً ذلك إلى تخوفهم من انتقام أبو عمشة وقادة فصيله منهم، بسبب فضحهم للانتهاكات المرتكبة من قبله، مشدداً على أن أبو عمشة يتمتع بنفوذ واسع داخل المنطقة، ويستطيع التفرد والانتقام من خصومه بعد ظهور "براءته" المزعومة.
وأشار إلى أن الظهور الأخير لأبو عمشة يُعد استفزازاً فاضحاً، للأهالي الذين تعرضوا لانتهاكات من قبله، والذين سبق وتلقوا الكثير من الوعود والتطمينات بأن محاسبة أبو عمشة على أفعاله، وإعادة حقوقهم إليهم مرهونة بشهادتهم ضده أمام اللجنة المكلفة بالتحقيق، موضحاً أن الصورة تختصر مشهد الفصائلية والانتهاكات شمالي سوريا، وتعزز فكرة عدم وجود أي رادع أو سلطة قادرة على إجراء محاسبة أو محاكمات في المنطقة.
"هيئة ثائرون" تقصدت إظهار أبو عمشة واستفزاز عزم
عقدت هيئة ثائرون قبل أيام اجتماعاً خاصاً بقيادة الفصائل، وقالت إن رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى ووزير الدفاع العميد حسن حمادة حضرا الاجتماع الدوري لمجلس قيادة فصائل ثائرون، وقال مصطفى في تغريدة إنه شارك باجتماع مجلس قيادة "ثائرون"، واطلع على تقارير أعمالهم العسكرية والأمنية والإدارية، وأكد على تعزيز الانضباط العسكري والالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، مما يقوي بنية المؤسسة العسكرية الثورية.
ثائرون لم تكتفِ بنشر صور الاجتماع الرسمي لمجلس القيادة، بل تعمدت نشر الكثير من الصور التي يظهر فيها أبو عمشة إلى جانب قادتها ورئيس المؤقتة ووزير دفاعه قبل الاجتماع وبعده، كما ظهر أبو عمشة في صورة "سيلفي" جمعته برئيس المكتب السياسي في فرقة المعتصم وعضو مجلس قيادة "ثائرون" مصطفى سيجري.
فيما باشرت حسابات محسوبة على هيئة ثائرون، بتبرير الصور التي تُظهر أبو عمشة خلال الاجتماع، بالقول إن أبو عمشة بريئ ولايستحق العقاب، كما نشرت تسجيلاً صوتياً للشيخ عبد العليم عبد الله، أحد أعضاء لجنة التحقيق، قال فيه إنه لم تثبت التهم الموجهة لأبو عمشة، ومنها جرائم القتل والترويج وتجارة المخدرات وغيرها من الانتهاكات التي أتهم بها هو وأخوته في قيادة الفصيل.
التسجيل المنشور دفع الشيخ عبد العليم، إلى نشر تسجيل آخر، للرد على مزاعم "هيئة ثائرون"، أوضح خلاله أن التسريبات الصوتية مقتطعة من حديث له تحدث فيه عن بعض الاتهامات التي لم تثبت فيها إدانة أبو عمشة، وهو ما تم نشره من قبل "ثائرون" في حين لم ينشر الجزء الآخر من التسجيل الذي يدينه في العديد من الاتهامات الموجهة ضده.
كما أن الظهور الأخير أثار قادة في غرفة "عزم" ونشطاء الثورة، حيث اعتبروه بمثابة دليل واضح على سياسة الإفلات من العقاب ونهج شريعة الغاب المتبع في شمال سوريا.
وفي أول رد رسمي على الصور المتداولة، قال "أبو أحمد منغ" وهو قيادي بارز في غرفة "عزم"، على موقع تلغرام: "ما الفائدة الوحيدة التي يرتجيها رئيس الحكومة المؤقتة من إعادة تأهيل أبو عمشة الذي ثبت بالدلائل والشهود إجرامه، هذه الصور فيها استخفاف بمئات الأشخاص الذين عانوا من ظلم وفساد أبو عمشة، ونسف لقرار لجنة حكمت بعزله ونفيه ومنعه من تسلم أي منصب".
واتهم القيادي في عزم، هيئة ثائرون للتحرير برئاسة "فهيم عيسى" بالانقلاب على تعهداتها بالالتزام بما صدر عن اللجنة، وأضاف "رئيس الحكومة المؤقتة يسعى لمنع عزل أي فاسد لأنه يستفيد منهم، ووزير الدفاع رجل شريف لكنه مغلوب على أمره"، وأردف "حتماً لن تعطي هذه الصور صك براءة لأبو عمشة بل ستكون وصمة عار تلاحق كل من وقف معه، فقرار اللجنة لا زال سارياً وغرفة عزم عازمة على سلك الطرق التي تنهي الفساد والإفساد في المحرر ضمن الشرع وما يقره العلماء".
عزم مهددة بانهيار التحالف والإسلاميون بين مؤيد ومنتقد
وفي ذات السياق، أشار الناشط "جمال محمد" اسم مستعار، إلى أن ظهور أبو عمشة الأخير عزز انقسام فصائل المعارضة مجدداً بين مشاريع وتحزبات ضيقة، معتبراً إياه بمثابة انهيار تحالف غرفة "عزم" وفشل مساعي تطهير شمال سوريا من الفاسدين ومرتكبي الانتهاكات الذي وضعته عزم في سُلم أولوياتها فور الإعلان عن تشكيلها، مشيراً إلى أن  ما حصل بُثبت غياب القدرة على تطبيق أي قرار قضائي بحق أمراء الحرب الفاسدين، محذراً أن المرحلة المقبلة ستشهد تصاعداً في الانتهاكات والفوضى الأمنية، ما قد يُسفر عن حرب فصائلية جديدة.
وأضاف محمد أن تأسيس "هيئة ثائرون للتحرير" بداية العام الجاري، جاء بالأصل لإنقاذ أبو عمشة من العقاب، مشيراً إلى أن الأخير لا يزال عضواً في مجلس قيادة ثائرون ويمتلك أكبر المقرات العسكرية في منطقة حوار كيليس قرب الحدود مع تركيا شمالي حلب، وعدداً كبيراً من العناصر والأسلحة الموزعة بين الشيخ حديد في ريف عفرين وفي منطقة أعزاز، مشدداً على أن منعه من دخول منطقة الشيخ حديد المجاورة لن يمنعه من استمراره في مهامه كقائد لفرقة السلطان سليمان شاه، وذلك لوجود مقار أخرى ومناطق قوة يستطيع أبو عمشة التواجد فيها وقيادة الفصيل منها.
فيما انقسم السلفيون وأصحاب التوجه الإسلامي من الظهور الأخير لأبو عمشة، وقال وائل الشيخ أمين على تلغرام " الرسالة التي يريدون إيصالها من هذه الصور هي، لا تحاولوا أن تصلحوا أبداً، فالفساد منظومة أكبر من أن تحاربوها، ونحن موجودون رغماً عن أنوفكم وضمائركم، وها نحن أفسدنا في البلاد، وأقيمت الحجة علينا، وبعد ذلك نحن باقون، والضربة التي لا تكسر ظهرك تقويك".
وأضاف الشيخ أمين "الرسائل كلها إهانة لكل حر ثائر شريف يريد الإصلاح، والكارثة لو مرت هذه الصور ورسائلها مرور الكرام، بدون ردود الفعل التي تستحقها، فهم يظنون أنهم امتصوا غضب الناس من خلال انحنائهم وقت العاصفة، ثم يعاودون الآن رفع رؤوسهم بكل وقاحة".
فيما استغل قادة ومناصرو هيئة تحرير الشام ظهور أبو عمشة، لمهاجمة لجنة التحقيق وغرفة "عزم"، وذلك بعد تدهور العلاقة بين عزم وتحرير الشام خلال الشهرين الماضيين بسبب فشل جهود التقارب بينهما، وبحسب مصادر متطابقة فإن تحرير الشام عملت منذ تدهور علاقتها بعزم، على فتح قنوات اتصال مع" ثائرون" التي التقى قادة فيها بزعيم تحرير الشام أبو محمد الجولاني، ورد الجولاني الزيارة بإرسال وفد التقى بقادة ثائرون في حوار كيليس بريف حلب الشمالي، وفقاً لتسريبات تداولها سلفيون مناهضون لتحرير الشام في إدلب.
قرارات صادرة أفشلها الظهور الأخير لأبو عمشة
وكانت اللجنة الثلاثية المعنية بالتحقيق في انتهاكات فرقة السلطان سليمان شاه، التي يتزعمها محمد الجاسم الملقب "أبو عمشة"، قد أصدرت في شباط الفائت، حكمها في القضية المتعلقة بارتكاب انتهاكات جسمية بحق المدنيين في مناطق انتشار سليمان شاه، أبرزها نفي أبو عمشة وشقيقيه وليد الجاسم الملقب "سيف، ومالك الجاسم "أبو سراج"، خارج منطقة عمليات غصن الزيتون لمدة عامين، فضلاً عن تغريمهم بمبالغ مالية تسدد لمدعين كانوا قد ادعوا عليهم.
وقالت غرفة عمليات "عزم" ، في 22 شباط الفائت، إن اللجنة المكلفة جرمت كلاً من محمد الجاسم "أبو عمشة"، ووليد حسين الجاسم، ومالك حسين الجاسم، وأحمد محمد خوجة، وعامر عذاب المحمد وحسان خالد الصطوف، بجرم الفساد، وتثبيت قرار اللجنة الصادر بتاريخ 17 شباط والذي نص على عزل أبو عمشة عن جميع مهامه الموكلة إليه، وعدم تسليمه شيئاً من مناصب الثورة لاحقاً، وشمل قرار العزل للأسماء المذكورة لما ثبت عليهم من التهم الموجهة إليهم.
وأضافت " وبناءً عليه قررت اللجنة نفي كل من محمد الجاسم ووليد الجاسم ومالك الجاسم، "مدة عامين هجريين" خارج منطقة عمليات غصن الزيتون" تبدأ من تاريخ صدور القرار، إضافة لنفي محمد عذاب المحمد وحسان خالد الصطوف وأحمد خوجة مدة "عام هجري" خارج غصن الزيتون."
وأشارت إلى أن اللجنة قررت إخلاء سبيل وليد الجاسم، وأحمد خوجة فور صدور القرار، وإخلاء سبيل عامر عذاب المحمد، بعد دفعه مبلغ 15 ألف دولار، للمدعو أحمد علي الفارس، كما نص قرار اللجنة على دفع فصيل السلطان سليمان شاه مبلغ 5 آلاف دولار لعبد الرحمن اصطيف ياسين تعويضاً له عن طعنه.
وكانت اللجنة المشتركة لرد الحقوق في عفرين وريفها، المكلفة بالنظر في شكاوى المدنيين وتسجيل الانتهاكات المرتكبة بحقهم من قبل فصيل السلطان سليمان شاه، قررت في 17 شباط الجاري، عزل قائد الفصيل محمد الجاسم الملقب بـ أبو عمشة من منصبه، بالإضافة إلى خمسة قياديين آخرين، وذلك بعد إثبات التهم ضدهم.
وقالت اللجنة المفوضة من قبل الجيش الوطني حينها، في بيانٍ اطلعت وكالة "المجس" على نسخةٍ منه، إن اللجنة وبعد النظر في المظالم والتجاوزات الواقعة من قبل قادة فصيل "سليمان شاه"، وبعد قرابة شهرين من بذل كل الجهود المتاحة للاستماع إلى ما أمكن من الشكاوى والدعاوى ومطالعة البينات والأدلة مع كثرة العراقيل.
وأضافت أن التهديد والوعيد الذي مورس على كثير ممن شهد الوقائع، جعلهم يمتنعون عن الشهادة، خوفاً من بعض قادة فصيل سليمان شاه، ودفع آخرين إلى التراجع عن شهادتهم، مما عرقل عمل اللجنة وأخر صدور شيء عنها، وتابعت لقد توصلت إلى أن البيانات والوقائع والمصلحة تقتضي عزل قائد فصيل سليمان شاه محمد الجاسم "أبو عمشة" من جميع مهامه الموكلة إليه وعدم تسليمه شيئاً من مناصب الثورة لاحقاً، لما ثبت عليه من الدعاوى، تجنباً للمنطقة من احتمالات الاقتتال والدماء والفتنة، داعيةً أصحاب القرار والنفوذ على الأرض في المنطقة، للتحرك ومنع الساحة من الانزلاق إلى الاحتكام للسلاح، موصيةً الجميع بحقن الدماء وحفظ الأنفس.
قرارات لاتستند على أي تشريع قضائي
وفي تقريرٍ سابق أكد القاضي السوري "أنور المجني"،  لـ"وكالة المجس" أنه يُفترض بلجنة التحكيم، أن تقتصر في أحكامها على الخلافات المتعلقة بالقضايا التجارية والمدنية، مشدداً على أن الجرم الجزائي الذي يتضمن انتهاكات بحق المدنيين بما فيها "جرائم قتل أو اغتصاب أو سطو مسلح وعمليات خطف"، لا يتم اللجوء فيه إلى لجان التحكيم.
وأضاف المجني أن القضايا التي تتعلق بالحق العام، يتم اللجوء فيها إلى القضاء، متسائلاً " هل الأشخاص المتضررين من أبو عمشة وافقوا على هذا التحكيم، ومن هي الجهة التي تقرر قانونية هذا التحكيم"، مؤكداً أن شمال سوريا يمتلك محاكم قضائية مدنية وعسكرية للنظر في القضايا المشابهة للقضية المذكورة، معرباً عن أسفه من عدم اللجوء إلى المحاكم المختصة واقتصار الأحكام على لجان محلية غير تابعة للقضاء.
ولفت المجني أن القرارات الصادرة عن لجنة التحكيم بما فيها العزل والنفي، خرجت في إطارها عن مهام لجان التحكيم المعتادة، مبيناً أن ما نُسب لأبو عمشة من جرائم يستوجب إحالته إلى القضاء المختص، موضحاً أن الأمر يندرج في إطار مهام الحكومة السورية المؤقتة التي تدعي أنها تمتلك وزارات وأجسام تابعة لها، وهي من قامت بإنشاء المحاكم.
وشدد على عدم وجود مادة في القانون السوري تتضمن عقوبة "النفي"، موضحاً أن العقوبات الواردة في قانون العقوبات واضحة، وتابع " كل الأصول القانونية لم تتبع، وهذا يعتبر حلقة من مسلسل طويل من التعثر الذي يعيشه شمال سوريا".