السويداء: الكشف عن خلية تصفيات تابعة للنظام السوري

تشهد محافظة السويداء، جنوبي سوريا، حالة من التوتر العسكري بين الفصائل العسكرية المحلية، وقوات النظام السوري الموجودة في المحافظة، وذلك على خلفية فضيحة مُنيت بها الأجهزة الأمنية التابعة للنظام في المدينة، بعد عملية اغتيال فاشلة راح ضحيتها عائلة كاملة على طريق السويداء-دمشق بالقرب من مدينة شهبا.
وعلى الرغم من أن عملية استهداف العائلة تمت عن طريق مسلحين مجهولين، على الطريق المؤدي إلى مدينة شهبا، إلا أن المعطيات الأمنية أشارت بشكل مباشر إلى ضلوع النظام السوري في العملية، رغم كل الاحتياطات التي اتبعتها مجموعة الاغتيال التي أخطأت الهدف أولاً ثم أخطأت تقدير الموقف ثانياً.
خلية تصفية وخطأ فادح أدى لكشفها
وقالت مصادر مطلعة من مدينة السويداء، لدى حديثها لـ"وكالة المجس" إن عملية استهداف العائلة على طريق دمشق-السويداء، كشفت عن وجود صراع محتدم بين الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري، والتي تتبع لها بشكل مباشر العديد من المجموعات المحلية المتهمة بأعمال سرقة وخطف واغتيال.
وأضافت بأن عائلة راجي الجرماني تعرضت لإطلاق نار خلال انتقالها بسيارتها على طريق دمشق السويداء بالقرب من مدينة شهبا، ما أدى إلى مقتل الجرماني وزوجته وأطفاله الثلاثة.
وأشارت المصادر إلى أن عملية استهداف العائلة، كانت بالأصل تستهدف عنصراً سابقاً في فصيل قوات شيخ الكرامة، إلا أن مجموعة الاغتيال أخطأت هدفها واستهدفت عائلة مدنية على ذات الطريق.
ونوهت المصادر إلى أن ملاحقة خلية الاغتيال المذكورة كشفت عن تورط العميد "سالم الحوش"، بتشكيل المجموعة تحت اسم "المقاومة الشعبية"، لافتةً أن المجموعة يتزعمها عنصر في مكتب أمن الفرقة الرابعة يُدعى "مجدي نعيم" بالإضافة إلى شخص آخر يُدعى "خالد نمور".
وفي التفاصيل ذكرت المصادر، أنه وعُقب عملية الاغتيال قامت مجموعة مسلحة تتبع للأمن العسكري بملاحقة الخلية، وتم توقيف منفذي العملية وعُرف منهم "أشرف عبيد، أيهم عبيد، وهيب مرشد"، مشيرةً إلى أن المعتقلين اعترفوا بأنهم كانوا ينفذون أوامر العميد الحوش.
وبينت المصادر أن الموقوفين اعترفوا خلال التحقيق، بأنهم تلقوا أوامراً باغتيال عنصر في فصيل "قوات شيخ الكرامة" يدعى رأفت بالي، مشيرةً إلى أن بالي سبق ونجا من عملية عسكرية جرت في نيسان 2020 لتصفية هذا الفصيل، موضحةً أن خلية الاغتيال تم تسليمها بعد التحقيق إلى فرع الأمن الجنائي في السويداء.
وقالت إن العميد سالم الحوش، وبعد إلقاء القبض على الخلية، حاول التملص من العملية، نافياً بشكل قطعي أن تكون المجموعة الموقوفة مكلفة بأي مهمة رسمية، موضحاً أن المهمة التي كانت بحوزتهم هدفها نقل أحد الأشخاص من دمشق إلى السويداء وليس القيام بعملية اغتيال.
وقال "معذا القنواتي" اسم مستعار لأحد قادة فصيل قوات شيخ الكرامة سابقاً، إن العميد سالم الحوش متورط منذ سنوات بتجنيد مجموعات خارجة عن القانون للقيام بعمليات خطف وسرقة واغتيال، مشيراً إلى أن الحوش سبق واستخدم مجموعات تتبع لمهران عبيد، شقيق أشرف وأيهم اللذين ألقي القبض عليهما في عملية استهداف عائلة الجرماني، في تصفية أعضاء قوات شيخ الكرامة عام 2020.
وعن أسباب الخلاف مع الحوش، أوضح القنواتي أن الحوش كان يُدير بشكل مباشر عصابة يتزعمها المدعو "ناصر السعدي" وهي عصابة مختصة بتهريب المخدرات إلى الأردن، مشيراً إلى أن قوات الكرامة التي تُعتبر منطقة صلخد مقراً رئيساً لها، أعلنت وقوفها ضد تهريب المخدرات عبر مناطقها، وعزمها استهداف أي تواجد لإيران وحزب الله في المنطقة، وهو ما دفع الحوش لتشكيل خلايا اغتيال قامت بتصفية عدد كبير من قادة هذه القوات في كمين بمدينة صلخد، حيث تم التمثيل بالجثث وحرقها.
توتر مستمر وصراع محتدم بين المجموعات المحلية والنظام
وخلال الأسبوع الفائت، شهدت السويداء، حالة من التوتر في عموم مناطق المحافظة، وفي منطقة القنوات بريف المدينة على وجه الخصوص، وذلك إثر اشتباكات بين قوات الفهد، وعناصر من النظام السوري، سبقه اعتداء الفصيل بالضرب المبرح على قائد ميليشيا الدفاع الوطني "رشيد سلوم".
فيما اشتبكت دورية من فرع الأمن السياسي التابع للنظام السوري، مع حاجز لقوات الفهد إحدى الفصائل المحلية المنتشرة في ريف السويداء، وذلك على مدخل بلدة القنوات شمال شرقي السويداء، وأشار تقرير سابق لـ"المجس" أن قوات الفهد قامت بمطاردة الدورية التي لاذت بالفرار إلى بلدة مفعلة المجاورة للقنوات، مبيناً أن ثلاثة عناصر من دورية الأمن السياسي فروا إلى أحد منازل البلدة واحتموا بأصحابه، فيما استطاعت قوات الفهد اعتقال عناصر آخرين من الدورية واحتجزت سيارة تابعة لهم، واقتادتهم إلى بلدة القنوات.
واتهم فصيل "قوات الفهد" حينها، دورية الأمن السياسي التابعة للنظام، بإطلاق النار على منزل وسيارة قائد الفصيل "سليم حميد"، مشيراً إلى أن الدورية زعمت أنها تواجدت في المنطقة لإيصال الطعام إلى إحدى النقاط الأمنية التابعة لها في المنطقة.
وكان النظام السوري قد نشر منذ أسابيع حواجز عسكرية تابعة له في بعض مناطق المحافظة، حيث باشرت تلك الحواجز بإيقاف المارة وإجراء الفيش الأمني لهم وعملت على مضايقة المدنيين وصادرت إحدى السيارات العائدة لأحد المدنيين.
وكانت الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري في محافظة السويداء، جنوبي سوريا، قد تجددت، الجمعة الفائت، وذلك بالتزامن مع توترات أمنية تشهدها المنطقة، جراء تصعيد الفصائل المحلية ضد قوات النظام السوري، حيث تجمع المئات مجدداً أمام النصب التذكاري "لشهداء الثورة السورية الكبرى" في بلدة المزرعة بريف السويداء الغربي استمراراً للحراك السلمي وتأكيداً على مطالب المحتجين.